أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سعد محمد عبدالله - الشباب وقضايا الثورة والتجديد وآفاق المستقبل















المزيد.....

الشباب وقضايا الثورة والتجديد وآفاق المستقبل


سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي


الحوار المتمدن-العدد: 6804 - 2021 / 2 / 2 - 20:02
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


دقت ساعة الثورة، وحرك شعبنا مؤشر التغيير والتحرر، وسقط نظام الإنقاذيين الإنقلابيين، وكُتب تاريخ السودان الجديد بقلم الحرية والسلام والعدالة؛ هكذا كان القرار الثوري الشجاع الذي إتخذه شباب السودان في ثورتهم، وفتحوا طريق جديد للعبور إلي المستقبل علي أجنحت كفاح الريف والمدينة الذي بلغ مرحلة تلاقح الروئ وتكامل الآليات وبالتالي تنفيذ الأمر الحاسم للثوار والذي قضى بأن تكون السودان دولة مدنية وديمقراطية مستقلة ذات سيادة كاملة تقسم الحقوق والواجبات فيها علي أساس المواطنة دون فرز، وقد أشرقت شمس السودان الجديد من ثورة ديسمبر المشعة فوق سماء بلادنا التي قطع شعبها مشوار طويل وشاق من الكفاح المشترك؛ حيث قدم شعبنا الصنديد أروع النضالات وأصدق التضحيات بحراك ثقافي وسياسي وإجتماعي ضخم قاده سودانيين مخلصيين وحادبيين علي التغيير والتحرر الوطني ووضع الأسس الصحيحة للديمقراطية والسلام والمواطنة المتساوية بين الجميع؛ ففي ثورة ديسمبر العظيمة شارك الشعب السوداني بمختلف القطاعات المهنية والتوجهات السياسية والفئات العمرية دون قيود أو تمييز لوني وديني وجهوي؛ وبات السودان "إشراقة جديدة" في افريقيا العزيزة، ولوحة تمظهرت ألوانها الزاهية في "جمهورية النفق"، وكان أجمل ما يكون التلاقي وتمازج الألوان وتواشج الثقافات وتسامح الأديان والمجايلة الحقيقة، وكل ما جمع هؤلاء الثوار في ميادين النضال الثوري التحرري خيط أمل ضوئي تشكل في أذهانهم المستنيرة منسوجاً بأحلامهم وأشواقهم المشتركة الكامنة في عمائق نفوسهم النبيلة والمشرئبة إلي فضاءات الحرية والسلام والعدالة والديمقراطية، وتلك أنبل معانٍ الثورة في عالم الإنسان الحر والديمقراطي.
لم يستطيع النظام الإنقاذي الظلامي بطغيانه وجبروته المعهود منذ سطوته علي الحكم أن يكسر إرادة التغيير والتحرر في أعين الثوار الذين يبصرون الحياة بواقعية ويدركون مكامن جراح السودان واللقاح اللازم لمعالجة تشوهات الماضي، وقد خرج الشباب من باطن الأرض كالقمح يعانقون شوارع المدن والقرى لتحرير الوطن من الدكتاتورية السائدة والإنتقال لواقع أجمل وأزهر تتحقق فيه تطلعاتهم في العيش بحرية وسلام ورسم خطوط مستقبلهم السياسي والإقتصادي والإجتماعي كجميع شباب العالم المحيط بنا، وفي سبيل ذلك الهدف الإنساني النبيل؛ كان للشباب في ثورة ديسمبر الظافرة دور أساسي ومحوري برز في تنوير وتثوير الجماهير وصياغة خطاب جديد يناهض العنصرة وينادي بفكرة سودان جديد مبني علي التنوع التاريخي والمعاصر والذي سيحل أزمات الشباب الممتدة، ومن هنا تشكل الرأي العام بوعي عالٍ أدهش العالم أجمع، وشهد التاريخ جسارة وأخلاق الشباب الذين عبروا عن قضاياهم الحية في الساحات العامة وعكسوا صورة جميلة لجيل مثقف ينتمي لعصر التنوير والتحرر والنهضة.
وللحقيقة والتاريخ؛ صار شباب السودان مضرب مثل عند أقرانهم في دول العالم بفكرهم وشجاعتهم وشعورهم بقضايا المجتمع، وهم الضلع الأساسي في ثورة ديسمبر المجيدة؛ لذلك ينبغي أن تفتح الساحة لهم ليقوموا بدورهم الطبيعي علي المسرح السياسي والثقافي والتنموي وإعادة بناء مؤسسات الدولة وصيانة أمن وإستقرار البلاد وقيادتها بدماء شبابية جديدة، والمعلوم أن فرص القيادة لم تتاح للشباب بعد، وتلك الدماء يجب أن تتدفق في شريان السودان وتنساب في مسارات التغيير؛ فمنذ الإستقلال وإلي اليوم يدور صراع مجايلة وحقوق ضاري في مختلف الأصعدة وبصور متعددة من أجل سودان منصف لقضايا الشباب العادلة، وتبدأ الدروب التي يجب أن نسلكها لإحداث التغيير الجزري وتحقيق شعارات الثورة "حرية سلام وعدالة" من نقاط شتى من بينها تطوير المقدرات السياسية والفكرية لشباب الثورة في الريف والمدينة بما يجعلهم يتموضعون في قمم القيادة داخل تنظيماتهم السياسية ومنظماتهم المدنية والنقابات المهنية وأجهزة الدولة والتمكن الفعلي من الإنتاج في كل المجالات، ونجد أن تقدم الأمم الآن يقاس بدرجات نشاط شبابها وإنتاجهم الفكري والفني والسياسي ومدى إرتباطهم بقضايا بلدانهم، وهذا يقودنا للدعوة لحركة حقوق سياسية ومدنية وديمقراطية يقودها الشباب من الريف والمدينة في رباط ثوري قوي خاصة في مناخ سودان التغيير الذي يسمح للجميع بالمشاركة الفاعلة في كافة مناحي الحياة وصولاً لمستقبل أنضر؛ فبدون طاقات الشباب لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نخطوا خطوة نحو المستقبل المرتبط عضوياً باستكمال أهداف الثورة وتحقيق النهضة الثقافية والسياسية والإقتصادية وإصلاح العلاقات الإقليمية والدولية كما حدث في الكثير من دول العالم التي شهدت ثورات وديمقراطيات وتحولات هيكلية في بنيان الدولة والمجتمع، ولدينا إرشيف عريض من التجارب الإنسانية المدونة في ذاكرة الشعوب يمكننا الإطلاع عليها وتحليها بتجرد والإستفادة منها حتى لا تتعثر مسيرة كفاحنا الشبابي الحقوقي والنهضوي والديمقراطي، وإستعادة شريط التاريخ سيعيين الشباب علي المرور الآمن نحو دولة السلام والديمقراطية والعدالة وإصلاح أجهزة الخدمة المدنية والقانون.
ثمة حواجز وإستشكالات جمة تواجه طيف واسع من شباب السودان قبل وبعد الثورة كالهجرة الإجبارية من الريف إلي المدينة بسبب السياسات الإقتصادية والحروب وغياب أبسط مقومات الحياة وحقوق الإنسان في الريف المهمش وتجميد دور الشباب في نشاط المدن بكل أشكاله وتنفيرهم من الحركة السياسية والثقافية لفترة طويلة مما خلق جموداً يتمدد وينعكس علي مجمل أوضاع البلاد، وكانت تلك نتائج سياسات النظام المباد وقوى السودان القديم التي ما زالت تهيمن علي الساحة بذات السياسات القديمة، وإستمرار هذا المشهد يعتبر تدميير لطموحات الشباب المتطلع لعالم جديد؛ الأمر الذي يجعل مستقبل السودان محفوفً بضباب كثيف يحجب الرؤية ما لم يحدث تغيير شامل في هذه المعادلة؛ وليست هذه لغة إحتجاج فحسب إنما دعوة لتغيير شامل؛ لذلك يتوجب علينا جميعاً الدفع باتجاه تجديد الحياة وإصلاح الدولة والقانون والسياسات العمومية لفتح المجال للشباب الذي صنع أعظم ثورة في تاريخ السودان المعاصر كيما يظهر قدراته ويتمكن من قيادة الوطن بمفاهيم جديدة توائم واقع السودان في العالم الحديث الذي يعتمد في تطوره علي الطاقات الهائلة التي يمتلكها الشباب، وبالطبع لا يمكن تحقيق تلك التطلعات دون إحداث حراك شبابي واسع في الفضاءات السياسية والثقافية مع إيجاد وسائل عصرية لإجراء حوار ديمقراطي عميق يناقش جزور قضايا الشباب وطرائق حلها من منظور الشباب عبر المؤتمرات والمنتديات والبرلمانات والمنصات الإعلامية المختلفة، وقد تختلف الإهتمامات الشبابية باختلاف الأمكنة والمنطلقات الفكرية والسياسية لكن يظل الإختلاف نسبي قياساً بحجم المشكلات الآنية والمستقبلية والتحديات الوجودية الكبيرة التي نتقاسمها في حياتنا اليومية، وإذا أخذنا علي سبيل المثال فقط قضايا الهجرة داخلياً وخارجياً والعطالة وجفاف الريف بانعدام عوامل الإنتاج وتريف المدن والفقر والنزوح باعتبارها إنعكاسات للحروب وغياب المشاركة الديمقراطية العادلة للشباب في مركز القرار السياسي سوف نجد المسألة غاية في المأساة ومبعث أسئلة كبيرة بعضها طرحته الثورة بواقع وجود الشباب علي الأرض وآخرى تتبلور من حين لأخر، ويبقى مفتاح الحل دوماً بأيدي الشباب.
نحن الآن نعيش في قرن الإستنارة، وفي عهد الثورة والتغيير، وقد فُتحت أمامنا أعرض فرص لصعود سلم قيادة بلادنا وإعادة تشكيل السودان من جديد وبناء تنظيمات ومنظمات ونقابات ديمقراطية حرة وشابة ومجتمع إنساني تعاوني متشبع باشعاع الثورة النورانية التي لم تكن مجرد نزهة أو لحظة عابرة عشناها وإنقضت بانقضاء الحدث إنما هي عملية تحول مفاهيمي عميق أحدث تغيرات جوهرية في بنية الوعي السياسي والثقافي والإجتماعي، وساهم هذا التحول بشكل أساسي في تنشيط الساحة وبروز قضايا الحقوق والحريات الخاصة والعامة وتحقيق السلام الذي وضع حلول موضوعية لجزور الأزمة السودانية باعتباره "الركن الثانٍ" في شعار الثورة المنتصرة التي أتت بتراكم الكفاح السلمي والمسلح والتفاوض المضني والعمل الدبلماسي، وفي هذا العهد الثوري شارك الشباب بفاعلية في مفاوضات السلام التي جرت بجمهوية جنوب السودان حتى نهاياتها، وهم المنوط بهم قيادة التبشيير بالسلام كأساس متين للمستقبل وتشكيل دولة الديمقراطية والمواطنة بلا تمييز.



#سعد_محمد_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أكل الغول ثمار الثورة
- هل سنترك الغول يأكل أبناء الثورة
- وفاة والي النيل الأزرق عبدالرحمن نور الدائم
- بيان بخصوص تزيف تاريخ إنطلاق شرارة ثورة ديسمبر المجيدة
- خطاب - بمناسبة الذكرى الثانية لميلاد ثورة ديسمبر المجيدة
- ميلاد كتاب لصديقي معالي السفير عبدالرحمن بسيسو
- رسالة عزاء في وفاة الإمام الصادق المهدي
- دفتر ذكريات
- العودة إلي جوبا
- قصيدة - الوداع
- الذكرى الرابعة لإغتيال الرفيق وليام قوبيك
- رسالة تهنئة لزملائي وشعب سنار بعد إستعادة مدرسة سنار الثانوي ...
- الرسالة الثالثة للرفيق الدكتور سعيد ذياب الأمين العام لحزب ا ...
- إعتصام نيرتتي - الثورة وقضايا الحقوق السياسية والمدنية
- الرسالة الثانية للرفيق الدكتور سعيد ذياب الأمين العام لحزب ا ...
- رسالة تضامن للرفيق الدكتور سعيد ذياب الأمين العام لحزب الوحد ...
- مفاوضات السلام والمفوضية المستقلة للحريات الدينية
- العم منصور خالد مصباح خطاب التغيير والتحرر
- رداً للبوشي
- رحيل القائد الثوري والشاعر الملهم إدوارد لينو


المزيد.....




- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سعد محمد عبدالله - الشباب وقضايا الثورة والتجديد وآفاق المستقبل