أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - المواطنة، الهوية، قتل النساء والأمل المفقود















المزيد.....

المواطنة، الهوية، قتل النساء والأمل المفقود


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 6738 - 2020 / 11 / 20 - 01:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المواطنة، الهوية، قتل النساء، والأمل المفقود
ساتطرق اليوم لحدثين محليين أشغلا بال الناس وتصدرا عندنا واجهات المواقع الاخبارية والثرثرات الاجتماعية. ورغم كونهما منفصلين تماما ، أشعر بوجود رابط وثيق بينهما، وأرى أنهما يعبران، كلٌ بمكوناته، عن وجود نفس الأزمة الخطيرة التي تعبث في قسمات هويتنا وتؤثر فينا وعلينا كمواطنين في اسرائيل.
كان الشارع الرئيسي في مدينة عرابة الجليلية مسرحًا لجريمة قتل امرأة عربية جديدة تدعى وفاء عباهرة، والتي طعنت في وضح النهار حتى فارقت الحياة وتركت على صفحة النسيان خمسة تذكارات صغار سيكبرون على أهداب الحسرة ودروب الضياع.
وقعت الحادثة يوم الاثنين الفائت؛ فبدأت المواقع الاخبارية وصفحات التواصل الاجتماعي بنشر تفاصيلها ومعلومات عن الضحية وعن المشتبه بقتلها، الذي كان على ما يبدو طليقها؛ وتوالى الشرح عن فصول في حياتهما وعن محطات في مسيرة زواجهما وعثراته حتى الوصول الى مشهد موتها التراجيدي.
سوف ينشغل الاعلام بعد ايام قليلة بمأساة جديدة، وسينسى الناس اسم وفاء كما نسوا اسماء الاربع عشرة ضحية اللواتي كن قد سقطن قبلها منذ مطلع العام الحالي، أو اسماء عشرات القتلى الرجال الذين اعدموا في شوارع قرانا ومدننا بعمليات اجرامية تُمارس يوميًا وبدون روادع على الاطلاق؛ سوف ننسى!
من منا، نحن أحفاد الرمل، بحاجة الى مسارح الخوف والى قصص الخيال، ومن يريد ان يتذكر سجلات "الوفاء" المستحيل وصور الخواصر المبقورة ؟
وكما في كل مرة ذبحت فيها امرأة عربية على خلفية ما يسمى "شرف العائلة" او لكونها ذلك "الشيء/المتاع" الذي يملكه بعلها او افراد عائلتها وقبيلتها، تَدافَعَ، هذه المرة أيضًا، عشرات من السياسيين والناشطين/ات الاجتماعيين/ات ومعهم فَراشُ الالكترونيات الدائم الحومان؛ واطلق الجميع سهامهم نحو قلب العبث واسهبوا في تحليل اسباب وقوع هذه الجريمة وعددوا قوائم المتهمين بها وبغيرها، بينما حاول بعضهم اقتراح بعض الحلول لمواجهة الظاهرة او سبلًا للحد من تفشيها.
لم يُتفق، كما في المرات السابقة، على تشخيص اسباب انتشار ظاهرة قتل النساء، ولم يُتوافق على كيف يجب ان تصنف تلك الاسباب، حسب اهميتها وتأثيرها؛ وبقيت المسألة رهينة بين نظريات المؤامرة الصهيونية، واستبداد هوية الصحراء، او تداعيات مجتمعات الحداثة والاستهلاك.
لم أقرأ بيانًا باسم القائمة المشتركة في اعقاب حدوث الجريمة، مع ان اخبار القائمة كانت تملأ الفضاءات، لا سيما بعد انتشار الانتقادات العنيفة بحق النائب منصور عباس وبعد ان اتهمه شركاؤه في القائمة عن حزب التجمع الوطني وعن الجبهة الديمقراطية، بالتفرد في اتخاذ قرارات لا يوافقون عليها سياسيًا، وباطلاقه بعض المواقف الخلافية التي عكست فهمه لطبيعة التواصل مع الحكومة ورئيسها نتنياهو، وموقفه ازاء وسائل التعاون مع مختلف الوزارات، وبالاخص مع وزارة الشرطة ورؤيته الودودة الخاصة لدورهم في مواجهة الجريمة والعنف المستشري في مجتمعاتنا.
لا يمكن ولا يجوز ان نرى بما حصل في قضية النائب منصور عباس كتعبير عن نزوة شخصية، ولا ارى بما فعله تجليًا لنجومية يسعى وراءها، كما حاول البعض أن يدعي؛ ففي هذه الحالة، وبخلاف لتصرفات نجومية مارسها في الماضي أو قد يمارسها مستقبلًا هو او بعض زملائه، كان تصرفه نابعًا عن ايمان مطلق بصحة طريقه السياسي الذي يعبر عن طريق حركته الاسلامية، وعن قناعتهم المذهبية الخاصة بمفهوم المواطنة وبحدود الوسائل المجازة لممارستها. فالنائب منصور عباس يؤمن بضرورة التصرف "الذرائعي" البرغماتي حتى النهاية وذلك لأن تأمين المنافع لابناء المجتمع هو غاية الغايات وهدفه من وراء دعوة رئيس الحكومة وضباط الشرطة لجلسة لجنة مكافحة العنف في الوسط العربي والتي يرأسها باسم القائمة المشتركة، كان كما صرح "تحصيل قرار بخطة حكومية لمكافحة العنف والجريمة وليس لتسجيل موقف ضد الحكومة أو الشرطة..فأنا" هكذا اجاب جميع منتقديه "أعي جيدًا الفرق بين التواجد في مظاهرة رفع شعارات وبين التواجد في جلسة رسمية لاتخاذ قرار".
لقد رفض النائب منصور جميع التهم والانتقادات الموجه اليه من شركائه، الشيوعين والقومين، واتهمهم، بالمقابل، باحتكار سياسة التخوين التي حسب رأيه لم تبدأ ولن تنتهي بمنصور عباس؛ فالوحدة السياسية عنده وعند حركته لا تعني بالضرورة ما تعنيه لدى سائر مركبات القائمة، وهو لم يخفِ ذلك حين كتب على صفحته بوضوح وأكد على ان "ثوابتنا العقائدية والوطنية واضحة ولم ولن نقدم بها أي تنازلات ولن نساوم عليها"، فجميع حركات الاسلام السياسي لا تساوم بأمور الثوابت العقائدية، خاصة في مواجهة حركات معادية لها سياسيًا وعقائديًا. وهذا ايضًا ما يجعل مفهوم "الوطنية" لديهم سائلًا ومتحركًا ولا يمكن صبه في قالب ثابت. وكما نرى فهو يعرف الوطنية "بان تعمل من اجل شعبك ومجتمعك والا تقوم بتصرفات قد تضر بمصالحه" ولا يقر بكون هذا التعريف فضفاضًا وتضليليًا الى حد بعيد، وخاليًا من العمق السياسي ويبقي حدود العمل الوطني غير معرفة بل يمكن مطها حتى تصل الى حضن "السلطان" او الى مسايرة سياساته او مقايضتها، باسم البرغماتية، خاصة اذا مكنتك تلك "القيادة" العملية من تحصيل بعض المكاسب المنفعية لصالح "شعبك" ومجتمعك .
لا يمكن التجسير على هذه الهوة التي حفرت، ولن يسعى النائب منصور الى ردمها بسهولة؛ فالمواطنة، كما يحاول هو ان يمارسها، ليست هي نفس المواطنة التي ينادي بها اخوانه في القائمة المشتركة؛ والوطنية التي يعمل هو بهديها لا تشبه وطنية شركائه على الاطلاق. هذا علاوة على ان هوية النائب منصور تختلف بالتأكيد عن هوية زملائه في القائمة؛ فهو واخوانه في الحركة الاسلامية سيعرفون انفسهم اولًا وثانيًا وثالثًا كمسلمين لا يساومون، وحقهم طبعًا، ولا يتنازلون عن ثوابتهم ويجاهدون من اجل وطن مشتهى هو دولة الخلافة التي يسعون لاقامتها بدون هوادة أم مهادنة.
كما وستبقى ثوابته الاجتماعية حواجز تبعده عن زملائه في القائمة في عدة قضايا مثلما حصل في مسائل حقوق بعض الجماعات والافراد والنساء، لا سيما من تعتبرهن العقيدة العاصيات او الزانيات او الناشزات او المتحررات او الفاجرات او المتبرجات؛ وما يعد لهن من قصاص وعقاب وحدود.
فمكانة النساء وحقوقهن كانت وستبقى محور صدام وارد بين مركبات القائمة، فلا الوطنية تسعفهن، ولا المواطنة تنجيهن ولا الثوابت الهوياتية تشفع لهن.
ستبقى جرائم قتلهن باسم ذلك "الشرف المخاطي" في المجتمعات العربية شائعة كما كانت من ايام العرب الاوائل، وسهلة الممارسة ما بقيت حاضناتها تمتح من عمق آبار ثقافتنا الموروثة منذ قرون، وتتأثر من عناصر هويتنا الاجتماعية المحنطة وتعشش في عرى حكام خضعوا لسطوة القبائل ولقوة العقائد ورفضوا تحريم هذا النوع من القتل وابقوا في قوانين دولهم (ما عدا تونس ولبنان وفلسطين) بنودًا تعفي القاتل باسم "الشرف" من العقاب بشكل تام او تخفف حكمه بشكل كبير.
لقد قتلت وفاء في وسط شارع رئيسي وأمام اعين المارة، وستتحول قريبًا الى رقم يضاف الى قوائم الاحصاء وفي نشرات مؤسسات المجتمع المدني، وسيمضي النائب منصور وحركته برسم معالمهم على طريق مواطنة منقوصة، وستبقى شوارعنا ممالك للعرابيد وبيوتنا حيّزات هشة ومستباحة، وسينام الناس وهم يلعقون عجزهم مثل القطط، ويدفن بعضهم موتاهم بصمت ويعودون إلى "كهوفهم" بقلوب يدميها الجزع.
لن نعبر الى ضفة مستقبلنا الآمنة الاخرى اذا لم نتعاطى مع الاسئلة الصعبة ونضع لها الاجابات الصحيحة: فمن نحن ؟ هو سؤال الأسئلة، وماذا نريد ؟ هو السؤال التالي، وكيف سنصمد وننتصر ؟ ثم يأتي بعده ، ومن يقود، ومن يقرر في ماذا، هما المحك لانتقاء الطريق والحلفاء وللحذر من المنزلقات والاعداء ...



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسرلة والتأسرل والعالم المقلوب!
- الأسرلة
- صائب، مفارقات غريبة ومسيرة طويلة
- من يسمع صرخة هذا -الأخرس- من أجل الحرية
- من سيدق الأجراس على باب جهنم؟
- جمال عبد الناصر ..غصة وذكرى وضريح
- حاج في دبي، نعمة أم نقمة
- -طوبى لصانعي السلام- أريد مسيحًا يسعفني
- ويبقى السؤال كم مرة ومن قتل يعقوب ابو القيعان؟
- عندما يصيب -كوفيد15- رئتي القائمة المشتركة
- عندما اعتدت شرطة نتنياهو على رئيس الشاباك
- اتفاقية اسرائيل-أبو ظبي ونهاية حلم الامة الواحدة
- كيف سرق قاضيا المحكمة العليا دولتهما، إسرائيل؟
- عندما تذكر الشاعر بيروته
- في القدس، في يبوس،لا ينام الزمن
- حروب الطحينة أولًا، وبعدها حروبنا مع الكورونا
- مبروك عليكم -الستاتيكو-.. وكفكم على الضيعة
- صوت التاريخ يجب ان يسمع
- صفقة بيع أم خطوة على طريق التصفية الكبرى
- العنف باق في مجتمعاتنا


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - المواطنة، الهوية، قتل النساء والأمل المفقود