أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - ترى ماذا يريد الشعب اليمني؟ (2/1)















المزيد.....

ترى ماذا يريد الشعب اليمني؟ (2/1)


منذر علي

الحوار المتمدن-العدد: 6885 - 2021 / 5 / 1 - 23:06
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لا يمكن القفز على التاريخ وتقديم إجابة سهلة من واقع الوضع السياسي المأساوي الراهن في اليمن. ربما تقتضي الإجابة عن السؤال أعلاه أنْ نعود قليلًا إلى الوراء لمعرفة مطالب الشعب. وفي هذا الإطار قد لا نجانب الصواب إذا قلنا إنَّ الشعب اليمني يعلم أنَّ اليمن، بأبعاده الجغرافية الأربعة، لم يكن به دولة وطنية حقيقة راسخة البنيان، وعلى وجه الخصوص، في الفترة ما بين عام 1994- 2011، وإنما كانت لديه عصابة على شكل دولة مهترئة، مستندة على العائلة والقبيلة والجيش المبني، بدرجة رئيسية، على أساس طائفي، وقائمة على البيروقراطية المدنيِّة، وعلى مجموعة من السياسيين المنتفعين، المنقَّعين بالفساد، والمتحررين، غالبًا، من المسؤولية السياسية والأخلاقية.
وكانت تلك السلطة قائمة على تحالفات مصلحية، تتسع حينًا وتضيق أحيانًا أخرى. وقد تمكنت تلك السلطة، بوسائل مختلفة، في وقت من الأوقات من السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد، ولكن سلطتها سرعان ما انحسرت مع الوقت، وطُوقت بالرفض الداخلي والاستهداف الخارجي.
لم تتنبه النخب السياسية اليمنية، اليمينيِّة واليسارية، إلى الاخطار المحدقة بالوطن وتعقلن سلوكها السياسي والوطني، ولم تفلح السلطة المهترئة في نسج تحالفات داخلية متينة تحول دون الاختراق الخارجي الوشيك.
وعوضًا عن ذلك عمدت النخب السياسية المحلية إلى الاستعانة بالخارج ضد الداخل، وحاولت السلطة، بشكل ديماغوجي، أن تزيَّن وجهها بشاعرات ديمقراطية زائفة ،و تُجمِّل إخفاقاتها، وناورت وكابرت وتسترت على القبح الداخلي، وغطَّتْ على المثالب التاريخية، ومسدت جسد المعارضة بعناية، وأدارت النتوءات السياسية المختلفة، ولعبت مع المتناقضات الاجتماعية المختلفة: القبلية والطائفية والجهوية، الكامنة في قلب المجتمع اليمني المنهك بالفقر والحروب وشتى الآفات الاقتصادية والسياسية الاجتماعية، لخدمة غايتها البائسة التي تلخصت في تعزيز النهب والاستمرار بالحكم وتوريثه.

***

في مطلع 2011 كانت أزمة السلطة السياسية اليمنية القائمة في صنعاء قد وصلت إلى ذروتها القصوى. كان ثمة تيبس سياسي في رأس هرمها، تعفن في نواتها الأسرية الضيقة، تشقق في تحالفاتها القبلية والطائفية والجهوية، تمرد في أطرافها المترامية، غضب ثوري شديد في وسطها الحضري والجغرافي، وأزمات اقتصادية واجتماعية عديدة تعصف بها. ومما ضاعف من المشكلات القائمة هو أنَّ كل هذه الأزمات العضوية تزامنت مع الاستهداف التوسعي الماكر الذي كانت تقوم به القوى الخارجية ضد الكيان الوطني اليمني.

كانت القوى السياسية اليمنية في مجملها، الحاكمة والمعارضة، تعاني من تشوهات سياسية عديدة. كانت مشوشة، متنافرة ومتصادمة. وكانت عاجزة عن استلهام قيم الثورة اليمنية العظيمة والوصول إلى ائتلاف عقلاني ووطني مسئول لإنقاذ الوطن والشعب، كما حدث في أثناء قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين في مطلع الستينيات من القرن المنصرم، وكما جرى خلال كسر حصار صنعاء في حرب السبعين يومًا الشهيرة في أواخر الستينيات ومطلع السبعينيات من القرن الماضي، ومن ثم التمحور حول القاسم الوطني المشترك، والعمل الدؤوب من أجل أهداف وطنية وإنسانية كبرى.

على أنَّ الأسوأ من ذلك هو أنَّ القوى السياسية اليمنية، بمختلف توجهاتها، كانت، في غالبيتها، مطواعة بيد القوى الخارجية المُتربصة بالوطن. كانت متكئة على القوى الإقليمية ومتوائمة معها. وكانت مرتبطة بها، وإنْ بنسب متفاوتة. وكانت تسير، بوعي أو بدون وعي، في ركاب مشروعها الاستعماري، العربي الخليجي-الفارسي الذي يستهدف، بحجج زائفة وأساليب ماكرة، الكيان الوطني اليمني كله.

في ظل هذه الأوضاع السياسية الشوهاء للسلطة اليمنية القائمة عشية 2011 ، وبسبب الضعف الكامن في كيانها، وطبيعة القوى السياسية المحلية، والكساح السياسي الذي أصاب، على وجه الخصوص، قوى اليسار اليمني، وغياب البديل التقدمي، المتزامن مع الضعف الداخلي و الاستهداف الخارجي، أتت انتفاضة فبراير الشعبية سنة 2011، بتطلعاتها الإنسانية النبيلة، المنفعلة بالواقع المحلي، وبالأحداث العاصفة في كل من تونس ومصر ، فسقطت السلطة سنة 2012، بيد القوى التقليدية الأشد تخلفًا من سابقتها ، وقُوِّضت الدولة المهلهلة وازيح الغطاء عن الواقع القائم، وطَفَا القبح بكل صوره وأشكاله على سطح الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية ، وبرزت كيانات شوهاء و عصابات شائنة كثيرة، هنا وهناك، ضيقة الأفق، معطوبة بالجهل، متنافرة بقوة ، وسعت ، بالوسائل غير مشروعة ، لتحقيق غايتها على حساب الشعب وسيادة الوطن.

***

لقد اتسمت المرحلة الممتدة بين 2012 – 2015 بالارتباك الشديد، وكانت عبارة عن بروفة لاستعراض القوة بين المكونات السياسية والقبلية والعصابات المسلحة. فعقب إزاحة الرئيس السابق علي عبد الله صالح من سُدَّة الحكم فأنَّ كل جماعة سياسية أو قبلية أو عسكرية من تلك الجماعات المتنافرة، سعت كالذئاب الجائعة، وبحماس منقطع النظير، ، لأن تحتل موقعًا محوريًا في قلب السلطة الجديدة، أسواءً كان ذلك في إطار حكومة الأستاذ محمد سالم باسندوة الانتقالية بين 2012 -2014، أو ضمن الحكومة الثانية، الناجمة عن مؤتمر الحوار الوطني المنعقد بين 2013-2014، التي ترأسها الأستاذ خالد محفوظ بحاح لفترة قصيرة بين 2014 – 2015.

***
وحينما لم تفلح تلك القوى المتنافرة في تحقيق بغيتها وتعزيز مكاسبها عن طريق الحوار السياسي، لجأت إلى العنف من أجل تحقيق غاياتها الضيقة، المتعارضة مع سيادة الوطن والمصالح الكلية للشعب اليمني.
وهكذا سعت تلك القوى من خلال العنف غير المشروع، للسيطرة على البلاد تحت ذرائع سياسية ودينية وطائفية وجهوية وقبلية مختلفة.
غير أنَّ عجز أي من هذه المكونات والعصابات في السيطرة الكاملة والمباشرة على البلاد، والتمكن من الهيمنة العسكرية والسياسية والقانونية عليها بمفردها، جعلها، تحت ذرائع زائفة، تتخاطف البلاد وتمزقها نتفًا صغيرة، ثم تتقاسمها بالعنف وتمتهن حياة العباد، وترتهن، بشكل كامل، للقوى الخارجية الداعمة لها، والطامعة في السيطرة على اليمن.
***
الحكومة اليمنية الجديدة التي تشكلت في 18 ديسمبر من العام المنصرم، ،2020، وأريد لها أن تكون حكومة وحدة وطنية، كانت تجسيدًا لذلك التقاسم الجغرافي الشائن، وكانت عبارة عن مظلة مُرقعة بتلك المكونات المتنافر. فهي لم تكن منتخبة من الشعب، وإنما كانت، مثل سابقاتها، عبارة عن تحالف حذر بين قيادات تلك العصابات المُوجَّهة من القوى الخارجية والمُنفِّذة لسياساتها التوسعية في البلاد.
***
هل يحتاج الشعب اليمني إلى هذه السلطات الشوهاء المتنافرة والمرتهنة للقوى الإقليمية لكي تحكمه؟ قطعًا لا. الشعب اليمني لا يحتاج إلى عصابات متنافرة، تهيمن، جزئيًا أو كليًا، على وطنه، وترتبط بالدول الإقليمية ، وتنفذ سياساتها التوسعية في بلاده. والشعب اليمني لا يشغله الولاء لإيران، أو التبعية للإمارات، أو العمالة للسعودية أو لقطر أو لتركيا. والشعب اليمني لا يسعى لإرضاء هذه الدول على حساب أرضه وكرامته الوطنية. والشعب اليمني، المظلوم والمكلوم والمكدود، لا تعنيه الصراعات القبلية والطائفية والجهوية، للجماعات السياسية الشوهاء، وليس شغوفًا بنظام " الولاية" و"الخلافة" المنبثقتين من مقابر التاريخ، والشعب اليمني لا تهمة صراعات السنة والشيعة، ولا يكترث لخلافات النواصب والروافض، ولا يشغله فوز الفرقة الناجية وإخفاق الفرق الهالكة. الشعب اليمني لا يمكنه أنْ يقبل أنْ يقطن في قبورٍ شيَّدها الموتى للأحياء.
***
والشعب اليمني لم يُخوِّل الجماعات السياسية والمليشيات المسلحة أن تقتل اليهود باسمه، أو أن تُطبِّع مع الإسرائيليين نيابة عنه. والشعب اليمني الغارق في بحر الشقاء، لا تشغله الهويات الجزئية القبيحة والملفقة: القبلية والطائفية والجهوية، ولا يبحث عن سرديات متضخمة بالأوهام والأكاذيب والجهالة لفرضها قسرًا على الواقع. والشعب اليمني لا تعنيه الوحدة الاندماجية الظالمة، أو الفيدرالية، أو الكونفدرالية أو الانفصال، أو غير ذلك من الأطر القانونية الملفقة، أو التأويلات السياسية البائسة، والفذلكات اللفظية اليائسة. إذن، ماذا يريد الشعب اليمني يا ترى؟
هذا ما سنحاول الإجابة عنه السؤال في الحلقة الثانية والأخيرة ....



#منذر_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يمن الأحزان ومبادرة السعودي الفرحان!
- من أقترف الجريمة في مطار عدن؟ 3/3
- من أقتَرفَ الجريمة في مطار عدن؟ 3/2
- مَنْ أقترف الجريمة في مطار عدن؟ 3/1
- فيروس كورونا والبعد الطبقي!
- دونالد ترامب سقط!
- في ذكرى الثورة اليمنية، هل نعلم وجهتننا؟ (2-2)
- في ذكرى الثورة اليمنية هل نعلم وجهتننا؟ (1-2)
- العرب والعلاقات مع دولة إسرائيل الصهيونية
- ماذا جرى في الرياض بشأن اليمن؟
- ما هي الأسئلة المهمة في زمن العدوان والجائحة ؟
- الوحدة اليمنية والحلم المجهض!
- تأملات في السياسة البريطانية عشية الخروج ( 4/4)
- تأملات في السياسة البريطانية عشية الخروج (4/3)
- تأملات في السياسة البريطانية عشية الخروج(4/2)
- تأملات في السياسة البريطانية عشية الخروج(4/1)
- تأملات حول ثورة 11 فبراير 2011 اليمنية المُجهضة!
- فشلت اتفاقية الرياض بين اليمنيين وربحت القوى الإقليمية!
- اليَمَنِيُّونَ وَكَيْفيَّةَ الشِّفاءِ مِنْ الشَّقاءِ المُقيم ...
- ماذا تعمل أمريكا وإيران وأتباعهما المحليين بوطننا العربي ؟


المزيد.....




- مجلس الشعب السوري يرفع الحصانة القانونية عن أحد نوابه تمهيدا ...
- تحذير عسكري إسرائيلي: إذا لم ينضم الحريديم للجيش فإن إسرائيل ...
- السفير الروسي ردا على بايدن: بوتين لم يطلق أي تصريحات مهينة ...
- بالفيديو.. صواريخ -حزب الله- اللبناني تضرب قوة عسكرية إسرائي ...
- وزير الدفاع الكندي يشكو من نفاد مخزون بلاده من الذخيرة بسبب ...
- مصر.. خطاب هام للرئيس السيسي بخصوص الفترة المقبلة يوم الثلاث ...
- -أضاف ابناً وهميا سعوديا-.. القضاء الكويتي يحكم بحبس مواطن 3 ...
- -تلغراف- تكشف وجود متطرفين يقاتلون إلى جانب قوات كييف وتفاصي ...
- إعلام سوري: سماع دوي انفجارات في سماء مدينة حلب
- البنتاغون: لم نقدم لإسرائيل جميع الأسلحة التي طلبتها


المزيد.....

- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - ترى ماذا يريد الشعب اليمني؟ (2/1)