أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علي رشيد - أي زمن رديء هذا ...















المزيد.....

أي زمن رديء هذا ...


علي رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 475 - 2003 / 5 / 2 - 01:59
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


أي زمن رديء هذا ...

القبور التي شاهدتها
كانت بلا أسماء
أو شواهد
كانت بلا موتى*

موت مجاني  ، وفجيعة تورث فجيعة ، مدن مشمولة بالغياب ، وأجساد محكومة بالنثار ، دم عراقي تتواصل أسهمه في التدني إلى الحد الذي تداول الغزاة مجانيته ، حتى أهدروه كفائض لا قيمة فيه ، ولا للأجساد المختومة بالخذلان ممن أبتلاهم الله بهذا الدم الرخيص في إراقته .
 أحمر بلون هزائمنا ،  ولون مصائبنا، ولون خرابنا، ولون الأمهات الثكلى ، وهن يندبن الموتى بعد الموتى ، والشهداء بعد الشهداء ، والقتلى بعد القتلى ، وهن يتوارثن مصائب العقيلة ، وقلة حيلتها في بكائية الندب ( العاشر من محرم ) .
 أمهات يتلفعن بالجوع الأسود ،  والعوز الأسود ،  وبتاريخ من حزن كربلائي كظيم ، أمهات يعشن الخراب تلو الخراب ، والخديعة تلو الخديعة ، وهن يسترن عريّ أيامهن الموشومة بالفاقة والحرمان  ، وحيرة عيون اليتامى في وطن يضج باليتم والتشرد والخذلان ، وهن يستصرخن بمن يستطيع أن يوقف نزيف الدم العراقي ، دم أبنائهن ، وأزواجهن ، دم الأطفال وبرائتهم . دم أباحه الجلاد طيلة ثلاثة عقود ، و أوكل مشاعة هدره للغزاة ، ولمبرمجي العراق السبيّ ، بأ بنائه المكممين بأبخرة المجازر وتجارب الموت المنضب .
 أمهات من العراق المحاصر بالهلاك ،  يستصرخن نجدة الله وملائكته ، يستصرخن نجدة العربي ، نجدة مسلم ، نجدة العالم ، الشرفاء ... حقوق الأنسان أو الجماد أو الحيوان ( المهم أن نكون محسوبين على من لهم دعاة لحقوقهم ) ، نجدة الأمم المتحدة ، وجامعة العهر العربي ، يستصرخن الصمت المبرمج ، وهتافي الحرية الجديدة .
 وبعيون يتملكها الرعب وتكتمها الدموع ، عيون تستعطف الصحفيين والكاميرات أن ينقلوا بؤس هذه الأجساد المنخورة بالرصاص والشظايا إلى عالم قد تستفزه همجية موتنا ،  فينبس بكلمة حق باستحقاقنا لآدميتنا (  يستهلك مشاهدو الفضائيات ، في الغرب أطنانا من البطاطا المجففة" الجبس " وعلب الكوكا كولا ، وهم يراقبون عبر شاشات التلفزيون الخراب والحرائق ونثار أجساد العراقيين ,  وبحيادية مشاهدة فلم هوليودي للمتعة )  .
أحمر بلون الفجيعة ، الدم الذي أهدره المحتلون في بغداد والموصل والفلوجة ، أحمر بلون الجسد المسجى لشاب بعمر الحلم  ،  الحلم بوطن دون موت ، وطن دون طغاة ، وطن دون فرق إعدام ، وزائري ليل سيفضي إلى مقابر دون أسماء ، أجساد لشباب تباغتهم رصاص بناة الديمقراطية الرامبوية ، لغزاة عراق مرسوم على هيئة بئر ( نفط ) .
 أحمر بلون الخديعة التي بشّر بها الغزاة وعملاؤهم ، من أن العراق ( الأمريكي ) سيكون عراق حرية وتعبير وديمقراطية ( ماكدونالدية ) ، عراق يحكمه ( الأبيض المتمدن ) بوسامته وعلكته ( كتب أحدالمصابين بالمس الأمريكي ، مبشرا ببشائر الديمقراطية الأمريكية في العراق  ، حيث ظهر غارنرعلى شاشة التلفزيون وهو يمضغ علكة ، فكانت العلكة في نظر صاحب المقال أهم مظهر للديمقراطية  )  ، لكن لم تكن الوسامة الأمريكية ولا علكة غارنر إلا رسلا لموت مجاني ، أمطرته سماء القاذفات الأمريكية على العراقيين قبل سقوط الطاغية ، ونثته زخات رصاص جنود المارينيز على الأبرياء من العراقيين وهم مستكينون في بيوتهم أو يتظاهرون (سلميا) مطالبين بالأمن ، والكرامة والحياة .
موت يتواصل ووطن ينحدر لزمن المشاعة الاولى ، مشاعة الغابة والقبيلة مشاعة القتل والنهب والتسلط ، عراق يتشظى ، ودكتاتور غائب ، وقتلة دون عقاب ، ومحتل يزرع الرعب والفوضى وسلوك النهب وإشعال الحرائق ، وتنصيب  جنرالات العهد القديم ، جنرالات الموت الصدامي على مدن وشعب العراق ، وتحويل الوطن إلى سبية تتناهشها ثلة الخونة و المرتشين ، وجيش عملاء معسكر بودابست .
وطن يتنازعه اللصوص وقادة فرق الإعدام الأولى ، وطن يتناهشه الجلبي والزبيدي والعبيدي ومشعان والسامرائي ، وكل من تورّدت وجنتاه بفعل الرذيلة ، من تجارة بيع الأوطان والارض والعرض ، و من مهربي التحف ، واليورانيوم ، ومن مفلسفي عفة المحتل ، ومن منظمي جيوش وميليشات دخول المدن مع الغزاة لإباحتها وتحميلها بشاحنات يقودها أحفاد التتار الجدد ، ميليشيات ترويع الناس ودفعهم لترك مدنهم تحت حجة العرقية التاريخية لهذه المدن ، مستنبطين درس حلفائهم ( الموساد ) من ميليشيات شعب الله المختار ، من سماسرة السطو باسم العرق والدين والتفوق ، ميليشيات مافيوية توفر الحماية  للواء استخبارات التغييب والغرف المظلمة ( السابق ) ، أو للرجل الذي عمل مع عدي ابن الطاغية ( المشوه ) ، حمايتهم من مساءلة الشعب لهم عن جرائمهم زمن خدمتهم للطاغية .
لقد أدرج الغزاة أثنين وخمسين اسما ، ممن يعتبرونهم مطلوبين له ، من أركان النظام السابق في العراق ، على الرغم من أن كل هذه الأسماء قد قدمت خدمات  لأمريكا أو لمواطنيها ، والقائمة هي جزء من مستلزمات الحرب التبريرية ( ذرّ الرماد في عيوننا ) ،
حسنا ألا يحق لنا نحن العراقيون ، ضحايا الطاغية وزمنه الموسوم بالموت والحروب والمقابر الجماعية من أن ندرج أسماء القتلة ومنظمي موتنا الجماعي ؟ .
 ألا يحق لنا نحن العراقيون أن نسأل عن الكيفية التي اختفى بها جيش من مرتكبي الجرائم والموت والدمار بحق العراق وشعبه وطيلة ثلاثين عاما ؟ .
 ألا يحق لنا أن نسأل مشعان والسامرائي والبزاز والعلوي وﺁخرين عن زمن عملهم في مسالخ الموت وتدبيج المديح للطاغية وتجميل زمنه العهري ، والرقص على أشلائنا ؟ .
 ألا يحق لنا مساءلة المحتل عن تنصيب القتلة ( المدرجين في ضمير شعبنا من منفذي الجريمة بحق أبنائه ) ، على مدن العراق وتزكيته لهم ،  وتحويلهم من قتلة إلى حماة ومحررين في كلّ من الموصل وسامراء ، وبكل حجم العداء لهذا الشعب وللعراق ؟ .
 ألم يطالب وفيق بتحويل العراق إلى محميات عشائرية وتقسيم العراق إلى مدن وعشائر تحكم نفسها ذاتيا ، على اعتبار وجوده بين عشيرته في سامراء ( يحتمي بها من جرائم سابقة ارتكبها بحق العراق والعراقيين ، كذلك مشعان في الموصل ) ، ألم ينفذ الأمريكان مجزرة بحق شباب رافضين لوجود مشعان على هرم السلطة بالموصل وهو ابن شرعي لجريمة الزمن الصدامي؟.
كيف يمكن للسماوات أن تكتم كلّ هذا الغيظ ،  وهي تشهد غياب سنيننا في مقابر لاتحمل أسماء أو شواهد ، مقابر تسجى بها صلافة الموت وبشاعة القتلة وﺁدميتهم المنحطة ، مقابر لعراق سقيم توطنته بربرية زمن عصيب ، بربرية توارثها الغزاة من طغاة ، لم نعد نسمع عنهم سوى
الشائعات لطمس حقيقة أنهم كانوا هنا ، أي زمن رديء هذا ... زمن الغياب العراقي .

* قصيدة القبور من مجموعة شعرية صدرت حديثا بعنوان خرائط مدبوغة بالذعر



#علي_رشيد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العهر الأخلاقي والثقافي 6
- العهر الأخلاقي والثقافي 5
- سلاما لسعدي يوسف وهو يستعير صوت العراق
- العراق الذي نريد
- العهر الأخلاقي والثقافي 4
- الليل بلاغة عمياء
- العهر الأخلاقي والثقافي 3
- هل هو طهر حقا ؟
- العهر الأخلاقي والثقافي 2
- الذي نام على عشبه - إلى الصديق حمزة الحسن وهو يترقّب حرائق أ ...
- خرق
- رفضي للحروب
- توضيح حول مقال بأسم علي رشيد
- تفاصيل الذاكرة
- عواء البنادق


المزيد.....




- السعودية.. ضجة وفاة -الأمير النائم- بين تداول تصريح سابق لوا ...
- مصر.. رد علاء مبارك على تعليق ساويرس عن عمر سليمان نائب حسني ...
- سوريا.. السفارة الأمريكية بعد لقاء مع مظلوم عبدي: الوقت قد ح ...
- أسرار الحياة المزدوجة لـ-السلطان- زعيم المخدرات المولع بالبو ...
- هجوم على النائب العربي أيمن عودة.. كسروا زجاج سيارته وبصقوا ...
- بالفيديو.. الجزيرة نت داخل سفينة حنظلة المتجهة لكسر حصار غزة ...
- إسرائيل تستهدف صيادين حاولوا دخول بحر غزة
- تداول فيديو لـ-الشرع بين أنصاره على تخوم السويداء-.. ما صحة ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يشيد بعملية -مطرقة منتصف الليل-
- العشائر السورية تعلن إخراج كافة مقاتليها من السويداء


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علي رشيد - أي زمن رديء هذا ...