أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صافي صافي - أطوار الغواية مسرحية في رواية















المزيد.....

أطوار الغواية مسرحية في رواية


صافي صافي

الحوار المتمدن-العدد: 6782 - 2021 / 1 / 8 - 14:09
المحور: الادب والفن
    


عن دار البيروني/ عمان/ الأردن 2019، صدرت رواية "أطوار الغواية" للكاتب مازن سعادة، تقع الرواية في 385 صفحة من القطع المتوسط، موزعة على 45 فصلاً.
حتى لو كان من الصعب علي، أن أعزل معرفتي الطويلة بمازن، التي امتدت من أواخر سبعينيات القرن الماضي، فإنني أجد مازن في الرواية كما هو، بخبرته الطويلة سياسياً وثقافياً وفنياً، وبقوة عزيمته، وبنقده الحاد حتى لنفسه، ولمن حوله، فهو يتناول كل شيء بالنقد، ويذهب في طرح القضايا إلى أعمق مما نفكر فيه، وهو الذي ابتعد بقراءاته في الفلسفات، والحياة، والمجتمع، بحيث أجد نفسي أمام قامة فنية، حتى وإن اختلفت معها أحياناً، وأجده يتمترس حول رؤى أعمق من كثير من الكتاب والفنانين، فهو يبحث عن ذاته في ذاته وفي ذوات الآخرين، ليس فقط هؤلاء الذين نعيش بينهم، وإنما أبعد من ذلك. أكاد أجزم بأن مازن العصامي، الذي لم ترق له وظيفة مكتبية، صنع نفسه بنفسه، ليظل مختلفاً، اختلاف لا تملك إلا أن تحترمه، وتحاول التعرف إليه من جديد كل مرة. مازن يناقش الآخرين ليس باعتباره نداً لأحد، بل أبعد من ذلك، فهو ليس مثقفاَ معرفياَ فقط، بل هو منسجم مع ذاته، بقدر ما تسمح له ذاته، متجاوزاً ذاتي على الأقل في العلاقة بين الحياة الاجتماعية والكتابة الفنية. مازن لم تتسع له كوبر، ولا رام الله، ولم تتسع له الأحزاب القائمة، فمزق أغلفتها، وعاش كما يريد "هنا" وخارج "هنا".
أستطيع القول، من قراءتي للرواية، أنني أمام كاتب روائي مميز، يمتلك ثقافة واسعة في حقول المعرفة، وفي التكنيك الروائي، فالرواية مثل مازن متشابكة، معقدة، رغم بساطتها، صنعها الكاتب طبقات فوق طبقات، ورغم أن لب الرواية هي مسرحية عكف "يوسف الجابر" على كتابتها، ومتابعة تدريباتها، وأعلاناتها، إلا أن أحداث الرواية، وما دار حول صناعة المسرح، والبدء من الصفر، بما في ذلك الممثلون أنفسهم، الذين لم يخبروا هذا النوع من الفن، أبقت على روح الرواية. قرأت عن رواية داخل رواية سابقاً، وأحداث حول نشر في رواية، واليوم أقرأ مسرحية في رواية. الممثلون هم الناس العاديون، والكاتب المسرحي هو فنان تشكيلي، والمسرح جديد، لكن مازن يخبر كل ذلك بنفسه المتعدد والمتجذر في رؤى أبعد من الأحداث. بقي أن أضيف، أن الحدث نفسه يتم تناوله من أكثر من شخصية، بتعدد أصواتها، ونفسيتها، ولغتها، بصدق، وبعمق أكثر مما قرأناه في صفحات سابقة. هذه المهارة يمتلكها مثل مازن، ليس مدحاً، وإنما وصفاً.
هناك زوايا كثيرة ممكن مناقشتها في الرواية، ومقولات كثيرة أيضاً، فلا يمكن لي شخصياً، وأنا لست بناقد أن أكتب عن كل هذه، فهل أكتب عن: دور الفن في المجتمع؟ موقف السلطات من الفنون"؟ أنا المتغيرة؟ أيام الأسبوع الجديدة؟ الأشكال الهندسية (مثلث، مربع، دائرة) وتدوير الزوايا؟ نهايات التسوية؟ "جوهر الصراع"؟ رام الله كمركز سياسي وتحولاتها؟ العلاقات الإنسانية الممتدة المتشابكة؟ ...الخ، فلا بد أن أتناول زاوية منه، فدعني أكتب عن نهاية شخصية يوسف الجابر.
يوسف الجابر، لم يرجع إلى فلسطين "عشان أحط كمامة" (ص355)، و "المجهول معلوم" (ص382)، و "إن لم تكن ذيبا، بتاكلك الكلاب" (ص331). يوسف الجابر، لم يستطع العيش بين أقاربه (عائلة أخيه) على تراث وتربة أبويه، فوجد رام الله متنفساً، وكان ربما مقتلاً، ف "الفن بوابة الكفر" (ص 56) حين تكون أنت كما هي، الأنا المتغيرة مع تغيرات الحياة وأطوارها، وبالذات أطوار الغواية "أنا لست أنا، وأنت لست أنت، وأخي ليس أخي" (ص66).
أكان يوسف ذئباً؟ فلماذا أكلته الكلاب؟ أي كلاب هي التي أكلته.
سكن يوسف سطح (روف)، بناية قديمة في رام الله (الأرملة الشابة ص131)، وحاول استغلال موهبته في الرسم، ليتحول إلى الكتابة، كتابة المسرحية، مسرحية "أطوار الغواية"، والغواية متعددة، ليس فقط الجنسية رغم وجودها بكثرة، وإنما غواية أن تكون فناناً، وأن تكون فناناً كاتباً، وأن تكون فاعلاً، وليس مراقباً، وأن تحاول الاندماج في رام الله، البلدة في أطوار تطورها، وغواية السهر والشرب، وغواية الأرض والحديقة، والورود بألوانها وأشكالها المختلفة، وغواية مراقبة الساحل، والمطاعم والمقاهي، إنها غوايات رام الله، التي وقع فيها، وربما أرادها، على عكس الكثيرين من أهلها ربما.
لقد قرر يوسف منذ البداية أن يسكن طابقاً أرضياً، ليستغل ترابها، ويصنع عالمه، عالم القرية التي حنّ إليها، فلم يجدها في نفسه، أو ربما لفظته خارجها، فحاول أن يصنع من "الروف" ما يوازي ذلك الحلم القديم، فكانت غوايات جديدة من الجيران، وصاحب البناية، وجورج "المطعمجي" المثقف الفاعل، والصحفية النرويجية، ، التي أرادت أن تدرس تغيرات ما بعد أوسلو، لكن يوسف كان يود الإجابة على سؤال: لماذا أوسلو؟ أوسلو التي لا تنتمي إلى دول الشرق، ولا دول الغرب التي خبرت الشرق بطرق مختلفة، إنها أوسلو البعيدة، الباردة، صيف شتاء، حيث عقدت المحادثات الأولى في مبنى، مغطى بالتراب، وتنبت عليه الأعشاب، كأنه جزء من الأرض، ملتصق فيها، إنه السقف الحديقة.
كانت كتابته للمسرحية، ومراقبة تدريباتها، والتدخل أحياناً في أمور الإخراج، ونقده للواقع بعد أوسلو، وما قبله، وجشع المستثمرين الجدد، وأصحاب الأملاك القديمة في رام الله، فرصة للتدخلات الخارجية، الصحفية، والمحلية الأمنية، بحيث أصبح مطلوباً لكل الذين حوله، من عشيقاته إلى أجهزة الأمن.
مرة واحدة ودون أن يدري، دخل غرفته (روفه)، ودون أن يطل على حديقته المصطنعة، وبعد أن ألصق إعلانا أنه غير موجود، تأتي الجرافات، وتزيل المبنى عن بكرة أبيه، لتحل مكانها "ناطحة سحاب". لم يدر هو بما جرى، ولم يدر غيره، لكن آثار دماء كانت بين الركام.
هل تحققت أمنية يوسف بالعيش مع التراب وبينه أخيرا؟ هل تحققت بموته؟ أم أن روحه ظلت فوق الركام، تحت "ناطحات السحاب"، لنذكرها، ونذكره كلما راجعنا الاتفاقات، وكلما مررنا من أمام تراث قديم، يحفظ هوية المكان؟
شكرا مازن على غواية الرواية، وغواية القراءة الممتعة، وما زالت الغواية تشدنا نحو المجهول، فلم تعرض المسرحية، لكن للرواية مكان للعرض المستمر.
"حقا عاد. حقاً عاد" (ص76)، ليس الشباب فقط، وإنما مازن الذي ما زال شاباً



#صافي_صافي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أساطير الأولين ما بين الرواية والقصة
- الكتابة والمرأة في إشراقات صباح سالم
- أكاذيب المساء/ محمد رمضان الخضور/ عمان 2020
- الخاصرة الرخوة/ المطلقة/ روايتان لجميل السلحوت
- المطلقة إنسانة لها مشاعر وكرامة وحرية الاختيار والقرار
- رواية دروب المراثي لأسعد الأسعد
- تجربتي مع الرواية


المزيد.....




- أقوى أشارة لتردد قناة روتانا سينما 2024 لمشاهدة أحلى الأفلام ...
- زوج الممثلة الإباحية يتحدث عما سيفعلان -بعد نهاية محاكمة ترا ...
- الممثل الأمريكي هاريسون فورد لم يساند في هذا الخطاب المظاهرا ...
- مسلسل قيامة عثمان الحلقة 160 مترجمة باللغة العربية وبجودة HD ...
- لأول مرة.. مهرجان كان يخصص مسابقة لأفلام الواقع الافتراضي
- مشاهدة ح 160 مترجمة… مسلسل قيامة عثمان الحلقة 160 والموعد ال ...
- ضجة وانتقادات تحيط بزيارة محمد رمضان لمعرض الكتاب بالرباط
- اليابان بصدد تطوير منظومة قائمة على الذكاء الاصطناعي للترجمة ...
- بالغناء والعزف على الغيتار بملهى في كييف.. بلينكن للأوكرانيي ...
- وفاة -سيدة فن الأقصوصة المعاصر- الكندية أليس مونرو


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صافي صافي - أطوار الغواية مسرحية في رواية