أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الرحمن يونس - رؤيا الواقع بتجليات اللغة السردية الواصفة في المجموعة القصصية ذكريات و مواجع على ضفاف عدن للدكتور محمد عبد الرحمن يونس















المزيد.....

رؤيا الواقع بتجليات اللغة السردية الواصفة في المجموعة القصصية ذكريات و مواجع على ضفاف عدن للدكتور محمد عبد الرحمن يونس


محمد عبد الرحمن يونس

الحوار المتمدن-العدد: 6727 - 2020 / 11 / 8 - 03:31
المحور: الادب والفن
    


رؤيا الواقع بتجليات اللغة السردية الواصفة
في المجموعة القصصية ذكريات و مواجع على ضفاف عدن
للدكتور محمد عبد الرحمن يونس

بقلم الدكتورة أمل عباسي
ناقدة، قاصة، شاعرة من المغرب

بين أقواس الحلم والحقيقة تتمركز المجموعة القصصية : ذكريات ومواجع ضفاف على عدن للدكتور محمد عبد الرحمن يونس، وهي إبداع سردي يحمل صدق الإحساس بالأشياء المحيطة وعمق الرؤيا الأدبية المعروضة في قالب إبداعي شيق ينضح بمعارف الناقد ـ القاص المتمرس الذي يجيد اختيار وتقديم الأشياء ويتتبع أمداء الواقع المتحلية برداء الإبداع السلس البليغ .
( ذكريات ومواجع ضفاف على عدن ) تعبير فصيح عن سيولة فكر صاحبها وتدرج معارفه ومعارجه، تحت كل قصة قصيرة منها كاعب، تشرك متلقيها في عوالمها وشخصياتها، ما يؤنسه فيها حضور ( التوبوس) أو تجليات المكان بكل جماله وقبحه، رحابته وضيقه، وضوحه وغموضه، وكأن القاص يعيد صناعة أثاث ذاكرة متلقيه الذي أضاع الماضي بنزوعه نحو النسيان..نسيان الماضي العربي بثقله وعظمته، تلك خاصية أحالت المجموعة القصصية بوتقة انصهرت فيها : وقائع المادي وحيثيات المعنوي، ظلال الماضي وتجليات الحاضر، سوداوية الواقع وبرزخية الحلم، إنها ثنائيات شكلت أعمدة وركائز مضمرة، أبانت عنها المعاجم السردية التي طغت على المجموعة القصصية فأعطت للمكتوب رونقه وجماله وللسرد بعده وخصوصيته، منها :
ـ المعجم البصري : ( مدت عينيها صوب الأفق ..كانت ساحرة، وأخذت الشمس تعانق ضوء البحر بتلذذ وكسل فاترين ...)، ( ... وكانت العصا لا تزال تعانق الفضاء، والدولاب يشع ملتصقا ببطن الأرض عاريا ).
ـ المعجم السمعي : (أخذت تغني مقطعا من أغنية وهرانية )، (ولعبوا، وصرخوا، وتشاجروا)، ( فانفلتوا أحصنة وحشية وقططا تموء طالبة حلالا وحراما ...)، (وأتاه صوت والده حزينا عميقا : " إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون " .
ـ المعجم النفسي : ( ما أصعب أن ينتظر الفرد امرأة يعشقها حلما وخيالا لخمس سنوات)، ( كأن شوقي ملعب جياد فقدت أسرجتها)، ( حزم حقائبه ودع أمه..هبطت الأحزان على قلبه الصغير ..حزينا راقب الموانئ والمطارات)، (أطياف سوداء كابوسية هجمت عليه، سجون وجدران وفجائع، فانقبض قلبه).
ـ اللازمة : وظف القاص كلمة تكرر ـ تقريبا ـ في كل قصص المجموعة، وهي (النورس) على دأب الشعر أو الموشحات، ولهذا التوظيف مدلولين :
ـ النورس دال على مدلول السفر الكثير والتكرر للقاص، مما طفح على سطح السرد، فقد أسعفته رحلاته إلى البلدان المختلفة كي يجمع زادا معرفيا ـ تجاربيا لا يستهان به، وهو سفر ليس حقيقيا فقط، بل أيضا هو سفر افتراضي اكتسبه القاص من قراءاته المتنوعة للسرود العربية وغير العربية، وهو الأمر الذي عكسته لغته الشفيفة والأنيقة التي مزجت بين النثر واستحضار النظم (الفصيح أو الدارج ـ المحلي) مما طبع المجموعة بطابع عولمي أجناسي خالف ما نجده عادة في خزاناتنا السردية العربية .
ـ النورس أيضا أيقونة ورمز سردي يحيلان على الحرية، وهو المطمح الكبير الذي تسجله المجموعة القصصية التي صورت الإنسان المعاصر في صورة العبد التابع لشهواته النفسية ـ الداخلية و المجتمعية ـ الخارجية، ليبقى النورس صورة ـ نموذج يطمح القاص إلى تمثلها بعيدا عن شذوذ وضيق الواقع بمختلف تجلياته : السياسية، الاجتماعية، النفسية، الاقتصادية، الفكرية ....إلخ.
لقد عكس جنس القصة القصيرة عند الدكتور محمد عبد الرحمن يونس اهتمام الذات الكاتبة بمناقشة كل ما ترصده عينه الفاحصة من مشاهد وأحداث، تتفاعل معها وتُفاعلها، وهنا نستحضر قولة (إدغار ألان بو) بخصوص جنس القصة القصيرة: (إنها عمل روائي يستدعي لقراءته المتأنية نصف ساعة أو ساعتين ) ليخرج القاص هنا عن هذه القاعدة، فقراءة قصة واحدة من قصص ( ذكريات ومواجع ضفاف على عدن ) تتطلب أياما لفهم عمق رسالتها وتمثل بنية شخصياتها واستئصال عقدتها من بين أوصال دواليب سردها بل وشهورا لإيجاد حلول جادة لقضايا تطرحها، أخذتها من صلب واقعها المحيط بكل مأساويته وأضفت عليها طابع الإبداع السردي وغنج اللغة العربية بكل جمالها وبلاغتها ، فنصف ساعة لا تكفي للتعرف على أحلام مليكة بنت الأخضر في وهران، والتجوال في المدينة ومعرفة أبوابها، وإيجاد العلاقة بين المنقار والبؤبؤ، وفهم نفسية جانيت، واستحضار مواجع بطل ذكريات ومواجع على ضفاف عدن، وتقبل شتاءات في المنفى، فنصف ساعة لا تكفي.
لقد خلق القاص لشخصياته منشأ إنسانيا خاصا وبرجا عاجيا ، يستعصي على القارئ البسيط فهمه، إذ هي شخصيات موجهة للقارئ العالم المتمثل للوقائع الميتالغوية، والذي يضاهي الكاتب حنكة وجدارة، بل نجد القاص يبحث من خلال قصصه عمن يشاطره همومه وسفره، أشجانه وطموحاته في فهم واقع مرير بدا له متشعبا، فجاءت تقنية التكثيف والتلخيص لتجمع الأشلاء المبعثرة وتحدد الهدف، قال العرب يوما : ( خير الكلام ما قل ودل، لا ما كثر وزل)، وهو المطمح الكبير للمجموعة القصصية، فتقنية التكثيف والاختزال المعتمدة في هذا المقام أسست لرؤيا جامعة مانعة .. سهلت على المتلقي الفهم المباشر ـ وحتى غير المباشر ـ للمضامين السردية، وهي نظرية سجلت حضورها في أعمال الكبار مثل : جيمس جويس (1941) وفرانز كافكا (1923) وإرنست إمنكواي (1961)، أما بخصوص الزمن المستعمل في مجموع القصص، فقد اعتمد القاص على الزمن المفتوح : زمن الحكي، زمن الوصف، الزمن الخارجي : زمن الأحداث والوقائع ، والزمن النفسي تشخص ذلك الديالوجات المختلفة للشخصيات بصنفيها الرئيسي والثانوي، حيث مكن هذا النوع من الزمن القاص من توظيف السرد الحلزوني الذي يبدأ بالفكرة ليعود إليها بعد تحولات سردية مختلفة، فمثلا في أقصوصة كوابيس، جاءت البداية كالآتي:
(يحاصرني الجند ..تشرئب أعناقهم، تلمع رماحهم كوميض برق ..يصطفون في أنساق متلاحمة، تتشابك الرماح وتتعانق الخوذ .....)، أما النهاية فكانت كما يلي : (في الفضاء كانت بعض النوارس تعلو وتهبط معانقة صفحة الماء، وكانت الشمس تجر ذيولها متثاقلة ذابلة نحو خط الأفق الغربي ...انتهت القصة، أما الكوابيس فلم تنته بعد ).
وهكذا تنتهي هذه القصة مسجلة البداية نفسها، بل وتبقى مفتوحة على ما لانهاية، ففي الاستمرارية حظوظ إشراك المتلقي في عملية السرد وتبادل الأدوار مع الكاتب.
يرى فتحي الأبياري (أن القصة القصيرة تعالج جانبا واحدا من الحياة يقتصر على حادثة واحدة، لا تستغرق فترة طويلة من الزمن)، بينما يكسر القاص هنا هذه القاعدة، حيث تعالج القصة الواحدة مجموعة من الأحداث في خط سردي واحد، مثلا في قصة (سفر ومواجع)، انتهك القاص حرمة الطابوهات، وطرح عدة قضايا: منها : طبقية الجامعات و إيديولوجيات بعض محتكريها والمحسوبين عليها بالخطإ، تدني قيمة الشواهد الجامعية أمام مطالب الحياة حتى البسيطة منها، أتعاب وتبعات عوالم الشهوة، أحلام الشباب بالفردوس المفقود والسفر خارج أوطانهم للبحث عن سبل عيش رغيد، عجرفة موظفات الشركات وخروج المرأة المُتاجرة بشرفها وجمالها ـ في الكثير من الأحيان ـ عن شرنقة الحياء، وهي متواليات سردية تسير في خط سردي موحد بالرغم من اختلافها لترسم الصورة الكلية والفسيفساء العامة للعوالم السردية الفرعية، مما يعطي للمجموعة القصصية جدة وخروجا عن المألوف العام، فأحداث المجموعة القصصية لا تنتهي بانتهاء القصة بل هي أحداث متناسلة يولد بعضها بعضا .. تبدأ في قصة وتتطور في أخرى و تظهر في الموالية بشكل وعنوان مختلفين دون أن تهمل دور المتلقي في إتمام نوستالجيا الخطاطة السردية التي رسمت خط البداية.
المجموعة القصصية ( ذكريات ومواجع ضفاف على عدن ) تضاهي قصص الكبار، ومنها قصة (الحيلة) لموباسان التي ظلت لزمن تشغل النقاد نظرا لحسن توظيفها لكل تقنيات الكتابة القصصية، ولاعتمادها على الزمن الطويل الممتد بالرغم من قصر القصة، وهذا ـ في نظري ـ ما حققته هذه المجموعة التي اختارت لمجمل قصصها خيطا ناظما وكأنها درر في عقد فريد.



#محمد_عبد_الرحمن_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا لا تضع السلطات العربية الرجل المناسب في المكان المناسب ...
- لا كرامة للعقل العلمي المعرفي في العالم العربي
- الحوار المتمدن منبر فكري لتكريس ثقافة العقل والتنوير والحوار ...
- الحوار المتمدن منبر فكري مهم
- العدد السابع من مجلة جامعة ابن رشد الأكاديمية
- العدد الأول من مجلة جامعة ابن رشد الأكاديمية المحكمة
- ملوك ملوك أفريقيا تتساقط آخر رياش طواويسه
- قراءة في ديوان ( طيف) للشاعر جابر علي خليل
- العدد 129 من مجلة العرب تصدر في طوكيو، اليابان
- العدد الثاني من مجلة بروق التي تعنى بالقصة القصيرة
- قراءة أولى في مجموعة ( عناق) القصصية للقاص جمعان الكرت قراء ...
- قراءة أولى في مجموعة ( عناق) القصصية للقاص جمعان الكرت قراء ...
- الفساد هو أشد آفات المجتمعات العربية المعاصرة فتكا وتخريبا ل ...
- الإعلان عن تشكيل لجنة الأدباء والكتاب بالمجلس العالمي للصحاف ...
- ثلاثة كتاب يسرقون بحثا للدكتور محمد عبد الرحمن يونس
- الفساد والمفسدون في العالم العربي ثنائية التخلف والظلم في ج ...
- قراءة نقدية في مجموعة القاص السعودي فهد الخليوي ( رياح وأجرا ...
- مدخل في مفهوم المكان في النصّ الحكائيّ
- مدن ألف ليلة وليلة المركزية والفرعية
- بوابات المدينة قصة قصيرة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الرحمن يونس - رؤيا الواقع بتجليات اللغة السردية الواصفة في المجموعة القصصية ذكريات و مواجع على ضفاف عدن للدكتور محمد عبد الرحمن يونس