أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي الكيلاني - ضوء القصيدة-قصة قصيرة














المزيد.....

ضوء القصيدة-قصة قصيرة


سامي الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 6826 - 2021 / 2 / 27 - 11:47
المحور: الادب والفن
    


في الطريق إلى العمل قاد السيارة بهدوء وانتباه حتى لا يتشتت تفكيره عن حركة السير، انتبه بشكل خاص للمركبات خلفه ليعطيها إمكانية التجاوز حتى لا يفرغوا نزقهم بإطلاق الأبواق وربما رمي الشتائم من النوافذ. استيقظ منذ الصباح بنفسية متلبدة بغيوم لم يعهدها منذ فترة طويلة، ولكنها صارت تأتيه في الآونة الأخيرة، حاول التعايش معها حين تحلّ دون سابق إنذار بإطفاء كل مستقبلات التوتر والاستفزاز ونجح، لحسن حظه، في إبقائها غيوماً دون أن تتحول إلى مطر أسود. تأتيه قبيل الاستيقاظ فيستيقظ متكدراً دون أن يدري لذلك سبباً. الغيوم التي تلف روحه تتآخى اليوم مع غيوم داكنة متلبدة في الجو غطت على شروق الشمس الذي كان من الممكن أن يساعده في التخفيف من وطأة الغيوم الداخلية. لم تمتد يده إلى مفتاح راديو السيارة خشية أن تتآخى أخبار الصباح من محطة الإذاعة المحلية مع غيوم الجو والغيوم التي تلبدت فوق صباحه الخاص.
وصل العمل، وأوقف السيارة في كراج المؤسسة، مشى بحذر حتى لا يراه الحارس ويبدأ معه حديثاً ما عن آخر الأخبار أو عن مشاكله الشخصية كعادته، والتي كان يقابلها كعادته هو بالإنصات والتفهم وتقديم نصيحة مناسبة إن أمكنه ذلك، أو بمجرد التضامن ب"الله يعين". ولم يعرّج على الكافتيريا لأخذ كوب القهوة الصباحي، خاضعاً لصوت داخله يقول "ليس لك إلاّ أن تصل المكتب وتغلق الباب وتعمل أي شيء حتى تغادر الغيوم روحك، وإن كنت محظوظاً تغادر غيوم السماء فتخرج إلى الكافتيريا القريبة وتكافئ نفسك بقطعة كعك مع كوب القهوة".
دخل المكتب، امتدت يده إلى مفتاح الطاقة الرئيسي لجهاز الحاسوب، لم يعمل بعد أن ضغطه، انتبه أن الضوء الأحمر في وصلة الكهرباء التي تغذي الجهاز ليس مضاء، إذن القاطع الذي يغذي الخط بحاجة إلى رفع، لقد نزل لسبب ما، يتكرر ذلك. لم يسمح لهذه الإضافة إن تكثف الغيوم الداخلية، كان على وشك أن يقول الكلمة السيئة التي تقفز إلى طرف لسانه عادة في مثل هذه الحالة، ولكنه استبدلها ب "تيك إت إيزي يا ولد". خرج من المكتب إلى الردهة ثم إلى الزاوية التي فيها صندوق القواطع، فعلاً القاطع في حالة نزول، رفعه وعاد إلى المكتب، أضاءت شاشة الحاسوب. ذهب إلى الشبكة العنكبوتية ودخل إلى البريد الإلكتروني ليتفقد بريده، أدخل كلمة المرور بهدوء حتى لا يخطئ. مسح عدة رسائل من الرسائل المزعجة، مسحها ثم ذهب إلى ملف الرسائل التافهة، هكذا يحب أن يترجم كلمة "جنك ميل" في قائمة مجلدات الرسائل، تنبه إلى وجود رسالة مختلفة، جيد أنه لم يمسحها بالجملة، الحاسوب ليس موضع ثقة مطلقة في تصنيفاته، أحياناً يرسل إلى هذا المجلد رسائل جيدة. كانت رسالة من صديقه الشاعر، قصيدة جديدة، شده العنوان، فتحها وبدأ بقراءتها، تتحدث عن احتفالات الطبيعة والضياء، انفرجت أساريره قليلاً وتعدّلت نفسيته بعض الشيء. بدأت غيوم الروح تتبدد، أعاد قراءة القصيدة بتمعن في جمالية النص، فبدأت غيوم الروح تنقشع. أسند ظهره لظهر الكرسي واسترخى وأخذ نفساً عميقاً. شعر بالضوء المنتشر من القصيدة يتغلغل كيانه. انتبه أنه لم يفتح ستائر المكتب، ما أن فتحها حتى تدفق من خلالها نور مضاعف قادم من انعكاس الشمس المشرقة على زجاج العمارة المقابلة.
اعتدل في كرسيه واستدار معطياً طاولة الحاسوب ظهره، وأخذ نفساً عميقاً أصبح بعده مستعداً ليوم عمل واعد. شكر الضوء الذي ولد من القصيدة والذي جلب معه النور القادم من النافذة الغربية في هذا الصباح، وشكر قوانين الانعكاس التي جعلت ضوء الشروق يأتي من الغرب.
عاد ليواجه شاشة الحاسوب بروح مختلفة، الروح التي تفتح الباب للتداعيات والتفاعل مع الأشياء الصغيرة، الروح التي يطلقها على سجيتها حين تبتهج. شكر قوانين الانعكاس مرة أخرى، فتذكر أستاذ الفيزياء في المدرسة الثانوية ودروس موضوع الضوء. كانوا يتندرون بطريقة لفظ الأستاذ لمصطلح "شدة الاستضاءة" التي يلفظها وهو منسجم في الشرح بصوته الجهوري "شستضاءة" ولذلك سموه "أستاذ شستضاءة". عاد إلى الرسالة الإلكترونية التي تحتوي القصيدة، ضغط علامة الرد وكتب لصديقه "لقد أعجبتني القصيدة، رائعة، ولكن لدي سؤال: هل تتذكر الأستاذ شستضاءة؟" وأتبعها بهاءات متعددة.
فتح أحد الملفات الموجودة على مكتبه وبدأ بقراءة المحتوى، وضعه جانباً وقرر أن يخرج لإحضار القهوة. طلب القهوة التي يحب وكان محظوظاً بوجود كعكة الجبن في الكافتيريا. حمل كوب القهوة وقطعة الكعك وعاد إلى المكتب.
أزاح الملفات جانباً وقرر أن يعطي نفسه ربع ساعة للاستمتاع بالقهوة والكعك. انتبه للوميض على شاشة الحاسوب، بريد إلكتروني جديد. فتح الرسالة، كانت من صديقه الشاعر "صباح الخير يا حارس الذكريات. طبعاً أتذكره، وقد التقيته قبل سنة، يبدو عليه الكبر، كدت أقول له أستاذ شستضاءة، ما زال رغم تقدم السن بحيويته. بالمناسبة، أقترح أن نلتقي في محادثة ماسنجر هذا المساء، في جعبتي أحاديث كثيرة. سلام".



#سامي_الكيلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما تخافيش-قصة قصيرة
- ثلثي المشاهدة-قصة قصيرة
- انثروا الطيبة-قصة
- عصير ليمون-قصة قصيرة
- عين-قصة قصيرة
- مشاعرة-قصة قصيرة
- وجوه هذا الصباح-قصة
- طعم آخر للورق-قصة قصيرة
- وجبة-قصة قصيرة
- بريموس-قصة قصيرة
- المظاهرة الأولى-قصة قصيرة
- لروحك السلام يا أبو سامي
- لا يعرف الكتابة-قصة قصيرة
- رجل الفسبا-قصة قصيرة
- تلك الطاولة-قصة قصيرة
- ندبة في ظاهر اليد-قصة قصيرة
- أوّل يوم-قصة قصيرة


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سامي الكيلاني - ضوء القصيدة-قصة قصيرة