أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس التميمي - العراقيون، النرجسية والمبالغة في تقييم الذات















المزيد.....


العراقيون، النرجسية والمبالغة في تقييم الذات


فارس التميمي
كاتب

(Faris Al-timimi)


الحوار المتمدن-العدد: 4129 - 2013 / 6 / 20 - 22:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العراقيون، النرجسية والمبالغة في تقييم الذات.


في البداية أقدم هذا الإيضاح كمقدمة للمقالة ربما لتوضيح لبس أو تصور، بعد أن أرسلتها لصحيفة من الصحف الأليكترونية الرائدة، وبعد أن إنتظرت ولم يتم نشرها، وآسف للإطالة، فهذه لمجرد التوضيح:

قبل كل شيء أقول، أنه لكل الحق في أن لا يتفق معي في رأيي أدناه، بل حتى ربما له الحق أن يوجه لي السباب والشتائم إنتصارا للهوية العراقية التي نشترك جميعنا بحملها، ولكنا لا نشترك في كيفية النظر إلى سلبياتنا ومعتقداتنا وتصوراتنا عن أنفسنا.
وأنا لا أعتقد أنني برأيي في مقالتي هذه قد أسأت لأحد بعينه، فمحتوى المقالة وحسب تصوري هو نفسه ما يدور بنفوس الملايين من العراقيين، عندما يكونوا موضوعيين مع أنفسهم ويتخلون عن النرجسية والأحلام الوردية، مثل هذه النرجسية والأحلام الوردية التي عاشتها وعانت منها شعوب قبلنا كانت أقوى من العراق كثيرا وكانت قد بلغت من التقدم والتطور والإعتماد على النفس بما لايمكن مقارنته مع ما قد حققه العراقيون خلال القرن الماضي والعقد الأول من هذا القرن. فألمانيا كانت قادرة على تحقيق الكثير مما حلمت به أيام هتلر، وكان دافعها هو الشعور بالتفوق والغرور، وتخطيها للشعوب الأوربية المحيطة بها. لكنها عندما واجهت حقيقة الإندحار في الحرب، لم يكن لها بُدٌّ ولا مفر من أن تؤمن بالواقع، وأن تعود أدراجها لكي تبدأ من جديد وبثوب جديد وتتخلى عن الشعور الشاذ الذي حملته أفكار هتلر وصبغت البلدَ في وقتها به. واليابان لم تكن بمستوى بلد مهزوم مثل بلداننا، ولم تكن بلداً نامياً، بل كانت بلدا صناعيا متطورا مقتدرا وكانت تحتل أجزاء شاسعة من الصين، الصين العظيمة، وكانت لها الجرأة والشجاعة على البدء بمهاجمة أميركا وبدون تردد، وكانت تعتبر إمبراطورها إبنا للشمس، وكان يملأ نفوس شعبها الشعور بالإعتزاز بعراقته والتكبر على الشعوب الأخرى، ولكنها عندما إنهزمت في حربها مع الأميركان – ومهما كان سبب الهزيمة تلك - فهي بالنتيجة هزيمة وحسب، فإنها عادت أدراجها لتؤمن بالواقع قبل أن تخطو خطواتها لتحقيق ما تحققه اليوم من تقدم لا يخفى على أحد. لن يستطيع أحد أن يقارن العراق بهذين البلدين العظيمين،، حتى العراق في أيام هارون الرشيد التي يحلو للكثيرين من العراقين والعرب معا التمجيد بتلك الأيام التي تعج بالكذب والمبالغة التي دونتها كتب التأريخ لمن يقرأ التأريخ بشكله الصحيح وما بين سطوره، حتى أن البعض لا يحلو له النوم إلا على (هدهدات) تلك الأيام المملوءة بالزيف!
عندما تثور أعصاب أي منا على أبناءه،، فأن أول ما يفعله هو أن يشتمهم وهو بذلك يعلم أنه يشتم نفسه، لكي يطفئ بعض الغضب الذي تشتد به نفسه من فعل أبناءه، مهما كان ذلك الفعل طفوليا وبسيطا،، ونحن أحوج ما نكون حسب ما أتصور إلى أن نشتم أنفسنا، ونلعن تصرفاتنا ومواقفنا التي وقفناها، عندما هيأنا للطغاة عبر العصور أن يتمكنوا منا ويحكمونا ويذلونا ونحن لهم صاغرون،،، ولسنا بحاجة إلى خداع أنفسنا بأننا كذا،، وكذا،، مما يحلوا لنا أن نصف أنفسنا به من الصفات،،، لن ينفعنا أن نصف أنفسنا بأي صفة حسنة وحكامنا يسرقون مقدرات البلد بأكملها وبأشكال وفنون مختلفة من فنون السرقة، وبعيون وقحة، حتى لو كانت هذه السرقة هي خطيئتهم الوحيدة،، فكيف إذا كان حكامنا كلهم أخطاء وخطاياهم تستنزف إنسانيتنا، وتحطم ذواتنا وتجعلنا نخاف من خيالنا، وهم ليسوا أهلا حتى لكي يَسرَحوا بعدد من رؤوس الأغنام وليس بثلاثين مليون بشر. لن ينفعنا أن نُمَجّدَ ونتباهى بأي شيء في بلدنا ونحن نعلم أنه ليس لنا حق فيه،، لعن الله النفط أشد لعناته، هذا النفط الذي لا يتمتع به أبناء البلد، وهو حِكرٌ على السلطة والحكام ومُسَخَّر لهم ولجلاوزتهم. لعن الله الجيش الذي نُصِّرُ على تسميته (الجيش الباسل) ونحن نعلم أنه منذ تأسيسه لم ينفع العراقيين يوماً، وما كان في يوم من الأيام غير عون للضباط ونزواتهم في تنفيذ الإنقلابات، وكان عوناً للحكام الطغاة، وعندما كانت الحرب مع إيران التي أشعلها حاكم مجنون،،، تطور الجيش إلى مؤسسة مرتشية تعتاش فيها الرتب العالية على الرتب الأبسط منها حتى تصل إلى الجندي البسيط المكلف المسكين الذي لا يعرف متى تنتهي خدمته وإذلاله بخدمة هذا الجيش (الباسل)، إن الجيش الذي يبصق فيه جندي على وجه قائد القوات المسلحة (القائد النزيه عبدالكريم قاسم) بعد الإنقلاب عليه وحكمه بالإعدام، هذا الجيش بحاجة إلى إعادة نظر في الأخلاقيات التي بُني عليها، وكان يجب أن يُحَلَّ هذا الجيش منذ شباط 1963. وبعد أن شاهت بأم عيني عندما خدمت في هذا الجيش بصفة ضابط مجند كيف أن الكثير من الضباط من ملاك الجيش الدائميين في سكن الضباط في البصرة، وأمام أعيننا نحن مجموعة من الضباط المكلفين بالخدمة الإلزامية، كيف كانوا يستغلون ويُذلّون الجنود المكلفين المساكين الموجودين في هذا السكن عندما يأمرونهم أن يصبغوا أحذيتهم وبساطيلهم، ويكوون لهم ملابسهم بعد أن يسبونهم ويشتمونهم إلى أبعد وأقذر الحدود، وبعد هذا كله يأتي واجب الجندي المسكين لتدليك أقدام الضابط المقدام الذي أنهى دواما في مكتبه لمدة ست ساعات فقط!!! وهذا طبعا عندما كان الجيش ينعم بالسلم والأمان في العام 1976 و1977. وبعدها بسنوات بسيطة جاءت محرقة العراقيين الكبرى في حرب الطاغية مع إيران. وأنا على يقين أن من عاشوا الحرب العراقية الإيرانية التي أكرمني الله بأن أغادر العراق قبل أن أشهدها، لديهم الكثير، الكثير مما يضيفونه لما أقوله من مآثر الجيش وضباطه المرتشين مما يفوق ما قد شهدته.
إن سراقا وحرامية تعج بهم مؤسسات العراق الحكومية، والذين يسارعون للهرب من البلد بترتيب مع السلطة الحاكمة وبعد أن تتم السرقات، لا نستحق أن نفخر بأنفسنا ولا ببلدنا مالم يكن لنا موقف واضح منهم ومن ما يحدث وما يفعلونه، ورغم ما يتم الحديث عنه الآن في الإعلام حول السرقات وحول السارقين، فأنه لا يعدو أكثر من حديث مائع لا يسمن ولا يغني من جوع، ولن يصل العراقيون الغيورين على بلدهم والذين يحبونه حبا صحيحا إلى نتيجة من وراءه. إن القدرات والكفاءات العراقية التي تعيش خارج العراق، وأخص بالذكر الإختصاصيون في القانون الدولي، لديهم القدرة بمساعدة العراقيين الآخرين الجادة لأن يُنَظّموا حَملَة لإقامة دعوى قضائية دولية ولتوجيه الإتهام لهذه الحكومة بأنها قد إستولت على مدخرات العراق وأنها غير مؤهلة لا فنيا ولا علميا بأن تحكم بلداً هذه إمكاناته المادية التي يعرفها العالم، عندما يحدث هذا سنستحق أن نفخر بأنفسنا بأننا حققنا شيئا لأنفسنا ولبلدنا، وبدونه فليس لنا أدنى حق بالفخر،، والعالم اليوم كله يعلم الفضائح المالية التي حدثت وتحدث يوميا في العراق ولا يحتاج الكثير لإثباتها، ولن يطالب أحد من غير العراقيين بحق العراقيين إذا هم لم يطالبوا به لأنفسهم. قد تنجح مثل هذه الدعوى وقد لاتنجح، ولن يضير العراقيين الحريصين المحاولة، ولن يضير العراقيين المقتدرين على جمع ما تحتاجه هذه الدعوى من دعم مالي.
ولكن،، ولكن، في بلدان المهجر أو المنفى الإجباري العديدة، من المؤسف القول أنه لحد هذا اليوم: لم ينجح العراقيون في تأسيس جمعية أو منظمة أو إتحاد أو أي تجمع يجمعهم ومنذ الهجرة الكبرى للعراقيين بعد عام 1990، بالرغم من أن محاولات عديدة حدثت على أيدي البعض من العراقيين الذين يتمتعون بالجرأة، ولكن جميع هذه المحاولات أفشلها (العراقيون الآخرون وبإصرار)، العراقيون الذين لم يكونوا يتمتعون بالشجاعة للإنضمام لهذه التجمعات، ولم يكن يحلوا لهم إستمرارها،، بدون سبب واضح،، ولكن ربما كانوا ينتظرون أن يدعوهم المؤسسون لهذه التجمعات دعوة خاصة لكي يتسلموا (هم) قيادتها تشريفا لها بإنضمامهم! وبغير ذلك لم يكونوا راغبين بالمشاركة،، لأنهم كلهم تعودوا على (مواقع القيادة)!! والكل كما يقول المثل (يريد يقعد في الصدر)!!!! ومن هنا كانت ردود أفعال العديد منهم على تأسيس تجمع للعراقيين الكنديين مثلا، بأن أطلقوا عليه التهم، مرة أنه صنيعة المخابرات الأميركية، لأنه تأسس مباشرة بعد دخول الجيش الأميركي للعراق العام 2003، ومرة أخرى أنه صنيعة المخابرات الإسرائيلية وذلك لإنظمام ثلاثة من اليهود العراقيين المحبين للعراق والذين يعيشون في كندا ربما قبل وصول أي عراقي (من هؤلاء القياديين) إلى كندا.
في مقابل هذا ترى التزاحم والبشارات والحديث يسود معظم اللقاءات العراقية –الخاصة- عن حفلة ستقام في مكان ما، وستعزف فيها فرقة موسيقية من الدرجة العاشرة، موسيقى تافهة، و يُصَوِّتُ فيها (ولا أقول يغني) شخص أو أشخاص نكرات لا أعلم من إين يأتون بهم؟؟ وعلى تلك الأصوات النكرة تهتز الأبدان ويرقص الجميع،،،، وفي بغداد وفي نفس اليوم تنفجر عدة سيارات، لا يحتاج المقام هنا إلى القول ماهي مخلفات الإنفجارات على البلد وأهله.

إن الكلام يطول،،، ولكل نظرته للحياة وحريته في العيش والإختيار،،، ولكن الذي مازلت أتمناه هو أن ننزع عن وجوهنا هذه الأقنعة التي مازلنا نُصِّرُ على لبسها،، فنحن كنا ومازلنا،،، غير أوفياءَ لبلدِنا، وبلدُنا في الوقت نفسه لم يكن رحيما رؤوفا بنا،،، ولم نكن في يوم من الأيام رؤوفين ببعضنا البعض،، فلماذا نستمر نكذب على أنفسنا ونقلب الحقائق ونزيفها،، ونحن نخاف من بعضنا البعض، ولن يكتب لنا العالم الجديد أن نعيش مع بعضنا،،، فلو كان هنالك ثمة أمل في العيش المشترك قبل سنوات،، فإنه قد تبدد هذا الأمل إلى حدود بعيدة الآن،، مالم نبادر وبجد إلى مواجهة أنفسنا بالواقع الذي نحن نعيشه، والواقع الذي نحن عليه من قدرات ومشاعر ومواقف تجاه أحدنا الآخر، فالسارق منا نقول له أنت سارق، والمنتفع والمتملق نقول له ماهي حقيقته ولا نتركه يتولى الصدارة في الأحداث ونحن ساكتون خائفون مرعوبون، والمجرم القاتل نقول له أنه مجرم قاتل،،، ولمن لا نحتاج خدماتهم من وعاظ وخدم للسلاطين (كما يقول الوردي رحمه الله)، نقول لهم كفاكم ضحكا على ذقوننا،،، فأنتم أولى بأنفسكم أن تعظوا أنفسكم،،، فمعظمكم منتفع وعلى رأس قائمة السراق، أو مخدومي السراق، وحصصكم من سرقات هذا البلد واضحة وبينة، وأنتم عالة على هذا البلد، بل على البشرية جمعاء، ولنعيد النظر في ما نحن عليه من مسار،،، فالحياة ستلفظنا إن لم تكن قد لفظتنا لحد الآن.

العراقيون، النرجسية والمبالغة في تقييم الذات.

(نحن العراقيون أفضل من بقية البشر)
(نحن العراقيون أشجع خلق الله)
(نحن العراقيون أفضلُ من كل المحيطين بنا وبكل المقاييس)
(نحن العراقيون أكثر ذكاء من جميع خلق الله)
(نحن العراقيون لانصبر على الظلم والقهر مثل العرب الباقين)
(نحن العراقيون أعز وأشرف من باقي خلق الله)
(نحن العراقيون طعامنا وطبخنا أفضل من طعام أي شعب آخر!!!!) إلخ ،،،،،،،

(والحقيقة هي أننا نحن العراقيون ولحد الآن نكبة على أنفسنا وسنبقى هكذا لو لم نلحق أنفسنا بأنتفاضة على الذات.)

وهكذا تطول القائمة من المقولات والأعراف التي تربينا على مفاهيمها الساذجة، والتي من المؤكد أن غيري يستطيعون أن يظيفوا لها مالم أتذكره وربما لم يخطر على بالي.
تربينا على هذه المفاهيم منذ أن فتحنا عيوننا وقبل أن نعرف الآخرين من غير العراقيين،، فقط كنا نردد ما قد تلقناه ونحن صغار، وإستمرينا في ترديده حتى بعد أن تركنا البلد بسبب صدام (أكبر مثال للعنجهية والنرجسية العراقية الفارغة)، ولا أنسى كيف كان معظم العراقيين من المعارضين وغيرهم بعد العام 1990 ينظرون لأنفسهم، وكيف ظهرت حقيقة الكثير منهم ممن قرر أن يعود للعراق بعد أن قرر الأميركان أن وقت صدام قد إنتهى وعاد مع من عادوا للمشاركة في حكم العراق وإعادة الرخاء المزعوم له!!! وعندما إنبرى وتجحفل معهم من النطيحة والمتردية من بقايا صدام من المنافقين الذين يعج عراقنا بهم عبر تأريخه.
لا أعتقد أن بعد مرور عشر سنوات على إخراج صدام (من الحفرة المجيدة)، أن هنالك من يناقش ويستطيع أن يجادل مسألة واحدة هي أنه: لولا أن الأدارة الأميركية قد أصبح من مصلحتها إنهاء صدام ودخولها العراق بقواتها في 2003، أن العراقيين كانوا سيستطيعون إنهاء حكم صدام بأنفسهم،، حيث أن كل الدلائل والقراءات مما يحدث يوميا في العراق تشير إلى أن صدام كان سيبقى في الحكم لحد هذا اليوم وربما إلى عشرات الأعوام القادمة وتوريثه الحكم لأبناءه، ولم يكن ليتأثر بربيع أو خريف أو شتاء عربي، لولا أن الأدارة الأميركية قد حان لديها وقت الخلاص منه.
لقد كنا نسمع الحجج تلو الحجج عن عدم قدرة العراقيين الوقوف في وجه صدام، وللحق يجب أن نقول أن الكثير منها أو ربما جميعها صحيحة وذلك لعنف وجنون صدام ووحشيته،،،، ولكن ما يحدث اليوم في العراق، يعطينا دلالة واضحة على أنه حتى لو لم يكن صدام بتلك الوحشية والطغيان فأنه لم يكن للعراقيين قدرة على فعل شيء في مواجهته. لقد كان وقوف العراقيين في معظم المحافظات الجنوبية في الإنتفاضة الشعبانية في الكثير من أركانها وشواهدها، ليس أكثر من تصور تولَّد لدى الجميع بأن صدام قد إنتهى، وكما يقول المثل (بعير قد وقع،، ولذا من المتوقع في بلد مثل العراق أو غيره أن تكثر السكاكين الطاعنة لهذا البعير المتوحش). ولا داعي هنا للخوض في ما قد حصل أثناء الإنتفاضة تلك، وكيف تم فعلا سرقة بنوك و تخريب العديد من ممتلكات البلد.
نحن العراقيون لدينا مشكلة،، والمشكلة هذه كبيرة ويبدو أنها عميقة الجذور،، مشكلة نفسية،، فمن مشكلاتنا البسيطة ربما، أنه من نواحي كثيرة يشعر الكثير من العراقيين بالدونية تجاه الكثير من أبناء الدول التي تحيط بنا،، فالكثير من العراقيين يشعرون بالهبوط وعدم الندّية مثلا تجاه الترك (وما يحدث اليوم من تناحر بين المالكي وأردوغان ليس له علاقة بهذا الجانب)، إنه شعور تأريخي تمكن على الخصوص من الكثير من أهالينا في بغداد القدامى بشكل واضح وكبير،، لا يستطيع أحد أن ينكره، فعندما تقول أن لك أصولاً تركية، تتوقع أن تُقابَل بالإحترام من قبل الآخرين! إذ يجب إعتبارُك من الطبقة التي حكمت العراق في العهد العثماني، وهذا وضع وحالة راقية!!. لا أعتقد أننا نستحق الفخر بأنفسنا ونحن نعلم أن البريطانيين قد جاؤوا لنا بشخص ليس له عمق حضاري ولا كفاءة قيادية ولا قدرة على الحكم، بقدر ما للآلاف من العراقيين في ذلك الوقت من قدرات وإمكانيات، جاؤوا به لكي يجعلوه ملكا على العراق وليقبله العراقيون صاغرين وبدون إعتراض! ومازال الملايين من العراقيين لحد هذا اليوم يحنون ويئنون عليه،،، حتى من لم يره في حياته، أليس هذا شيئا يستحق الإستفهام؟ وعندما تقول أن لك عرقا عائليا لبنانيا (بشكل خاص) مثلا، فإنك ستؤخذ على أنك من الطبقة المتعلمة الراقية والمثقفة (وليس في هذا مأخذ على الأخوة اللبنانيين ولا على من له صلة نسب ورحم معهم)، ولكنه واقع شعور الكثير من العراقيين، والذي لم يعرفه، فأن هذا يعني أنه لم يمر به موقف من هذا النوع. ومثال بسيط وحديث على هذا الأمر هو ما حدث بمجرد إرسال مراسل محطة تلفزيونية عراقية إلى لبنان لتغطية أحداث رياضية، عاد لنا هذا المراسل المسكين وقد تعلم كيف يلفظ إسم (لندن) بطريقة (لوندون) كما يلفظها معظم اللبنانيين، ظنا منه أنه قد توصل لتصحيح المعلومة التي كانت لديه وأنه الآن يلفظ إسم (لندن) بشكله الصحيح!!!!! ولا أعتقد أنه يعرف أن العراق ومنذ بداية تأسيسه دولة في بدايات القرن الماضي له علاقة مع لندن قبل أن يعرف اللبنانيون لندن وقبل أن تصبح للدولة اللبنانية علاقة مع لندن عاصمة الإمبراطورية البريطانية. ولا ينسى الكثير من العراقيين عدة مذيعات عراقيات يعملن في قنوات فضائية عربية ولا أعتقد أن لهن أصول لبنانية، كيف كانت تصر إحداهن بشكل خاص على إستخدام اللهجة اللبنانية للإيحاء بأنها من مجتمع أرقى من مجتمع (الدهماء العراقي) حسب تصورها، مسكين ياعراق، مسكين بأبناءك قديما وحديثا،،، أبناءك الذين لم يعرفوا يوما قدرك،،، ولكنهم في الوقت نفسه يعيشون حالة من التمزق بين واقعهم وبين ما يحلمون به، حتى تهافتت أحلامهم ولم يعودوا يعرفون الغث من السمين.
نحن العراقيون بأمس الحاجة إلى علاج نفسي يضعنا على الطريق الصحيح، لكي نعرف أننا مثل غيرنا من البشر،،، ولسنا من شعب الله المختار،، وأن فينا ماشاء الله من المجرمين والقتلة،،، وأن قلوبنا الطيبة التي طالما إدعينا أننا نمتلكها، لم تقف حائلا دون إرتكاب أبشع جرائم القتل والتمثيل بالجثث،،، وأن فينا مئات الآلاف من السراق الحرامية والمحتالين الذين برعوا في سرقة أموال الفقراء وهدروا أموال البلد بتعمد وبجهل وبشعورهم بالتدني لمن يخدعهم من هذه الجنسية الراقية وتلك الجنسية المثقفة!!! وهنا يبرز مرة أخرى الشعور بالدونية لدى أمثال هؤلاء الذين لا يمكن القول أنهم يمثلون العراق،، ولكن بالتأكيد أن على العراقيين الذين مازالوا يعيشون النرجسية والنفخة الكاذبة أن يضعوهم أمام أعينهم ويتذكروا دوما أنه لم يسبق أن سرق أبناء شعب بلدهم من قبل مثلما سرق هؤلاء العراقيون الأشاوس أموال الفقراء وثروات بلدهم في وضح النهار، ومثلما بدّدَ صدام ثروات العراق وأرواح أبناء بلده على مشاريع حروبه الفاشلة. ربما لم ينسَ الكثير من العراقيين تلك الفتاوى التي كانت تبيح للناس سرقة موجودات المحلات التجارية الكبيرة في الدول الغربية بأعتبار أنها أموال مجهولة المالك،،، والظاهر أن الأمر نفسه قد إمتد إلى العراق بعد العودة الميمونة لهؤلاء للعراق، عندما أعتُبِرَت أموالُ العراق (أموال مجهولة المالك!!!!).
إن من يراقب قناة البغدادية الفضائية عندما تعرض في كل يوم ملفات السرقات والنهب التي تثبت بما لايقبل الشك كيف أن العراقي الذي كان يدعي الوقوف في وجه صدام من أجل بلده،، أنه عندما تمكن من الحكم، فإنه ليس بأي حال أفضل من صدام، وأنه عندما يحتاج العنف والشراسة في تحقيق أحلامه المريضة بالثراء من خلال هذا النهب الفاحش، فأنه لن يتأخر في ممارسة أبشع الجرائم،،، ولكل أسبابه، فصدام كان يهدف لإرضاء مرضه النفسي بالسطوة والقوة والسيطرة وسخر لها كل قدرات العراق، أما هؤلاء فإنهم كالفئران نَخَرَت السدّ ولم تشبع بعدُ، ونحن نراقبها وننتظر أن ينهدم السد عليها وعلينا لنغرق جميعنا،،، لا يراودني شك في أن تقريراً أو ربما إثنين من تقارير السرقات التي تعرضها قناة البغدادية لهي كفيلة بان يطلع الصباح على أي شعب لنراهم كلهم ثائرين نتيجة ما سمعوه بالأمس، وليس بأن يتوسلوا القنوات الفضائية طلبا للرحمة من (دولة فلان) و(فخامة فلان) وما حمله فلان وفلان لنا من ألقاب من الدول التي كان يتردد عليها هؤلاء - دولة وفخامة- الحكام الفلانيون الجدد والثقافة الناعمة التي حصلوا عليها من تلك الدول!!!،، مثل تلك الثقافة التي حصل عليها المذيعون الذين ذكرناهم.
لا يجب أن ننسى أننا (نحن العراقيون) كنا ننظر بعين الإستصغار لقدرات العديد من الشعوب العربية في مواجهة الطغيان، حتى جاءها الربيع/الخريف العربي ومهما كانت نتيجته التي آل إليها، ليقول لنا أننا كنا مخطئين بحق هؤلاء وأننا لم نكن كما كنا نتصور أنفسنا أبطال الساحة،، فالمصريون لهم الآن ما يقرب من ثلاث سنوات تنازعوا ويتنازعون مع مبارك ومع مرسي ومع من سيأتي بعده، وسيشهدوا يوما ما - قريبا كان أم بعيدا- اليوم الذي يقتنعوا به وبالوجهة التي يرغبون بها،،، والسوريون يكادون أن يُنهوا السنة الثالثة في موقفهم ومعاناتهم في هذه الحرب التي يعيشونها (سواء إتفقنا مع من يقومون بها ومن يهمهم إستمرارها أو لم نتفق)،،، أين نحن من هذا،،، ومن سينتصر لحق العراقيين غير العراقيين أنفسهم وقبل أن يتحدثوا عن أنفسهم بكل ما يحلوا لهم سماعه في جلسات السمر النرجسية العراقية،، عليهم أن يبدأو بما يزعجهم،،، إنه من الجميل جدا أن نسمع أغنيات فيروز صباح كل يوم، كما إعتدنا في بداية السبعينات من القرن الماضي،، ولكننا ولظرفنا الطارئ، فإن من الضروري أن نسمع اليوم:
(الصبر والإيمان/ ياظالم لك يوم) و (ياويل عدو الدار).

فارس التميمي



#فارس_التميمي (هاشتاغ)       Faris_Al-timimi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقاط سقطت سهوا (أو أسيئت كتابتها) من دستور لم يُقِمْ إعتبارا ...


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فارس التميمي - العراقيون، النرجسية والمبالغة في تقييم الذات