أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد بلحسن الخميسي - تقدير موقف: افتتاحية صواريخ محور المقاومة في ميزان ثقافة الهزيمة















المزيد.....

تقدير موقف: افتتاحية صواريخ محور المقاومة في ميزان ثقافة الهزيمة


فؤاد بلحسن الخميسي
كاتب وباحث

(Belahcen Fouad)


الحوار المتمدن-العدد: 5870 - 2018 / 5 / 12 - 15:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أن ترُد عسكريا جهة عربية أو إسلامية على الاحتلال الاسرائيلي داخل منطقة محددة من مناطق سيطرته العسكرية لأول مرة منذ سنة 1974، فهذا خبر لا يستحق سوى حدا أدنى من التغطية الاعلامية والتحليلات الاستراتيجية في وطننا العربي، أما أن تقصف أمريكا أو إسرائيل قاعدة عسكرية مهما قل شأنها في أرض عربية فهذا خبر يستحق التضخيم والتهويل والدعاية المسمومة، بل والمزيد من التحريض في حالات معينة. هكذا يُنتج العقل العربي بذور الهزيمة والقلب الاستراتيجي لميزان المصالح العربية والاسلامية.
ما من شك أن إيران تقف وراء هذا العمل العسكري الذي قلب الكثير من متغيرات الصراع على الأرض السورية ومع إسرائيل. عشرات من الصواريخ الصغيرة كانت كافية لتغير اتجاه الإعلام والسياسة العسكرية الإسرائيلية. وذلك لأن العقل الاسرائيلي، كعقل حلفاءه من العرب – الخليجيين على وجه التحديد - اعتلاه الكثير من الغرور ومرضِ نكران الواقع وبعضٍ من الجنون، إلى درجة أنه بات يعتقد أن أفعاله أيا كانت فداحتها لا تستوجب الرد أو العقاب. فكأن الهجوم الصاروخي على مواقع عسكرية بهضبة الجولان المحتل ليلة 9 أبريل 2018 على يد محور المقاومة أذهب مفعول الخَدر عن عقل الاسرائيلي. فحتى فيكدور ليبيرمان، وزير حرب الكيان، الوقح والبربري، عاد له رشده بغتَةً. فبعد أن كان يُطلق الوعيد تلو الوعيد ويهدد بالحرب والدمار للأعداء، تحوَّل بقدرة قادر، إلى رجل تهدئة! ونفس هذا التوجه أبداه نتنياهو، رئيس الووزراء، لما أكَّد للرئيس بوتين أن دولته غير معنية بتصعيد المواجهة مع إيران في سوريا! وعلى نفس الخط، صرَّح آري درعي، وزير الداخلية الإسرائيلي وعضو المجلس الوزاري المصغر، أن بلاده "لا تريد حربا ولا تُـهَروِل إلى معركة"!
وفي الوقت الذي أخفى قطاع واسع من الاعلام العربي، ومعه المغربي، أهمية ما وقع. كان الاسرائيلي أكثر إدراكا لحجم هذا التحول في قواعد الاشتباك على الحدود الجنوبية-الشرقية لسوريا. بل لعله أدرك أن ما وقع ما هو إلا افتتاحية شُهُبٍ نارية لا أقل ولا أكثر، تنطوي على رسائل مشفرة كثيرة. ولهذا، نطق الاعلام الاسرائيلي بصراحة أبلغ من لقلقات إعلام الهزيمة، لما تساءل: ماذا لو تحولت الحدود مع سوريا إلى جسور لإطلاق صواريخ باليستية كالتي يطلقها الحوثيون على السعودية؟!
لقد حملت الضربة الكثير الكثير من الرسائل الأمنية والسياسية والإستراتيجية ذات الأبعاد الثقافية والاقتصادية أيضا.
فعبر مدخل التوقيت، الذي لم ينتظر مرور 24 ساعة على إلغاء الرئيس ترامب للاتفاق الدولي النووي مع إيران من جهة واحدة ومن دون مبررات قانونية أو موضوعية بالنظر لمعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أرسلت إيران رسالة واضحة للأمريكي أولا وللإسرائيلي ثانيا بأنها وحلفاءها في محور المقاومة مستعدون للمواجهة السياسية في فترة السلم والمواجهة العسكرية في فترة الحرب؛ أي أن هذا المحور في غاية الجهوزية للتصعيد. ولهذا، شاهدنا كيف أن الأمريكي، ولِهول الصدمة، حبَّذ استخدام لغة ديبلوماسية بعيدة عن التصعيد. وعلى نفس هذا الصعيد، علَّق الصهيوني روعي قيس، معلق الشؤون العربية في موقع «يديعوت أحرنوت» في مرارة واستغراب ظاهرين أن "انسحاب ترامب من الاتفاق النووي بدا وكأنه من ماض بعيد في هذه الليلة"!
لقد فاجأ محور المقاومة العدو. نعم، كان الإسرائيلي قد وضع في الاحتمال هذا السيناريو العسكري، إلا أن طريقة تنزيل هذا السيناريو كانت مربكة ومعقدة. حيث أن استهداف 4 مجمعات أمنية-عسكرية دفعة واحدة، ليلا، وبصواريخ موجَّهة، وبعد 24 ساعة على إلغاء الاتفاق النووي، وبعد فترة وجيزة من توعد إيران إسرائيل بالرد على هجومها على قواعد إيرانية في سوريا، ومن خلال صَلية مكونة من عشرات الصواريخ، كل هذا سمح باستخلاص أن محور المقاومة أمسى جاهزا لمواجهة طويلة المدى من هذا النوع وأن الاستعدادات الاستخباراتية والأمنية والعسكرية باتت في أتم جهوزيتها وإلا لما أقدم هذا الموحور على القيام برد فعل من هذا النوع. وهذا هو الأمر المربك أكثر بكثير من صلية الصواريخ المذكورة والتي أرى أنها مجرد بالونات اختبار عصبية غايتها البعيدة كي الوعي الشقي الإسرائيلي.
واستراتيجيا أيضا، يتعين ألا ننسى أن الضوء الأخضر الروسي كان حاضرا بهذا الشأن. فحلفاء السوري ينسقون كل كبيرة وصغيرة هناك، بالنظر إلى حساسية الوضع على الأرض وجنون الأعداء المشتَركين (أمريكا بقيادة ترامب على وجه التحديد). فمن جهة روسيا، كانت الغاية من إعطاء هذا الضوء الأخضر واضحة. فعلى أثر أقل من شهر على قصف أمريكا لحليفها السوري بصلية صواريخ، كان لابد لروسيا من أن ترد ردا من نفس الطينة ولو بصورة غير مباشرة. وفي هذا الصراع الدولي الاستراتيجي الدقيق لن تجد روسيا حليفا لأمريكا أقرب من إسرائيل. والمحصلة أن الجميع فَهم هذه المعادلة: فالروسي لن يقبل بأن تكون يده يدا قصيرة على الأراضي السورية بعض كل التضحيات والنفقات التي تكبدها على طول الأزمة. فالسوري حليف أساسي له وبالتالي يتعين أن يبقى هامش حراكه السياسي والعسكري والأمني والاستراتيجي أكبر من هامش حراك الأمريكي. وحتى فيما يخص مفاتيح السلم والحرب على الأرض السورية، يرى الروسي أن المفتاح الكبير يجب أن يكون في يده وليس في يد الأمريكي.
أما ثقافيا، فإن صاروخا واحدا – وليس العشرات كما حصل في تلك الليلة - كان كافيا لإسقاط سيرة طويلة من مغالطات الاعلام المعادي لمحور المقاومة والتي امتدت منذ اندلاع الأزمة السورية في 2011. فمنذ هذا التاريخ مَرَد هذا الاعلام على التهكم على سوريا وحزب الله وإيران بدعوى أنهم مجرد مستثمرين سياسيا في الكلام عن فلسطين دون أي فعل مقاوم على الأرض ضد إسرائيل. وزاد على هذا الإعلام مثقفون كانوا إلى عهد قريب يغنون لملاحم حزب الله وثبات سوريا في خط الممانعة. فبين ليلة وضحاها انقلبوا على أعقابهم، وأخرجوا أوراقا مكتوبة وصاروا يرددون الأكاذيب ويزورون تاريخ المقاومة ضد إسرائيل - كأن التاريخ مجرد نص مسرحي يمكنهم إعادة صياغته متى شاءوا!
هكذا قلب محور المقاومة على الجميع، الأعداء والخصوم على السواء. وأعطى إشارات واضحة في صميع الاتجاهات عن أن صراعه مع إسرائيل ليس مجرد مزحة أو قضية تعلكها مناسباتيا أفواه السياسيين داخل هذا المحور. ففي الوقت الذي يكتفي المحور المنافس (ما يسمى بمحور الاعتدال) في تيهه الاستراتيجي بصورة تؤكد على حصول انقلاب في قيمه الثقافية والدينية، إلى درجة أمسى يعتبر إسرائيل حليفا ضد إيران وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن وتركيا، يستأنف محور الممانعة تأكيد ممانعته عبر الجهوزية العسكرية والتنسيق وتمتين العلاقات السياسية والاستراتيجية بين دوله وتنظيماته في فلسطين والعراق واليمن وسوريا ولبنان وإيران وروسيا والصين وبعض دول أمريكا اللاتينية.
إننا تقريبا منذ 4 سنوات دخلنا مرحلة جديدة في هذا الصراع. ولن تفيد العمليات القيصرية لتزوير التاريخ. لأن حقائق التاريخ تظهر في المستقبل أكثر سطوعا ووضوحا. فقد فقالوا أن معارضي النظام السوري كلهم ثوار سوريون من أجل الحرية، فأثبت المستقبل أن الكثير منهم مجرد مرتزقة إرهابيين، وقالو أن الانتفاضة الشعبية في الموصل (العراق) ثورة شعبية، فأثبت المستقبل أنهم مجرد دواعش أحرقوا الأخضر واليابس، وقالوا أن الناتو سيأتي الديمقراطية والحرية في ليبيا فإذا به يترك وراءه حربا أهلية، وقالوا أن الحرب على الحوثيين من أجل الشرعية في اليمن وفي خدمة اليمنيين، فإذا بالمستقبل يُثبت أنها حرب دمرت أغلب البنية التحتية اليمنية وحاصرت الشعب اليمني وجوَّعته. حبل الكذاب قصير!



#فؤاد_بلحسن_الخميسي (هاشتاغ)       Belahcen_Fouad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم في 2030 من وجهة نظر المفكر جاك أتالي!
- القراءة الحرة والكتاب وأنت!
- هي ذي «وانغاري ماثاي»
- المدينة كفضاء للتفكير والعيش: المغامرة؛ المفارقة؛ الأمل!
- إلى أين يسير المغرب؟ مفارقات العقل الثوري وانتحارية الدولة ا ...
- نهج المعارضة السورية على ضوء حكمة الملكة بَلقيس
- كلمات في الفقيد الكبير عبد الهادي التازي
- مع الانسان الضحية .. لا مع الانسان الجاني
- المقاومة أولا .. وأخيرا - فلسطين قضية التحرير الكبرى
- داعش الإرهابية، مأزق الإسلاميين المعتدلين وهذيان القرضاوي -ع ...
- عن جريمة اغتيال مثقف الكرامة المهدي المنجرة - أو بعض مما لم ...
- النسخة الجديدة من حكومة بنكيران في معادلة الربح والخسارة
- بعد سنة من المعاناة والتحدي داخل السجن، المناضلة عفاف بنزكري ...
- في بحث عن اسمها وسط سديم ليلي!
- في رحيل رجل شريف .. عبد السلام ياسين
- في بكائيات المجتمع حول ضحايا البرد والثلج - مقترح للإنتقال م ...
- امتحان الثورة والثوار في مصر
- كلمة في المناضل والمعتقل السياسي معاد «الحاقْد»
- حوار مع الشاعر والمترجم رشيد وحتي: الترجمة عملية تلقي مزدوج
- مستقبل حركة 20 فبراير بين متاهات المأزق ومداخل الهوية الجديد ...


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد بلحسن الخميسي - تقدير موقف: افتتاحية صواريخ محور المقاومة في ميزان ثقافة الهزيمة