أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الحليم عليان - تأملات مع موسيقى شتراوس














المزيد.....

تأملات مع موسيقى شتراوس


محمد عبد الحليم عليان
كاتب و مؤلف للقصة القصيرة

(Eng.mohamed Abdelhaleim Alyaan)


الحوار المتمدن-العدد: 6856 - 2021 / 4 / 1 - 03:19
المحور: الادب والفن
    


هذا الصباح كان آخر أيام معرض الأجهزة الطبية
معرض تسويقي تدعو فيه الشركات الأطباء و أصحاب المراكز الطبية و المستشفيات لتعرض عليهم أحدث الأجهزة و المعدات الطبية و كعادة تلك الشركات تقيم معرضها بإحدى المنتجعات السياحية الفاخرة و تتكفل بإقامة كاملة و إنتقالات للمدعوين جميعا
و بصفتى عميدا لإحدى كليات الطب كنت أحد المدعوين و إستغليت فرصة تواجدى بالمكان لآخذ يومين للإستجمام بعد إنتهاء المعرض
فى المساء قررت الإستمتاع بتلك الليلة القمرية الرائعة على شاطئ البحر منعزلا عن ضوضاء المنتجع مختليا بنفسى بعيدا عن الجامعة و العيادات و المستشفيات
خيوط فضية تتلألأ على صفحة الماء تتراقص مع أمواج هادئة تزيد روعتها مقطوعة يوهان شتراوس ( الدانوب الأزرق) و التى تتسلل إلى أذنى عبر سماعات الشاطئ
فى وسط هذا الجو الساحر إستوقفنى موقف يحتاج للتأمل دار هذا الصباح :
بينما كنت أتناقش مع عدد من الزملاء حول جهاز جديد و جدواه للمرضى
رن بأذنى صوت يأتى من خلفى لمندوب إحدى الشركات يقدم لأحد الأطباء صاحب الشركة الدكتور فلان الفلانى توقفت مع الإسم المذكور و إسترقيت السمع ليأتينى صوت أعرفه جيدا لشخص يحمل نفس الإسم لكنه أبدا لم يدرس الطب
أستدير نحو الصوت لأجده رغم فارق المظهر الواضح و علامات الزمن التى كست ملامحه و أغرقت شعره شيبا مثلى لكنه هو
نعم هو ذلك الشاب الذى كان يعمل بمصنع والدى
أتذكره جيدا فقد كنا فى نفس العمر كنت أدرس الثانوية العامة بينما هو فى عامه الثالث من الثانوى الصناعى يعمل و يدرس فى نفس الوقت
كان مجتهدا طموحا ألم بفنيات العمل بالمصنع سريعا حتى صار فى شهور قليلة من أمهر العاملين و أميزهم و كان والدى يغدق عليه و يثمن كفاحه و يعده بدعمه للدراسة فى إحدى كليات الهندسة إذا حقق مجموعا يؤهله لها
بعد ظهور النتيجة فاجأ والدى برغبته فى ترك العمل و نيته السفر لإحدى الدول العربية للعمل بها و إنقطعت عنا أخباره من حينها
إنتظرته ينهى حديثه و توجهت نحوه لأصافحه سعيد بنجاحه و كل ظنى أنه إستطاع الإلتحاق فعلا بإحدى كليات الهندسة و تخصص فى الهندسة الطبية أو حصل على الدكتوراه كدرجة علمية
شعرت بهول المفاجأة على وجهه و هو ينظر إلي أتجه نحوه و كأنى شبح فاجئه بظهوره
مددت يدى لأصافحه و كنت أهم لمعانقته لولا أنى شعرت ببرودة المصافحة فلم أقترب أكثر
بادرنى بالترحيب بي و بتعزيتى فى وفاة الوالد
معربا عن أسفه الشديد لعدم تواصله معنا منذ سفره و لكنه كان يتابع أخبارنا دائما و تابع من بعيد أخبار نجاحاتى فى مسيرتى و تعيينى بالجامعة و أبحاثى العلمية التى تنشرها كبرى المجلات العلمية العالمية
و هنا وجدتنى أسأله متى حصلت على الدكتوراه ام أنك تخصصت فى الهندسة الطبية
فجاءتنى نظرته و كأنها تقول لى أتسخر منى
و مسك بيدى قائلا دعنا نسير قليلا
و بصوت منخفض بادرنى انت تعلم انى أنهيت الدبلوم و سافرت
قلت نعم لكنى سمعت المندوب يسبق إسمك بلقب الدكتور فتوقعت أنك أكملت دراستك بالخارج
قال لى لا يا دكتور انا لم أكمل دراستى بل لم أحقق أي خطوة فى حلم والدك لى
كل ما فى الأمر أنى عملت مندوبا لإحدى شركات الأجهزة الطبية هناك و التى تملكها أرملة خليجية
أعجبها تفانىي فى العمل و أمانتىي إلى جانب شبابي و قوتي فقررت الزواج بي رغم فارق السن بيني و بينها فهي تكبرني بما يزيد عن عشرين عاما
فى بداية زواجنا قامت بتغيير طاقم العمل بالشركة بالكامل و قدمتني للطاقم الجديد على أنى دكتور فلان مدير الشركة و زوجها و راق لي الأمر جدا و شعرت رويدا رويدا بالفخر باللقب
و الإستياء ممن يتناساه و يسبق إسمى بكلمة أستاذ او يتبعه بلقب بيه حتى،
فارق السن لم يتح لزوجتى فرصة الإنجاب
و منذ عامين توفيت زوجتى و وجدتها تاركة لي ممتلكات عديدة بإسمى بيعا و شراء منها تلك الشركة حتى لا ينازعنى فيها أحد أقرباءها
فقررت العودة لمصر و إفتتحت فرعا كبيرا للشركة هنا و بالطبع قدمت نفسى فى الأوساط الطبية بنفس اللقب فأنت تعلم أن للألقاب فى وطننا العربي وقع السحر فالناس تحترم اللقب
لا تحترم الشخص... تقييم الناس فى وطننا لا تحكمه معايير الكفاءة او الكفاح او الإجتهاد و النجاح
حتى المال وحده غير كفيل لأن يمنحك الاحترام فى وطننا العربي الكبير فمال دون لقب أو سلطة تغلفه يفتقد الإحترام و الحماية
لذلك رجاء أن يظل تاريخى الذى تعرفه سرا بيننا
و أنا بمعرفتي بك أثق أن سرى بأمان تام
ودعنا بعضنا البعض و تبادلنا الكروت الشخصية و أرقام الهواتف
وجدت نفسى أتساءل لماذا نرضخ لتلك المعايير الخاطئة
لماذا معيار تقييمنا للشخص رتبته او سلطته او درجته العلمية و ليس كفاءته و خبرته و إجتهاده؟
تخيلته لو كان أكمل دراسته الهندسية كنت أظنه سيمتلك مصنعا أكبر من مصنعنا و لكان واحد من عظماء الصناعة فى وطننا بحكم إمكانياته الفنية و العقلية التى دفنها فى عمل تجاري
لماذا إستسهل ذلك الطريق للوصول السريع؟
و لمتى سيظل يكذب و يدعى علما لا يملكه؟
و هل كبرياءه سيسمح له بالإنصات لأهل العلم فى مجال تجارته؟
وجدت نفسى أبتسم و لسان حالى يقول
إذا إستمر معيارنا نظرة الناس
فليس هناك أدنى أمل
ليس هناك أدنى أمل ......



#محمد_عبد_الحليم_عليان (هاشتاغ)       Eng.mohamed_Abdelhaleim_Alyaan#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقاء


المزيد.....




- الذكاء الاصطناعي بين وهم الإبداع ومحاكاة الأدب.. قراءة في أط ...
- مخيم -حارة المغاربة- بطنجة يجمع أطفالا من القدس والمغرب
- بصمة الأدب العربيّ: الدّكتورة سناء الشّعلان (بنت النعيمة)
- باب كيسان.. البوابة التي حملت الأزمنة على أكتافها
- -بدونك أشعر أني أعمى حقا-.. كيف تناولت سرديات النثر العربي ا ...
- نذير علي عبد أحمد يناقش رسالته عن أزمة الفرد والمجتمع في روا ...
- المؤرخة جيل كاستنر: تاريخ التخريب ممتد وقد دمّر حضارات دون ش ...
- سعود القحطاني: الشاعر الذي فارق الحياة على قمة جبل
- رحلة سياحية في بنسلفانيا للتعرف على ثقافة مجتمع -الأميش- الف ...
- من الأرقام إلى الحكايات الإنسانية.. رواية -لا بريد إلى غزة- ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الحليم عليان - تأملات مع موسيقى شتراوس