فضح نفاق المجتمع البرجوازي من خلال رواية تحت عنوان القوزاق لتولستوي.

حسن ابراهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 6812 - 2021 / 2 / 12 - 23:40
المحور: الادب والفن
    

حينما كنت بصدد قراءة الرواية التي اتخذت عنوان القوزاق لتولستوي كنت بصدد البحث عن الأسئلة الجوهرية التي طرحتها ,ومن ثم كنت بصدد استقصاء مضامين الرواية فخلصت إلى كونها طرحت سؤال التناقض القائم بين الطبقة البرجوازية الروسية إبان حكم القيصر والبؤس الذي يعيشه الفقراء خاصة في الأرياف داخل المجتمع الروسي .
بالتركيز على معاناة صغار الفلاحين بالقرى , من هذا المنطلق فضل السارد أن يستهل هذه الرواية بحدث مهم ,ويتعلق الأمر بتنقل بعض الشخصيات من الجيش الروسي من مسكو إلى قرية مجاورة لها .
وضمن هذا الإطار لم يبين السارد ما يميز المدينة أنذك عن غيرها في إطار التطور التاريخي الذي مرت به روسيا .
وعليه ركز على بعض التقاليد والاعراف التي ميزت سكان قرية مجاورة لموسكو , في اطار سرد أحداث ,ووقائع ذات صلة بما له علاقة بفلاحي بعض القرى المجاورة لموسكو , كل ذلك بالتركيز على ذكر بعض مكونات الاقتصاد الروسي حيث كانت الفلاحة أهم وسيلة من وسائل الإنتاج التي اعتمد عليها صغار الفلاحين , وبالتالي كانت معيشتهم تعتمد على فلاحة معاشية, وصيد بعض الحيوانات في الغابات , لإبراز التخلف الذي تتخبط فيه روسيا في القرن التاسع عشر .
وفي هذا الإطار تبين أن السارد يود ابراز أحداث على ألسنة بعض الشخصيات ,وبالتالي إبراز قيم سائدة في المجتمع الروسي في القرن التاسع عشر وهيمنة بعظها في إطار إعادة إنتاج نفس العلاقات اقصد علاقات التخلف في المجتمع الروسي .
وعلى الرغم من الشقاء الذي يعيشه صغار الفلاحين يبين السارد على ألسنة بعض الشخصيات السعادة التي يعيشونها , لتتبين السخرية التي ألتجأ اليها السارد من خلال بعض الأحداث التي أتت لتبينها .
وعليه فهل شخصية أولنين كما جاء في بعض مضامين النص الروائي جاءت لتمتص التناقض القائم بين الطبقة البرجوازية ,وصغار الفلاحين بالقيام برحلة لقرية ,والتعامل مع بعض سكانها من منطلق العطف عليهم ؟.
وبالتالي تطمس الرواية العلاقة القائمة بين الطبقة البرجوازية الروسية ,والطبقات المستضعفة داخل المجتمع الروسي , إذ بدل طرح العلاقات القائمة على الاستغلال في اطار مجتمع متخلف يلتجئ السارد إلى امتصاص الغضب المترتب على هذه العلاقات بخلق علاقات مبنية على الود , والعطف بين الطبقة البرجوازية والطبقات المسحوقة داخل المجتمع خلافا لما هو سائد في المجتمع الروسي نفسه .
لكن السؤال المطروح هل تمكن أولنين ممثل النبلاء في المجتمع الروسي امتصاص غضب الفقراء من خلال اقدامه على ممارسة جملة من المواقف التي تبين تضامنه معهم ؟
لعل الاجابة على هذا السؤال تكمن في اندلاع بعض الانتفاضات ببعض البوادي , غير ان الرواية لم تبين سببها , لكن ما هو مبين هو أن الجيش الروسي دائم التنقل لإخمادها , وعليه نطرح سؤالا مفاده ما السبب في هذا التمرد ؟
على الرغم من كون الرواية لم تقدم إجابة واضحة عن هذا السؤال إلا أنه يمكن لنا أن نقترح التهييئ للثورة الروسية التي اندلعت سنة 1917 / وعليه قد يتعلق الأمر ببعض القلاقل التي التجأ اليها قادة الثورة من أجل إكساب الثوار تكتيكات القتال أثناء الإعلان على بداية الثورة .
إنه وفقا لذلك يتبين ان الرواية اشتغلت على موضوع حساس تناولت من خلاله البعض من تكتيكات الحزب الشيوعي الروسي الذي يسعى إلى إضعاف قوة القيصر بجره للقتال من خلال جر الجيش الروسي للقتال لمعرفة قوته , خبراته ,وتكتيكاته من أجل الإشغال عليها لمواجهتها أثناء اندلاع الثورة بنجاح .
كل ذلك في إطار تهييئ المجتمع الروسي للقتال من أجل غد أفضل .
ثم بعد ذلك تطرح الرواية سؤال العلاقة بين التنظيم الذي يتبنى الثورة وفرنسا ليبين السارد رغبة التنظيم في الاستفادة من الثورة الفرنسية بالاستفادة من تكتيكاتها من منطلق الدخول في علاقات التعاون بين التنظيمين اللذين تبنيا الثورة في فرنسا ,وتأثيرها على مثيلتها بروسيا على الرغم من الاختلاف السائد بين الثورتين .
وما دام الهدف هو القضاء على علاقات الاستغلال في المجتمعين فليس هناك ما يمنع من التعاون بين القيادتين في إطار استراتيجيتي الثورتين .
إن الرواية بطرحها لهذه الأسئلة تكون قد أرخت لتاريخ سادت في علاقات في روسيا القيصرية , كما أنها أرخت لمنظومة قيم سادت في المجتمع الروسي آنذاك وحاولت وفقا لتقديري وضع تصور وخطط للثورة الروسية التي جاءت فيما بعد .

#حسن_ابراهيمي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات