أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعيد لحدو - كلمة ورد غطاها














المزيد.....

كلمة ورد غطاها


سعيد لحدو

الحوار المتمدن-العدد: 6820 - 2021 / 2 / 21 - 16:37
المحور: كتابات ساخرة
    


عندما أعادت تلك المرأة الفقيرة غطاء قِدْرَها الفارغ إلا من الماء، وهي تضعه على نار الموقد، كانت تحاول إلهاء أطفالها الجياع، ريثما يغلبهم النعاس وينسون ألام الجوع إلى حين. ويمكننا في هذه الحال أن نعذر تلك المرأة المسكينة لأنه لم يكن لديها حيلة. لكن المعارضة الرسمية السورية وضعت قدرها على الموقد، بعد أن أضافت إلى الماء حفنة من البحص الخشن، وطلبت من الشعب السوري أن ينتظر نضوج طبختها. لكنها نسيت، أو تغافلت أن تشعل الموقد أو أن تضع غطاء القِدْرِ، على الأقل، لِسَتْرِ ذلك الوهم بوجبة لذيذة لأطفال سوريا وجياعها المنتظرين لمعجزة الحل الموعود على النار الخامدة منذ زمن.
أقول هذا الكلام بعد أن طفح الكيل بلا جدوى استمرار هذا العبث الشيطاني، وبخاصة بعد إصرار بعض من تصدروا لعبة الدائرة المغلقة بين (جنيف - أستانة – سوتشي) في دوران لا نهائي، دون النظر حتى إلى ذلك الغبار الذي يتركه أولئك المهرولون خلفهم، والذي لم يجنِ المتطلعون إليه سوى رماد العيون.
من أكبر المهازل التي لم نجد لها مثيلاً في التاريخ القديم أو الحديث أن تصل حصيلة هذا الدوران العبثي إلى أرقام خارج المنطق في أية مفاوضات لأعقد المشاكل الدولية. وهنا وقبل أيام ختمت اجتماعات أستانا الـ 15، وقبلها ملهاة جنيف المتعددة الأوجه، وفوقها لن ننسى سوتشي المنتزه الجميل لبوتين وضيوفه الكرام، بينما إنهاء الحرب العالمية الثانية لم يستغرق من الدول المتحاربة من أقصى مشارق الأرض لأقصى مغاربها، لم يستغرق منهم سوى بضع ساعات في قاعة متواضعة لفندق متواضع في قرية صغيرة في وسط هولندا.
الحقيقة، لمن لايعرفها بعد، ولا أظن بأن هناك من لا يعرفها، هي أن هذه الطبخة الوهم التي لم تعد تنطلي حتى على أولئك الأطفال الجياع، ماهي إلا إخراج مسرحي سيء وفاشل لقوى لم ولا تكترث إلا لمصالحها على حساب مأساة الشعب السوري ودمه النازف بعد تدمير كل ما تبقى من روابط تشد السوريين إلى بعضهم في وطن حر كريم. وبنظرة سريعة إلى أطراف (الحوار) الذي لم يحدث قط حول القضية والحل السوري، لأنه في الحقيقة لم يجرِ ولو للحظة حول هذا الموضوع بين الأطراف المعنية، أي (المعارضة والنظام). وإنما كان وما زال بين روسيا وإيران وتركيا لترتيب أمور تواجدهم على الأرض السورية لتلافي أي تصادم لا تحمد عقباه. وتوزيع مناطق النفوذ بينهم. أما وفد (المعارضة) المُساق بعصا أردوغان الغليظة، ووفد النظام المأمور من بوتين وإيران، فهم مجرد شهود زور على طبخة البحص هذه التي يُراد للمجتمع الدولي الغارق في سباته، وللشعب السوري المستجير من الرمضاء بالنار، أن يصدقوها ويكملوا غفوتهم إلى أن تستوي.
من نظرة سريعة إلى بنود البيان الختامي لاجتماع أستانا الـ 15 يدرك المرء إلى أي حد وصل الاستخفاف من الموقعين على ذلك البيان، بالقوانين الدولية (الحريصة على السيادة الوطنية للدول) عندما تؤكد روسيا وإيران وتركيا، وبدون أي خجل، (على التزامهم الثابت بسيادة واستقلال ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية)، وكذلك بأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتضيف هذه الدول على أن هذه المبادئ تخضع لمراعاة والتزام الجميع بها. في حين كل طرف منها يحتل مساحات واسعة من الأرض السورية، ويبيع ويشتري بالسيادة الوطنية السورية. وفي الوقت ذاته يبدون رغبتهم أو إصرارهم على محاربة الإرهاب، ذلك الإرهاب والإرهابيون ذاتهم الذين تربوا وعاشوا وكبروا وما زالوا في أحضانهم. وليست جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام المثال الوحيد. أما داعش فكانت الخاسرة الوحيدة من بين جميع الأطراف المستفيدة منها.
أما تأكيدهم على أهمية ودور اللجنة الدستورية (دون أي تدخل أجنبي) هي المهزلة الأكبر في مجمل مسيرة الحل السوري منذ البداية وحتى اللحظة الراهنة، وكأن الذي وضع أساس هذه اللجنة هو المرحوم فارس الخوري. والآن ما على السوريين سوى متابعة المسيرة من النقطة التي توقف عندها المرحوم. وكأن لا وجود لجنيف واحد والنقاط الستة التي وضعها كوفي أنان كأساس للحل، حيث بات القفز على المبادئ الأساسية لأي عمل جاد هو السمة البارزة للقوى المتحكمة بالقضية السورية، وكأن 15 فيتو روسي غير كافٍ لإقناع المتعنتين بأن الروس جادون في إيجاد الحل في الوقت الذي يستهتر النظام بالطبع بكل العملية من أساسها، بتوجيهاتهم ودعمهم، وليس مستعداً لأي تنازل مهما صغر مادام ظهره يستند إلى الفيتو الروسي المتربص لأي قرار جاد من مجلس الأمن الدولي يجبره على القبول بالحد الأدنى.
إزاء هذه الحالة الميؤوسة، وفي ظروف الاستخدام المفرط للمعارضة الرسمية من قبل القوى الأخرى لأهدافها الخاصة، لم يعد أمامنا، نحن السوريون، سوى التصريح العلني بـ (كلمة ورد غطاها)، أن على المعارضة الرسمية في ظروف العطالة الشاملة على كل الأصعدة، بتقديم استقالتها الجماعية وإعفاء نفسها من أي دور وطني وهمي، لوضع المجتمع الدولي عامة أمام مسؤولياته المبدأية والأخلاقية، واتخاذ ما يجب من إجراءات، لإجبار النظام وكل الأطراف الأخرى على القبول بحل دولي يحفظ للسوريين ما تبقى لهم من أمل في الحياة والكرامة الإنسانية. وإلا سنبقى جميعاً وطويلاً ننتظر طبخة البحص تلك التي لن تنضج قط.



#سعيد_لحدو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية حفار القبور وابنه والوضع السوري
- المعارضة السورية وفقدان البوصلة
- أمير المؤمنين بشار بن أبيه يتحدث....
- الحرب العالمية الجديدة
- خطاب الكراهية وسبل مواجهته
- عودة الحاج رامي مخلوف
- عطب الذات أم عطب المنظومة...؟ قراءة في كتاب الدكتور برهان غل ...
- كردستان التي تأخرت مائة عام
- (غودو) الحل السوري
- الحرية طليقة والأحرار معتقلون
- العرس في فيينا والطبل في حرستا
- الدب الروسي في معرض الزجاج السوري
- قلق العالم هو مايقلق السوريين
- الخلافة وبناتها، الخليفة وإخوانه
- حكاية الإرهاب ومكافحيه
- وعند بثينة الخبر اليقين
- التدخل الأمريكي: درهم وقاية أم قنطار علاج؟
- داعشي حتى العظم مع وقف التنفيذ
- انتحابات في سوريا... مرة أخرى
- لسنا إرهابيين .... لكننا سنكون


المزيد.....




- برنامج -عن السينما- يعود إلى منصة الجزيرة 360
- مسلسل المتوحش الحلقه 32 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- -الكتابة البصرية في الفن المعاصر-كتاب جديد للمغربي شرف الدين ...
- معرض الرباط للنشر والكتاب ينطلق الخميس و-يونيسكو-ضيف شرف 
- 865 ألف جنيه في 24 ساعة.. فيلم شقو يحقق أعلى إيرادات بطولة ع ...
- -شفرة الموحدين- سر صمود بنايات تاريخية في وجه زلزال الحوز
- من هو الشاعر والأمير السعودي بدر بن عبد المحسن؟
- الحلقة 23 من مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة الثالثة والعشرو ...
- أسرار الحرف العربي.. عبيدة البنكي خطاط مصحف قطر
- هل ترغب بتبادل أطراف الحديث مع فنان مبدع.. وراحِل.. كيف ذلك؟ ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعيد لحدو - كلمة ورد غطاها