أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عماد يوسف - بعيداً عن ما يسمى بالإنتماء الوطني والقومي...!















المزيد.....

بعيداً عن ما يسمى بالإنتماء الوطني والقومي...!


عماد يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1629 - 2006 / 8 / 1 - 11:49
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


طرحت التطورات العالمية الأخيرة رؤى جديدة في تعاطي الشعوب والدول فيما بينها، وقد شكلت بذلك قطيعة تاريخية كبيرة مع الكثير من مفاهيم الإنتماءات، سواء الوطنية منها أو القومية، لدرجة أن التماهي في هذه المفاهيم أصبح لبوساً فكرياً غارقاً في الإشكالية التي تقف عائقاً أمام تحديده كمفهوم، وبالتالي تحديد علاقته الجدلية أصلاً بحياة الفرد، كفرد بالمعنى المجرد، وبالتالي علاقة هذا الفرد بالمحيط الجغرافي الذي ينتمي إليه .
في إحدى المناسبات القديمة قال الشاعر محمود درويش: " لا ينتمي الإنسان إلى أرض ليس له موتى تحت ترابها " ، واليوم نتساءل إلى أي مدى تحتفظ هذه المقولة ببريقها، وإلى أي مدى مازال الإنتماء إلى مفهوم الوطن، الأرض، القومية، الموروث الثقافي والفكري "وهو الأكثر أهمية هنا، ويتكون من عوامل كثيرة كالدين والعادات والتقاليد والقيم التي يتشربها الفرد في محيطه الجغرافي والديموغرافي والاجتماعي "، إلى أي درجة بقي هذا الإنتماء عالقاً في البنية العقلية والفكرية للفرد في عالم اليوم، وهل استطاعت العولمة حقاً أن تقضي على مفهوم الإنتماء الوطني والقومي ؟؟! وهل استطاعت أن تشكل بديلاً عن هذا الإنتماء الذي يبقى في قلوب الناس روحياً ومعنوياً أكثر منه ماديا ومحسوساً ..!
في المجازر التي ترتكب في لبنان اليوم من قبل القوى الصهيونية المفرطة في التعصب والشوفينية الدينية، قامت الكثير من الدول بإجلاء رعاياها من الأراضي اللبنانية خوفاً عليهم من القصف والقتل الإسرائيلي، وقد سجلت بعض الحالات التي تلكأت فيها الكثير من سفارات الغرب في نجدة رعاياها، فقط لأنهم من أصول عربية لبنانية، أو لأن سحنتهم سمراء وعيونهم بنية اللون، وليست زرقاء والشعر أشقر، نتساءل، والسؤال هنا مشروع ؟ لماذا لم تقم هذه القوى بإخلاء كل اللبنانيين، كل المدنيين اللبنانيين، فإذا ما كنا في زمن العولمة، والعالم هو عبارة عن قرية صغيرة، يتحكم فيها مختار واحد إسمه أمريكا، فلماذا لم ينقذ هذا المختار أهل هذه القرية جميعاً من القتل والتدمير، ولماذا اختار مجموعة دون أخرى ، ألم تتماهى الأوطان والأزمان والقوميات وكل شيء ..؟ أوليس هؤلاء الذين يقتلون من هذا العالم الذي وسمته العولمة بأنه قرية كونية صغيرة، وهذا يعني بالضروروة أن كل سكان هذه القرية مسؤولون من راعيها، أو القيمّ عليها، وإن لم يكن ذلك فهذا يعني، بؤس العولمة التي تضر ولا تنفع ، وتقتل و لاتحيي، وتدمّر ولا تعمّر، وتلحق الناس بأذنابها طالموا هم ليسوا ثقلاً عليها، ولكن عندما يشعرون بأن هؤلاء يشكلون ثقلاً مهما كان بسيطاً عليهم، يقذفونهم خارج السرب بتلويحة ذنب من أذنابهم الطويلة التي تمتد إلى كل بقاع الأرض..!
ونعود هنا للتساؤل، وربّما كان العود أحمد’،إلى هؤلاء الذين قالوا، وتبنّوا، وروّجوا، وسوَقوا ، لمقولة أمريكا اليوم هي السيد، ولا مناص من الدوران في فلكها، والانصياع لقوانين العولمة، وأن زمن الإنتماءات الوطنية قد ولىّ، وأن مفهوم القومية أضحى من الماضي كزمن بسمارك وهتلر وموسوليني وغيرهم، ولنفترض جدلاً أننا حزمنا عديدنا وعدّتنا وذهبنا نبحث عن موطىء قدم في هذا الفلك العظيم " أي العولمة "، ألا يترتب على هذه المعادلة حقوق وواجبات، والواجبات كثيرة نقدمها ونحن مسرورين، مبسوطين، خانعين، ولكن ماذا عن حقوقنا، في الحياة والرعاية، التعليم والحرية، السكن والتربية والغذاء والأمن ، والسلام العالمي ...؟؟؟!! ماذا عن كل هذا؟؟ هل سعت هذه القوى إلى تقديم كل هذه الحقوق لأهلها، هناك أمثلة كثيرة جلّية ومعاصرة عن الطريقة التي حصلت فيها بعض هذه الشعوب على حقوقها: كما حصل في أفغانستان والعراق وفلسطين، وفي لبنان وأمريكا اللاتينية وغيرها من بؤر التوتر والصراع في أرجاء العالم ...!!!
’كثر نادوا بأن سياسات بعض الدول المناهضة لأمريكا خاطئة، واليوم يجب أن ننفتح على العالم وإلاّ كان التكّلس والتخلف مصيرنا المحتّم، وسبقتنا ريح الحضارة وعظمتها، وتحولنا إلى مجتمعات تعيش على هامش التاريخ ، وأعود هنا للتساؤل ؟ ماذا لو حصل ما يحصل في لبنان في أمريكا اللاتينية مثلاً، والتي لا تنتمي إلى نفس القومية، ألن تهبّ جميع دول أمريكا اللاتينية لنجدة جارتها التي تتعرض لهذا النوع من الوحشية التي تجاوزتها البشرية منذ سنوات طويلة، ولماذا لم تهب ولا دولة عربية واحدة لنجدة لبنان، بل على العكس من ذلك، دول عربية كثيرة منحت الغطاء السياسي للقتل الإسرائيلي، وإذا كان هؤلاء وأمثالهم ممن يتنشقون نسائم العولمة في الصباحات الجميلة، يقّرون بأن العولمة تلغي القومية والإنتماء الديني والمذهبي، فلماذا ’يحارب اللبنانيون وحزب الله لأنهم من المذهب الشيعي، ولماذا ’يقتل اللبنانيون لأنهم لا يرضخوا لإرادة إسرائيل في التبعية لها ومباركة دولتها التي تقوم على العنصر الديني، وإذا ما كان هذا حال العالم اليوم، فلماذا تقوم في أمريكا مئات الأحياء التي تجمع أناس من جنسية وقومية واحدة: الحي الصيني، الياباني، العربي، المكسيكي، البرزيلي.. إلخ ؟!! لماذا لم تستطع العولمة في عقر دارها أن تقضي على النزعات القومية والدينية بين أهلها الذين اكتسبوا الجنسية الأمريكية في أراضيها، ولماذا لا تسعى إلى إلغاء نزعاتهم القومية قبل أن تأتي إلى ديار الغير لتلغي وجوده وكيانه وحضارته وتراثه الفكري والإنساني العريق، كما حصل في العراق، وفلسطين وما يحاولو أن يصنعوه اليوم في لبنان .. ؟؟!
وإذا ما ابتعدنا عن الخط القومي الذي يشكل الإنتماء المشترك لشعوب المنطقة بغالبيتها، فكيف نفسر حملة صلاح الدين الأيوبي "وهو من القومية الكردية " التي هزم فيها الصليبيين وطردهم من القدس، و ربّ مشكك يقول بأن ذلك حصل تحت راية الدين الإسلامي الذي يجمع شعوب المنطقة بغالبتنها أيضاً، وإذا كان هذا صحيحاً فهل تغير الإنتماء الديني اليوم ؟؟! هل تغير الإسلام ؟!
ونقول هنا بأن هذا القائد الفذّ العظيم صلاح الدين لم يذهب من شمال سوريا إلى القدس بإسم الدين الإسلامي فقط، بل هو كان عسكرياً استراتيجياً، شعر بأن الوجود الصليبي في القدس سيشكل تهديداً على الأمن القومي في المنطقة برّمتها، وأن المنطقة ستقع كلها تحت براثنهم فيما لو استمروا في وجودهم فيها، لذلك حاربهم وهزمهم وطردهم إلى بلادهم ، واليوم يعود السيناريو بشكل مختلف ليهدد ليس فقط الأمن القومي للمنطقة ، بل ليهدد وجود المنطقة برمّتها، تاريخها، تراثها، وجودها البشري والوطني والقومي ، فإذا كانت النزعة القومية قد ذهبت أدراج الريح لدى الكثيرين من أصحاب العماء الفكري الذين أصابهم السواد في قلوبهم، وإذا كان الدفاع عن لبنان أو مؤازرته، أو حتى إدانة ما يحصل فيه يندرج تحت إسم القومية العربية المشتركة، وهي منبوذة من قبلهم، أفلا يفعلون ذلك تحت راية حماية أمنهم القومي والإستراتيجي البعيد المدى ، أم أن هذه النخب السياسية والفكرية قد باعت نفسها لشيطان أعمى سيقتلع جذورهم يوماً دون أن يميز بين عدو وصديق ..؟؟!



#عماد_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- آن الأوان لإزاحة الأقنعة عن الوجوه..
- الإخوان المسلمين والشرط المجتمعي السوري
- العالم يتجه إلى الدمار تحت راية الأصولية الدينية
- عندما تخطىء السياسة الأمريكية في قراءة الشرق الأوسط
- عندما تقوم بعض أطراف المعارضة السورية بتعرية ذاتها
- تحرير الأرض أم تحرير العقل - قطاع غزة بين الصحوة والحلم ..!
- صراع أمريكا وسوريا في الشرق الأوسط - من يحارب من - ؟
- هكذا تموت الإبتسامة في وطني - إلى منتدى جمال الأتاسي -
- إلى محمد الحاج ابراهيم- ما هكذا تورد’ الإبل يا سعد’
- النزعة الإقصائية عند الليبراليين السوريين الجدد ..؟
- هكـــذا يــذهــب الكبــار ....!
- من أجـل عــراق الغد - مهداً قديماً جديدأ للحضارات -،
- قراءة في الحياة السياسية السورية بعد مؤتمر حزب البعث العاشر ...
- شروخات المعـارضة السورية
- حزب الشعب الديمقراطي السوري و- الحلقة المفقودة-
- لقاء دير الزور في سوريا- بدون إذن التجمع الوطني الديمقراطي-
- الطبقة العاملة وإرهاصات العولمة- من البروليتارية إلى الأنتلج ...
- مؤتمر حزب البعث العربي الاشتراكي: -هل يخرجه من عنق الزجاجة- ...
- النظام الشمولي الأمريكي - الدكتاتورية المشرعنة-
- الإخوان المسلمين والشارع - المدني - السوري


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عماد يوسف - بعيداً عن ما يسمى بالإنتماء الوطني والقومي...!