أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - الموقف من المثلية الجنسية.. سياسي أم ديني؟















المزيد.....

الموقف من المثلية الجنسية.. سياسي أم ديني؟


يعقوب بن افرات

الحوار المتمدن-العدد: 6640 - 2020 / 8 / 8 - 11:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المسائل الحقوقية لا تتجزأ
االنقاش الدائر اليوم حول موضوع المثلية الجنسية داخل المجتمع الفلسطيني في إسرائيل لم يجر من تلقاء نفسه بل جاء من فوق ومن دون تمهيد داخلي. كان ذلك عندما واجهت القائمة العربية المشتركة مسألة التصويت على مشروع قانون في كنيست بعنوان "علاجات ميول المثليين"، الذي قدّمه عضو الكنيست نيتسان هروفيتس من قائمة "ميرتس"، والذي يعرف نفسه كمثلي الجنس.
وبسبب غياب حوار جدي حول هذا الموضوع نظراً لطبيعة المجتمع العربي المحافظ وسيطرة الحركة الإسلامية على الحيز العام، كان من المتوقع أن تغيب القائمة المشتركة عن التصويت تماما لكي تمنع الانقسام الداخلي وتفضح طبيعتها كائتلاف آني، دوره اجتياز نسبة الحسم وجني أكثر عدد من المقاعد في الكنيست فقط.
بين مؤيد ومعارض
ومع ذلك الانقسام الداخلي بين من صوّت مع القانون وبين من غاب عن التصويت ومن صوّت ضد، يكشف قوس الآراء في المجتمع العربي، ويدل على بداية كسر التابو حول هذه القضية. أعضاء الجبهة انقسمت أصواتهم، بين من أيّد حق المثليين ومنهم أعضاء الكنيست أيمن عودة وعايدة توما سليمان وعوفر كاسيف، وبين من تغيّب عن التصويت وهما عضوا الكنيست يوسف جبارين وجابر عساقلة. أما أعضاء الكنيست من حزب التجمع الوطني الذي يدعّي الليبرالية والحقوق المدنية تغيّبوا عن التصويت، كما تغيّب عن التصويت أعضاء الكنيست عن حزب أحمد طيبي، بينما صوّت أعضاء الكنيست عن الحركة الإسلامية ضد القانون.
الجدير ذكره أن القانون المقترح يهدف إلى تحريم العلاجات الطبية التي تهدف إلى "إعادة" المثليين إلى الحالة "الطبيعية" وإبعادهم عن الميل للمثلية الجنسية. وبما أنه يأتي دفاعاً عن شرعية الميل لمثليي الجنس، يلاقي القانون معارضة شديدة من قبل الأحزاب الدينية اليهودية التي تشبه الحركة الإسلامية، وتعتبر المثلية الجنسية انحرافاً وشذوذاً، وتؤيّد العلاج التحويلي لمثليي الجنس وذلك بواسطة ممارسات وأساليب، أعلنت عنها منظمة الصحة العالمية بأنها ممنوعة بتاتاً كونها تسبب اضطرابات نفسية وقد تؤدي إلى الانتحار.
والسؤال هو لماذا انقسمت أصوات الشيوعيين وأعضاء الجبهة الديمقراطية؟ هل النائب يوسف جبارين الذي عمل لسنوات في جمعية حقوق المواطن الإسرائيلية، ويعرف نفسه كـ "أخصائي حقوقي، ومدير ومؤسس المركز العربي للحقوق والسياسات" لا يدعم أبسط حق إنساني ومدني في اختيار الميول الجنسية؟ لا نعتقد ذلك. برأينا السبب هو مجرد حساب انتخابي، ربما لأن السيد جبارين ينحدر من مدينة أم الفحم، مسقط رأسه، وهي مدينة يسيطر عليه التيار الإسلامي المتشدد بقيادة الشيخ رائد صلاح. أما عضو الكنيست جابر عساقلة الذي تغيّب هو أيضاً عن التصويت، وواضح لنا أنه شخصياً مؤيد لحقوق المثليين كونه قد شغل لسنوات منصب مدير مشترك لجمعية "سيكوي" وهي تعرّف عن نفسها كـ “جمعية مشتركة لمواطنين عرب ويهود في الدولة، ممن أخذوا على عاتقهم العمل لدعم المساواة والشراكة في كل المجالات وعلى كل المستويات بين المواطنين العرب الفلسطينيين وبين المواطنين اليهود في إسرائيل".
وهنا السؤال، أين تقع المساواة عندما نتحدث عن حقوق المثليين؟ هذا السؤال مشروع جداً، فكيف ممكن المطالبة بحقوق المواطنة الكاملة للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل في الوقت الذي حقوق الإنسان الأساسية مثل حقوق مثليي الجنس لا تحترم، ويتعرض هؤلاء لأبشع أنواع الاضطهاد والملاحقة والتحريض والتكفير والعنف الجسدي مما يضطرهم لترك بيوتهم وأهاليهم والعيش في منفى المدن الإسرائيلية.
مسألة حقوقية
إن حقوق مثليي الجنس ليس اختراعاً إسرائيلياً، بل حق معترف به عالمياً، وتطورات نقاشات في أنحاء شتى من المعمورة وخلصت إلى ان المثلية ليست سلوكاً منحرفاً أو مرضاً نفسياً، بل ميل طبيعي لا يمس بأهلية الإنسان المثلي وقدراته العقلية والمهنية وغيرها. والظاهرة، بحد ذاتها، ليست دخيلة على المجتمع العربي، بل موجودة ومنشرة على مستوى الإنسانية أجمع من أقدم العصور وفي أشكال مختلفة في الطبيعة. فإذا كانت الحضارة العربية جزءاً من الحضارة العالمية فالمثلية العربية ليست سوى جزءاً لا يتجزأ من المثلية في العالم ككل.
وإذا تشمل ظاهرة المثلية الجنسية نسبة 10% من المجتمع فالقضية هي أوسع بكثير وهي تمس بحياة 100% من المجتمع رجال ونساء على حد سواء. والعقلية التي تحرم المثلية هي ذاتها العقلية التي نراها تحرم المرأة من حقوقها في المجتمعات العربية. القمع لا ينتهي عند المثليين جنسياً، بل يمتد وبشكل أخطر إلى النساء اللاتي يشكلن نسبة 50% من المجتمع. ومن هذا المنطلق تأتي الأهمية القصوى للدفاع عن حقوق المثليين. إن الضغط على النساء العربيات للزواج المبكر بدل تشجيعهن على التعليم، والتعنيف الدارج من قبل الزوج تجاه المرأة وظاهرة المحرم، التي أدت في السعودية إلى منع النساء من إصدار جواز سفر كما منع المرأة من ممارسة الرياضة، مثل منع ماراثون الطيرة، وصولاً إلى القتل بذريعة ما يسمى بـ "شرف العائلة". كل هذه الظواهر هي امتداد لنفس الرؤية والفكر الديني المحافظ المتشدد.
والموضوع لا ينتهي عند المرأة والمثليين، بل يطال الثقافة والمثقفين، فالكتب "الإباحية" مثل "اورفوار عكا" لعلاء حليحل تم تحريمها في المدارس الحكومية في باقة الغربية، وأمسية تامر نفار الغيت في أم الفحم بحجة المس بمشاعر الجمهور وخدش الحياء، بينما اختفت المسارح ودور السينما من البلدات العربية. وماذا بقى؟ سوى قلة القراءة وتراجع الاهتمام بالثقافة، وهي أسباب أدت إلى انتشار لمظاهر العنف والقتل وسيطرة العادات والتقاليد المقدسة، وتأقلم الجميع مع "الهوية المحافظة للمجتمع العربي"، وأفرزت ثقافة الاستهلاك المادي من دون حساب وجيل قادم من دون مستقبل.
موقف سلبي للقائمة المشتركة
كيف تعاملت القائمة المشتركة مع هذا الواقع الأليم؟ وما فعلته بقضية المثليين؟ يتلخص بأن جزء منها يصرح "ضد" كإسقاط واجب، وجزء يتغيّب عن الساحة، وجزء آخر يدعو إلى التحشم، ويحذر من الإباحية وتقليد عادات الغرب. الشعار الذي يعتبر المخرج السحري من هذه المعضلة المعقدة هو "كلنا ضد الاحتلال وضد التمييز العنصري بحق العرب وكلنا موحدون ضد الحكومة والشرطة". ويعني ذلك أن القيادة السياسية للجماهير العربية تعلن على الملأ بان القضايا الاجتماعية الخطيرة ليست لها أهمية والخلاف حولها هو مسالة هامشية يمكن السكوت عليها.
في هذا المجال نشر موقع الكتروني محسوب على المعارضة السورية للنظام (موقع "سيريا أنتولد – حكاية ما انحكت) مقال هام بعنوان "(ا)رهاب المثليين الجنسيين". المقال بقلم د. حسام الدين درويش، يعالج بشكل معمق قضية المثليين في العالم العربي ويقول فيه: "لم يكن بإمكان الخطاب المعادي للمثليين، في المجال العام والإعلام العربي، أن يهيمن، بهذا الشكل وذاك المضمون، لولا أنه مدعومٌ سياسيًّا، ومسوَّغ قانونيًّا، من قبل الأنظمة المستبدة التي تتحكم بالمجال الإعلامي المحلي، تحكمًا تامًّا أو شبه تامٍّ. ولا تكترث هذه الأنظمة بالاضطهاد الذي يتعرض له المثليون من قبل المجتمع عمومًا، بل تذهب إلى تعزيز هذا الاضطهاد وقوننته وشرعنته، من خلال تجريم المثلية وتشديد العقوبات الصادرة بحقهم."
إن ما نراه من سلوك الطبقة السياسية الفلسطينية في إسرائيل هو بطريقة أو أخرى محاكاة للأنظمة العربية برمتها. حيث تسعى الأنظمة المستبدة إلى تشديد قبضتها على الشعب من خلال ملاحقة المثليين والاعتماد على المشاعر الدينية والمحافظة لكي تتمكن من قمع كل من يعبر عن رأي نقدي ويطالب بالديمقراطية، وفي المجتمع العربي بإسرائيل تخدم هذه السياسة نظام الحمولة والقبيلة، الذي يحكم في كل مدينة وبلدة عربية. إن رؤساء السلطات المحلية العربية ينتخبون على أساس انتمائهم العائلي والميزانيات الحكومية تتوزع على الأقارب والنتيجة هي سوء الإدارة والفساد. ويستفيد أعضاء الكنيست العرب من هذا النظام الفاسد والمفسد بصفقات مع رؤساء الحمائل الكبيرة لكسب الأصوات. في حين يدّعون بأنهم يحافظون على الهوية القومية العربية، والنتيجة هي إبقاء المواطن العربي داخل القفص المغلق القديم لكي يستمر بالتصويت لهم بغض النظر عن أدائهم أو نجاحهم لإحداث التغيير الجذري المطلوب في حياة المواطن العربي.
إننا في "حزب دعم" ومن منطلق إنساني أولاً، وديمقراطي ثانياً، ندعم حقوق المثليين جنسياً على اختلاف قوميتهم أو دينهم أو لونهم. حرية الاختيار الجنسي هي حرية مطلقة وهي من سمات المجتمع الحضاري والتقدمي. وإذا أراد العرب أن يكونوا جزءاً من الحضارة الإنسانية وأن يتحرروا من الاستبداد والقمع فعليهم أن يتحرروا أيضاً من كل الأفكار الظلامية والمسبقة عن المثلية. من يطلب الحرية وحقوق الإنسان، ويناضل ضد الاحتلال ونظام الابرتهايد الإسرائيلي عليه أن يكون في طليعة النضال من أجل حرية الاختيار الجنسي. لا يمكن تحرير الأرض من دون تحرير الإنسان، ولا يمكن للإنسان أن يتحرر ما دام سيبقى أسيراً لمجتمع محكوم بعادات وتقاليد لا تتماشى مع أبسط مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهي احترام حق كل إنسان -ذكر أو أنثى- باختيار نمط حياته وآرائه.



#يعقوب_بن_افرات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعبية نتنياهو تتراجع أمام -كورونا-
- كورونا تؤجل الضم
- الربيع الأمريكي- من خالد سعيد إلى جورج فلويد.. كيف تتشابه ان ...
- الضم مشكلة إسرائيلية قبل أن تكون فلسطينية
- نتنياهو ينتصر على -الدولة العميقة-
- من دون ضمانات.. الحجر الصحي عقاب وليس حلًا
- كورونا- فيروس العمال الوهمي
- “القائمة المشتركة”.. إنجاز تاريخي وصفر نتائج
- -صفقة القرن- ولدت من رحم أوسلو على السلطة إعادة المفاتيح إلى ...
- العراق ساحة الحرب بين أمريكا وإيران
- امتحانات بيزا وظاهرة العنف في المجتمع العربي
- شرعنة الإستيطان يمهًد لحل الدولة الواحدة
- لبنان والعراق شوكتان في حلق ايران
- ترامب يتراجع، خامنئي يستفيد ونتانياهو يخسر
- التجمع في موقف لا يحسد عليه
- المشكلة ليست بالكرسي بل بضياع الطريق
- مرسي يجسد المأساة العربية
- واحة الديمقراطية تتأقلم مع محيطها
- صفقة القرن: الرفض اللفظي يغطي على نظام الابرتهايد
- الصوت العربي- الغائب الحاضر


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يعقوب بن افرات - الموقف من المثلية الجنسية.. سياسي أم ديني؟