أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمى الخوري - لماذا نتصرف كدكتاتوريون














المزيد.....

لماذا نتصرف كدكتاتوريون


سلمى الخوري

الحوار المتمدن-العدد: 6827 - 2021 / 2 / 28 - 02:42
المحور: الادب والفن
    


لو تيقنا وأدركنا أن الملايين من البشر كآباء وأمهات كم نتعامل
مع أطفالنا في بعض المواقف كدكتاتورين ونطالبهم بما لا نفعله
نحن لأننا نعتبر أنفسنا أن لنا السلطة وهم يجب ان يعملوا بما
نريده نحن ، لأن الكبير يستطيع أن يبتلع الصغير الذي لا قدرة
له على المقاومة سوى هدر الدموع والبكاء بإنكسار لأن المحكوم
يحتاج الى لقمة العيش والأطمئنان الى ما يحتاجه من وسائل
اللعب والترفيه مع أقارنه ، أخوته ، فالعقاب دائما جاهز لهذا
الكائن الذي أقصى ما يحتاج ويحتاج اليه هو الأطمئنان والمحبة
والتعامل الأنساني معه حتى يصل الى مرحلة البلوغ ويمكنه حينها
الأعتماد على نفسه .


قدح ماء

كان الأب جالساً كعادته بعد تناول غدائه الى كرسيه ذو الموقع القريب الى المطبخ
واضعا نضارته على عينيه ، فارشاً الصحيفة اليومية بين كلتا يديه ، غارق بين أبوابها
المنوعة في صفحتها الأولى التي تحمل أخبار الكون المتضاربة .
وعلى حين غفلة نادى أبنه الذي كان منهمكاً في محاولة لعمل لعبة خاصة له ، أخترعها
من ذهنه المتوقد ، متكونة من سلك معدني وشيئا من الخيوط وقطعة خشبية ومسامير
صغيرة ..
كان الصغير غارقاً في أختراعه ، فلم يُجب .. وعلا صراخ رجل البيت أكثر، وبعصبية
تضيع معها كل عقلانية الرجولة إزاء طفولة لم تتعدَ العاشرة ..
ــ يا عصام مليون مرة أنبهك ، عندما أناديك يجب أن ترد من المرة الأولى بنعم ،
وأفاق الصبي لهذا الصراخ المفاجئ الذي أرعبه وجعل اللعبة تسقط من يديه خوفاً وقلقاً
من الصورة المتجبرة الحاكمة التي أمامه ...
ــ ماذا تريد يا بابا ؟
ــ آتني بقدح ماء لكي أشرب .
ذهب الصبي مع الرهبة والمذلة التي كانت تستعجله ، كان يردد مع نفسه " لو كانت لي
القدرة ولا أخافه لقلت له ـ لا ـ أنا منهمك مثلك في عملي الخاص ، ثم أنك في موقعك
الذي أنت جالس فيه كان يمكن أن تقفز بخطوة واحدة وتوفر على نفسك الصراخ الحقير
والذي أكرهه .



لاتقطف الزهور


سرقت الصغيرة نفسها من أمام عيني والدتها وغابت زمناً لا بأس به ،
وعلى حين غفلة تذكرت الأم أن لا مصدر صوت أو حركة لأبنتها داخل
المنزل ، وأدركت بفعل بديهيتها أنها لا بد أن تكون في حديقة المنزل .
وخرجت أليها مسرعة باحثة عنها ووجدت يا للهول ، باقة كبيرة من
الزهور بين يدي الصبية وهي جالسة على الخضرة الندية فارشة أمامها
الزهور التي قطفتها لتعمل منها باقة كبيرة .
وتحدثت الأم مع نفسها وهي متوجهة بعصبية نحو ابنتها الغارقة في
أحلامها مع زهورها وحكاياتها التي تحادث بها الفضاء حولها ... ماذا
سيكون شعور والدها لو قدم ورأى الحديقة الممزقة والتي يعبدها عبادته
للمحبوب .
هجمت الأم عليها بوابل من النعوت والصفات التي تنم عن ضعف لا
يستدرك في مواقف الخوف والقلق والخسارة المادية .
ــ ألم أقل لك ألف مرة لا تقطفي الزهور ..؟ لقد دمرت منظر الحديقة ،
وهجمت على الزهور تدوسها بقدميها لتعلن عن سخطها وأستنكارها
لعمل الطفلة البرئ .
الدموع تتساقط من عيني الصغيرة ، وهي تدافع عن زهورها ـ
ــ لا يا ماما لا يا أمي فهي زهور جميلة أعشقها ، جمعتها كما تفعلين
أنت لكي أضعها في زهرية المنزل حتى تسران بها أنت وبابا .



#سلمى_الخوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقة البنوية - الخوف من الأعتراف
- تربية الأبناء
- البيانو الصغير
- عالم الأطفال
- مسيرة حياة
- أحشمة هي ! ؟
- يا عجبا للأزمان
- عبوة ناسفة
- لماذا ؟؟
- متظاهر ساحة التحرير
- لقاء الليل
- حكام جبناء
- شمس النهار
- هو - يحيى -
- الكفر
- كان أبي
- الكذبة الكبرى
- أنا إنسان
- الكلمة
- موقف باص


المزيد.....




- الحَلقة 159 من مسلسل قيامة عثمان 159 الجَديدة من المؤسس عثما ...
- أحلى مغامرات مش بتنتهي .. تردد قناة توم وجيري 2024 نايل سات ...
- انطلاق مؤتمر دولي حول ترجمة معاني القرآن الكريم في ليبيا
- ماركو رويس ـ فنان رافقته الإصابات وعاندته الألقاب
- مهرجان كان: دعوة إلى إضراب للعاملين في الحدث السينمائي قبل أ ...
- حفاظا على الموروث الشعبي اليمني.. صنعاني يحول غرفة معيشته لم ...
- فلسفة الفصاحة والخطابة وارتباطهما بالبلاغة
- غزة في المتحف العربي للفن الحديث عبر معرض -شاهد- التفاعلي با ...
- بجودة عالية الدقة HD.. تردد قناة ماجد 2024 وشاهد الأفلام الك ...
- استقبل تردد قناة MBC2 على جميع الأقمار الصناعية لتستمتع بأفض ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلمى الخوري - لماذا نتصرف كدكتاتوريون