أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - الرأسمالية تُخرب وتنتهك إنسانيتنا .















المزيد.....

الرأسمالية تُخرب وتنتهك إنسانيتنا .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 6873 - 2021 / 4 / 19 - 20:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا أعتني فى هذا المقال بتناول الآثار المُخربة للرأسمالية على مستوي الإقتصاد وحقوق الشغيلة المهدرة ومص دماء الشعوب فقد تم الإستفاضة فى هذا المنحي كثيراً , ليعنيني تناول تخريب الرأسمالية للإنسانية وتشويه الإنسان والمجتمع من خلال أداء ونهج الرأسمالية الذي تحط من كرامة الإنسان وتحضره .
أنثر هنا بعض تأملاتي وخواطري عن التأثير المُخرب والمُدمر للرأسمالية على المجتمع والإنسان وهي بمثابة رؤوس مواضيع تستحق من الجميع المزيد من الإهتمام والإستفاضة والتحليل .

- التنافس الذي يسحق الآخرين .
تفتخر الرأسمالية أنها تطلق التنافس بين البشر وتعتبر هذا سر تقدمها وتفوقها , بينما التنافس مُختل وغير متكافئ ويسحق الآخرين فلا يمنحهم أي فرصة للصمود والبقاء , كما أن التنافس في مجتمع الرأسمالية يتم بتكسير العظام فلا تكون هناك فائمة للضعفاء أمام الأقوياء , فماذا تفعل شركة محدودة الإمكانيات أمام شركات عملاقة سوى أن تكون تابعة لها بالضرورة .
لقد تم تحوير فلسفة نيتشه التي تعتبر القوة هي سر تقدم الإنسان , فنتشه يري أن الإنسان القوي الذي لا يسلم مصيره للخرافات ليواجه الواقع بقوة هو الجدير بالحياة والتفوق , بينما تري الرأسمالية أن إمتلاك القوة المادية وسحق الآخرين أمامها هو سبيل التفوق .

- العمل كنشاط إنساني وحاجة لإثبات الوجود .
العمل قيمة إنسانية وتعبير عن نشاط وحراك إنساني بغية إثبات وجوده وحراكه وقيمته , فهكذا يكون العمل لنتلمسه فى بدايات عمل الشباب والشابات , ولكن هذا المعنى والفكر النبيل يتم سحقه وتشويهه على يد الرأسمالية التي إستمدت فكرة العمل من لعنة الإله للإنسان بالشقاء فى العمل , ولكنها أضافت إليها ورسخت فكرة أن العمل للحصول على المال وأنه وسيلة للثراء ليتكالب البشر على العمل ليس حباً في تحقيق إنسانيتهم وحراكهم وقيمتهم ووجودهم بل من أجل المال فقط .
أدي هذا النهج الرأسمالي إلى تحويل الإنسان إلى آلة وسلعة يبيع فيها مجهوده وقوته الفيزيائية والفكرية فداء المال ولا مكان لإثبات وجوده وحراكه وقيمته .
تدمر الرأسمالية مفهوم العمل النبيل لتثير سعار المال والثراء فقط , فتروج لأحلام الثراء السريع عن طريق اليانصيب والمراهنات والجوائز ليصير المال والثراء غاية وليذهب الجهد والإبداع البشري للجحيم .

- تمجيد القوة المفرطة .
نهجت الرأسمالية سبيل تمجيد وتعظيم القوة المفرطة الفيزيائية فيتم تعظيم أصحاب المال والنفوذ والقوي الجسدية ليحظوا على المزيد من الميديا والتقدير بينما يتواري أصحاب القوة الناعمة المتمثلة فى الفنانين وأصحاب المشاعر والفكر فهم لا يقدمون إثارة تفتن البشر , لذا من يريد منهم الحضور فعليهم تقديم نماذج للقوة المفرطة , فتنهج السينما الأمريكية مثلاً نحو تقديم أفلام الإثارة والأكشن لنماذج بطولية ذات قدرات مميزة حتى ولو كانت خيالية , فلا يكون الفن تعبير عن معاني نبيلة بل تمجيد للقوة المفرطة .

- التلاعب والإستثمار فى إثارة الغرائز .
الرأسمالية في سبيلها للربح تستثمر في إثارة الغرائز وتصعيدها , فنري الإعتناء والتكالب على إنتاج الأفلام الجنسية الأباحية فهي ساحة لتحقيق أرباح خيالية لدرجة أن إنتاج الأفلام الأباحية يفوق إنتاج الأفلام السينمائية العادية ليكون إنتشارها وجمهورها هائل خاصة عبر شبكة الإنترنت ولتحقق لأصحابها ولكل المشاركين فى إنتاجها وترويجها أرباح هائلة .
الرأسمالية تعرف كيف تؤكل الكتف فهى تتلاعب وتثير الغريزة الجنسية وتفتح الآفاق لحضورها وإنتشارها وشذوذها ,فلا تكتفي بالإستثمار فى بيوت الدعارة بل تقتحم كل بيت لتروج لمنتجاتها الأباحية .. لقد تحول الجنس الذى هو غريزة وإحتياج إنساني على يد الرأسماليين إلى سلعة وإستثمار وشبق وتطرف بلا حدود بغية الربح والمكسب .
يتلاعب الرأسماليين بغريزة الجنس لينزعوا عنها العاطفة ليضعوا الشراسة والشذوذ والقوة المفرطة , فيتم تمجيد وتعظيم القوة والقدرات المُفرطة والممارسات الشبقة الشاذة , لتجد أفلام الشذوذ بين الذكور وبعضهم وبين الإناث وبعضهن حضوراً , كما تحظي الممارسات الجنسية مع الفتيات الصغيرات على حضور أيضاً , ولمزيد من الإثارة وتأجيج الغريزة يتم التعاطي مع الممارسات الجنسية العنيفة فلا مانع من تقديم أفلام عن الإغتصاب القهري .
لنا ان تنوقف هنا عند منتج من منتجات الرأسمالية التي تخرب وتدمر الإنسان وتشوه حاجة جنسية طبيعية لتقدمها وتغلفها بالشذوذ والعنف فلا يعنيها هذا بل كل إعتناءها هو تحقيق مكاسب وأرباح هائلة بالمليارات والملايين من الدولارات من الإثارة المجنونة .

- التلذذ بالعنف والوحشية .
مشهد آخر لا يقل فجاجة وقبح يتمثل فيما يقال عنه بمصارعة المحترفين الحرة والتي يطلقون عليها رياضة وماهي إلا تنفيس العنف والوحشية داخل الإنسان وتمجيدها .
صار للوحشية والعنف الغير مُنظم فى مصارعة المحترفين حضور قوي في العالم وصار لها عشاق لرموز ونجوم العنف والوحشية , وكلما كان بطل المصارعة مفرطاً فى القوة الجسدية والوحشية نال حب وإستحسان الجماهير !
لقد أدركت الرأسمالية النهمة للربح أن الإنسان فى داخله طاقة عنف تحت الجلد بحكم إنحداره من مملكة الحيوان , وأن الحضارة الإنسانية إستطاعت تقليل منسوب هذا العنف إلى أقل منسوب له وهذا سر تطور الإنسان وتحضره , لتقوم الرأسمالية بتصعيد هذا العنف ثانية بدلا من تقليم أظافره ليجد حضوراً في الممارسة أو فى الإستمتاع بمشاهدته على أقل تقدير .

- "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .
يفتني هذا الشعار وأجده يحقق أعلى درجات إنسانية الإنسان ليحرره من الجشع والطمع والأنانية والظلم وتضخم الأنا , فأنا أعمل بكل طاقتي وخبرتي لأحصل على ما يكفيني لحياة كريمة فقط بينما هناك آخرون يعملون بكل طاقتهم ولكن نظراً لقدراتهم وإمكانيتهم المحدودة فما يحصلون عليه ليس كافيا لإحتياجاتهم وهذا ظلم بَين , فهم لم يصنعوا ظروفهم وقدراتهم , وللمثال فالأب ينفق على أبناءه لعدم قدرتهم على الإنتاج لتدور الدوائر ليقوم الأبناء بالإنفاق على الأباء عند زوال طاقتهم .
المجتمع الرأسمالي لا يؤمن بهذا الشعار الماركسي الجميل فأنا أعمل بكل طاقتى للحصول على المزيد من المال وليذهب أصحاب القدرات والإمكانيات الضعيفة للجحيم .

- شراهة الإستهلاك والرغبات المجنونة فى التمايز .
لا تقوم للراسمالية وجود دون أن تصعد الرغبة فى الإستهلاك لأعلي مستوي ليصير هناك هوس الإستهلاك بين البشر بغية ترويج منتجاتها بغض النظر عن أن تلك الرغبات مُصطنعة وغير أساسية لتصير مع الميديا والإعلان اللحوح ذات حضور ورغبات ملحة.
هناك علاقة جدلية بين شراهة الإستهلاك والرغبة في التمايز الطبقي , فالإستهلاك هو السبيل فى نظر الكثيرين للتمايز الطبقي والتمايز الطبقي لن يكون إلا بالتمايز فى الإستهلاك .
لا معنى لدي الرأسمالية بحصول الإنسان على إحتياجاته الأساسية للوصول لحياة كريمة بل الحياة هي أن تستهلك بشراهة في أشياء غير مُلحة بغية التمايز عن الآخرين ولتجلب الأرباح والأموال لهم .

دمتم بخير.
"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تكوين الإسلام - إقتباسات القرآن من الشعر الجاهلي
- تهافت التهافت-خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم
- إما تؤمنون بالقرآن والكتاب المقدس أو تكفرون بهما
- ثقافة قميئة تجلب القرف والإنحطاط
- الثقافة البغبغائية - لماذا نحن متخلفون
- تكوين الإسلام-إقتباسات محمد من الصابئية والمندائية
- فوقوا بقي من هذه الغيبوبة والغفلة
- تكوين الإسلام - إقتباس الإسلام من التلمود
- تكوين الإسلام - إقتباسات إسلامية من الزرادشتية
- تأملات فى الإنسان والحياة بدون زيف أو تحايل .
- ثقافة التلصص ودس الأنوف والقهر-لماذا نحن متخلفون
- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم .
- الإيمان بالغيبيات والخرافة جذر التخلف الرئيسى
- تأملات فى فكرة الإله والأديان والإنسان
- دهاليز الجنس .
- بماذا تُفسر ؟
- البحث فى جذور التخلف - لماذا نحن متخلفون
- الدنيا دي شوية كيميا وفيزيا -نحو فهم الوجود والحياة والإنسان
- فوقوا بقى – أديان الشذوذ والقسوة والغل .
- فوقوا بقى - فلتعلم تكوين الإسلام ومصادره (1)


المزيد.....




- 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب في إيران -تحيّر غروسي-
- -حرب القمامة- في كولومبيا.. عقاب قاس من جامعي النفايات
- فرق الإطفاء تواصل محاولات إخماد الحرائق في جزيرة خيوس اليونا ...
- ترامب يسعى لإغلاق ملف الحرب الإيرانية بنهاية درامية.. هل ينج ...
- نتنياهو وبزشكيان يشيدان بإنجازات بلديهما -التاريخية- في الحر ...
- القسام تعلن استهداف دبابة بعد تنفيذها كمينا آخر مركّبا في خا ...
- إيران تحتشد في ساحة الثورة وتؤكد صمودها في وجه التحديات الإس ...
- إسرائيليون يعتبرون نتنياهو -ملك إسرائيل- وآخرون يرونه خطرا ع ...
- هكذا خططت إسرائيل لقتل الفلسطينيين في نقاط توزيع المساعدات
- ما بعد الحرب.. إيران في مواجهة اختبار الداخل وإعادة التموضع ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - الرأسمالية تُخرب وتنتهك إنسانيتنا .