أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نهاد ابو غوش - جناب الشاويش














المزيد.....

جناب الشاويش


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 6833 - 2021 / 3 / 6 - 10:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يستهل عريف الاحتفال كلامه بتوجيه تحياته لمن يجلسون في الصف الأول، فيعددهم فردا فردا، مستبقا أسماءهم بالألقاب الجليلة: معالي وعطوفة وسعادة... وإذا حضر بعض رجال الدين، (أو العلماء كما يفضل الشيوخ تسمية أنفسهم)، فلهم ألقاب السماحة والفضيلة والغبطة والسيادة. وحتى لا يعتب أحد على عريف الحفل، يختتم صاحبنا فقرته الأولى بمخاطبة الجميع "كل باسمه ولقبه"، أو "الحضور مع حفظ الألقاب والمسميات".
والأنكى مما سبق، أن الخطباء والمتحدثين، يعيدون بدورهم تكرار هذه المعزوفة المُمِلّة، فيستنزفون آلاف الدقائق من وقت السامعين، ويستنزفون فوق ذلك أعصاب الجمهور وصبره، ويُكرّهون الناس في حضور مثل هذه المناسبات التي تطفح نفاقا. ولا فرق بين مناسبة حزينة كتأبين راحل، أو حماسية كانطلاقة فصيل، أو اجتماعية لتكريم العاملات أو الناجحين من طلبة التوجيهي.
لعل هذه الألقاب مستعارة من تجارب البيروقراطيات العربية، وهي على الأغلب موروثة عن عهود السلطنة العثمانية. وقلّما نجد لها مثيلا في الدول الصناعية الكبرى إلا باستخدام ألفاظ الاحترام في المناسبات الرسمية، ومخاطبة الملك أو الملكة كجزء من التقاليد التي تحترمها تلك الشعوب، مع أن الفرد هناك ليس مرغما على احترامها.
حلّت إذن ألقاب الرياء هذه محل أساليب المخاطبة التلقائية بيننا، وباتت كأنها نظام رسمي، يلتزم بها المتحدّثون، ويستمرِئُها المُخاطَبون. مع أن حارتنا صغيرة، وكلنا يعلم أن بعض أصحاب العطوفة هم مثال للقسوة والغلظة، وبعض من يوصفون بأصحاب المعالي، هم سفلة ولديهم ملفات في مكافحة الفساد، ويسري ذلك على بعض أصحاب السعادة والفضيلة والغبطة الذين تورطوا في الدم والتحريض على القتل، أو اعتدوا على المال العام، أو باعوا عقارات لجمعيات استيطانية، وكان الأصدق أن يخاطب هؤلاء بألقاب تدل على الدناءة والخِسّة والتعاسة.
في موروثنا الشعبي، كان آباؤنا وأجدادنا المغلوبون على أمرهم، يضطرون بشيء من المكر إلى مخاطبة العسكري أو المسؤول بألفاظ ظاهرها الاحترام، وباطنها التهكم، ربما اتقاء لشرّه، أو لتمرير طلب بسيط من طلباتهم. في مسرحية فيروز "يعيش يعيش" مثلا يخاطب الجمهور الشاويش، وهي رتبة عسكرية متواضعة تعادل رتبة رقيب حاليا، بلقب "جناب الشاويش".
وتنتشر ظاهرة الألقاب هذه في الوزارات والدوائر، والمخاطبات الرسمية، وإعلانات التهنئة والعزاء، وهي لم تعد مجرد عادة اجتماعية عارضة، أو أسلوب دخيل في الكلام والمجاملات، لا سيما ونحن كلنا تحت الاحتلال، أرضا وشعبا وسلطة ووزراء ومسؤولين ومواطنين، فكيف ونحن نملك من تجارب النضال والوعي والثقافة ما يعفينا من كل هذا الهراء؟ في الأمر إذن ما يكشف اختلالا فادحا في أولوياتنا، من حيث تقديس المظاهر والشكليات على حساب الجوهر والمضمون، فنتكابر على بعضنا بعضا، ونطرب لألفاظ الفخامة والتبجيل، من دون أن يكون لها أية قيمة فعلية على أرض الواقع.

وللتذكير، لمجرد التذكير: قادة المشروع الصهيوني، وقبل أن أن يتمكنوا من إنشاء دولتهم على حساب شعبنا، مهدوا لها ببناء الجيش والهستدروت (اتحاد نقابات العمال الصهيوني)، والصناعات المتطورة وخاصة صناعة صقل الماس، والجامعة العبرية ومعهد التخنيون ومعهد وايزمان للعلوم، والبنوك والمستشفيات، وبنوا نظاما سياسيا تعدديا، أي أنهم ارسوا الأسس المادية والقانونية للدولة قبل قيامها، وقبل أن يفكروا في منظومة الألقاب الشرفية التي ترافق الدولة ودرجات المسؤولية فيها، ويبدو أنهم حتى الآن لم يصلوا إلى مرحلة اعتماد هذه الألقاب!



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحولات الموقف الإسرائيلي من سوريا: من العمل لتقسيم البلد إلى ...
- اليسار ضرورة وطنية واجتماعية
- عن الانتخابات الفلسطينية: النزاهة أولا
- اليمين الشعبوي يؤازر بعضه بعضا: العلاقات الهندية الإسرائيلية ...
- هل يسعى بايدن لترويض نتنياهو؟
- إسرائيل والعملاق الصيني: علاقات متنامية محفوفة بالحساسيات وا ...
- العالم وفلسطين ما بعد الكورونا
- خلفيات معارضة اسرائيل للاتفاق النووي وتهويل الخطر الإيراني
- حراك المحامين وإحياء المجتمع المدني
- النضال الكلامي والاستعراضي
- العلاقات االروسية الاسرائيلية: الخلافات لا تفسد للمصالح قضية
- مشاركة القدس والمقدسيين عنوان لنزاهة الانتخابات
- لا بديل عن الانتخابات لتجديد الشرعية
- العلاقات التركية الاسرائيلية: مصالح عميقة وتوتر فوق السطح
- كيف نهزم أنفسنا؟
- انقلاب السحر على نتنياهو
- صناعة السلاح الإسرائيلي قاطرة للنمو ومدخل للنفوذ
- لا تتركوا المقدسيين وحدهم!
- إسرائيل تتغلغل شرق أوروبا لتطيل قرارات الاتحاد الأوروبي ودعم ...
- القدس في مهب التهويد والتطهير العرقي


المزيد.....




- الناطق باسم نتنياهو يرد على تصريحات نائب قطري: لا تصدر عن وس ...
- تقرير: مصر تتعهد بالكف عن الاقتراض المباشر
- القضاء الفرنسي يصدر حكمه على رئيس حكومة سابق لتورطه في فضيحة ...
- بتكليف من بوتين.. مسؤولة روسية في الدوحة بعد حديث عن مفاوضات ...
- هروب خيول عسكرية في جميع أنحاء لندن
- العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز يدخل المستشفى التخص ...
- شاهد: نائب وزير الدفاع الروسي يمثل أمام المحكمة بتهمة الرشوة ...
- مقتل عائلة أوكرانية ونجاة طفل في السادسة من عمره بأعجوبة في ...
- الرئيس الألماني يختتم زيارته لتركيا بلقاء أردوغان
- شويغو: هذا العام لدينا ثلاث عمليات إطلاق جديدة لصاروخ -أنغار ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نهاد ابو غوش - جناب الشاويش