أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - الى محكمة العدل الدولية.... اني طالق ،طالق، طالق















المزيد.....

الى محكمة العدل الدولية.... اني طالق ،طالق، طالق


محمد الرديني

الحوار المتمدن-العدد: 1596 - 2006 / 6 / 29 - 09:58
المحور: كتابات ساخرة
    


قال صاحبي المحامي الذي يكتب الشعر منذ ثلاثة عقود:
اني اكاد اجن ياصاحبي.. لا ادري ماذا حل بهذا العالم؟ اني على وشك الجنون او ربما قد دخلت فعلا الى هذا العالم.
قلت له :
- مهلا ياصديقي ودعني اتابع ما تقول؟
- لقد تمهلت ... ثلاث سنوات وانا اقول لنفسي تمهل يارجل، لامشكلة بدون حل.
قلت له:
- لا اريد الغازا، اريد وقائع وانت محامي وتعرف ذلك.
تنفس بعصبية وكعادته يعد الى رقم عشرة قبل ان يقول شيئا مهما.
قال:
- تزوجت منذ ثلاثين سنة وانت تعرف ذلك وكان زواجا ناجحا بالمفهوم النسبي للزواج الشرقي .ومنذ سنوات طويلة فيها جبت بلاد العالم بحثا عن مدينة لاتعرف شيئا عن شيء اسمه " بيان رقم واحد" ووجدت ضالتي في بلد هادىء ليس له جيران. وفي هذا البلد علقت لافتة في آخر مدينة جنوبية له تقول" هذه نهاية العالم". ولم يكن ينقصنا شيء
رواتبنا تصل من بيت المال بانتظام. ونحن مواظبون على دفع فواتير الكهرباء والماء والغسالة والثلاجة واقساط اخرى لامجال لذكرها الان.
ولكن الذي حدث قبل سنتين اثار استيائي ودفعني الى الانفصال عن رفيقة عمري.
دخلت ذات مساء الى غرفة نومي لاجد بقايا صور ممزقة وحين امعنت النظر فيها ادركت انها صور زواجنا وعمرها سنوات طويلة التقطناها ونحن نجوب بلاد الله الواسعة.
سألت رفيقتي - وهنا يسمونها نصفي الحلو- عن الذي تجرأ ومزق هذه الصور التي لاتقدر بثمن، فقالت بما يشبه التشفي" انا التي مزقتها... لانها حرام"
لم استوعب الامر تماما فسالتها بلطف ان تعيد على مسامعي ما قالته. فقالت هذه المرة بوضوح مابعده وضوح: يازوجي العزيز انت تعرف اني شيعية المنبت كما انك سني الهوى وقد طرق سمعي ان مفتينا في العراق اصدر فتوى بمنع الاحتفاظ بالصور لانها حرام وانها في ضررها تشبه تماثيل الكعبة ايام الجاهلية.
دهشت وانا اسمع صوتي يقول لها بهدوء ولكنها صور لا تغني ولاتسمن من جوع وهي بالتالي
صور عزيزة علينا وليس بها من الفاحشة في شيء.
انتهت الزوبعة وتعوذت من الشيطان وقلت لتمر هذه المشكلة كما مرت غيرها بسلام.
لم تمض الا ايام حتى رايت نصفي الحلو منكبة على قراءة" مفاتيح الجنان" يصاحبها في
ذلك صوت ينوح ويبكي على اناس ماتوا منذ الف سنة.
وبعد السلام والتحية سألتها عن هذا الكتاب فقالت لقد بعثوه لها من ايران ولانه غالي الثمن
فقد نظمت ميزانيتها لتدفع قيمته على اقساط شهرية.
قلت لها : لديك شبكة الانترنت ويمكنك ان ان تقرايه مجانا.
صاحت بوجهي: الا تعلم ان هذه الشبكة تحمل في بعض ما تحمل خبايا الدعارة والزنا والصور
الفاحشة فكيف تريد لزوجتك ان تقدم على هذا الفعل الاثيم.
سألت ببراءة: يمكنك ان تتحاشي هذه المواقع وتطلبي ما تريدين مباشرة.. ثم
اني اسمع منك بعض التعابير التي لم يعد يستعملها حتى اصحاب الجاهلية الان.
صرخت مرة اخرى:ان جهازا يتستر بالبراءة ويضم الفواحش فهو لعمري حرام في حرام.
تركت النقاش جانبا وطلبت منها ان تعد لي كوبا من القهوة كعادتها منذ ثلاثين سنة، فردت
" اسمع ان هذه القهوة ليست من اصل عربي ولهذا عليك بالشاي فانه مفيد ولا ضرر منه.
تعوذت من الشيطان وخرجت من البيت راكضا نحو اقرب تل اخضر لاقف عليه واصرخ
باعلى صوتي.
في نفس الليلة تمددت نصفي الحلو على فراشنا كالعادة ولكني حين انقلبت على جنبي
الايمن لاراها ، هالني مارأيت فقد كانت متلفعة بقماش ابيض من اخمص قدميها حتى
يافوخ رأسها. لا انها ليست زوجتي انها امرأة اخرى او لعلها شبح اراد ان يمازحني
في هذا المكان القصي من العالم. عدت لنفسي آملا ان تكون احدى نزوات زوجتي، وحين
اردت ملامستها سمعتها تقول بحنان بالغ: يازوجي العزيز ان النفس لاتعرف في اي ارض تموت
ولهذا فانا منذ هذه الليلة سانام بكفني هذا حتى استقبل ربي جاهزة... ثم حذار ان تلمسني
اذ لايصح ان استحم بعد ذلك في مثل هذا الجو البارد.
ومضت شهور والكفن الابيض لايرافق نصفي الحلوفي السرير. وفي ليلة ليلاء اردت مغازلتها
فقد هاج بي طعن الرماح ولكني رأيت منها صدا حنونا وصوتا قال لي بهمس: اسمع يازوجي
ان وجدت بعد طول امعان في التفكير ان طريقتنا السابقة في ممارسة الحب لم تعد تنفع ومن هنا
فاني ارجوك ان تقرأ كتاب" فيما قاله ابن النهرين في العلاقة بين الزوجين".
لاسبيل الى الخروج الان الى الشارع العام فالثلج قد غطى عتبة البيت ولاسبيل ايضا الى الصراخ
داخل البيت فازعاج الجيران تهمة يعاقب عليها القانون بالحبس او الغرامة. تعوذت من ابليس
وحاولت النوم وفي مخي تشتعل نيران كانها صادرة من تنين كذاك الذي يكن المجوس له احتراما.
بعد ثلاث ليال بالضبط كنا انا ونصفي الحلو نتفرج على برنامج تلفزيوني يقدم اصوات غنائية شابة
تدخل هذا " الحرم" لاول مرة، وكعادة شباب هذه الايام حين تراهم يتلوون ويحكون ظهورهم
كانهم لم يتحمموا منذ سنوات كانوا يغنون... مراهقين ومراهقات. وكنت اضحك مع نفسي على
هذا الفن الذي لا يتعدىصراخ من الفم وتلو في الخصر وجحظ في العينين. قطعت زوجتي حبل
تفكيري حين اغلقت التلفزيون صائحة: اعوذ بالله من هؤلاء الكفار، انهم يخربون علينا اولادنا
ويسيئون الى بناتنا... اعوذ بالله من الشيطان، اعوذ بالله. وبصوت خافت سمعتها تقول: يجب
ان نبعد هذا التلفزيون من البيت ونستبدله بلوحات قرانية فان ذلك يجنبنا النار وبئس المصير.
حاولت في الايام التالية ان افهم نصفي الحلو وجهة نظري وهي وجهة نظر بسيطة بساطة
حاملها. قلت لها: يانصفي الحلو .. يامن رافقتني كل هذه السنوات في حلوها القليل ومرها الكثير
الا ترين انك تبالغين فيما تفعلين، الاترين ان التقرب الى رب العباد لايأتي بالنواهي وانما بالحب
والامل، اما كنت تقولين ان علاقة الانسان بربه علاقة خاصة جدا لايحق لاحد حتى ولو لبس
خواتم الدنيا كلها في يديه ان يتدخل فيها. اما كنت اقول لك ان الله خلق الانسان على شاكلته
لهذا فهو صديق حميم له ولايمكن ان يتخلى عنه لمجرد نزوة منه وليس من المعقول انه
يعد لهذا الكائن الذي خلقه على شاكلته نارا تغليه ثم تغليه ثم تغليه ثم بعد ذلك تشويه.. اما
كنا نقرأ قصائد الحب والغزل ونشعر كم هو رقيق هذه الانسان الذي وضع الله فيه شيئا منه.
اما.....
صرخت نصفي الحلو مقاطعة: انه كلام جرايد ان الله عز وجل يحاسب من يخطىء حسب حجم
خطيئته ولايمكن ان توجد الجنة بدون النار، فالاولى لها الثواب والثانية لها العقاب.
قلت متشبثا برأيي: كلنا سنذهب الى الاولى حتى الخطاءون منا ،فهناك سنعيش السلام الذي
افتقدناه على الارض. قلت كلماتي هذه وخرجت من البيت ابحث عن تل احضر اصرخ من عليائه.
استراح صديقي بعد هذا الاسترسال واخذ نفسا عميقا وبسرعة من يريد ان يرمي عن كاهله
عبئا ثقيلا قال:
- الطامة الكبرى حدثت قبل ايام حين شاهدنا في الاخبار كيف يحملون جثث الصغار بعد ان
هشمتهم سيارة مفخخة. قلت بصوت عال: ما ذنب هؤلاء الاطفال ايها المأفونون.
تجمدت في وقفتي حين سمعت نصفي الحلو يصرخ:
لاتشتم هؤلاء الناس الذين يريدون اعلاء كلمة الله ضد الكافرين النصارى، انهم يفدون ارواحهم
في سبيل الاسلام.
سألتها وانا منهد "الحيل"
- وهؤلاء الاطفال؟؟؟؟
قالت وهي تتجه نحو المطبخ لتغسل الصحون:
- لابد من الخسارات في الحرب وهؤلاء الاطفال ملائكة يطوفون الجنة ليل نهار ولا يستجدون
لقمة الخبز كما يحدث الان في شوارع بغداد.
في الليلة التالية اعتكفت في مكتبي لساعات طويلة وحين سألتني نصفي الحلو بغير لهفة عما
افعل قلت لها اعد مذكرة لمحكمة العدل الدولية اطلب فيها النصح والايناس.
وكان في نيتي ان اترك هذا البيت للابد.



#محمد_الرديني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قاتل الله الجاجيك
- رسالة غير مكتوبة الى رب العزة


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محمد الرديني - الى محكمة العدل الدولية.... اني طالق ،طالق، طالق