أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد دسوقى مرسى - كانت اياما جميلة قصة قصيرة















المزيد.....

كانت اياما جميلة قصة قصيرة


احمد دسوقى مرسى
قاص

(Ahmed Desouky Morsy)


الحوار المتمدن-العدد: 6797 - 2021 / 1 / 24 - 01:34
المحور: الادب والفن
    


يا رب ...انها نفس الطريق الطويلة التى طالما سرت عليها فى الماضى البعيد . لم تتغير كثيرا . لا اكاد اصدق نفسى ... ها هى ذى البيوت عن يسارى لم تفقد رواءها القديم كثيـــــرا ، و هذا هو " الرياح التوفيقى " عن يمينى لا زال يتدفق بمائه بين ضفتيه الضيقتين ، طيبا حنونا كما عهدته قبلا ، ثم لا أرى بعد ذلك جديدا سوى تلك الاكشاك الخشبية الغريبة التى بنيت على الجانبين كالحشائش الشيطانية ، تخز أعين السائرين كالقذى ...على اية حال لا بأس بها مع ذلك رغم منظرها الفقير الكئيب ، فهى قليلة و متناثرة و ليس فى مقدورها حجب النهر الجميل عنى
قلت له ملاحظاً و الفرحة السكرى تعربد فى قلبى :
- لا زال " الرياح " كما تركته ، طويلاً ، وديعاً ، ضيقاً ، فياضاً بالماء كما كان . اكاد احس ان كل شىء احتفظ بنفسه حتى اعود اليه و اراك مرة اخرى
نظر الى متعجبا ، تضاحك مسرورا . زعق بصوته ساخرا :
- يا ســـــــلام ....ذاك قول شاعر ، شفه الوجد و الحنين . و لكنك اخطأت يا سيدى الشاعر تمام الخطأ
- و فيم اخطأت ؟

- يا صاح ...كان يجب عليك ان تلاحظ " انك لا تنزل الى نفس الماء فى النهر مرتين " اضحكنى قوله ، و تذكرت طريقته المفحمة فى الحوار قلت اغيظه فى مداعبة :
- ارايت ....حتى طريقتك فى الحوار لم تزل – اقسم لك – كما كانت .... لم تتغير . ثم انحدارنا قليلا الى اليمين كان كوبرى المشاة الصغير مزدحما بالسيارات و الــــدراجات و عربات الكارو و خلق كثيرون يعبرون عليه بلا انقطاع
- ياه .....نفس الازدحام القديم
عند نهايته ....رايت كشك المرور القديم ، لا زال عن يساره قابعاً . تطلعت اليه مشغوفاً كأثر عزيز قديم و حملتنا الاقدام نحو اليسار الى الطريق الزراعى الطويل . اخذت نفساً طويلا كأنى استاف عبير الماضى كله و حملتنى الذاكرة تطير بى الى سنين بعيدة كانت عنى قد تولت ....أحسست فجاة و كانى سرت على هذه الطريق بالامس فقط . قلت له وحنينى الى كل الاشياء يتوهج فى اعماقى كجذوة .
- سرنا على هذه الطريق مئات المرات ....أتذكر ؟
- طبعاً
و تهادت خطواته و كأنه يستمتع بمشهد الماضى البعيد يتراىء امامه مثلى ... استطردت و قلبى يخفق بالحـــب و الحنين


- عندما عدت هنا – صدقنى – كانى عدت و الله الى الصبا و الشباب ....الا تحس بذلك مثلى ؟
هز راسه محزونا . وضع يديه خلف ظهره
- أتريد الصدق ؟
ابتسمت . شعرت انه بدأ يناكفنى كعادته التى احفظها عنه منذ أيام الصبا
- نعم
- انا من ناحيتى ....لا احس بأى روعة لاى شىء هنا ...هذه هى حقيقة شعورى ان اردت ان تعرف
ثم رزح صمت ثقيل بيننا كالنكبة . نفخت فى حسرة كلماته اسقطت فى قلبى قطرة حزن اسود . قلت فى نفسى ليته ما نطق ...استمر فى كلماته بعد هنيهة كأنه يركل نشوتى بصراحته الحجرية . !
- لا تغضب من الحقيقة ...سأحاول اقناعك الان ...أنت تحس بالحنين لكل شىء هنا لانك انقطعت عن زيارة المدينة سنين طويلة . صح
- ربما ....كلامك معقول مع ذلك
- طيب ....هناك شىء اخر ....اود ان تذكره و تعيه لقد عشت كل شبابك فى هذه المدينة ...هل احسست يومها و انت تعيش فيها بثقل كل هذا الحنين ؟
تطلعت اليه ساكتا و طيور الاسى تحلق فوقى ....استمر يدوس بكلماته الصاخبة كل حنينى و اشتياقى

- مطلقا لم تحس ، و لطالما شكوت لى من الملل الفتاك و حياتك تمضى هنا رتيبة بلا تجديد ....اتذكر ؟ ....و كم تمنيت ان ترحل الى البعيد عن هذه البلدة التى انت الان تحترق فيها باللوعة و الاشتياق
- كل ما قلته هو الصح بعينه و لا انكره ابدا
و ابتلعت ريقى كغصة ....كان الغضب فى اعماقى يتمرد على ان اثور فى وجهه ...قلت له بعد لحظات و انا التقط حجرا القى به فى الماء بعيدا
- لا تحاول ان تكون قاتلا لاى سعادة ....اذا لم تستطع ان تخلص الناس من الشقاء ....فاحجم عن طعناتك للقلوب ابتسم فى حرارة :
- حتى .....لو كانت السعادة التى يستمسكون بها وهماً
- نعم ....فالسعادة هى وهم البشر الجميل و زادهم فى رحلة المعاناة و الشقاء
قال معاندا :
- حين اعيش الواقع ، و اتعايش معه بحلوه و مره احس بالقوة و من ثم السعادة قلت احاوره :
- كلنا نعيش الواقع مثلك و لكن السعادة التى تسميها وهماً هى امل الحياة و جناحاها
هز راسه و اخلد الى الصمت . اعرف انه لم يقتنع ....لقد سكت حتى لا يغضبنى و انا النزيل عليه ضيفاً ...كانت اقدامنا تدق على الارض لحنا هادئا ، رزينا ، و عيناى المشتاقتان تنطلقان

خلف الاشياء تحنانا و انعطافا ...نفس الاشجار القديمة ما زالت تصطف كما العماليق على جانبى الطريق رؤوسها الشوامخ تتمايل مع النسيم نشوى او غضبى ، كروحى السكرى التى عكر بعض صفوها صديقى اللدود . تذكرت كل القرى التى وصلت اليها يوما مع نفس هذا الصديق المشاكس سيرا على الاقدام : " منية السباع " شبلنجة " ثم القطيفة " ....اه ....لو تتخلى عن نقاشك العقيم و تخلع عنك قناعك السئيم ، و تعود الى ماضيك التليد و تمشى معى حتى شبلنجة ....لاشم هناك ذاك العبير الذى عتقته لابد تلك السنين
قلت له مبتسماً و اعماقى ترتعش خوفاً من رفضه :
- ما رايك – يا بطل – لو وصلنا الى شبلنجة سائرين على الاقدام ....انتظر قليلا سأحس لو فعلنا اننا عدنا الى الصبى من جديد
تنهد . مصمص بشفتيه متحسراً و ابتسم
- و ما جدوى الاحساس بالشىء و انت لست منه و ليس فيك
ابتسمت متخاذلا :
- فلنحاول يا اخى ....ما بالك اليوم مناكداً
- نحاول ....
و قلب شفتيه ساخرا :



- اتحداك ....لو استطعت ان تصل اليها وحدك سيرا على الاقدام
يا رب ...كنت احس من اعماقى انه سيرفض فلماذا بالله سألته ؟
استطرد يطعن حنينى ، بنصال كلماته
- انا عارف لماذا تريد الوصول الى شبلنجه ؟......
و لكن ارجوك ....اطرد عنك هذه الاوهام التى تطن فى راسك طنين الذباب ...فكل شىء قد تغير ، و لن يعرفك فيها احد مهما صرخت فى ارجائها بأسمك
تمنيت من اعماقى المغتاظة ان يكف عنى كلماته اكاد احس بالذنب لانى حطمت احلامى بأرجل فيل . سأنعت نفسى بالغباء لانى سلمت له اوراق احلامى كلها . انه الان يحرقها – و ااسفا – و لا يبالى ، و لكنى – و الله – معذور . غبت عن مدينتى كل تلك السنين فنما لروحى جناحان رقيقان هائلان نسيجهما مع الايام من حبى و اشتياقى و حنينى ....وظننت اننى لو عدت ستحملاننى لاحلق بهما طائرا عبر الماضى الجميل كله و لكنه – يا حسرتى – امسك بيده الغليظة سكينا و فصلهما عنى من غير رحمة ، و دون ان يحترم لهفتى او شعورى ..انا لم اكلفه شيئا سوى هذه النزهة التى طلبتها منه كصديق قديم ...شاركنى فى يوم من الايام الامى و امالى لم انظر اليه باخت نزهتى . لماذا بحق الله اسير معه الان ؟ و هو قد اطفأ كل مصابيح شوقى

و نشر الحقيقة المفزعة ذات الاشواك امامى . احس الان بساقى تؤلمانى . ألتوت بنا الطريق قليلا تجاه اليمين و بدا " الرياح " يفارق صحبتنا مختفيا كلما زاد انحناء الطريق نحو المشرق . كان يمضى بجوارى صامتا ، تعيسا . انكرت فيه صديق الماضى الحبيب ...خالسته النظر و هو يمضى معى مذهولا . كان وجهه الهضيم كئيبا فى صمته و شفتاه الرقيقتان مزمومتان فى اصرار و عناد و كأنهما تحبسان كلاماً قديماً انحبس فى القلب منذ زمن بعيد فوداه اكل الشيب منهما السواد . راح ينفخ من منخريه بين الحين و الحين هواء مسموعا كمن يضيق بكل الاشياء و بى ....اردت ان امزح معه لانفض عنا هذا الغضب الصامت الذى تراكم علينا كغبار كثيف خبطته على كتفه و انا اضحك :
- هيه . صح النوم لا اسكت الله منك حسا
افاق من شروده . نظر الى و ابتسم :
- الحقيقة ان مرض الولد هدنى
تعجبت من قولته التى اطلقها بلا مقدمات هل ود ان يبوح لى بهموم قلبه انتظرته يتكلم . بيد ان كلماته انتهت عند هذا التصريح المبتور و لم تزد . عاد يحتمى برقة الصمت من جديد . قلت له مهوناً :
- يا اخى لست وحدك . ابنائى ايضا ارونى فى أمراضهم كل النجوم فى عز الظهر فأصبر

لكنه – مع ذلك – لم يتكلم ، و لم يعلق ظلت خطواته المستأنية تتناسق مع خطواتى الهادئة و يداه الطويلتان تتشابك راحتاهما خلف ظهره بلا مبالاة ...اترانى عرفت الان سبب حزنه و مشاكسته لى ربما ...اعماق الانسان تبدو كبحيرة رقراقة بالماء ....كلما هبت عليها ريح عاصف ترسبت فى اعماقها الطين و الحصى و كل نبت و حيوان يموت ...فهل نلوم الماء بعد ذلك ، اذا اخضر سطحه ، و اعتكر ....تبدد غضبى عليه ارثى لك يا صديقى . نسيت عادتك القديمة حين كنت تطل على بوجه محزون فأعرف عنك انك جئتنى لتشكو الى أوصاب نفسك ...انا – فى الحقيقة – أقدس حزنك و لن افرض نفسى عليك الا اذا بحت بالامك لى
بدأ الكوبرى الاسمنتى كقوس رهيب متعاليا فى شموخ فوق الطريق الزراعى ، و طرفاه يتصلان بالطريق المرصوف الذى يمتد بلا نهاية ...كانت السيارات العجلى تنهبه فى تلك اللحظات جرياً الى طرفيه ...تمنيت من اعماقى ان ادور حول طرفه الايمن المندس بين احضان الحقول و اصعد اليه
رفعت وجهى اليه اقرأ فيه سطور أيام غوابر
- كم سرنا كثيراً ....اتذكر ؟
- نعم كثيرا جداً
و عاد يخفى لسانه فى حلقه من جديد ضحكت له و انا اشفق عليه

- اسمع انت تقيل الدم جداً
- حرر يديه ، و ابتسم
- نفس الكلمات – و الله – قالتها لى ، زوجتى منذ يومين
هللت ضاحكا . امسكت بكتفه القريب منى
- أرايت ....لست وحدى اذن الذى حكم عليك زوجتك سبقتنى فى الحكم عليك ...فما السبب ؟
- ليس هناك من سبب ...صدقنى
- مستحيل ...فكل شىء لوجوده سبب
- صحيح
و مع ذلك لم يتكلم . هز رأسه ، ثم سكت ارغمنى صمته الحزين على لقائه بمثل صمته . قلت فى نفسى : " دعه يستريح فى سكوته ، لعله يرى فيه هناءته ولاتسلى انا بالنظر الى الاشياء التى ما غبرت قدمى فى هذا السير الطويل الا لها كانت السيارات تتسارع على الطريق بجوارنا كالشياطين و ما زال الطريق ممتدا بلا نهاية . ضيقا – رماديا – لامعا تحنو عليه الاشجار و تتهامس فوقه مع النسيم و الاطيار
اختفى الرياح التوفيقى تماما ، و تغير المنظر جدا استبدل يسار الطريق بالنهر ضفة عالية ، واسعة . انتصبت على جانبيها اعمدة التليفون ، و نامت فوقها قضبان السكك الحديدية ....بينما تزاحم على منحدرها الضيق الطويل نباتات التين الشوكى و البوص الاخضر ،

و الحشيش ...من بعيد عن يمين الطريق ووسط الحقول الخضراء التى تمضى نحو الافق البعيد ربضت الفناطيس البيضاء . الاسطوانية . المهيبة لاحدى شركات البترول
- اسمع . لنرجع ....لقد تعبت
باغتنى قراره . كنت احس احساسا صادقا انه سيباغتنى به بين لحظة و اخرى فنظره ينبىء عنه ألتفت اليه لمحت صفحة وجهه المتعب ، و هو يقف استعداداً لان يعود
- هيا نرجع
قالها برقة و كانه يرجونى شعرت بحزن ثقيل يغشى اعماقى كدخان كثيف كنت اتمنى لو سار معى الى ( منية السباع ) القريبة . قلت له فى مداعبة و انا استدير مستسلما للعودة
- انسيت يا بطل انك كنت تسير معى حتى الواحدة صباحا
مصمص بشفتيه قال فى برود اغاظنى جدا
- يا اخى ....انت تعيش فى الماضى بشكل عنيف تذكر انها ايام مضت و لن تعود ابدا
ثم صمت فجاة كما بدا ثورته و ابتلع ريقه بصعوبة كانما يبتلع عصا
قابلت صمته الثقيل بصمت اثقل قلت فى نفسى
( لا حول و لا قوة الا بالله جت الحزينة تفرح مالقتلهاش مطرح .. ما علهش يا زهر )



و كانه احس ان كلماته قد انطلقت من فيه كالبارود و اننى ربما غضبت منه بدأ فى الاعتذار
- انا اسف ....ارجوك لا تحمل كلماتى اكثر مما تطيق فانا لسوء حظى و حظك ثقيل الدم جدا كما لاحظت لمتاعب فى البيت و العمل انت فى غنى عن سماعها وقفت قليلا اخذت احدق فيه مبتسما كان الرثاء لحاله يملانى اكثر من الغضب عليه تضاحك فجأة بلا مقدمات
- و المدام كما تعرف ....تنتظرنى و اذا غبت عنها جلدتنى بسوط لسانها الطويل
امسكت بيده
- هيا يا اخى نرجع ...انت محق تماما فيما قلت ....فما معنى ان اسير فى طريق لا تسلية به و لا فيه شىء مثير
و اشحت بيدى بعيدا كأنى اؤكد له كلماتى بالاشارة
كانت خطوات العودة هادئة مستأنية كما بدأناها بدت الطريق طويلة . مملة . مع اننا لم نتوغل فيها كثيراً ...حتى الاشجار على الجانبين وقفت صامدة بلا معنى كانها تنتظر شيئاً ابدا لا يجىء قلت له و نحن نقترب من كشك المرور ، و الكوبرى من جديد
- لقد تعبت ....سأستريح قليلا فى هذه المقهى
و اشرت بيدى الى مقهى صغير ، صفت كراسيها البلدية بجوار الرياح

- طيب ...اسمح لى ان استاذن بالانصراف ....و انا اسف جدا لانى كدرت عليك نزهتك
ثم مد لى يدا ضخمة سمراء لمصافحتى ، و ابتسم فى تأثر عميق :
- فيم الاسف ؟ ...انا احس بك . انت صديق قديم مع سلامة الله . اراك دائما بخير
- الله يسلمك
و سار قليلا ثم استدار فجاة كما لو كان قد نسى شيئا معى
- اسمع ...ارجو ان اراك مرة اخرى قبل ان تسافر
- ان شاء الله افعل
و رفع يده بالتحية و مضى يخب فى طريقه بأرجل طويلة نحيلة ....جلست منهوكا على اقرب كرسى صادفنى . ارحت ذراعى على منضدة خشبية . صغيرة محل لونها و تزاحمت البقع البنية على سطحها . اطلقت نظراتى خلفه تتلصص عليه ... فى ظهره انحناء قليل ، لايبدو الا من بعيد ...ترى ما الذى حدث له حتى تغير ؟ ! . اختفى الان تماما . تنهدت . شردت عيناى الى البعيد . " فعلا انت اصدق منى ....اننى اعيش فى وهم كبير اسمه الماضى . حسبت اننى اذ اعود . سأعود الى الصبا و الشباب ، و العجيبة يا اخى اننى اكابر ، و اعاند و اود ان اسير الى ( منية السباع ) ...طيب و النتيجة . أنا احس الان بتعب شديد ، و نشر فى ساقى مع اننا

لم نسر – بالكاد – الا ثلاثة كيلو مترات ....يا خبر ...انا كبرت بالفعل . تناسيت الزمن ...فذكرنى الزمن الذى لا يرحم بالتعب لم اعد كما كنت ، و لم تعد الاشياء هى الاشياء كما تقول و هذا الصديق – كان هو افضل ، و اروع اصدقائى – كان مرحا ، و مخلصا و صادقا ....تغير هو الاخر ، و تزاحم الشيب فى راسه و انحنى ظهره ، و صار اشد عنادا و اهتياجا .... ظروف ...ظروف يا اخى و ايام ....يا سلام على الدنيا ...يا سلام
و عدت اشرد من جديد و نظراتى تنسكب فى خواء سئيم على العربات و الناس و باعة الفاكهة المتزاحمون على الرصيف و النادل العجوز ، و هو ينتقل بصينياته المستديرة ، الصغيرة عبر رواد المقهى الصغير كالالعبان .....ياه ....اين طفولتى و صباى بيتنا الكبير الذى بيع بعد موت ابى . المدرسة الثانوية التى هدمت و بنيت على ارضها مساكن شعبية . سفرى يوميا الى شبلنجة طيلة خمسة اعوام ...اهذا معقول ؟ ...لابد انها تزوجت الان و انجبت طبعا ...لابد اتراها تعرفنى لو راتنى بعد كل هاته السنين . ايام القلق . اليأس من كل شىء . الملل من الحياة . افترقت و اياها لظروف اصعب منى و منها ....الصديق الوحيد الذى كان لا يفارقنى ، كان كتابا لى اقراه و قتما اشاء ....اتراها تذكرنى ؟ ...ام ان الزمن اللعين انساها صورتى فيما انساها ....نصيحته لى بالزواج .....يتزوج قبلى

بعام . اتزوج انا بعده انجب خمسة اولاد ....لا ينجب هو الا ولدا وحيدا مريضا . فرقتنا الايام . اهجر المدينة الى مدينة بعيدة ، و الخطابات بيننا مستمرة مع انها شحيحة . اه ....لو رايتها فجأة امامى الان ....ترى ماذا كنت أفعل ؟ ...كيف سأتصرف ؟ و ماذا لو كان معها زوجها ؟ و اعود بعد ان امرضنى الحنين فلا اجد شيئا يرحمنى ، و يعود بى الى ايامى الغابرات فى قلبى الان غصة ، و بكاء على شىء لا اعرفه . احسه و لا اراه ...ضاع أنظر بعيداً تجاه السماء ...هذا هو المساء قد اقبل ، و تغطى الشرق بوشاح العتمة . نسمة صيفية تهب على الطريق . تكنس الاوراق و القش تحت الرصيف استرحت الان قليلاً ...فلاعد الى بيت أخى ....اه لو اراك مرة واحدة . مرة واحدة لاتحمل مرارة الحاضر ، و اتزود منه بزاد أعيش به فى الايام التالية . انهض . اين انت الان ؟ أتأوه . ركبتاى تؤلمانى . أمشى وحيداً . انحنى الى الكوبرى . اصوات اجهزة الراديو و الكاسيت تتعالى و تتشابك فى انزعاج مريع
- تمت –



#احمد_دسوقى_مرسى (هاشتاغ)       Ahmed_Desouky_Morsy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة تائهان للقاص احمد دسوقى مرسى
- معلمى عذراً ...أنت لست رسولى
- رفقا انا مسن ...عذرا انا انسان
- الرهان الخاسر قصة قصيرة


المزيد.....




- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد دسوقى مرسى - كانت اياما جميلة قصة قصيرة