أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - ميوشة تكتشف عذاب القبر















المزيد.....

ميوشة تكتشف عذاب القبر


محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 1614 - 2006 / 7 / 17 - 07:20
المحور: كتابات ساخرة
    


حين بانت على "ميوشة" بوادر الكبر واخذت تسعل كثيرا خصوصا في ساعات الليل الباردة ويضيق نفسها كلما بذلت جهدا لتنظيف غرفتها. وحين بدا الاصفرار يبان بشكل واضح على وجهها شعرت جاراتها بان منيتها باتت قريبة ولابد من القيام بعمل ما قبل ان تغادر الدنيا، عمل يجعل "ميوشة" تقترب اكثر من ربها حتى ترجع الى ربها راضية مرضية وتكون لها فرصة لتستغر الله من كل ذنب اقترفته.
تركت النسوة الامر لأم زهير لكي تفعل ماتجده صوابا فهن يعرفن علاقتها القوية باصحاب "الكرامات" والسادة الذين سقط عنهم الحجاب وعرفوا بواطن الامور ولديهم سلطة الطاعة والايمان وسحر الكلمات الشافية .ولكن الذي لايعرفنه النسوة عن ام زهير هي علاقتها الحديثة باحد اصحاب الكرامات... وهو شاب في الاربعين من عمره حليق اللحية ناعم الشارب يرتاح الناظر الى قسمات وجهه بسرعة. واكدت ام زهير لجميع الجارات ان هذا الشيخ الشاب يقرأ كثيرا ويلاصق جهاز الكمبيوتر ليل نهار فيما تحدثت النسوة اللواتي زارنه عن ابتعاده عن التعويذات الورقية وادعية البخور وطلب حليب العصفور او بؤبؤ عين الغزال كما كان يفعل اسلافه خصوصا في حالات الطلق والعقم والبحث عن ابن الحلال وربط راسين على سنة الله ورسوله بل كانت تزدحم في غرفته عشرات الافلام وتلك الاسطوانات الصغبرة التي تلمع دائما وقد قسم - كما تقول هؤلاء النسوة- هذه الافلام حسب مشاكل المرضى الذين يزورونه. وكان كل الذي يفعله انه يصغي جيدا الى مشكلة مرضاه من النساء ثم يسحب فيلما من مكتبته ويطلب من مريضه المعين ان يشاهده بعناية ولايفوت اي مشهد منه.
وتقسم النسوة اللواتي زرن هذا الشاب بان الافلام التي وصفها لمرضاه قد اشفت العديد من المريضات رغم ان بعضها - اي الافلام- تحوي مشاهد وصور تستحي الواحدة منهن ان تتفرج عليها مع اخريات ولكنهن مقتنعات بان حتى هذه المشاهد ليست كريهة ولا مقززة لانها مقدمة من شيخ شاب وقور مؤمن يلتزم بشؤيعة ربه ولابد انها تحوي على "حكمة" شديدة الفعالية.
افلحت ام زهير اخيرا في اقناع "ميوشة" لزيارة هذا الشيخ الشاب . وفي ظهيرة يوم قائض من ايام تموز وصلت المرأتان الى بيت الشيخ الشاب.
اصغى الشيخ الشاب بكثير من الصبر الى ما قالته "ميوشة" التي لم تكن تشكو من سوى الهزال والوهن.
قال لها الشيخ الشاب:
- ليس وهنا هذا الذي تعانين منه، انه ضعف الايمان فقد الهتك اغراءات الدنيا عن التقرب الى رب العزة.
اجابت "ميوشة" بوهنك
- انها ليست اغراءات الدنيا ياشيخنا بل انه الحزن. فكل ما اراه امامي يبعث بي الالم ويعصر نفسي حتى اني لا اطيق في معظم الاحيان ان اكلم حتى نفسي.
قال الشيخ الشاب بصرامة:
- الاحزان ايتها المؤمنة تصفي النفوس بعكس الفرح وربنا يبعث الينا هذا الحزن بين الحين والاخر كي يجلي نفوسنا ويصفيها فهي طريقة " الرب" نحو الايمان الكامل الذي لاتشوبه شائبة.
هزت "ميوشة" رأسها موافقة وماعساها تقول امام كلمات الشيخ الوقور صاحب الوجه السمح والشارب الناعم واليد البيضاء الناصعة بخواتم ملونة.
تحركت يد الشيخ الشاب نحو مكان محدد من المكتبة وتناول علبة مستطيلة قذفها الى "ميوشة" قائلا:
- خذي هذا الفيلم وشاهديه جيدا عسى ان يكتب رب العزة لك الخير كل الخير.
تلقفت "ميوشة" العلبة بسرعة ووضعتها في سلة خوص تحملها فقط في الناسبات الخاصة وهرولت هي وام زهير نحو الشارع العام. ولم يفت ام زهير ان تقول بسعادة بانها استعارت جهاز فيديو من ابنها زهير الذي استعره بدوره من صديقه "مصلح" الاجهزة الالكترونية في محلتهم واقسمت على ان تعيده الى ابنها بعد مشاهدة الفيلم.
مارأته "ميوشة" بعد ذلك
شاب في مقتبل العمر - يمكن ان يكون في العشرينات- يضطجع على كنبة ويضع سماعة في اذنه يسمع من خلالها موسيقى تبدو صاخبة فيما كان الاذان يأتي من بعيد. تأخذ هذا الشاب سنة من النوم وفي منامه تراه يستيقظ مذعورا بعد ان يرى شبحا يدخل عليه فجأة وهو يتشح يالسواد وينادي باسمه عدة مرات وبصوت يثير الرعب في النفوس . تقلص حسن داخل زاوية الكنبة متقوسا من الخوف فيما كان ذهنه يستعيد ذكريات مضت دون رضاه.. شاهد طفولته ثم مراهقته وكيف كان يختلي في مكان بعيد عن الانظار كي يدخن وكيف كان يتعارك مع اخيه الصغير. كل هذا والشبح المتشح بالسواد والماسك بيده صولجانا اسود في راسه ملوية فضية وما زال يردد بصوت مرعب اسم "حسن". تقدم عزرائيل الى حيث بطن الشاب حسن ليقبض روحه تصاحبه بذلك موسيقى مرعبة زادت من شدة خوف حسن الذي تمنى - عرفت "ميوشة" ذلك من تعابير وجهه- ان يفعل اي شيء يريده هذا "العزرائيل" بعيدا عن هذه الموسيقى المرعبة.وبعد لحظلت حسبها حسن دهرا اختفى عزرائيل بعد ان قال مهددا " سترى ياحسن ما جنته يداك، كيف تجرؤ على سماع الموسيقى في وقت الاذان ويكف يمكن ان تضرب اخاك الكبير بهذه القسوة بل وكيف تفكر في بعض الاحيان بانك لاتحب اباك؟ الا تعلم ان الله سيعاقبك على ذلك.
لا تدري "ميوشة" لماذا كان عزرائيل يتكلم بلهجة مصرية رغم ان حسن يبدو خليجي الملامح او حتى ربما عراقيا. في هذه الاثناء كانت روح حسن تطوف بين اهله واقاربه وتراهم كيف يبكون على جسده المسجي على الارض في وسط الغرفة . كان حسن يجاول في تلك اللحظات ان يقترب من اهله .. كان يريد ان يكلمهم ولكنه لا يستطيع وكلما اراد الاقتراب يسمع ضحكة عزرائيل المجلجلة والمثيرة للرعب والادهى من ذلك كان يناديه بين الحين والاخر باسمه وباللهجة المصرية:
- تعال ياحسن .... تعال ياحسن.
رافقت روح "حسن" تابوت جسده المحمول الى حيث القبر وسط دموع وآهات وصيحات الرجال والنساء من اهله. ادخل التابوت الى حيث القبر ثم اهيل عليه التراب. ولم يكن ذلك مسك الختام فقد شاهد حسن من خلال قبره الذي انفتح فجأة عزرائيل المتشح بالسواد يقترب منه ، وكلما اقترب اكثر ازداد حسن رعبا وخوفا فيما كانت الموسيقى التصويرية تزيد من قشعريرة جسده.
سمع حسن الشيطان هذه المرة يقول بصوته الاجش:
- تعال ياحسن انا صاحبك ومن يعصي من ذكر الرحمن نهيىء له شيطانا قريبا .. انا منذ تلك اللحظة التي كبرت فيها اطعمتك حلاوة المعصية التي كنت تعتقد انها حلاوة الجنة وكنت سعيدا بمعصيتك " ضحكة مجلجلة" وهاهم اهلك يهيلون عليك التراب لتبقى وحيدا كما اتيت الى هذه الدنيا.
لم تستطع "ميوشة" ان تكمل مشاهدة ما جرى ل "حسن" فقد اصابها رعب شديد ليس بسبب الدموع التي ذرفها حسن في تلك اللحظة بل انها تذكرت قصة زهير ابن جارتها العزيزة الذي خطفوه من بيته ولم يعد اليه الا بعد سنوات .. كانت تلك القصة التي سمعتها هي وحدها من فم زهير والتي لم تكن تصدقها في ذلك الحين هي نفس القصة التي تحدث الان ل"حسن" فهل ياترى كان ذلك تشابه خواطر ام اسماء.
___________________________________
ملاحظة مهمة :يبدي الكاتب استعداده لارسال هذا الشريط ومدته 29 دقيقة الى كل من يريد الاطلاع مجانا على بريده الخاص.



#محمد_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اين هذا (الجن) من ذاك الجنون؟
- ميوشة تعتكف عن اللطم
- ميوشة تسأل في عيد ميلادها
- بعبع المخابرات
- هذا العصفور لا احبه
- الى محكمة العدل الدولية.... اني طالق ،طالق، طالق
- قاتل الله الجاجيك
- رسالة غير مكتوبة الى رب العزة


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - ميوشة تكتشف عذاب القبر