أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الرحمن يونس - الفساد هو أشد آفات المجتمعات العربية المعاصرة فتكا وتخريبا للذمم والضمائر














المزيد.....

الفساد هو أشد آفات المجتمعات العربية المعاصرة فتكا وتخريبا للذمم والضمائر


محمد عبد الرحمن يونس

الحوار المتمدن-العدد: 2952 - 2010 / 3 / 22 - 16:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



يعد الفساد الآفة الكبرى في المجتمعات العربية المعاصرة ، وهو الذي يسهم إسهاما كبيرا في تخلفها المعرفي والفكري والإنساني والثقافي ، والحضاري ، وهو السبب الرئيس في تعاسة المواطن العربي وتراكم الهموم عليه ، وهو من أهم تردي الأوضاع الأخلاقية وانهيارها في هذه المجتمعات . ولا يمكن أن يكون العالم العربي من الدول الراقية معرفيا وحضاريا إن لم يسهم الناس جميعا ، في مكافحة الفساد بكل بنياته المعرفية والاجتماعية والفكرية والسياسية والوظيفية

لقد دبّ الفساد، وانتشر انتشارا مخيفا في مفاصل الوطن العربي ، وفكره وثقافته وعاداته وسلوكياته، وأخلاقياته التي يمارسها كل يوم. وعمّ الفساد دوائر العالم العربي الوظيفية ومؤسساته العامة والخاصة، حتى بات نسقا متعارفا عليه في علاقات بني البشر، ودوائر مؤسساتهم الحكومية ، وعلى الرغم من بعض الجهود الشريفة لمكافحة الفساد ، التي يقوم بها بعض المسؤولين الشرفاء الذين لم تتلوث أياديهم بالمال الحرام والرشوة والاختلاس، والفساد بشتى صوره ، إلا أن هذه المحاولات، على المستوى العملي ، لم يكتب لها النجاح، وهي فردية جدا، ومحاولات أصحابها الشرفاء لم تكلل بالنجاح ، لا على المستوى الفردي ولا على المستوى العام ، لأن ظاهرة الفساد المستشرية كالسرطان كانت أكبر من كل محاولات الإصلاح النبيلة والطيبة ، فالشرفاء جد قلائل، أمّا المفسدون فلهم القدرة على التطاول كاللبلاب ، ولهم القدرة على الانتشار السريع كتدفق سيل عرم، والظاهرة المخجلة الآن التي تسود بيوت كثير من الأسر العربية : إن على المرء الناجح, أو على ربّ البيت الديناميكي أن يكون قادرا على الثراء بأقصر الطرق، ولا يهم إن كانت هذه الطرق فاسدة، أو منحلّة أو وضيعة، أو قائمة على المراباة والمسمرة، وجميع أشكال الطرق غير المشروعة.
وقد يتجرأ بعض أفراد المنزل على ربّه قائلين: أنت أب ضعيف مسكين، وغبي، لا تعرف كيف تجعلنا أثرياء، و من علية القوم. وتسهم بعض الزوجات المندفعات وراء المال واستهلاكه الشره ، واكتنازه باتهام أزواجهن بالجهل ، وعدم القدرة على مواكبة تطورات العصر وضروراته ، وعدم احترام رغباتهن وسعارهن نحو الثراء، وبالتالي هم أزواج غير أكفاء لأنهم غير قادرين على تأمين متطلبات منازلهم ، وهم مقصرون في حقوقهم وواجباتهم تجاه أسرهم، تسهم هاته النساء في دفع أزواجهن للفساد والرشوة واكتساب المال الحرام وبأي طريقة كانت. حتى يكون هذا الزوج أو ذاك كفؤا وأبا ، ورب بيت مثاليا.

وقد صرح لي أحد الآباء بأن ابنته الجامعية طلبت منه طلبات تفوق قدراته المالية ، وعندما أكّد لها أنه عاجز عن تلبية طلباتها ،اكفهرت ، واتهمته بالتقصير ، واللامبالاة ، وعجزه عن مواكبة روح العصر ومتطلباته ، فقال لها : إنه لا يمدّ يده إلى الحرام ، ولا يلوثها بالرشوة والفساد ولو مات جوعا ، ويريد أن يقابل ربه نظيفا طاهرا . عندها سخرت به ، وبأخلاقياته ، وقالت : إن علاقات المجتمع ، ودوائره ومؤسساته كلها حرام بحرام ، وعلى الرجل الذكي العاقل أن يكون مثل غيره من الرجال ، وأن يتصرف مثلهم ، وينهل من الحياة ، ويجمع المال ، وليس شرطا أن يكون مالا حلالا . ولم يستطع هذا الرجل الكريم أن يقنع ابنته بخطر المال الحرام ، ودوره في الفساد والإفساد فانطوى حزينا على همومه ومصائبه ، وفقره ، واحتقار أهل بيته له.


إن الفساد بأشكاله المتعددة في عالمنا لعربي هو السبب في تدني قدرات الدولة والأفراد، وتدني اقتصادها المالي والمعرفي، وهو السبب في وجود طبقات ثريّة جدا، تعبث بالثروة والمال، وتمارس أشكال البطر والفساد كافة، في حين أن طبقات أخرى غير قادرة على تأمين متطلبات حياتها من المأكل والمشرب والملبس، وبأبسط أشكالها المتواضعة.


وقد ضرب الفساد في عالمنا العربي جميع مفاصل حياته، وبنياته ، وأسسه ، وتركيبته الاجتماعية والوظيفية، والمؤسساتية. هذا وتعدّ مؤسستا التعليم والقضاء أكثر المؤسسات العربية الرسمية فسادا، وقد انتشر فسادهما ليصيب كثيرا من المؤسسات الحكومية الأخرى. إذ قلما نجد مؤسسة قضائية عربية نظيفة، وقلما نجد جامعة عربية تشيد مبدأ العلاقات النظيفة والعادلة بين موظفيها، وأساتذتها، حتى تكون قادرة على خلق جيل علمي يرفع شعار المعرفة والبحث العلمي الرصين، أمين في تطلعاته وسلوكه الوظيفي المستقبلي، قادر على تطبيق مبدأ النظافة الأخلاقية في التعامل مع أموال الدولة، والشعب بنزاهة وصدق.


إن محاربة الفساد والتشهير به، و برجاله ، وممارسيه، وأساليب فسادهم ضرورة أخلاقية، وإنسانية، ترضي الله سبحانه وتعالى، وتسهم في بناء أمّة قوية متماسكة أخلاقيا وإنسانيا، يعيش فيها الناس آمنين، تغمرهم الطمأنينة، والأمان والتفاؤل. ولا يمكن أن يسود الأمن والأمان والسلام في أمة من الأمم إلا بمحاربتها أشكال الفساد كافة، ورفعها شعار العدل ، والتكافؤ في الفرص والوظائف، والحقوق والواجبات، والعيش الإنساني الكريم.




#محمد_عبد_الرحمن_يونس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلان عن تشكيل لجنة الأدباء والكتاب بالمجلس العالمي للصحاف ...
- ثلاثة كتاب يسرقون بحثا للدكتور محمد عبد الرحمن يونس
- الفساد والمفسدون في العالم العربي ثنائية التخلف والظلم في ج ...
- قراءة نقدية في مجموعة القاص السعودي فهد الخليوي ( رياح وأجرا ...
- مدخل في مفهوم المكان في النصّ الحكائيّ
- مدن ألف ليلة وليلة المركزية والفرعية
- بوابات المدينة قصة قصيرة
- عرض كتاب الاستبداد السلطوي والفساد الجنسي في ألف ليلة وليلة ...
- بعض الملامح السندبادية في الخطاب الشعري العربي المعاصر التوظ ...
- بعض الملامح السندبادية في الخطاب الشعري العربي المعاصر الحلق ...
- محمد عبد الرحمن يونس للثقافية: ألف ليلة وليلة لفناني العالم ...
- الأستاذ الجامعي والجامعات العربية المعاصرة
- عداوة الشعر الحديث
- شتاءات في المنفى قصة قصيرة
- السياسيون وشهادة الدكتوراه
- السرد بين النظرية والتراث
- ذكريات مع الراحل الدكتور أسد محمد
- العدد الواحد والتسعون من مجلة الكتب وجهات نظر
- العدد الجديد من مجلة الكويت عدد حزيران يونيو 2006م
- لمحة تاريخية عن مدينة القاهرة


المزيد.....




- مصر.. تصريح اللواء المتقاعد سمير فرج عن إيران وإسرائيل و-الض ...
- رد بعثة إيران بأمريكا على تهديد ترامب باغتيال خامنئي و-التذل ...
- محمد علي الحوثي يخاطب ترامب حول مهاجمة إيران ويذكره بـ-قاذفا ...
- تحذير عاجل: إسرائيل تهدد بقصف مفاعل أراك النووي في إيران!
- نيوزيلندا تفرض عقوبات جديدة ضد شخصيات روسية
- تحذير للسائقين.. عنصر أساسي في السيارة مليء بالجراثيم!
- الجيش الإسرائيلي: رصد إطلاق صواريخ من إيران باتجاه أراضي إسر ...
- تحذيرات من إيقاظ إيران -الخلايا النائمة- بعد ضربات إسرائيل ل ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قائد مدفعية -حزب الله-
- Xiaomi تدعم أسرة حواسبها المحمولة بجهاز مميز


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عبد الرحمن يونس - الفساد هو أشد آفات المجتمعات العربية المعاصرة فتكا وتخريبا للذمم والضمائر