أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد يوسف - مؤتمر حزب البعث العربي الاشتراكي: -هل يخرجه من عنق الزجاجة- ؟















المزيد.....

مؤتمر حزب البعث العربي الاشتراكي: -هل يخرجه من عنق الزجاجة- ؟


عماد يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 1178 - 2005 / 4 / 25 - 05:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يأتي مؤتمر حزب البعث العربي الإشتراكي في سوريا ، في شروط إقليمية ودولية لا ’يحسد عليها أبداً، وفي وضع تنظيمي وفكري لايسر عدو ولا صديق، يأتي هذا الشعور المرير من مفهوم العجز الواضح والجلّي لهذا الحزب عن مواجهة استحقاقات ، قد تكون من أكبر الاستحقاقات التي واجهها خلال تاريخه المديد الذي تعود بدايته إلى منتصف القرن الفائت عام 1947. وبالرغم من الإندماج التاريخي الذي حصل بين التيارات المؤسسة لهذا الحزب في بداياته بين الأرسوزي والحوراني و البيطار، ظناً بأنهم سيقدمون بذلك مشروعاً متكاملاً أكثر استجابة لهموم وقضايا الشارع العربي برمته، وليس فقط الشارع السوري، حيث كان النبض القومي في ذلك الحين كبيراً جداً في الشارع ويشكل الأغلبية الساحقة، ومن هنا جاءت قراءات هذا الحزب ومراهاناته بالفوزالساحق في تربة خصبة في هذا الشارع المنكوب بإحتلال عثماني قارب الأربعمائة عام، ومن ثم احتلال أوروبي تباينت فترة مكوثه بين بلد وآخر، ما وفر الشرط التاريخي، والمجتمعي، وعوامل القوة لهكذا حزب كي ينمو ويتطور، ويسعى إلى تحقيق أهدافه الثلاثة في الوحدة والحرية والاشتراكية، برغم كل ذلك نجد بأن هذا الحزب قد فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أي من تلك الأهداف التي تبّناها، وحكم بإ سمها ما يقارب النصف قرن، وألغى كل الممكنات المجتمعية الأخرى في سبيلها ، حتى وصل إلى مرحلة خسارة الشارع، ليس العربي فحسب، بل و الداخلي أيضاً، بعد أن كان حزباً راهن عليه الكثيرون من دعاة القومية العربية من المحيط إلى الخليج، كما يحبّون أن يقولوا في تسميتهم للأمة العربية .
خلال هذه الحقبة التاريخية الطويلة في سوريا، وجد البعثيون أنفسهم " وكذلك غيرهم من الأحزاب التقدمية، والإسلامية وغيرها " في مواجهة أكبر القضايا التي عصفت بالتاريخ العربي المعاصر دون أن يستطيعوا التنطح لمواجهتها إلا من خلال رؤية حزبية ضيقة، شمولية الأفق، أنانية الرؤية، وحيدة التطلع ، تفتقر إلى الأدوات السياسية في التعاطي مع هذه القضايا الساخنة جداً، حيث استخدمت دوماً في رؤيتها ومواجهتها الجانب الفكري التنظيري مع غياب واضح وجلّي للرؤية السياسية المنهجية العلمية التي تميز العمل السياسي، ترافق مع غياب واضح وجلّي للكثير من تقنيات هذا العمل، والجهل الكبير بمصطلاحته وأدواته، بدءاً بالدبلوماسية وإنتهاءً بالبراغماتية، حيث غالباً ما فرضت الكثير من القيم الراديكالية المرتبطة بالمبادىء نفسها على عمل هذا الحزب، وخير مثال على ذلك هو حقبة صلاح جديد التي كانت أكثر تميزاً في هذا الصدد، وهذا ما يفسر طبعاً الخسارات السياسية الهائلة التي ’منيَ بها هذا الحزب، ابتداء من نكسة حزيران 1967 وإنتهاءً بلبنان، ورقته الأخيرة في مشروعه القومي ولو كان متواضعاً جداً، ولكنه كان العنوان العريض لمئات البنود،التي تفقد معناها في غيابه ..
’يمكن القول بأن هذا الحزب لم يمتلك "بإستثناء الرئيس حافظ الأسد" في السنوات العشرين الأخيرة من حكمه، لم يمتلك هذا الحزب رجال سياسة حقيقيين، على نمط رجال السياسة الغربيين مثلاً، أو الأمريكيين، وبعض السياسيين العرب، وأهمهم " ياسر عرفات" والرئيس أنور السادات، ولم يقتصر الأمر على ذلك، ما زاد الطين بلّة، بأن هذا الحزب قد استخدم سياسات ونماذج مستوردة لأحزاب شمولية اعتقدوا بأنها حققت نجا حاً في مجتمعات أخرى ، كالإتحاد السوفييتي، وباقي البلدان المنظومة الإشتراكية سابقاً، وذلك في شخصنة الحزب في أمينه العام و تمجيده إلى درجة العظمة والتقديس، مع الفارق الكبير بين النموذجين، من حيث أن الأولى كانت قد حققت العدالة الإقتصادية في بلدانها، فلا جوع ، ولا فقر، ولا بطالة، وليس لديها تنوع ديني طائفي كبير، ولا إرث تاريخي وتشرزم قبلي وعشائري،بالإضافة إلى تملك هذه البلدان الإشتراكية من قوتها العسكرية ومشروعها الوطني الذي حصّنها ضد الخطر الخارجي، وهي التي خرجت منتصرة على ألمانيا مثلاً في الحرب العالمية الثانية. ذلك ما لم يكن أبداً متوفراً في النموذج الشمولي العربي، مع انعدام مطلق للحريات السياسية، بينما في الحالة الثانية، كل تلك الأمراض كانت طاغية على الواقع الداخلي، مع ما ’يضاف إليها من عوامل خارجية وتأثيرات دولية تفرض قرارها السياسي والعسكري أحياناً على مجتمعات ضعيفة كهذه ..
الخطأ التاريخي الآخر الذي ارتكبه هذا الحزب، هو اقصاءه لكبار مثقفيه ومنظّريه، الذين لم يستطع تحملهم بين صفوفه، والسبب هنا بسيط ، فمع وجود هكذا مفكرين كبار، ستضمحل وربما ’تنتقص هيبة وشخص الأمين العام، وهذا كان من الكبائر، بالرغم من الحاجة المّاسة لهذا الحزب لمفكرين ومنظرين في مراحل تاريخية دقيقة وخطيرة من حياته، ما أدى إلى التخبط في القرار، والرؤية، والقراءة السياسية، والبرامج، وذلك بسبب عوامل كثيرة، كان للخارج بعض التأثيرات فيها، حتى وصل الأمر في فترة ما إلى العزوف عن عقد المؤتمرات الحزبية لمدة زادت عن الستة عشر عاماً على التوالي، ما أصاب هذا الحزب بالتكلس القاتل في كل مفاصله، وتحول إلى حالة بيروقراطية، أنهكت كوادره قبل أن ’تنهك مناصريه، وتلغي الآمال المعقودة عليه كحزب رائد من أحزاب مرحلة ما بعد عصر النهضة العربية، والذي جاء كأحد امتداداتها ، إلى حزب يبحث لنفسه عن موطىء لقدم يواجه من خلاله بعض ما تبقى له على مستوى الشارع، وعلى مستوى الخارج .
لقد تميز رجال السياسة العرب بأنهم كانوا بالغالب قادة لإنقلابات عسكرية، جاءت لتصحيح وضع قائم،إنطلاقاً من مفاهيم أخلاقية تبنوها من أحزابهم، أو ربما من ثقافة عامة فكرية أو أدبية ، ما كان له الدور الكبير في ايجاد صعوبة في بداياتهم كأصحاب للقرار والحكم، في التعاطي مع السياسات الدولية والمحلية، وهذا ما حصل مع جمال عبد الناصر في بداياته، ومع أحمد حسن البكر، ومع الرئيس حافظ الأسد، ومع هواري بو مدين الذي ’يروى أنه في أول زيارة له إلى فرنسا بعد الإستقلال أخذ معه مترجماً للغة الفرنسية، وكان يترجم له كل الوقت أثناء الزيارة، مع العلم بأن هواري أبو مدين كان ’يتقن اللغة الفرنسية أكثر من الفرنسيين أنفسهم، وغيرهم من القادة العرب الذين حملوا أحكاماً أخلاقية في التعاطي مع الشأن السياسي، فوقوف أمريكا مع إسرائيل غير مبرر أبداً، ويكون الحل معه بتطليق أمريكا طلاقاً بائناً لا رجعة فيه، ما لا نلاحظه عند الملك حسين مثلاً، أو ياسر عرفات ، وبعد ذلك الرئيس أنور السادات..
هذا إن دلّ على شيْ فإنه يدل على عجز هذه الأحزاب عن التأقلم مع واقع جديد تفرضه تغيرات عالمية ضاغطة، ويدل أيضاً على فقدان هذه الأحزاب لكل أنواع التكتيك السياسي والبراغماتي في بنيتها الفكرية والتنظيرية والتنظيمية، فالقول بهجمة صهيونية امبريالية جارفة على العرب مازال قائماً حتى يومنا هذا في تفاصيل هذا الحزب ولدى كل كوادره وقياداته، ولم يع أحدهم حتى الآن إلى أي مدى بدأت أمريكا بالتخلي عن دور حليفتها إسرائيل في المنطقة ومحاولة تحجيم نفوذها، وإلى أي مدى إنتهت ’نظم الرأسمالية والإمبريالية الشريرة لتحل محلها منظومة أخلاقيات العولمة وثقافتها ، واسقاطاتاتها، وأن هذه العولمة ، تريد فعلاً اقتسام هذا العالم الكبير والتعايش مع دوله الضعيفة، بطريقة السيد والخادم المقرب جداً من سيده، والذي يتناول بقايا مائدته بعد أن ينتهي ذاك منها.
عمل حزب البعث مؤخراً على بذل الكثير من المحاولات، بالإستعانة بمفكرين ومنظرين من داخل الحزب وخارجه ، لوضع تصورات لمستقبل هذا الحزب، وأهدافه وإمكانية استمرايته، ونقد المنطلقات النظرية له، ولم يسمع أحد ما بالنتائج التي وصلت إليها هذه اللجان، وقد تفاجأ الكثيرون بأن الآلية التي تم فيها الترشيح إلى المؤتمر هي نفس الآلية التي استخدمت من ثلاثين أو أربعين عاماً، وأن القيادات في هذا الحزب هي ذاتها التي ستقود هذا المؤتمر الذي بدأت بعض الدوائر الأمنية ’تسرب الطروحات والقرارات التي سيأخذ بها، وذلك لتطمين الناس من أن هذا المؤتمر سيكون بالتأكيد مختلفاً عن سابقيه.
السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح شديد، وقد يجده البعض أهم من كل ما ’يمكن أن ’يقال من قوانين أحزاب ومشاركة سياسية أوسع في الجبهة الوطنية التقدمية التي تشكل الآئتلاف السياسي بزعامة حزب البعث، السؤال الأكثر إلحاحاً هو ؛ أنه إذا كان هذا الحزب هو ما يزال أحد حوامل المشروع العربي في مواجهة المشروع الصهيوني في المنطقة، وهو أحد القوى السياسية العربية التي ما زالت تؤمن بوجود الكثير من القواسم المشتركة في أمة إبتعدت كثيرأً عن حلم في وحدة لم ترَ النور ضمن الشكل الذي يطرحه حزب البعث، و إذا كان البعث العراقي الشقيق قد آل إلى ما آلت إليه الأمور في العراق، وأمام تحديات منظومة قوانين العولمة التي ليست إلاَ نتاجاً متطوراً للنظام الامبريالي العالمي الذي بدأ فعلاً منذ أكثر من عشرة أعوام بفرض كل أنظمته السياسية والعسكرية والإقتصادية على العالم ، و إذا كان حزب البعث العربي الإشتراكي لم يستطع أن ’ينجز حتى مشروعه على مستوى الداخل السوري، لا في تحرير الأرض، ولا حرية الناس، ولا حتى في تأمين لقمة العيش أو التوزيع العادل للثروة الوطنية والدخل القومي، الذي بقي لعشرات السنين في أيدي قلّة قليلة من قيا داته العسكرية والسياسية والأمنية، إذا كان ذلك قائماً، فهل يستطيع هذا الحزب أن يخرج منتصراً بعد لقاء من يومين أو ثلاثة ، وأن يقدم للشارع السوري آفاقاً لرؤية أفضل في عيش كريم، وكرامة إنسانية غير مهانة بالبوط الأمني، ومستقبل أفضل لمئات الآلاف من أبنائنا العاطلين عن العمل، وبعض من الأمان لمستقبل بعيد- قريب يحمل تحت جناحيه آفاقاً أكثر ظلاماً من حاضره ؟ كل هذا منوط بهؤلاء الكبار الذين يملكون القرار دون غيرهم من أبناء هذا الوطن ؟!



#عماد_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظام الشمولي الأمريكي - الدكتاتورية المشرعنة-
- الإخوان المسلمين والشارع - المدني - السوري
- أمريكا في الشرق - العراق نموذجاً -
- في تجربة لجان إحياء المجتمع المدني في سوريا -- الضرورة- التح ...
- في التفاصيـــل ؟
- في بعض قضايا المعارضة السورية
- المجتمع المدني ودلالاته الوطنية


المزيد.....




- مسؤول إسرائيلي لـCNN: إسرائيل لم تقبل مقترح مصر بشأن صفقة ال ...
- رغد صدام حسين تبدأ نشر مذكرات والدها الخاصة في -المعتقل الأم ...
- وزير الخارجية الأردني: لو كان إلغاء اتفاقية السلام مع إسرائي ...
- بلينكن يزور السعودية وحماس تبث فيديو لرهينتين
- بعد بن غفير.. تحطم سيارة وزير إسرائيلي في حادث سير بالقدس (ف ...
- روبرت كينيدي يدعو ترامب للمناظرة
- لماذا يخشى الغرب تمدد احتجاجات الجامعات الأمريكية لأوروبا؟
- كمبوديا تعلن مقتل 20 جنديا وجرح آخرين في انفجار بقاعدة عسكري ...
- إلقاء القبض على شخصين كانا يخططان لشن هجمات إرهابية في مدينة ...
- شرطي تركي يطلق النار على رئيس مركز الشرطة ورئيس مديرية الأمن ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد يوسف - مؤتمر حزب البعث العربي الاشتراكي: -هل يخرجه من عنق الزجاجة- ؟