أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - فؤاد بلحسن الخميسي - لا يمكن للأمازيغي أو العربي إلا أن يكون متسامحا، وإلا فهو يسيئ لنفسه أولا! في البحث عن الهوية المرحة














المزيد.....

لا يمكن للأمازيغي أو العربي إلا أن يكون متسامحا، وإلا فهو يسيئ لنفسه أولا! في البحث عن الهوية المرحة


فؤاد بلحسن الخميسي
كاتب وباحث

(Belahcen Fouad)


الحوار المتمدن-العدد: 6886 - 2021 / 5 / 2 - 04:49
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


أي مغربي يفخر بأمازيغيته، ثقافة وتاريخا وتراثا ومورثات، أو يفخر بعروبته، ثقافة وتاريخا وتراثا ومورثات أيضا، ليس بالأمر السيء إطلاقا. السيء هو أن تجعل من هويتك منطلقا لعداء الآخر أو استعدائه. وفي الوقت الذي يزداد، داخل أي هوية، الأفراد والخطابات التي تجعل من هذه الهوية سلاحا موجها ضد الغير/المختلف، تصير تلك الهوية ضيقة، إقصائية، قاتلة.
قدَر كل مغربي، أمازيغي أو عربي، يعي طبيعة جُغرافيته السياسية ورهانات العصر المتمَحورة حول فلسفة حقوق الإنسان والتعدد والاعتراف، هو أن يكون منفتحا متسامحا. ولهذا، من المهم بالنسبة لكل واحد منا أن يرى هويته كوحدة مركبة، لا كوحدة بسيطة؛ بحيث ننطلق من هوياتنا البسيطة والأضيق والأقرب (القبيلة/المنطقة/العرق/...)، وأعيننا على تلك المستويات التي تتقاطع وتتفاعل معها خلال مختلف مراحل نضجنا الروحي والعاطفي والثقافي والفكري، مستويات الوطن والدين والأيديولوجيا والمشترك الإنساني.
في جغرافية المغرب تتلاقى كل التيارات الثقافية، المتقدمة والثالثية، الإفريقية والعربية والأوروبية، والآن الآسيوية أيضا (يمكنك ملاحظة حضور الثقافة الآسيوية لغة وتجارة وفنا وتكنلوجيا، في وسائل التواصل والأسواق). وفي ديمغرافية المغرب، التي عَركَـتْـها أحداث التاريخ والعيش المشترك والتبادل الثقافي والحركية القبلية والهجرة الداخلية بحثا عن لقمة العيش واللهجة المغربية الجامعة، تتداخل الهويات البسيطة، فتصير أكثر تركيبا (هناك دراسات علمية تقول أن المغربي العربي والمغربي الأمازيغي أقرب إلى بعضهما جينيا من هذا الأخير إلى الجزائري الأمازيغي! وهذا يُعطي للأمة المغربية بعدا جامعا آخر قلَّما انتبهنا إليه). وفي تطلعات المغربي هناك باستمرار تفكير في تجاوز الحدود؛ حيث يتطلع القروي إلى العيش في المدينة، ويتطلع المديني إلى التوقف على إقامة في القرية ويتطلع الشاب إلى التنقل إلى مدينة أكبر بحثا عن فرص أوفر في العمل والعيش، وهناك من يرمي ببصره إلى ما وراء حدود البلاد، إلى أوروبا أو إفريقيا أو آسيا وغيرها.
فإذن، هناك هوية مركبة تسكن كينونتنا. وكل خطاب يسعى إلى حجب هذه الحقيقة، ما هو إلا خطاب يريد منا، وكما يقول مثل كردي لطيف، أن نكون ممن «ينظر بعضهم إلى بعض، من فوَّهات البنادق». فهذا الاستثمار غير البريئ في الهويات (أمازيغيا كان أم عروبيا)، من أجل تصيد أخطاء الغير أو إقصائه أو تحقيره أو الانفصال عنه أو بناء جدار ثقافي قبالته، ما هو إلا خدعة سياسية جديدة تحركها جهات تتربح من وراء الخطاب التحريضي والعنصري والثقافوي، وتستثمر في الانقسامات الاجتماعية حتى تتسيَّد النقاش العام وتُحسن تموقعها في المشهد السياسي وتستحوذ على المناصب التمثيلية. ولنا في بعض أحداث المشرق خير مثال (سوريا، لبنان، اليمن، البحرين).
فالنظر إلى الهوية البسيطة كأيديولوجيا في ذاتها يُـعَد خطرا (طوَّر عزمي بشارة أفكارا مهمة بخصوص القومية كأيديولوجيا لا يسع المقام لذكرها هنا).
وفي الوقت الذي يتعين على الدولة أن تعمل على تعميق الشعور بالهوية الوطنية الجامعة، عبر الاحتفاء بالتنوع (لا حجبه أو إلغاءه أو التقليل من أهميته)، وتعميق الشعور بالوطنية (من خلال خدمة المواطنين وتكريس المساواة وضمان فوقية القانون)، يتعين، في الجهة المقابلة، على النخب والمواطنين أن يترفعوا عن المنطق الذي يجعل من العِرق أو غيره من الهويات البسيطة أو الضيقة أداة صراع سياسي، وبالتالي أداة تدمير للنسيج الاجتماعي.
فالمطلوب هو تطوير أيديولوجيات أو أطروحات لا تستوعب هويتنا البسيطة أو الضيقة فحسب، وإنما الهويات التي تتعايش جنبنا وفينا، في مختلف أبعادها، العرقية، اللغوية، المذهبية، الدينية، الثقافية، الإنسانية،... وهنا تصير الأيديولوجيا أو الأطروحة السياسية صمام أمان ثقافي وسياسي، ومسلكا لبناء إنسان سوي.
الخلاصة: الحديث عن الهوية اليوم يجب أن يكون حديثا عن هوية عابرة للذات، هوية مفتوحة، هوية مركبة، تنطلق من الهوية الشخصية والجماعية لتعانق الواقع الإنساني بكل أسئلته ورهاناته وتحدياته. فالعيش في عزلة نفسية أو ثقافية تجاه الآخر هو حكم على الذات بالارتكاس والرفض الهدام، وقد يكون حكما بالتوحش؛ فكما قال الروائي هيثم حسين «حين ينطلق المرء من وهم أنه الأفضل، فإنه يُبقي سيفه مُستلا لإيذاء الآخر».
لا يجب قط أن نجعل من الانتماء للأمازيغية أو العروبة محور استقطاب أساس وحاد أو وسيلة نبذ للمختلف. المطلوب أن نجعل من كليهما مصدرا لإغناء الهوية والتبادل الثقافي، وأن نحرص على بقاء هذا التنوع في إطار وحدة وطنية تعترف بالجميع وتحتفي بالتنوع وتستثمر فيه باعتباره مصدر خلق إبداعي في ذاته.
الهوية المرحة هي ما أقترحه هنا وما أدعو للبحث عنه؛ تلك الهوية المتحركة برشاقة وثقة، تأخذ من هنا وتعطي لهناك، تلتقي لتتكامل، وتكبر لتنضِج، وتعمل بشراكة لتبني. هذه هي الهوية التي تبني الإنسان والأوطان، أساسها الانفتاح على الآخر، على أرضية الحوار والعيش المشترك والبناء التكاملي.
التمغريبيت (تأمَّل معي هذه الكلمة: مصدرها عربي، واشتقاقها أمازيغي. أمر جميل... أليس كذلك؟) هي أن تكون قطعة منسجمة ضمن فسيفساء الوطن... هذا شرط أساس حتى يكون للمغرب والمغاربة موقع ضمن خريطة العالم المتحضر.


10 أبريل 2021



#فؤاد_بلحسن_الخميسي (هاشتاغ)       Belahcen_Fouad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيروس واللقاحات والمعلومة بعد عام من الجائحة
- عن تسييس الفيروس في المغرب لتمرير التطبيع... هل كذبوا علينا؟ ...
- مأزق الكائن ووعي المصير: الفيروس، الحياة، العلم، التغيير
- خريطة التحليل الجيوستراتيجي في مسألتي المقاومة وإيران (جزء 2 ...
- خرائطية التحليل الاستراتيجي في مسألتي المقاومة وإيران (جزء 1 ...
- توجيهات بسيطة جدا لتحسين بعض جوانب البحوث الجامعية
- العنف، القوة، الرياضة والمدينة: كيف يهذب الأيكيدو العنف خدمة ...
- المقاومة المدنية كفن للعيش!
- نحن والقُبَّرَة والمدينة!
- تقدير موقف: افتتاحية صواريخ محور المقاومة في ميزان ثقافة اله ...
- العالم في 2030 من وجهة نظر المفكر جاك أتالي!
- القراءة الحرة والكتاب وأنت!
- هي ذي «وانغاري ماثاي»
- المدينة كفضاء للتفكير والعيش: المغامرة؛ المفارقة؛ الأمل!
- إلى أين يسير المغرب؟ مفارقات العقل الثوري وانتحارية الدولة ا ...
- نهج المعارضة السورية على ضوء حكمة الملكة بَلقيس
- كلمات في الفقيد الكبير عبد الهادي التازي
- مع الانسان الضحية .. لا مع الانسان الجاني
- المقاومة أولا .. وأخيرا - فلسطين قضية التحرير الكبرى
- داعش الإرهابية، مأزق الإسلاميين المعتدلين وهذيان القرضاوي -ع ...


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - فؤاد بلحسن الخميسي - لا يمكن للأمازيغي أو العربي إلا أن يكون متسامحا، وإلا فهو يسيئ لنفسه أولا! في البحث عن الهوية المرحة