أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد احمد الزاملي - الدهر إذا طال دَمَّر















المزيد.....

الدهر إذا طال دَمَّر


ماجد احمد الزاملي
باحث حر -الدنمارك

(Majid Ahmad Alzamli)


الحوار المتمدن-العدد: 6730 - 2020 / 11 / 12 - 17:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أهلنا الأولون قالوا قولهم الشهير " الدهر إذا طال دَمَّر" المعنى اذا تعرَّضَ اي إنسان أو مجتمع الى ظلم وسَحِق لفترات غير قصيرة فأنه يفقد آدميته كإنسان وتتساوى لديه الحياة مع الموت لا يملك اي طموح , وهذا يؤثِّر على علاقاته مع اسرته مع محيطه ومجتمعه.ونتيجة عدم وصول الكتاب والمحاضرات التثقيفية يُصاب المجتمع بالخواء الفكري ,ويمارس الحاكم أعماله ,وهو يحقق استقراراً في المجتمع قائماً على الظلم، لكن الذي يعري ظلمه يتعرَّض للإبادة لأنه يكشف حقيقة الظالم أمام الناس. أي أن تعريف الحاكم المستبد للفتنة يتعلق بتعريته وتعرية ممارساته الظالمة أمام الناس، ونجد من يصفق لهذا الحاكم من المستفيدين من ظلمه.والفاسد الذي يكشف الفساد ويثير وعي الناس حول هذا الفساد الذي يتغذى على مصالحهم، أما الحاكم الفاسد فهو المُعَلم الأول والقائد والرمز والبطل. والذي يثير الفتنة والإذلال هو الذي يتجاوز القوانين ولا يطبقها، وفي الممارسة العملية المجرم هو من يطالب بتطبيق القانون، وهو الذي يُطالب بإقامة العدالة الاجتماعية والذي يرفض التعامل مع العدو وتقديم الخدمات له!. ووراء مظاهر الحرية والليبرالية لا زالت آلية الضبط والقمع البوليسية السياسية بفاعليتها. تعمل بصمت وتَكتُّم فاعل مع القلة القليلة التي تُشكِّل عقبة أمام سطوة الاستبداد ... علوم الأمن والمخابرات وتجهيزاتها هي الأكثر تقدما في عالم القهر...أما علم الغيب، ونقصد به استغلال الدين وسيطرة رجاله على التحكم بالغيب ، تفسيراً وتأويلاً واحتكارهم لهذه السلطة المعرفية من اجل ترويض الناس من خلال كل آليات التحريم والتحليل المعروفة. ولقد بلغ الأمر بهم إلى تكفير كل فكر... أننا أمام حالة تدمير فكري فِعْلي هو وَحدَهُ الذي يعطي السلطة لرجال الدين، وهم بذلك أكثر حلفاء الاستبداد السياسي، حتى وهم يدخلون في صراع معه، ذلك أنهم ينتجون نماذج من البشر مسلوبة المرجعية الذاتية وبالتالي جاهزة للانقياد للاستبداد السياسي والديني معا.التحريم والتجريم لا يبقيان للفكر من معرفة ممكنة إلًا عِلم تدبير الحال، إما بالتحايل والإخفاء والتمويه والمداهنة للسلطات تجنباً لغضبها ونقمتها، او بالتوقف والتودد والمزايدة طلباً لرضاها. وهناك تحالفاً رهيباً ما بين الاستبداد والقمع الاجتماعي وبين الكبت النفسي, فالإثنان وجهان يتبادلان التعزيز لعملية الهدر ولهذا فإن عملية التحرير من براثن الاستبداد لا تكفي وحدها للخلاص ، بل لا بد من عملية تحرر ذاتي تواكبها؛ وإلاّ فإن ما يحدث سيكون عبارة عن استبدال استبداد بآخر، وقمع بآخر.
القضية في الحقيقة ليست ثنائية الدولة والمجتمع ولكننـا ننـاقش قـضية المدنية والتمدين، وقضية ألاّ تتغول الدولة حتى لا تنفي المجتمـع فقـط ولكـن ألاّ تدمره تدميراً منظماً فلا يبقى هناك نسيج يربط المجتمع بعضه ببعض, حتـى إذا توقفت الدولة يمكن للمجتمع أن يعوضها، لأن المواطن لا يعيش فقـط فـي ظـل علاقات قانونية تسلطية, ولكنه يعيش أيضا كفاعل اجتمـاعي لـه فـضاء حقيقـي يتفاوض مع الدولة حول تقسيم الفضاءات, وبدون ذلك تصبح الدولة مطلقة ثم تنفي نفسها فتصبح فرداً فقط. فالدولة عندما تنفي المجتمع أو مدنية المجتمع وتنفي القانون يـصبح القانون هو المشكلة حيث لا يستطيع أن يستقيل، ولا يستطيع أن يقول إنني الآن أرغب في مغادرة الدولة، وحتى هذا الشخص لا يستطيع أن يفعل ذلك, وهذه إشكالية حقيقيـة أخرى. علينا أن نعترف أن القضية أحيانا في هذا الجانب الوظيفي في بلاد ليـست فيها دولة أصلا.. فقضية الصومال المدنية مثلا غيرها في مصر، ولكن قـضية مـصر تماثل إلى حد كبير قضية كل من العراق وسوريا والجزائر في جوانب جوهريـة فعندما تغولت الدولة خارج إطارها الاتفاقى وصادرت كل فضاء العمل الاجتمـاعي نفت نفسها ودمرت المجتمع فلم يعد هناك مجتمع، وعندما سقط صدام حسين نهـب المجتمع نفسه بنفسه لأنه لم يكن مجتمعاً ولم يكن موجوداً في حالة مدنية. إن هذه الإشكالية النظرية في الواقع إشكالية عملية للغاية، فنحن مـثلاً قـد انقسمنا حول الموقف من نظام صدام حسين لهذا السبب تحديداً, ووفقاً لـبعض آراء المثقفين العرب كانت القضية هي مقاومة الهجمة الإمبريالية, مع الـسكوت الكامـل عن واقع نظام صدام حسين. بينما كان الآخرون يعتقدون أننا يجب أن نتحدث فقـط عن نظام صدام حسين وندمره بغض النظر عن أي شيء آخر، ولكن كـان هنـاك موقف يقبل تجاوز الجدل حول الحالتين معاً, وهو إننا نرفض نظام صـدام حـسين ونرفض الإمبريالية معاً. هذه المواقف ليست جميعها مواقف عملية، ولكن لابد أن تكون لهـا بنيـة منطقية أو عقلية، ويجب علينا أن نعترف بالتنوع، ولدينا إشكاليات مختلفة، ولكننـا نستطيع أن نتحد معاً. ومع ذلك فهناك اتفاق جوهري على أن القـضية الجوهريـة هي قضية دولة القانون ودولة المؤسسات ودولـة الديمقراطيـة ذات محتويـات تاريخية مختلفة تبعاً لكل حالة على حدة. وإذا كنا نريد حصر المسألة في التطور الديمقراطي فيجب إذن أن نتحدث عن الأحزاب السياسية وجمعيات حقوق الإنسان، ويمكن أن نُدخل في ذلـك أحياناً بعض المراكز الفكرية، أو أندية القضاة. فمن يتحدث عن الديمقراطية فـي الوطن العربي هو الأحزاب السياسية وامتداداتها داخل النقابات وتنظيمات المجتمـع المدني الأخرى، ثم جمعيات حقوق الإنسان.. فإذا كان ذلك هو المقصود فبإمكاننـا أن نتحدث عنه ,فلا يمكـن أن نتحـدث عن دور المجتمع المدني إذا كان هذا المجتمع المدني غير متكامل، وقـد اعتـرف الجميع أن المجتمع المدني ليس موجوداً في أي دولة من الدول العربية، فكيف أقول إن المجتمع المدني غير موجود ثم أنسب إليه أدواراً، وأتوقع منه أن يمـارس هـذه الأدوار بقدر أكبر من الفعالية؟ إذن فلا بديل عن مفهوم آخر واسع نُدخِل فيه الأحزاب السياسية وغيرهـا. فالإنسان العربي كابد ما هو أشد وطأة من القهر, فالمقهور يحتفظ بمداركه، يعي قهره، حرمانا من ممارسة بعض الحقوق؛ اما المهدور فلا يعي مأساته ويستنزف طاقاته الحيوية في مداراتها دون التخلص منها. مجال علم النفس الاجتماعي يدخل في النضال التحرري وتحكم الإنسان بمصيره، وفي قضايا التنمية الاجتماعية؛ إذ لا تنمية اجتماعية إلا بمقدار ما تتسع خيارات الإنسان في امتلاك زمام مصيره تسييرا او توجيها او صناعة مصيره، من خلال بناء قدراته الذاتية وتمكينه الكياني، بحيث يرتقي الى نوعية تحقق كامل إنسانيته، أو يمارس ديمقراطية حقة. عطَّلت مرحلة الاستعمار الإستيطاني عملية القطع مع نظم العصر الوسيط وعلاقاتها الاجتماعية ونماذج اقتصادها وقيمها وثقافتها، وقدمت الدعم غير المحدود لأنظمة التخلف، الأنظمة الأبوية. علاوة على جرائم الإبادة وقمع الإرادات الوطنية خلقت السيطرة الكولنيالية الظروف لتواصل ثقافة الاستبداد للعصور الوسطى بمكوناتها الكاملة، في الحياة الاجتماعية المعاصرة ومكنتها من الهيمنة على الثقافة القومية المعاصرة. النظام المستبد يحتكر لنفسه الثروة الوطنية وإدارة الحكم وينفرد بتقرير مصير المجتمع وتعليمه وإعلامه، ويستأثر لنفسه بحق تقرير حيوات أفراده. وحيث يحرم الإنسان من حقوقه الإنسانية فإنه يجرد من استقلاليته ومن الإدراك والوعي وتتشوه أذواقه وعواطفه. في ظل النظام المستبد نكون "بصدد هدر إنسانية الإنسان متعددة الأبعاد والمستويات والألوان بِدءاً بهدر الدم وإدِّعاء الحق في التصرف بالكيان، وانتهاءاً بهدر الوعي والحجر على العقول، ومرورا بهدر الطاقات الحية من خلال الحرب عليها والتفنن بأساليب كَتمَها. يهدر العقل ذاته باعتبار أن الوعي هو المدخل إلى التفكير والعطاء الفكري. كما قد يصيب الهدر العام المواطنة والانتماء، "وكلها تولد مآزق وجودية كبرى للأفراد والمجتمع بشكل عام. يتلازم مع إمتهان الإنسان هدر الموارد والثروات، وفي عالمنا العربي لا يكاد هدر الثروات يثير فضيحة، بينما الهدر في البلدان المتقدمة يحيل ممارسات الفساد المالي إلى فضائح تطيح بالرؤوس. ويُكمل السلسلة هدر المؤسسات التي تُجيَّر لخدمة مكاسب ونفوذ السلطات والعصبيات (أو بالأحرى السلطات العصبية) على اختلافها... وتكون النتيجة إحكام الحصار على الإنسان وإمتهان الكرامة. ذلك أنه حين يتم هدر المؤسسات والثروات يتم الاستفراد بالإنسان وكيانه من خلال تجريده من كل مرجعيات القوة والمنعة والحقوق... ولا مكان عند هذا الحد للتنمية والإنماء. وفي بلاد الهدر تختزل الكيان الوطني في هَم الحفاظ على المتسلطين. ينتشر الفساد ويتدهور الأداء والنهب وتعطَّل مشاريع التنمية. يتحول لإهتمام سلطات الحكم الى إلهاء الشباب العاطل بثقافة التسلية,تُعطل طاقات الشباب المتفجرة المتوثِّبِة وترديها في خيبات أمل وإستسلام، او في ردود أفعال متطرفة من خلال إعلام مخدر .



#ماجد_احمد_الزاملي (هاشتاغ)       Majid_Ahmad_Alzamli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانظمة العربية التحول الديمقراطي والمنظمات غير الحكومية في ...
- يُشَكِّل الدستور ضمانة لليمقراطية وحقوق الإنسان
- النظام الشمولي وكيف للأنظمة الشمولية تمكنت أن تشقّ طريقها من ...
- إدارة التنوع الثقافي والأمن المجتمعي
- خطاب التنمية التغيِّر الاجتماعي والمنظمات غير الحكومية
- المحاصصة الطائفية أسقطت أركان الدولة الوطنية
- مفهوم الحزب في المدارس الفكرية المختلفة
- الديمقراطية وحدها لا تكفى بل ما قبل الديمقراطية هو الأهم
- للقوانين الإنتخابية وبساطة النظام الإنتخابي إنعكاس كبير على ...
- للقوانين الإنتخابية والحفاظ على بساطة النظام الإنتخابي إنعكا ...
- المجتمع المدني والدولة المعاصرة
- الدولة والمجتمع المدني، حدود التأثير والتأثّر
- الفساد السياسي /الاجتماعي /الاقتصادي /الاداري
- ضمانات الديمقراطية داخل الاحزاب السياسية
- الإختيارات بين الدوائر الانتخابية
- حكم القانون
- بعضاً من الفروق بين الخطابين الماركسي والليبرالي
- ألتَداول السِلمي للسِلطة
- إنتهاك مباديء حقوق ألإنسان التي أقَرَّتها الامم
- المستقبل للعولمة الصينية في طريق الحرير


المزيد.....




- الرد الإسرائيلي على إيران: غانتس وغالانت... من هم أعضاء مجلس ...
- بعد الأمطار الغزيرة في الإمارات.. وسيم يوسف يرد على -أهل الح ...
- لحظة الهجوم الإسرائيلي داخل إيران.. فيديو يظهر ما حدث قرب قا ...
- ما حجم الأضرار في قاعدة جوية بإيران استهدفها هجوم إسرائيلي م ...
- باحث إسرائيلي: تل أبيب حاولت شن هجوم كبير على إيران لكنها فش ...
- ستولتنبيرغ: دول الناتو وافقت على تزويد أوكرانيا بالمزيد من أ ...
- أوربان يحذر الاتحاد الأوروبي من لعب بالنار قد يقود أوروبا إل ...
- فضيحة صحية في بريطانيا: استخدام أطفال كـ-فئران تجارب- عبر تع ...
- ماذا نعرف عن منشأة نطنز النووية التي أكد مسؤولون إيرانيون سل ...
- المخابرات الأمريكية: أوكرانيا قد تخسر الحرب بحلول نهاية عام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ماجد احمد الزاملي - الدهر إذا طال دَمَّر