أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - اجترار الكلام














المزيد.....

اجترار الكلام


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 6876 - 2021 / 4 / 22 - 19:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين تذهب إلى مهرجان وطني لمناسبة ما، كيوم الأسير الفلسطيني أو يوم الأرض أو النكبة، تسمع خطبًا رنانة وكلمات صداحة، يحاول من خلالها الخطيب أن يلامس مشاعرك، أو أن يخاطب عقلك، ولكنه في الغالب يفشل في ذلك؛ لأنك ببساطة سمعت هذا الكلام عشرات المرات، الأمر الوحيد المميز في هذه المناسبات هو محاولات المتحدثين التنويع في نبرة الصوت ولغة الجسد محاولين التأثير في جمهور ملول حضر شعورًا بالواجب أو رفعًا للعتب.
ونحن نواجه الشيء عينه حين نطالع الصحف أو نسمع الإذاعة ونشاهد التلفزيون، فنجد كلامًا معادًا مكررًا، نعرفه ونحفظه عن ظهر قلب. والمشكلة هي أنَّ من يلقون علينا هذا الكلام يظنون أنهم قاموا بواجبهم خير قيام، ويعودون إلى بيوتهم مرتاحي الضمير ممتلئين رضًا وسعادة، ولا تعجب إذا سألك أحدهم: "كيف كانت كلمتي؟".

أما الطامة الكبرى فهي رسوخ قناعة أنَّ هذا الكلام يغني عن الفعل، وهكذا تجد أنَّ طائفة كبيرة من السياسيين، يطالعون الأخبار اليومية، ويكتفون بالرد عليها شجبًا واستنكارًا وتنديدًا بما تفعله إسرائيل، أو مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل لردع دولة الاحتلال. ولا يختلف الحال كثيرًا إذا رقّق أحدهم خطابه فشكا وناشد، أو غلّظ ثانٍ في قوله فهدّد وتوعّد، لأنَّ كل ذلك يظل ضمن دائرة اجترار الكلام دون الفعل.
كانت ذكرى مئوية بلفور دليلاً صارخًا على هذه الظاهرة، لم يبقَ كبير ولا صغير، ولا حزب أو مؤسسة إلا وطالب بريطانيا بالاعتذار عن جريمتها التاريخية وتعويض الشعب الفلسطيني، وهو مطلب محق طرحه الرئيس محمود عباس في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول 2015، وكان على القوى والمؤسسات ومختلف الهيئات أن تعمل على ترجمته وتحويله إلى خطة عمل وضغط، لا أن تردده وتحوّله إلى "كليشيه" ولازمة لا بدّ من تردادها في بيانات الفصائل ولجان التنسيق والاتحادات الشعبية وحتى الحكومة في جلستها الأسبوعية.
لعل أصل هذه الظاهرة يعود إلى افتخار العرب تاريخيًّا بأنهم أمة فصاحة وبيان، وكل ما يتصل باللغة من فنون الخطابة والبلاغة والبديع والمحسنات اللفظية، وما زلنا نردد بكثير من الزهو قول البحتري شاعر القرن الثالث الهجري "نحن أبناء يعرب أعرب الناس لسانا وأنضر الناس عودا". وذهب بعض الفقهاء إلى اعتبار القرآن معجزة النبي الكريم محمد من حيث اللغة والفصاحة مستندين في ذلك إلى بعض الإشارات الواردة في القرآن.
لغتنا العربية جميلة وغنية، وهي لغة حية، فنحن إلى يومنا هذا نطرب على شعر قيل قبل ألف وخمسمئة عام، كما أنَّ اللغة هي ركن أساس للشخصية القومية والوطنية، والوعاء الذي يحتضن تراثنا وثقافتنا ويستوعب أحلامنا وطموحاتنا، ولكن اكتفاءنا بالحروب الكلامية يخفي علّة أخرى هي ضعف حالنا وقلة حيلتنا وسوء استثمارنا لمواردنا، وعجزنا عن استكشاف ثم تفعيل مكامن القوة فينا، وفوق هذا وذاك ينطوي الأمر على قدر كبير من التضليل للبسطاء والجماهير المخدوعة.
في تراثنا القديم، إنَّ جماعة سطوا على إبل لأعرابي، فذهب في طلبهم، ولما عاد دون إبله وسأله قومه عنها قال: "أوسعتهم سبًّا وأودوا بالإبل".



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تنويعات على مقام الابارتهايد
- المؤتمر الوطني الشعبي للقدس... ورؤية فيصل الحسيني؟
- عن القدس وذريعة تأجيل الانتخابات بسببها
- العلاقات الأردنية الإسرائيلية وربع قرن من التوتر
- زحمة القوائم الانتخابية والطريق الى التجديد الشامل
- صعود اليمين الفاشي ودعاة الترانسفير في إسرائيل
- القوائم الانتخابية بين محاسن التعددية ومخاطر التشظي
- غوايات مازن وشياطينه
- الانتخابات الإسرائيلية: مكانك سر ..وإعادة إنتاج نفس الأزمة
- قلنديا: مطار القدس الفلسطيني المنسي!
- عودة الكهانية للكنيست بدعم ورعاية نتنياهو
- القدس والانتخابات
- تلامذة كهانا وغولدشتاين في الكنيست
- أرضنا مكب لنفايات الاحتلال
- الفلسطيني غائبا حاضرا في الانتخابات الإسرائيلية
- إسرائيل تنتخب الاحتلال والتطرف والعنصرية
- حول يسارية اليسار الصهيوني: ميريتس نموذجا
- أحزاب وفصائل أم عشائر وقبائل
- الانتخابات الفلسطينية والبحث عن طريق ثالث
- أم الفحم وانتخابات الكنيست


المزيد.....




- بعد وقف إطلاق النار.. ترامب: تغيير النظام في إيران سيخلق فوض ...
- لماذا يعد تغيير النظام في إيران أمرًا صعبًا؟ أستاذ في جامعة ...
- لماذا اختارت إيران القاعدة الأمريكية في قطر لتوجيه رسالتها ل ...
- المستشار الألماني: -الوقت حان- لوقف إطلاق النار في غزة
- مقتل 4 أشخاص بصواريخ إيرانية أصابت مبنى سكنيا في بئر السبع ج ...
- إيران: هل من بديل سياسي؟
- دوي انفجارات في إيران رغم أمر ترامب بوقف الهجمات الإسرائيلية ...
- غزة: مقتل أكثر من 50 فلسطينيا بنيران الجيش الإسرائيلي معظمهم ...
- إسرائيل: لن نهاجم إيران مجددا بعد مكالمة ترامب ونتنياهو
- ماذا تفعل حين يقرر طفلك التوقف عن رياضته المفضلة؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - اجترار الكلام