أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - سقوط ترامب انتصار للديمقراطية















المزيد.....

سقوط ترامب انتصار للديمقراطية


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 6717 - 2020 / 10 / 28 - 11:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يترقب الأمريكيون والعالم بأسره نتائج يوم الثلاثاء المقبل (3 تشرين الثاني/نوفمبر)، موعد الانتخابات الرئاسية والنيابية في الولايات المتحدة، التي ستكون نتائجها مصيرية على الصعيد الداخل الأمريكي وعلى الصعيد الدولي برمته. والاختلاف بين المتنافسين، الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطي جو بايدن، واضح وجذري في آن واحد، وليس خلافاً شخصياً فحسب، وإنما يتجلى في فروقات كبيرة على المستوى الفكري والسياسي وحتى الأخلاقي.
وما يميز هذه الانتخابات عن سابقاتها بأنها ستجري تحت وطأة أكبر كارثة إنسانية وصحية واقتصادية عرفتها الولايات منذ عقود. فقد وصل عدد الإصابات بفيروس كورونا في أمريكا إلى عتبة الـ 9 مليون مصاب مع نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، وهناك أكثر من 225 ألف من الأمريكيين فقدوا حياتهم من جراء الوباء، الأمر الذي يعتبر شهادة مؤلمة على فشل الإدارة غير الأخلاقية في المعركة ضد الفيروس. ففي الأيام الأولى لانتشار الفيروس أنكر الرئيس ترامب وجود الوباء وقام بإخفاء خطورته مرتكباً بذلك جريمة بحق الشعب الأمريكي، حيث أسفرت هذه السياسة عن نتائج كارثية. وللمفارقة فإن الدولة العظمى في العالم، والتي تمتلك أحدث المعاهد العلمية والتكنولوجية المتطورة، هي التي تتفوق اليوم في حجم انتشار الفيروس وعدد الوفيات على بقية العالم، لذلك يعيش الأمريكيون صدمة نابعة من التناقض بين رؤيتهم لذاتهم كمجتمع متقدم وحديث وبين النتيجة المؤلمة التي أظهرت أن بلادهم دولة فاشلة لم تتمكن من احتواء الوباء.
عدو للأمريكيين وصديق للطغاة
وبسبب هذا الفشل يعتبر إسقاط ترامب في يوم الثلاثاء القادم أمراً مصيرياً للمجتمع الأمريكي الذي وجد نفسه منقسماً على ذاته وعرضة لحملة تحريض عنصرية لم يسبق لها مثيل. وبعد 4 سنوات من توليه إدارة البيت الأبيض يمكننا الجزم بأن فوزه بكرسي الرئاسة جاء نتيجة استغلال ثغرة في النظام الديمقراطي، من قبل طغمة ضيقة فاسدة تربطها علاقة مع المافيا الأمريكية للاستيلاء على مقاليد الحكم في واشنطن. والدليل لما تمكن ترامب، رجل الأعمال الفاشل الذي كسب شعبيته من خلال برنامج تلفزيوني شهير ومسابقات ملكات الجمال، من الفوز في الترشح من قبل الحزب الجمهوري أولاً، ومن ثم في الانتخابات العامة مستنداً بذلك إلى قاعدة انتخابية تضم الرجال البيض من ذوي المستوى التعليمي المنخفض، ومتدينين إنجيليين، الذين يرفضون الإجهاض وزواج المثليين ويعارضون العلم وكل ما يمثل التقدم الاجتماعي.
هذه المزيج العنصري والمنافي للعلم وللثقافة الذي شكّل القاعدة الانتخابية لترامب هي من يتحتم عليها إسقاطه الثلاثاء المقبل، لأن في ذلك مصلحة أمريكية ومصلحة كونية إنسانية في آن واحد، تخص كل إنسان على وجه المعمورة بغض النظر عن انتمائه العرقي أو القومي، وذلك حفاظاً على مستقبل البشرية والحقوق المدنية والحريات ولتغليب العلم على الجاهلية.
فترامب ليس مجرد عدو للشعب الأمريكي وإنما هو في نفس الوقت صديق وحليف لكل الطغاة في العالم، من بوتين إلى شي جين بينغ ومن كيم جونغ أون إلى أردوغان ومن محمد بن سلمان إلى عبد الفتاح السيسي، وصديق للقادة الشعبويين العنصريين مثل بوريس جونسون وفيكتور أوربان وبيبي نتنياهو. لذلك نرى أن خسارة ترامب بالانتخابات ستكون بمثابة تسديد ضربة موجعة لكل هؤلاء الذين يسمحون لأنفسهم بالتدخل في حرية بلدان الشرق الأوسط ويعيثون فيها الدمار ويقتلون شعوبها وحضاراتها. بوتين دمّر سوريا، والامارات والسعودية دمرتا اليمن وليبيا، وتركيا تتدخل في سوريا وفي ليبيا وترسل المرتزقة إلى أذربيجان في حربها مع أرمينيا، ويحشر الجنرال السيسي في السجون المصرية أكثر من 60 ألف معتقل سياسي، وكل هذه الجرائم أمام بصر ترامب وبتشجيع منه. فالفوضى التي انتشرت على طول وعرض المشرق والمغرب العربي وصلت في النهاية إلى الولايات المتحدة التي مثلما ذكرنا تدفع ثمناً غالٍ جداً في ظل وجود هذا الرئيس والطغمة المرافقة له.
الديمقراطيون لن يكرروا أنفسهم
ولمعرفة ما هي تداعيات التغيير السياسي على السياسة الخارجية الأمريكية وتحديداً موقف واشنطن من إسرائيل والشرق الأوسط علينا أن نبحث عما سيقدمه منافس ترامب جو بايدن وما هو برنامجه السياسي وما هي رؤية الحزب الديمقراطي المستقبلية؟ وبما أن سياسة أمريكا الخارجية مرتبطة بسياستها الداخلية ومشتقة منها، نلاحظ أن هناك ميل شديد لدى الديمقراطيين نحو تغيير جذري في سياسة حزبهم تختلف عما كانت عليه في عهد كلينتون وأوباما. فالسياسة التي اعتمدها الديمقراطيون خلال عقدين هي التي أدت بنهاية المطاف إلى وصول ترامب والقوى الظالمة التي تدعمه إلى الحكم.
المهمة الكبرى المطروحة أمام بايدن اليوم ليست عملية استبدال رئيس جمهوري بآخر ديمقراطي ومن ثم العودة إلى السياسة القديمة فقط، بل تكمن في اتخاذ الخطوات اللازمة لمنع عودة رئيس يميني عنصري شعبوي مثل ترامب إلى منصب الرئاسة. ومن هنا لا بد للحزب الديمقراطي ومرشحه بايدن من قطع العلاقات مع رأس المال الكبير ووقف سياسة الخدمة لمصالح نسبة 1% من الأغنياء على حساب بقية 99% من الشعب. وقد أثبت وباء كورونا أن قطاعات واسعة من الشعب الأمريكي تعاني من الفقر ولا تتمتع بتأمين صحي، ولا يحظى أطفالها بجهاز تعليمي ناجع، ولا يملكون فرصة عمل مستقرة أو بمعاش لائق.
على ضوء عمق وخطورة الأزمة رأينا بايدن يتبنى الموقف العكسي لموقف ترامب العنصري عندما احتضن حركة "حياة السود لها قيمة"، التي احتلت شوارع المدن على طول وعرض البلاد بمظاهرات جماهيرية تطالب بالاعتراف بحقوق المواطنين السود ومن أجل تعديل الجهاز القضائي الذي يمارس يميّزاً ضدهم. ولم يكن اختيار "كاملة هاريس" كمرشحة لمنصب نائب الرئيس من باب الصدفة، فالنساء السود يقفن في طليعة الحركة الداعمة للحزب الديمقراطي. ومن المتوقع أن تمهد هذه الموجة الجماهيرية الكبرى الطريق لسيطرة الديمقراطيين على مجلسي النواب والشيوخ، ولفوز بايدن في انتخابات الرئاسة الوشيكة بعد أيام.
تجدر الإشارة إلى أنه علاوة على تأييد حركة السود من أجل المساواة، يطرح الديمقراطيون بطريقة غير مسبوقة موضوع البيئة وضرورة مواجهة أزمة المناخ، ويدعمون بقوة برنامج "نيو ديل" الأخضر الطموح للاستغناء عن النفط والغاز والفحم والانتقال إلى الطاقة المتجددة. وهذه مؤشرات إيجابية تعني بأننا لسنا على عتبة مجرد تغيير حزبي فحسب، بل أمام تحول فكري وسياسي واقتصادي واجتماعي ستكون له آثار إيجابية على العالم ككل.
قلق الطغاة
بعد مضي نحو 40 عاماً من سيطرة نظرية الاقتصاد النيو ليبرالي على الاقتصاد العالمي، التي فرضت الخصخصة وشجعت رأس المال على حساب العمال وأدت إلى تفكك الأنظمة العربية لأنها طبقّت هذه النظرية بشكل جائر ، فتطبيقها كان أحد الأسباب لاندلاع الربيع العربي المنادي بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية، لذا سيكون فوز بايدن في الانتخابات بمثابة المسمار الأخير في نعش النظام النيو ليبرالي الذي خلق الفجوات الاجتماعية وأدى إلى تكوين احتكارات مثل فيسبوك وغوغل وأمازون وآبل، وآخر مفرزات هذا النظام كان ظهور قادة شعبويين من أمثال ترامب الذين يشكلون خطراً على النظام الديمقراطي برمته.
حركات الاحتجاج في العالم العربي، من لبنان إلى العراق ومن مصر إلى الجزائر تطالب بالإصلاح الديمقراطي وبتغيير النظام الاقتصادي وإرساء جهاز قضائي مستقل ومنصف وبمعالجة المشاكل البيئية، وهي جميعها مرتبطة بطريقة أو بأخرى بالإصلاحات الجذرية التي تتبلور في داخل الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة اليوم. ومن هنا نرى أن كل أعداء الحركة الديمقراطية في العالم العربي بما فيهم السعودية وإيران والسيسي وحسن نصر الله وأردوغان وبوتين قلقون من هذا التغيير لأنه سيؤثر على مصيرهم السياسي.
قلق إسرائيلي
ومن جهة أخرى، سيكون لخسارة ترامب في الانتخابات تداعيات خطيرة على الحياة السياسية في إسرائيل وسيشكل من دون شك ضربة قاضية لمستقبل نتنياهو السياسي. فعهد نتنياهو على وشك الانتهاء بسبب فشله في معالجة وباء كورونا. وكما هو متوقع بأن إسرائيل ما بعد كورونا لن تبقى كما كانت في السابق، وهي التي تبنت النيو ليبرالية كمنهج مقدس نراها اليوم كيف تدفع الثمن. فالجمهور الإسرائيلي فقد الثقة بالقيادة الراهنة وشعبية نتنياهو تهبط كلما طال عمر أزمة كورونا لأن مئات الآلاف من الإسرائيليين يفقدون مصدر رزقهم.
إن إسرائيل، قيادة وشعباً، تعيش في حالة من الإنكار، إذ نرى كيف تزداد شعبية ترامب في إسرائيل في وقت يعتقد فيه الكل أن فوزه يتطلب حدوث معجزة، فضلاً عن تراجعه في استطلاعات الرأي أمام منافسه بايدن. أما وإذا نجح الشعب الأمريكي في مهمته وأسقط ترامب فستقع إسرائيل أمام واقع سياسي واقتصادي واجتماعي جديد لا تعرف كيف ستواجهه إذ من المقرر أن يجبر فوز بايدن اسرائيل على إعادة حساباتها تجاه الفلسطينيين واحتلال الضفة الغربية والقدس وكذلك تجاه المجتمع الإسرائيلي نفسه الذي يواجه انشقاقاً داخلياً خطيراً وخلافاً يشبه الخلاف الذي يقسم الشارع الأمريكي.
العالم بعد كورونا يقف أمام مفترق طرق، وسيكون فوز بايدن في الانتخابات القادمة بمثابة أول إشارة إلى أن المسيرة نحو التغيير قد انطلقت. وكل أولئك الذين يريدون إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء في أمريكا وأوروبا وفي العالم العربي وكذلك في إسرائيل سيجدون أنفسهم على هامش الطريق، لأن انتصار الديمقراطية يعدّ شرطاً لا بد منه لاستمرارية الحضارة الإنسانية وحماية الكرة الأرضية والبشر.



#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نتنياهو بداية النهاية
- الموقف من المثلية الجنسية.. سياسي أم ديني؟
- شعبية نتنياهو تتراجع أمام -كورونا-
- كورونا تؤجل الضم
- الربيع الأمريكي- من خالد سعيد إلى جورج فلويد.. كيف تتشابه ان ...
- الضم مشكلة إسرائيلية قبل أن تكون فلسطينية
- نتنياهو ينتصر على -الدولة العميقة-
- من دون ضمانات.. الحجر الصحي عقاب وليس حلًا
- كورونا- فيروس العمال الوهمي
- “القائمة المشتركة”.. إنجاز تاريخي وصفر نتائج
- -صفقة القرن- ولدت من رحم أوسلو على السلطة إعادة المفاتيح إلى ...
- العراق ساحة الحرب بين أمريكا وإيران
- امتحانات بيزا وظاهرة العنف في المجتمع العربي
- شرعنة الإستيطان يمهًد لحل الدولة الواحدة
- لبنان والعراق شوكتان في حلق ايران
- ترامب يتراجع، خامنئي يستفيد ونتانياهو يخسر
- التجمع في موقف لا يحسد عليه
- المشكلة ليست بالكرسي بل بضياع الطريق
- مرسي يجسد المأساة العربية
- واحة الديمقراطية تتأقلم مع محيطها


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - سقوط ترامب انتصار للديمقراطية