|
الكبار يكذبون..
علجية عيش
(aldjia aiche)
الحوار المتمدن-العدد: 6718 - 2020 / 10 / 29 - 10:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الكذب ظاهرة اجتماعية متفشية ، تولدت في نفوس البعض من ضعاف الشخصية و المرضى نفسيا، أو الذين لا يعانون من اي مرض عضوي أو نفسي و لكن النفاق تَمَلَكَّهُمْ لتحقيق غاية ما، كلٌّ و دوافعه التي يبني عليها حجته، تجرد الإنسان من كل القيم الإنسانية من أجل "المصلحة"، و أصبح المجتمع موبوء و مريض، يقول أحد المفكرين التنويريين أن الكذب مؤسسة اجتماعية قائمة بذاتها، الأغلبية من الناس يكذبون، الأب يكذب على أولاده و كذلك الأم، الصديق يكذب على صديقه، الجار يكذب على جاره، الراعي يكذب على رعيته، و المُشَرِّعُ يكذب على الشعب، المعلم يكذب على تلامذته، و المسؤول المحلي يكذب على المواطنين، يخادع و يماطل و لا يقوم بواجبه، السكرتير يكذب، و الحارس يكذب، التاجر يكذب و يغش في الميزان، الإمام يكذب أحيانا على المصلين لأنه يتكلم بلسان السلطة لا بشرع الله، من أجل أن يدفع بهم لإنتخاب مرشح ما، و عن طريقهم يمرر مشروع ما، و الكاتب أيضا يكذب أحيانا على قرائه، ينشر لهم ما لا علاقة له بالواقع، هذا ما تجلىَّ لنا، و في كل هذا و ذاك الكذاب خائن لا يؤتمن عليه.
الكذابون أو الكَذَبَة كُثُرْ و هم "مبدعون"، يبتكرون الكِذْبَةَ و يرددونها حتى تتحول إلى حقيقة، يؤمن بها الناس، الكذاب يتراءى لك بالخير و الصلاح حتى تطمئن له ، و من ثم ينال مأربه و يحقق مطلبه، و الكذابون لا يخدعونك بالكلام فقط بل حتى بابتسامة تبدو أنها بريئة ، و من هذا المنطلق وجب ان نطرح السؤال التالي: هل الكذب حالة تولد مع الإنسان أم هو مكتسب؟ ، ومتى يبدأ الطفل الكذب؟ و من وراء تعلمه الكذب؟ هذا الطفل الذي نشأ في أسرة جعلت من الكذب قيمة إنسانية تعيش بـ: "الهف" و تشبع بما يحيطه و تاثر به، لماذا نعاقب الصغار على كذبهم و نحن نرى الكبار يكذبون؟ هو سؤال موجه للمختصين في علم الإجتماعي التربوي و علم النفس، ليسلطوا الضوء على هذه الظاهرة التي أفسدت المجتمع و أطاحت بأنظمة و حضارات ، يحاول البعض أن يبرر كذبنه بأنها كذبة بيضاء.
الواقع هو أنه لا توجد كذبة بيضاء و أخرى سوداء، أو كذبة ملوّنة ، يتلون فيها الكذّاب كالحرباء كلما حلت مناسبة ما، ستمعت إلى كثير من الناس وجدتهم يكذبون، و كان الكذب مرسوم في عيونهم ، و هم يتلعثمون في الكلام، يحاولون تصوير الأشياء بصورة مثالية، و الكذابون طبعا أنواع، فهناك الكذاب الذي يشكف نفسه من الوهلة الأولى، و هناك الكذاب الذي يخادع و يراوغ و يستمر في مراوغته، و لكن أخطرهم أولئك الذين يرتدون ثوب الإستقامة، فهذا يرتدي رداء التديّن، و ذاك يضع ربطة عنق و يحمل في يده حقيبة دبلوماسية، و آخر يمشي و خلفه حراس مسلحون، الغريب أن عامة الناس تصدق الإنسان الكاذب أو الكذاب، و لا يراعون من يكون صادقا في كلامه، الأول يعرف كيف ينمق كلامه بأسلوب خبيث مخادع، و الثاني جريئ صريح و لا ينافق، إنالضخص الأول ( الكاذب) لا يمكنه أن ياتي بشيئ قد يفيد المجتمع، لأنه يعتمد على الدعاية المزيفة، و يسوق الأكاذيب، و لأن "التبعيون" نفخوه كما ينفخ البالون و أعطوه حجما أصغر من حجمه و رفعوه إلى مرتبة لا يستحقها فباعوا أنفسهم و هم لا يشعرون.
في الحياة إثنان فقط يجوز لهم الكذب، الطبيب حين يكذب على المريض لكي لا يجعله يقلق أو يدفعه إلى الإنتحار عندما يكون في حالة ميئوس منها، و الكذب في وقت الحروب، و نقف هنا مع أحد المفكرين التنويريين و هو المفكر السوري ندرة اليازجي، فقد تحدث عن الكذب و من هم الكذابون ( الكَذَبَة)، و قال أن الكذب عامل من أهم عوامل تقويض الحضارة و تهديم عرش الفضيلة، فالكذب يؤدي إلى تحقير الشخصية الإنسانية، و يزرع الشك في الناس، فلا يصدق الواحد منّا الآخر، و الكذابون ممثلون بارعون، يؤلفون لك مسرحية وهمية صامتة و على خشبة المسرح يمررونها أمام أناس ( صمٌّ بكمٌ عميٌ) لا يفقهون أو أنهم يلبسون لباس الجبن و الخوف، المشكلة فينا نحن طبعا و نتحمل مسؤولية ما نبتلعه من كذب، لأننا نرى بعض الناس يحدثوننا بأشياء وهمية كاذبة و لكننا نوافقهم ، وقد نندفع مع أكاذيبهم لنُشِيدَ بهم و نضعهم في مرتبة الأنبياء أو الآلهة، هو الصراع الذي يشل المجتمع و يثضي على كل القيم النبيلة لأن نزعة المال و الجاه لعبت دورا كبيرا في حياتنا، و اصبح البريئ متهما و المجرم حر طليق.
#علجية_عيش (هاشتاغ)
aldjia_aiche#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من هم الفاشيستيون؟
-
-الإنتماء- جذر من جذور -الهوية-
-
هو الأفلان المُعْتَدَى عليه
-
في الحديث عن التعديل الدستوري في الجزائر
-
مع مؤسس أول إذاعة كوردية عربية الشاعر و الإعلامي العراقي جلا
...
-
الصراع اليوم هو صراع الأوبئة و الحضارات مهددة بالسقوط
-
حياتنا دواء..
-
هل كانوا عمالقة؟
-
كوفيد19 ..بين الطب الحديث والطب الروحاني
-
نداء منظمة -آفاز- الدولية و هيئة الأمم المتحدة
-
هل تخضع مختبرات الأدوية للرقابة العسكرية؟
-
لماذا التآمر على البشرية؟ و من يسعى لتدمير الإنسانية؟
-
حِراكُ الشُّعوبِ و مسألة التَّحَرُّرِ
-
هل سيكون قطاع الصحة جوهر التعديلات في الدستور الجزائري القاد
...
-
عندما ينتصر الفيروس على الأنظمة
-
ابتكارات يهودية للقضاء على الكورونا في العالم..لكن ماهو المق
...
-
هل الحداثة مشروع ماسوني؟
-
تحويل العاصمة الجزائرية إلى ولاية أخرى لبناء جزائر جديدة
-
الفساد في الجزائر.. المواجهة الكبرى
-
مسؤولون يُشِيدُونَ بالصَّحَافة الإلِكْترُونِيّة
المزيد.....
-
فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ
...
-
تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق
...
-
السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا
...
-
الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو
...
-
بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو
...
-
شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك
...
-
دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
-
مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر
...
-
قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
-
مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة
...
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|