أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد لحدو - المعارضة السورية وفقدان البوصلة















المزيد.....

المعارضة السورية وفقدان البوصلة


سعيد لحدو

الحوار المتمدن-العدد: 6785 - 2021 / 1 / 11 - 14:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بنظرة متمعنة للمراقب لأحداث الثورة السورية ومنطلقاتها الأولى منذ أواسط آذار عام 2011 والأشهر القليلة التي تلت تلك الانطلاقة، مع ما رافقها من شعارات وطنية صادقة، ولجان تنظيمية شبابية من جميع مكونات وطوائف الشعب السوري، ومقارنة كل ذلك مع الوضع الحالي للمعارضة السورية "الرسمية"، وبعد ما يقارب العشر سنوات من العنف الأعمى والتدمير الممنهج والقتل والتهجير والاختفاء والضياع التام، وإفقار وتجويع من تبقى من السوريين في بيوتهم وافتقارهم للحد الأدنى من مقومات الحياة الضرورية، وفقدان الأمن والأمان على المستوى الفردي والعام على عموم الأرض السورية، وذلك بغض النظر عن موقف الفرد السياسي وأسلوب تفاعله مع الأحداث، أو ماهية القوة أو القوى المهيمنة والمتسلطة، وهي عديدة، على هذه البقعة أو تلك من الجغرافية السورية، نرى أن بوصلة المعارضة السورية كانت تتأرجح مع نهاية السنة الأولى للثورة، وبخاصة بعد التسليح وبدء أعمال العنف التي صارت تتوسع وتتوحش وتأخذ أبعاداً منحرفة مع مرور الوقت. وتزايد الأعمال العسكرية مع تزايد الأيادي التي قبضت على مقود الثورة والمبادئ التي أعلنتها لتبعدها وتجرف مسارها الوطني باتجاهات أبعد ماتكون عن مضامين تلك المبادئ وغاياتها الوطنية. وغدت القوى المتصارعة على الأرض السورية بمختلف مسمياتها وانتماءاتها ومرجعياتها وداعميها، غدت مجرد أدوات تنفيذية لمقاصد وغايات ومصالح مشغليها، تحت عناوين براقة من الشعارات الوطنية التي لا تحمل أي مضمون حقيقي يجسدها واقعاً معاشاً للمواطن السوري المغلوب على أمره والفاقد للإرادة والقدرة على التأثير.
لم تنقضِ ثلاث سنوات على انطلاق الثورة السورية حتى بدأت رايات وأسماء الفصائل الإسلامية المتطرفة تحتل واجهة المسرح وتلتهم ما تبقى مما سُمِّي في البدايات بـ"الجيش السوري الحر" الذي تناقص الدعم له إلى أدنى الحدود في حين لقيت الفصائل الإسلامية كل الدعم المالي والعسكري واللوجستي الممكن من أطراف إقليمية مختلفة، ووفق الغايات والمصالح التي يحددها الممولون والمؤثرون في المشهد على الأرض. كما تصاعدت أعداد تلك الفصائل لتصل إلى قرابة ألف جماعة مسلحة، تعمل كلٌ منها على احتلال أكبر مساحة من الأرض على حساب الجماعات الأخرى. وباتت التسميات الإسلامية والمعارك البينية هي السمة الأبرز لتلك المرحلة مما لم يعد للثورة التي فجرها أحرار سوريا من كل المكونات، أي معنى حقيقي يتم تجسيده على الأرض. وتقلص المفهوم الوطني لتلك الثورة ليقتصر عملياً على طائفة الأغلبية في صراعها التقليدي مع الطائفة، أو الأصح، العصابة المتحكمة بالسلطة والاقتصاد وكل ما يتبعهما. وغابت مفاهيم الحرية والديمقراطية والتعددية كلياً في السياق العملي للأحداث، وبقيت تتردد فقط في أفواه وأقلام بعض المعارضين ممن مازالوا يعيشون الأمل.
ولعل أخطر ماهدد الثورة السورية وحَرَفَها عن مسارها الوطني الجامع، كانت تلك التسميات الدينية والطائفية التي بدأت بالبروز وفُرِضَت على الساحة مثل (الدولة الإسلامية في العراق والشام، جبهة النصرة، الجبهة الإسلامية، فرقة أحفاد الرسول، جيش الإسلام ...وغيرها من التسميات ذات المدلول الديني، إضافة إلى تلك التسميات الطامحة إلى، والفخورة بـ"الخلافة العثمانية" مثل لواء السلطان سليمان شاه، لواء السلطان مراد، حركة نور الدين زنكي...)، وسواها الكثير من هذا النوع من الانتماء المريب، إلى الحد الذي دفع بالرئيس التركي أردوغان للتفاخر "بالحضارة العثمانية"، ومتباهياً بتسمية هؤلاء بالجيش المحمدي، عوضاً عن الجيش السوري الحر!! مما يوضح إلى أي حد كان دور الإخوان المسلمين ومن خلفهم حزب العدالة والتنمية التركي بزعامة أردوغان مؤثراً ومجافياً للنهج الوطني السوري. مما أعطى الحجة والذريعة لكثير من القوى الوطنية والإقليمية والدولية للابتعاد عن المعارضة الرسمية وتركها لمصيرها المكتوب بسيوف التطرف الديني والإرهاب الناتج عنه.
وأمام مشهد الرايات السوداء المرفوعة في معظم المناطق التي وُصِفَتْ بـ"المحررة". وهي تلك المناطق الخارجة عن سلطة النظام، باستثناء منطقة الجزيرة السورية وعفرين (قبل الاجتياح التركي)، التي سلمها النظام طواعية لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وجدت المعارضة السورية، التي نالت في السنة الأولى اعتراف أكثر من 120 دولة، وجدت نفسها في حالة لا تُحسَد عليها، حيث غدت فاقدة القدرة على التأثير في مجريات الأحداث على الأرض، في الوقت الذي يدعوها المجتمع الدولي إلى جنيف مرة تلو الأخرى لبدء مفاوضات عبثية مع النظام في غياب أي أمل بأي حل وفي غياب أي رغبة للنظام بأي تغيير مهما كان بسيطاً. وفي ظل عدم قدرة مجلس الأمن الدولي في فرض أي حل يحفظ كرامة الشعب السوري في حياة حرة ونظام ديمقراطي يلبي أبسط متطلبات الحكم الوطني السليم.
إضافة إلى كل ذلك، وقعت المعارضة "الرسمية" في أخطاء جسيمة عندما تجاوزت الخطوط الحمراء للموقف الوطني السوري بتقديم شهادات تبرئة وحسن سلوك لقرارات الرئيس التركي أردوغان وسلوكيات الفصائل المسلحة التي يشغِّلها لصالحه، وكل تجاوزاتها بحق السكان المدنيين، وقمع وتهجير غير المرغوب فيهم، والتعدي على ممتلكاتهم تحت ذريعة مناصرتهم لحزب الـ (PKK) التركي أو أنصاره في سوريا. وذلك عندما اجتاحوا منطقة عفرين في آذار 2018 بعد اتفاق (أردوغان - بوتين) الذي قضى بانسحاب الروس من منطقة عفرين لتسليمها للأتراك مقابل تسليم شمال حلب للنظام، بعد مناوشات عسكرية شكلية لرفع العتب، مع ما رافق ذلك من صمت مطبق من قبل المعارضة "الرسمية" تجاه تسليم شمال مدينة حلب للنظام كثمن للدخول التركي إلى عفرين الذي جرى الاحتفال به مطولاً.
كذلك كان الموقف من عملية ماسمي بـ (نبع السلام) في منطقة شرق الفرات التي انطلقت في 9-10-2019 عندما أصدر الائتلاف بيان تأييد للعملية مجاراة للموقف التركي ورافضاً نصائح الأمريكان والأوربيين بعدم اتخاذ هذا الموقف، مما تسبب بقطع الدعم المالي الذي كانوا يقدمونه للائتلاف لتغطية تكاليف اجتماعاته ونشاطاته السياسية الأخرى. الأمر الذي نتج عنه وقوع الائتلاف في أزمة مالية جعلته أسير الموقف التركي وما تقدمه تركيا من معونة ليتمكن من الاستمرارية ولو بالحد الأدنى. حيث أصبح غير قادر في هذا الوضع على اتخاذ أي موقف يتعارض مع توجهات وتوجيهات المخابرات التركية.
ولعل الموقف الصامت للائتلاف والحكومة المؤقتة التابعة له، من قضية اعتقال المخابرات التركية للضابط المنشق العميد أحمد رحال إثر تصريحات إعلامية له فضح فيها سلوكيات وتجاوزات المدعو "أبو عمشة"، قائد لواء السلطان سليمان شاه، خير مثال على ماتقدم. وفي الوقت الذي أصدر فيه الائتلاف بياناً يحيي فيه ذكرى "استشهاد" زهران علوش قائد جيش الإسلام، مايزال الائتلاف صامتاً عن مصير رزان زيتونه ورفاقها الذين اختطفهم زهران علوش نفسه في العاشر من كانون الأول عام 2013 وفُقِدَ أثرهم منذ ذلك الحين!!!
هذه بعض الأمثلة فقط، وهناك الكثير الكثير مما يمكن أن يقال عن المعارضة "الرسمية"، كما عن النظام وغيره من القوى المتحكمة بالشأن السوري لندرك أن بوصلة هذه المعارضة (مع استثناء بعض الأفراد الذين أعرفهم جيداً، ممن ما زالوا يحتفظون بحسهم الوطني) قد فقدت اتجاهات الموقف الوطني السوري، حتى باتت كلياً خارج الهم السوري والسوريين، رغم احتلالها مواقع في الصدارة فيما دُعيَ يوماً بـ "الثورة السورية"، لدرجة أن أحد أبرز ممثليها، وفي مقابلة تلفزيونية يدعو أردوغان بـ (رئيسنا..!!).
وهنا أتفق كلياً مع الدكتورة سميرة مبيض وآمل أن تسمح لي باستعارة هذا التعبير من حوارها الذي نشرته مؤخراً على موقع المركز السوري لحقوق الإنسان، وتقول فيه:
)سورية تعيش فعلياً اليوم أزمة هوية نابعة عن تجاهل مستمر للهوية التعددية السورية منذ قرن من الزمن، ويعيش السوريون اليوم أزمة تعايش أيضاً وهى أمر بديهي بعد نصف قرن من التحفيز الطائفي والقومي ذي الأبعاد العنصرية المعادية لأي تنوع...(
ولكوني أحد أعضاء هذه المعارضة منذ ماقبل الثورة وحتى فترة قريبة مضت، وأتحمل جزءاً من مسؤولية الأخطاء التي وقعت فيها، أو سكتت عنها، أضيف – وأقول بأن المعارضة السورية "الرسمية"عمقت هذا الشرخ خلال أقل من عقد من الزمن،بأكثر مما فعله النظام طوال نصف قرن، وذلك سواء بالممارسة أو بالتغطية أو بالسكوت، لنجد أنفسنا وقد فقدنا الوطن الذي كنا نطمح لبنائه دائماً، إضافة إلى فقداننا الأمان الذي كنا نحصل عليه في حدوده الدنيا في بيوتنا.
فهل بإمكان السوريين بعد (......التوجه .... نحو بناء الوجود المشترك والمصالح المشتركة والأهداف المرحلية المشتركة من تحقيق الإستقرار والأمان وتعزيز الوجود الطبيعي للهوية التعددية التي تعكس واقع سورية والمنطقة......؟).
لقد باتت المهمة الآن أصعب بكثير من بدايات الثورة، وسنورِّث لأجيالنا القادمة أشلاء وطن ممزق ليس في العمران فحسب، وإنما في النفوس والمفاهيم والذكريات الأليمة. وستحتاج تلك الأجيال إلى عشرات وعشرات السنين لتمحو من ذاكرتها صور وأفعال "أبي عمشة" وأمثاله، وتلملم بقايا مفهوم سوريا الوطن مهد الحضارة البشرية.



#سعيد_لحدو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمير المؤمنين بشار بن أبيه يتحدث....
- الحرب العالمية الجديدة
- خطاب الكراهية وسبل مواجهته
- عودة الحاج رامي مخلوف
- عطب الذات أم عطب المنظومة...؟ قراءة في كتاب الدكتور برهان غل ...
- كردستان التي تأخرت مائة عام
- (غودو) الحل السوري
- الحرية طليقة والأحرار معتقلون
- العرس في فيينا والطبل في حرستا
- الدب الروسي في معرض الزجاج السوري
- قلق العالم هو مايقلق السوريين
- الخلافة وبناتها، الخليفة وإخوانه
- حكاية الإرهاب ومكافحيه
- وعند بثينة الخبر اليقين
- التدخل الأمريكي: درهم وقاية أم قنطار علاج؟
- داعشي حتى العظم مع وقف التنفيذ
- انتحابات في سوريا... مرة أخرى
- لسنا إرهابيين .... لكننا سنكون
- استعراض روماني في الساحة السورية
- جنيف 2... تعا.. ولا تجي...


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد لحدو - المعارضة السورية وفقدان البوصلة