أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس التميمي - الإنسان وتشريعه للسرقة














المزيد.....

الإنسان وتشريعه للسرقة


فارس التميمي
كاتب

(Faris Al-timimi)


الحوار المتمدن-العدد: 6784 - 2021 / 1 / 10 - 06:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الإنسان وتشريعه للسرقة،،،



أرسل لي أحد الأصدقاء عبر وسيلة من وسائل التواصل مقطعا من فيديو قصير، سجلته فتاة عراقية أثناء وجودها في مدينة عنتاب في تركيا،،، ربما قد شاهده الكثير من العراقيين،، وهو يصور غطاءً حديدياً لواحدة من فتحات المجاري العامة في شارع المدينة العام، و يبدو أن هذا الغطاء كان مصنوعاً لبلدية المحمودية في العراق، كما تشير الكلمات المكتوبة عليه،، وقد تساءلت الفتاة، ولها كل الحق في التساؤل: كيف وصل هذا الغطاء الحديدي إلى الخدمة في هذه المدينة التركية قاطعا المسافة من المحمودية وصولا إليها،،،؟
أرسلت الفيديو بدوري لعدد من الأصدقاء،، ومعه أرسلت تعليقا قصيراً أقول فيه:

هذه سرقوها الحكام الجدد في العراق وباعوها لتركيا،،،، والله أعلم!!!!

وردني بعدها ردٌّ من صديقي ضياء يقول:

إشتروها الاتراك من أولاد الحرامية الذين تربوا على سرقة الفرع الذي عاد الى الأصل،،،، وقبلها من معارك الأنفال،،،،
تَصَوّر رئيس دولة يسمي معركة ضد أبناء شعبه بالأنفال!!!

وكانت متابعتي:

ولكن تبقى معضلة وصعوبة تفسير كيف أن وريثة الإمبراطورية التأريخية للمسلمين، تستسيغ وضع مسروقات من بلد مجاور كجزء من خدماتها لبلدياتها ومدنها وناسها،،،؟
تُرى كم كان حجم سرقات إمبراطورية السلاطين تلك قبل سقوطها؟؟؟

فعاد أخي ضياء ليذكر لي حادثة كان هو أحد شخوصها وشاهديها،، فيقول:

عزالدين جاري شاب قد حج لبيت الله
كان عنده محل يبعد خطوات عن عيادتي يبيع فيه الجبن والزيتون وبعض المواد الغذائية الاخرى،،،،
وكان الولد حباب ومؤدب
بعد الغزو،، شاهدت إطارات سيارات للبيع أمام محله،، فسألته:
حجي،، هذي التايرات مالتك؟
نعم،، مالتي،،
زين حجي،، هذي أخاف مال الكويت؟؟
وكنت أمزح لأني أعرف الحجي مايسويها،، بس الحقيقة فاجأني حين قال:
نعم مال الكويت،،،،
زين هذه مو حرام حجي؟
لا والله آني إشتريتها وحطيتها برگبة اللي إشتريتها من عنده!!!!

(إنتهى الحوار عند هذا المبدأ الوقائي المعمول به على ما يبدو!!!)

هذه قضية أخرى جديدة نعيش مثيلاتها ربما يوميا،، لكننا لا نعيرها إهتماما،، وأعتقد أنها تحتاج منا التوقف عندها،، إذ أننا نحتاج أن نعرف أنفسنا قبل أن نعرف أي شيئ من حولنا،،،،

يبدو أن كل فرد منا له ثمن يمكن أن يشتريه،،
لم يكن،، و لن يكون في هذه البشرية من لا يمكن أن تشتريه الأثمان،،،
أحاول أن أتصور وجود شخص بهذه المواصفات،،، لا يمكن أن يشتريه ثمن،،، لم أفلح،،
حاولت كثيراً،، ولم أصل إلى غير هذا الإستنتاج،،،

في سنوات الصبا، قرأت مختصرات متفرقة عن فلاسفة اليونان،، ومنهم الفيلسوف الزاهد (ديوجينيس)، الذي يُذكَر عنه أنه قد عاصر الإسكندر الكبير الذي حكم العالم القديم وكان معجبا بهذا الفيلسوف،،، وكان ديوجينيس كثير الزهد لدرجة أنه لم يكن على ما يبدو يرغب في الحصول على أي شيئ من زينة الحياة،،، فقد كان ينام شبه عارٍ على شاطئ البحر صيفا، وفي حاوية من حاويات الزيتون الفارغة شتاء!!
و يُحكى أنه بينما كان نائما مرّة على شاطئ البحر في مضرب أشعة الشمس، قد شاهده الإسكندر وجاء ليقف عند رأسه وحجب الشمس عنه ثم قال له:
تعلم أني معجب بك وبتفكيرك، وأنا الآن مستعد أن أمنحك أي شيئ تطلبه،،،
فكان ردّ ديوجينيس هو:
لا أطلب منك غير أن تتحرك قليلا من مكانك لأنك تحجب عني أشعة الشمس،،،!!

وهذا قد يكون مبالغة روائية، ولكنها حتى لو صدقت فإن شخصا مفكرا مثل ديوجينيس هذا لم يكن ليصدق كلام الإسكندر أنه مستعد أن يمنحه كل شيئ يطلبه،، إذ أن ثمن شخص مثله سيكون بلا أدنى شك ثمنا كبيرا لن يدفعه لا الإسكندر ولا غيره،،،،

مادام الإنسان كائنا حيا له حاجات،،،
يحتاج الأكل والشرب كحاجات أساسية لا يمكنه الإستغناء عنها لفترة طويلة،،
وهو يحتاج أيضا أشياء متنوعة وكثيرة،،
ولكنه يستطيع الصبر والتحمل عند عدم تهيؤها أو توفرها له،،،
كل العوائق التي تمنعه من تطمين تلك الحاجات يمكن إزالتها من داخل نفس كل إنسان،،
الإنسان كائن غريب يتطور يوميا وفقا لحاجاته ولِما يتغير في محيطه،،،
حتى الحيوانات تتغير عندما يتغير محيطها،،
القطط والكلاب المنزلية تصبح بوضوح غير تلك السائبة أو البرية،، فهي تنتظر الطعام ممن تشاركهم العيش في المنزل،،،
الطيور الجارحة العنيفة الطبيعة والتي تستخدم للصيد،، تصبح كأنيس وجليس للإنسان بمجرد وثوقها أنه هو من يتكلف بإطعامها،، وأنها لا تحتاج للقلق من هذه الناحية كما كانت وهي تعيش في البراري،، إنه منظر ملفت ومُميّز ويتكرر،، عندما يجوع الصقر ويبدأ بالتلفت والإنتباه والتحديق نحوك في كل حركة تقوم بها وهو جائع ومقيد وينتظر أن تمنحه طعامه،،،
الإنسان ذليل بطبعه في حاجاته،، ويستهويه إذلال الكائنات الأخرى عند حاجاتها،،،
أنواع الطيور والدجاج والعصافير التي أربّيها وأحتفظ بها لمتعتي النفسية،، ترحب بي يوميا صباحا أول ما تراني،،، وترحيبها مضحك ومختلف أشكاله،،، لأنها تنتظر مني أن أقدم لها الجديد من الأكل رغم أنه متوفر لديها على الدوام،،،
منظر ساخر وهزيل،، كم يمكن لهذا الإنسان أن يتلاعب بهذه البيئة والطبيعة من حوله،،،
اليوم يحتاج الإنسان لآلاف الأشياء أكثر مما كان يحتاجها الذين عاشوا قبل قرن،،،
وهكذا تتحطم الموانع والعوائق وتزال تدريجيا،، حتى يصل لدرجة المشاعية أو الشيوعية التامة في نظرته لما حوله،، وربما كانت ستحلّ كوارث لولا القوانين الوضعية التي وضعها الإنسان نفسُه وفرضها بالقوة على نفسِه،،،
أما القوانين التي تسمى إلهية فهي لم تعد أكثر من حبر على ورق تالف، قديم، لم يُبقي له الإنسان أي معنى،،،،
ولن يبقى لها وجود طويل،،،،



#فارس_التميمي (هاشتاغ)       Faris_Al-timimi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالة عن صدور كتاب -فوبيا المقدس- تأليف مصطفى العمري
- فنانو هوليوود والرياضيون يحكمون العالم
- رد على خطبة الأب المكرم ثيودورس داود
- القطيعة مع التأريخ
- المرجعية.... وشر البلية ما يضحك
- محطات ما بعد الخمسين من العمر (3) الحلقة الثالثة والأخيرة
- محطات ما بعد الخمسين من العمر (2) الحلقة الثانية
- محطات ما بعد الخمسين من العمر
- العراقيون، النرجسية والمبالغة في تقييم الذات
- نقاط سقطت سهوا (أو أسيئت كتابتها) من دستور لم يُقِمْ إعتبارا ...


المزيد.....




- أشار إلى عملية البيجر.. سفير إسرائيلي: هناك -طرق أخرى- للتعا ...
- ‌‏غروسي: أجهزة الطرد المركزي في نطنز ربما تضررت بشدة إن لم ت ...
- OnePlus تعلن عن حاسب ممتاز وسعره منافس
- جيمس ويب يوثق أغرب كوكب خارج نظامنا الشمسي تم رصده على الإطل ...
- الاستحمام بالماء الساخن.. راحة نفسية أم تهديد صحي خفي؟
- وداعا للوهن!.. علاج ثوري قد يكون مفتاح الشباب الدائم للعضلات ...
- الذكاء الاصطناعي -يفكّر- كالبشر دون تدريب!
- وكالة -مهر-: دوي انفجار شمال شرقي العاصمة الإيرانية طهران
- -‌أكسيوس-: اقتراح لعقد اجتماع بين إدارة ترامب وإيران هذا الأ ...
- وزير الدفاع الأمريكي: سياستنا في الشرق الأوسط دفاعية ولا ني ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس التميمي - الإنسان وتشريعه للسرقة