أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - من تمنطق فقد تزندق














المزيد.....

من تمنطق فقد تزندق


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6841 - 2021 / 3 / 15 - 15:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
27 - من تمنطق فقد تزندق
الإنسان في صراعه الملحمي مع ذاته والله والطبيعة خسر المعركة، ولكنه لم يخسر الحرب كلية، ووجد نفسه في مواجهة جديدة وعليه أن يقاوم على متاريس جبهة جديدة. ودخل عنصر التاريخ كضلع جديد أو كسور إضافي للقلعة التي تحاصره. وأصبح الإنسان داخل المربع ولم يعد جزءا من بناءه أو ضلعا من أضلاعه. وهكذا أصبح الإنسان مشدودا بين الله الذي أصبح دينا وطقوسا وأخلاقا، والطبيعة التي أصبحت علما وقوة مستلبة للطبيعة ومدمرة لها، واللغة التي تحولت إلى أيديولوجيا ووسيلة للتحكم في العقل والفكر والخيال، والإنسان ذاته الذي تحول إلى رقم مجرد في التاريخ العام للبشر والمجتمعات. وأصبح الإنسان المعاصر مثل خلد كافكا Franz Kafka في قصته الرهيبة الملجأ ـ The Burrow - Der Bau - حيث يحيا هذا الحيوان يأكله القلق والبارانويا بخصوص سلامة الملجأ الذي حفره داخل الأرض، او مثل فأر المختبرات يجري دون توقف من زاوية لأخرى في صندوقه الزجاجي فاقدا للإحساس بالإتجاه في المكان والزمان بدون خارطة وبدون وسائل فكرية أو نفسية تسمح له بإتخاذ القرار لحفر حفرة أو خندق أو ممر لإجتياز الأسوار التي تحاصره.
الإنسان يبدو معلقا في الفراغ، مصلوب بأربعة مسامير صدئة، الله والتاريخ والطبيعة واللغة - النص - لم يعد يعرف كيف يضع قدميه على الأرض، مشتتا بين عشرات الأصوات والإتجاهات والنصوص، والطريق المؤدي إلى الهدف المنشود يبدو - كما يقول كافكا، مجرد حبل مشدود بين نقطين ولكنه متراخ يكاد يلمس الأرض، وكأن الهدف منه التعثر فيه وليس إحتمال الوصول. إنه يري ويسمع كما سبق القول هدير العالم وغمغمة الكائنات، الفكرة ونقيضها. ينصحه فولتير بأن يقول كلمته ولا يخاف من أحد، فحتى لو كنت مخالفا لرأيك، فإنني مستعد للموت من أجل أن تقول كلمتك « Je ne partage pas vos idées mais je me battrai jusqu à la mort pour que vous puissiez les exprimer ». ولكن ها هو سان جوست Saint-Just في الجهة المقابلة مدافعا عن الحرية بدوره يرد عليه بوضوح " لا حرية لأعداء الحرية " Pas de liberté pour les ennemis de la liberté. وها الفيلسوف المسلم إبن سينا يقول بأهمية الفلسفة : من لم يتمنطق فلا ثقة في علمه، ومن جهة أخرى هناك من يدين الفلسفة وذلك بإدانة المنطق، فقالوا من تفلسف فقد تمنطق ومن تمنطق فقد تزندق .. وهكذا أدين العقل في كتب التاريخ وأدينت الفلسفة في الكتب الدينية وهكذا أطلقت محاكم التفتيش أحكامها وطبقت العقوبات الإلهية على الفلاسفة وحاكموهم على أفكارهم وحرقوا كتبهم وطاردوهم وقاموا بتكفيرهم وإباحة دمائهم ومن حالفه الحظ منهم هرب ومن يسقط بين أيديهم يُقتل أو يُصلب أو يُنفى من الأرض… هذه المقولة نُسب قولها إلى أبي حامد الغزالي في القرن الخامس الهجري أو إبن الصلاح الشهرزوري في القرن الذي يليه أو قد يكون مُبتدِعها و من زور نَسَبِها إلى هذا أو ذاك شخص آخر في زمن آخر- يذكر السيوطي أحيانا - وبصرف النظرعن حقيقة قائلها و مُراده من تلك المقولة فالواقع أنها و غيرها من الآيات والسور والأحاديث السائدة قد إنتشرت فقط لأنها بالإضافة إلى السجع الركيك الذي يستهوي بعض الناس فإن ترديد مثل هذه العبارات يُستخدم في الترويج إلى هدف غاية في الأهمية عند البعض و هو وضع خطوط حمراء وإقصاء العقل ومحاصرته وتقويض أسسه، ويعيء المجتمع بأسره إلى نوع من الركود والخمول العقلي وبالتالي يفقد العقل توازنه ويتيه في دوامة الحركة الدائمة للفكر، فيرفض الإبداع وينحوا نحو الإتباع والإعادة والتقليد وممارسة المتعارف عليه، وهو ما يسمى بـ "الآبائية" هذا ما وجدنا عليه آبائنا، إذ من الصعوبة بمكان أن يخرج الناس عما وجدوا عليه آباءهم، وما نشأووا عليه، بل على العكس تراهم يتمسكون دون أدنى تفكير بكل ما اعتادوا عليه، دون التوقف لمجرد التفكير في أصل هذا الفعل أو ذاك، تماماَ كما في تجربة القرود الخمسة التي عالجناها في موضوع سابق، حيث يدافع القردة عما وجدوا عليه، ويمتنعون عن الإقتراب من الموزة المعلقة فوق رؤوسهم دون معرفة السبب. وهكذا يستقيل العقل من مهمته الأساسية وينكمش على ذاته، ويحاول الهروب من فكي الكماشة.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحصار
- الله عدو الشعب
- وظيفة الله
- بمناسبة الثامن من مارس
- التأويل بدل الحقيقة
- الديموقراطية في فأرستان
- العقل الإرتيابي
- السوبرمان
- الكمبيوتر المصاب بالكورونا
- الله والبق بانق
- ليبيا .. ضرورة رؤية يسارية للمستقبل
- قلق دراكولا
- تمطط الكون
- مطاردة الذئاب
- اللغة - اللوغوس
- صحراء الملح
- الفراغ بين الكلمة والكائن
- اللغة المقعرة
- فيض الكينونة
- من الكلام ما يقتل


المزيد.....




- اخترقت غازاته طبقة الغلاف الجوي.. علماء يراقبون مدى تأثير بر ...
- البنتاغون.. بناء رصيف مؤقت سينفذ قريبا جدا في غزة
- نائب وزير الخارجية الروسي يبحث مع وفد سوري التسوية في البلاد ...
- تونس وليبيا والجزائر في قمة ثلاثية.. لماذا غاب كل من المغرب ...
- بالفيديو.. حصانان طليقان في وسط لندن
- الجيش الإسرائيلي يعلن استعداد لواءي احتياط جديدين للعمل في غ ...
- الخارجية الإيرانية تعلق على أحداث جامعة كولومبيا الأمريكية
- روسيا تخطط لبناء منشآت لإطلاق صواريخ -كورونا- في مطار -فوستو ...
- ما علاقة ضعف البصر بالميول الانتحارية؟
- -صاروخ سري روسي- يدمّر برج التلفزيون في خاركوف الأوكرانية (ف ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - من تمنطق فقد تزندق