أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - نعيمة عبد الجواد - هل العلم يدمر للبشرية؟















المزيد.....

هل العلم يدمر للبشرية؟


نعيمة عبد الجواد
أستاذة جامعية، وكاتبة، وقاصة، وشاعرة، وروائية، وباحثة، ومكم دولي

(Naeema Abdelgawad)


الحوار المتمدن-العدد: 6705 - 2020 / 10 / 16 - 02:29
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


أشيع قديماً أن الشرطة في خدمة الشعب، ولكننا أصبنا بصدمة عندما وجدنا أنفسنا في عصور تالية ضحايا للدول البوليسية، أي كنا نعيش في خرافة. أما الصدمة الأكبر، تلاشي خرافة "العلم في خدمة البشرية"، لأن العلوم صارت تدمر البشرية، مع الفارق أن ذلك يتم بطريقة ممنهجة خالية من أي رحمة أو شفقة؛ لأنها تجرى تحت مشرط جراح قاسي لا قلب له ولا ضمير، يسمى بالعلوم المتقدمة. وعند ذكر الآثار المناوئة للعلوم الحديثة، قد يتبادر للذهن اختراع الأسلحة، والقنبلة الذرية التي تم قذفها على هيروشيما ونجازاكي، أشياء من هذا القبيل. لكن العلوم التي صنعت الأسلحة المدمرة، أو حتى أسلحة الدمار الشامل تعد "رحيمة" حينما يتم استحداث علوم يكون المستهدف تدميره الإنسان نفسه. فعند تدميرالعنصر البشري داخلياً، لن يكون هناك آية حاجة لأسلحة تدميرية؛ فلن يكون لها أي جدوى حقيقية؛ لأن البشر سوف يصيرون لا حول لهم ولا قوة؛ مجرد قطع بشرية متراصة لا قيمة لها، مثل أي قطعة جماد، يمكن وضعها وتوظيفها في آية صيغة حسب رغبة المالك.
وعندما شاهدنا قديماً أفلام مثل السعدان الإثنى عشر 12 Monkeys(1995)، ونظرية المؤامرة Conspiracy Theory (1995)، وإجراءات شاذة Extreme Measures (1996)، ومؤخراً سلسلة أفلام "بورن Bourne" كان أولها فيلم هوية بورن The Bourne Identity (2002)، وغيرها من الأفلام التي تدور في هذا السياق، كنا نحسب أنها أفلام تنتمي لفئة الخيال العلمي؛ لأنه لا يوجد شئ يسمى السيطرة على العقل لدرجة أنه يمكن محو ذاكرة فرد بصورة كاملة ليصير تابع خانع ينفذ أوامر أطراف تتحكم في عقلة عن بعد، حتى ولو بعد غياب أو موت الرقيب عليه، لأنه يوجد دوماً مفتاح لأي فرد مبرمج عقله يمكن من خلاله تقفي آثار الشخص المبرمج بكل سهولة، حتى ولو اختبأ لسنوات طويلة. ولكم كانت الصدمة عظيمة الوقع عند علمنا أن تلك الأفلام مستمدة من الواقع – حتى وإن تدخل فيها خيال المؤلف – لأن الفكرة التي تم بناء الأحداث عليها هي أحداث حقيقية مستمدة من وثائق معتمدة. وأما الصدمة الكبرى هي معرفة أن الواقع أشد قسوة مما تصوره الأفلام.
فلقد كان أول ظهور لهذه السلسلة من الأفلام ذات الموضوعات الغريبة في عام 1995، وهو نفس العام الذي تم فيه الافصاح عن مشروع إم كيه ألترا MKUltra الذي يستهدف التحكم بالعقل البشري ، وهو مشروع تابع لوكالة الاستخبارات الأمريكية US Central Intelligence Agency، وتم تنظيم المشروع من خلال مكتب الاستخبارات العلمية التابع لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية Office of Scientific Intelligence of the CIA، بالتنسيق مع مع مختبرات الحرب البيولوجية التابعة للجيش الأمريكي United States Army Biological Warfare Laboratories. ويستهدف المشروع السيطرة على العقل البشري من خلال عمل تجارب نفسية وحسية على البشر، ولم يتوقف الأمر إلى هذا الحد بل أنه تم تجريب عقاقير مخدرة غاية في الخطورة على العناصر البشرية محل التجربة من أجل تطوير الطرق المستخدمة في الاستجوابات من خلال تحديد وتطوير العقاقير والإجراءات الواجب استخدامها من أجل إضعاف الفرد، وإجباره على الاعتراف الكامل من خلال السيطرة على عقله. ولقد كانت تستحدث هذه الطرق إبان الحرب الباردة لتكوين شبكة قوية من رجال الاستخبارات، وكذلك أيضاً لإجبار الجواسيس الروس على الاعتراف، لمعرفة كل ما لديهم من معلومات. وبالتأكيد، كان يتم ذلك بطرق غير قانونية، وبدون موافقة العناصر البشرية محل للتجربة. فلقد كانت العناصر البشرية المستخدمة في المشروع تنتمي لفئات المساجين، والمرضى النفسيين، ومدمني المخدرات، والعاملين في البغاء؛ أي كما يقول أحد الضباط المشروع: "جميعهم أفراد ينتمون لفئات لا تقوى على إثبات حقوقها." ولقد استخدم المشروع أساليب عدة لتغيير الحالة الذهنية ، ووظائف المخ للأفراد محل التجربة، من خلال تناول أدوية خاطئة بجرعات عالية. وكذلك تناول عقاقير تؤثر على الحالة النفسية، وخاصة عقار إل إس دي LSD -- الذي انتشر في الأسواق فيما بعد بين فئات مدمني المخدرات على أنه واحداً من أشد عقارات الهلوسة. أضف إلى ذلك، كان يتم حقنهم بمواد كيماوية أخرى، وتعريضهم للصدمات الكهربائية، والتنويم المغناطيسي، والعزلة، والاعتداءات اللفظية والجنسية. ووصل الأمر أيضاً لحرمانهم من الحواس، من خلال منعهم من الإبصارأو السمع لفترات طويلة. وتعريضهم لوسائل تعذيب أخرى ، ووخضوعهم لتأثيرمخدرات مستحدثة. ولم يقتصر الأمر على هذا الحد، بل تم تجريب هذه الوسائل في طورها الأخير على متطوعين من أفراد الجيش في محاولة لتطوير "مصل الحقيقة" في شكله الأمثل، استعداداً لتجريبه على سياسيين كبار مثل فيدل كاسترو Fidel Castro. وتمت التجارب تحت شفرات تختص بالتجارب المتعلقة بالمخدرات وهي مشروع الطائر الأزرق Bluebird ومشروع الخرشوف Artichoke اللذان عند افتضاحهما وجدت آلالف المستندات لممارسات غير قانونية، وعقارات مجرمة.
ويلاحظ أن تمت الموافقة على المشروع بشكل رسمي عام 1953، و خفض نطاق إجرائه عام 1964، إلى أن صدرت الأوامر بتقليص التنفيذ عام 1967. وأخيراً، صدرت الأوامر بإيقاف التجارب بعد أن اشتم خبرها الكثيرين عام 1973. فما كان من مدير وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA في ذلك الوقت والذي يدعى ريتشارد هيلمز Richard Helms إلا أن أمر بإتلاف أغلب سجلات مشروع إم كيه أولترا MK Ultra، فصار من الصعب على المحققين فهم أكثر من 150 مشروعاً بحثياً تم تمويله برعاية برنامج إم كيه أولترا MK Ultra، وبرامج أخرى من الاستخبارات المركزية وثيقة الصلة به. وفي عام 1975، تم افتضاح المشروع في الكونجرس الأمريكي. واستمرت التحقيقات ومحاولة فهم المشروع، إلى أن قام مكتب المحاسبة العامة بالولايات المتحدة US General Accounting Office باستصدار تقريراً في 28 سبتمبر 1994 يذكر فيه قيام وزارة الدفاع وغيرها من أجهزة الأمن القومي بوضع آلاف من البشر تحت اختبارات وتجارب متعلقة بمواد خطرة بين عامي 1940 و1974.
وعلى هذا، في السنة التالية تم انتاج الأفلام السالفة للذكر لتدوين أحداث تاريخية حقيقية. وبالطبع، لو كان هذا المشروع تم افتتضاحه في الولايات المتحدة، فهناك آلاف المشروعات المشابهة ليس في الولايات المتحدة فقط، بل في أماكن أخرى من العالم تجرى في طي من الكتمان والحرفية على عناصر بشرية عشوائية بشكل غير مباشر، ومن خلال استحداث أنواع أخرى من البرمجة العقلية، والمخدرات التي صار تناولها علناً دليلاً على التحضر والجاذبية. قديماً قالوا "العقل زينة" إجلالاً لدوره، وحالياً صار قطعة زينة لا قيمة لها.



#نعيمة_عبد_الجواد (هاشتاغ)       Naeema_Abdelgawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرب العالمية الثالثة، من سيحصد خسائرها؟
- ركائز التضليل الإعلامي في المشرق العربي


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - نعيمة عبد الجواد - هل العلم يدمر للبشرية؟