أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (ماركس العراقي) ح1














المزيد.....

رواية (ماركس العراقي) ح1


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6792 - 2021 / 1 / 19 - 19:51
المحور: الادب والفن
    


دخول

وتمضي السنون في طريقها المعبد كأنه أفعى طويلة تلتهم كل ما يقف أمامها دون أن تشبع أو تكل وتمل، وتحولت بجمالها ومآسيها إلى ذكريات تزرعها حافظتها في العمق الإنساني دون أن يعي أن ما تم خزنه وما نسفته أفة النسيان كالعادة، وليس كما يتصور الكثير من الناس أنها مجرد ذكريات مرصوفة بعناية في دهاليز الذاكرة كما تصف الكتب, إنها الحياة والقوة الخفية التي تحرك الوجود الداخلي للإنسان وتفعل الكثير مما لا نعرفه ولا نعلمه، ولأن بعض واقعه ينبئنا أن ما في داخلنا المستكين هو من فعل دون أن نعلم، ودون أن نفعل شيئا لإيقاظها...... ولأنها يقظة لا ندري متى تأتي ومتى تغيب.
عندما تتضح الرؤى ويستكين العقل وتهدأ النفوس تعود الذاكرة للوراء تبحث لها عن أشياء تلاشت أو نظن أنها اندثرت مع هموم السنين وانشغالات الأيام، وكأن الماضي قد مات وتلاشت ملامحه نفاجأ أن الماضي أصلا لم يغادرنا وأن كل حضوره باق أما ما غاب، فهو واقعنا به حسنا وشعورنا به وتعود سلاسل الأيام لتعرض على شاشة الذهن كأنها أحداث طازجة نتمنى أن نعود، لنتدخل نصحح ونغير ونعدل المسارات لكن الذاكرة لا تقبل التعديل ولا التحويل لأنها فقط مؤتمنة على الحفظ.
لم يبقى أمامنا من فرصة حقيقية لعرض ما كان على أنه إشارات على طريق الزمن الفائت كي نفهم لماذا نحن هكذا؟ أو لماذا صرنا هكذا؟ إلا أن نتدخل فنسجل ما في الذاكرة أو بعض ما فيها من أحداث على شريط الذكريات ونقدمه معدلا متسلسلا كاشفا للكثير من التفاصيل التي تساعد غيرنا ونحن أيضا لنفهم لماذا وكيف ومتى كان الخطأ ومتى كان الصواب، ليس فقط أن نستعرض جماليات وسرديات الحدث لكم من المؤكد أن الكتابة عن الماضي لا تريد أن تختصره بالحدث والمحدث، بل بقراءة أعمق تشمل القانون المحرك والعلل التي رافقت وكونت وساهمت به.
السرد الذي يأتي لاحقا ليس بالضرورة أنه جميعا أحداث متسلسلة في واقع حدوثها أو في صفة أبطالها أو مكان وقوعها، لكنها صادقة جدا في نقل الحدث وفي وصف الفعل وفي كشف ما رافقه من خيوط ترابطت وتفاعلت وتعاونت في صياغة الحدث كما هو، الحدث الذي ترابطت أجزاءه فشكلت الصورة التي نتكلم عنها (صورة ماركس الرمز) الذي حل ضيفا بالعراق، ماركس الذي كان جزأ من صراع أجتماعي مختلط قومي ديني حضاري إنساني، لكنه بالتأكيد يبقى مجرد رمز ذهني وليس ذلك ماركس الأوربي ذو اللحية الكثة والعينان البارزات التي تخفي عالم متضارب من الأفكار والصور التي في سيرورة فكره وحلم قديم للإنسان بعالم قد يكون منظم ولكنه مرسوم الأفق مسبقا، ماركس الذي حول الأيديولوجية المادية إلى تجربة خلقت من جزء من العالم مختبرا للأفكار المسطحة على منحنيات عوجاء، وساهمت أيضا بتحرير العقل من صراع الثابت والمتحول إلى صراع المال والقيم، صراع بين المادية والمثالية .
ماركس عندما دخل العراق لم يكن فقط ذلك الفيلسوف الغربي الذي أتهم من قبل أعدائه بزرع فكرة أن الدين نقيض العلم، وأن الدين يجب أن يرحل بالضرورة إلى الذاكرة الفردية البعيدة طالما أنه لا يحمل معه الخبز والحرية ويجري مع الزمن في سباق وجودي حر، ونترك للعلم كل المجالات التي كان يشغلها الدين، لأن العلم أحق به من الوجود بعلة أن الوجود نتاج معادلة رياضية صارمة لا مجال فيها للمثاليات الفرضية والأفتراضية، فتحول جراء ذلك جزء منه في بلدي إلى حقيقة التسليم بأن الدين جزء من ثورة العقل، وأن في الدين العراقي ما كان ينقصه إلا صعقة كهربائية تجبره للدفاع عن نفسه وكيانه، في هذه اللحظة لبس ماركس السواد على الحسين العراقي، وعرف أنه لو عاصر الحسين ومن قبله أباه لأصبح صحابيا ممن يقاتل بين يديهم لأجل الإنسان قبل الله .
لكن هناك قسم من هذه الشخصية المثيرة بقت غربية التفكير حتى مع تمركسها وإعلان وجوديتها المادية السافرة، بقت تؤمن أن الدين قد مات وإكرام الميت دفنه سريعا، فنادت إلى تهيئة القبور كي تدفن الدين حتى لو كان الدين حسينيا أو علويا، لا فرق فكل الدين أفيون قديم ومعتق وكل الشعب مخدر به، فتشتت ماركس في العراق بين الحسين وبين خصوم الحسين وبين العراق وبين أوربا.
لكن بقى ماركس في العراق أمينا على حق الناس الفقراء والمساكين صار ماركس من حزب أبي ذر، وصار قرمطيا وشارك في حرب الزنج وتحالف مع العبيد في ثورتهم ضد الإقطاع، نزل للشارع يحمل المنجل والمطرقة بكلتا يديه رسم في شوارع مدن العراق الكبيرة والصغيرة رسوما خالدة، بعضها مصبوغة بلون الدم وفوق جماجم العملاء وخونة الكادحين، وبعضها بالألوان البراقة التي تسر الناظرين، قرأ وكتب بالعراقي مع رائحة يختلط بها عطر الجوري العراقي مع شذى العطور الغربية، صنع حلما وسفه أحلاما كثيرة، لكنه أخيرا بقى عراقيا بشكله الذي قدم به من أوربا الغربية والشرقية وبقى ماركس عراقيا برغم أنف الأممية الدولية .



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإشكالية البنيوية في الفكر السياسي في دول العالم الثالث _ال ...
- الإشكالية البنيوية في الفكر السياسي في دول العالم الثالث _ال ...
- أسباب إنهيار القيم القائدة في المجتمعات الرائدة.
- أستراتيجية العقل المثقوب ج1
- محمد الإنسان والزوج ج1
- محمد الإنسان والزوج ج2
- محمد وصورة المجتمع الجديد
- محمد وطريقة بناء المجتمع الجديد
- إبراهيم وبنو إسرائيل والسلالة المباركة
- محمد وصناعة المجتمع الجديد
- محمد الإنسان 3
- محمد الإنسان 2
- محمد الإنسان
- محمد المدني واسس البناء العقائدي الجديد
- الخروج المدروس من مكة ليثرب وبداية عصر الدعوة ج2
- صورة من خلف العدسة القاتمة
- الخروج المدروس من مكة ليثرب وبداية عصر الدعوة ج1
- الدين بين مفهوم الرشد وتطبيقات الفرض.
- لماذا لا نلوم فرنسا ولا ندين ماكرون؟.
- الى الشهيد العريس صفاء السراي


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (ماركس العراقي) ح1