أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نعيمة عبد الجواد - الحرب العالمية الثالثة، من سيحصد خسائرها؟















المزيد.....

الحرب العالمية الثالثة، من سيحصد خسائرها؟


نعيمة عبد الجواد
أستاذة جامعية، وكاتبة، وقاصة، وشاعرة، وروائية، وباحثة، ومكم دولي

(Naeema Abdelgawad)


الحوار المتمدن-العدد: 6697 - 2020 / 10 / 7 - 23:45
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


السياسة، مباراة شديدة التعقيد لا يدفع ثمنها إلا الأبرياء وعلى رأسهم الفقراء. وبينما يهتم المؤرخون والمحللون بالنتائج العسكرية والاقتصادية للحروب، لا يعتبرون آثارها المناوئة التي تطال المدنيين، وتدمغهم بشقاء دائم. فآثار الحروب لا تنمحي؛ فهي كمرض وراثي ينتقل عبر الأجيال، إلى أن يصعب تحديد المتسبب في إحداث ذاك الخلل.
وعند تحليل ما أصاب المجتمع الدولي من خلل جسيم تفاقمت آثاره مع العقد الثاني من الألفية الثالثة، وجد الباحثون أن الآثار النفسية، والاجتماعية، والمالية للحرب تختلف من مكان لآخر، حسب مدى بشاعة تعرض أبناء البلد لأهوال الحرب. ففي وقت الحروب، يقاسي المدنيون من الفقر، والجوع، والتفسخ الأسري، والعنف. لكن أشد أهوال الحرب وطأة هي الإصابة المزمنة بنوبات هلع ناجمة من خوف الوقوع فريسة في يد عدو ينكل بالشعب كيفما شاء، في سياق الضغط على القيادة العسكرية. أو المعاناة من حصار يؤدي إلى نقص في الأموال، والأغذية. أو تهجير أبناء البلد من منازلهم، أوالتعرض للظلم والاضطهاد على أيدي الأعداء. ووغالباًما يحدث ذلك عندما تكون الحرب بين طرفين إثنين. أما في حالة الحربين العالميتين الأولى والثانية، فكانت الآثار المناوئة للحرب أضعاف مضاعفة.
أضف إلى ذلك، أكدت الدراسات أن غالبية من شهدوا الحروب العالمية يعانون من تردي الحالة الصحية في خريف العمر، وأكثر عرضة للإصابة بأمراض مزمنة مثل الضغط والسكر. أما بالنسبة للحالة النفسية، فمن شهد الحرب من المدنيين الأبرياء - سواء مروا بتجربة نفسية قاسية من عدمه - يعانون من اضطرابات نفسية تتوارثها الأجيال، والتي انبلجت في شكل صعوبة في التعلم والتحصيل، وعدم القدرة على الحصول على شهادات عليا. ومن الجدير بالذكر، كانت أوروبا قبل الحرب العالمية الأولى تعج بالأدباء، والمثقفين، والعلماء، والفلاسفة الذين استطاعوا الحصول على درجة الدكتوراة وأثبتواقدراتهم في مراكز علا وهم لايزالون في ريعان الشباب. و من لم يتلق تعليم عالي، كان مستواه الثقافي مرتفع لدرجة أن الساحة الأدبية كانت تعج بالكثير ممن لم يكملوا تعليمهم الجامعي، لكنهم كانوا موهوبين ومحبي للثقافة والعلوم. لربما يترسخ في ذهن الأجيال المعاصرة للحروب إحساس بعدم جدوى التعليم؛ لأن مصير البشرية في نهاية نهاية المطاف الدمار، مصدره تفشي همجية جعلت من الآدميين حوائط صد للرصاص في ساحة المعركة. وإذا تم أسرهم، يصير الغالبية إما في عبودية مقنعة، أو يصيروا فئران تجارب في مختبرات طبية. ولنفس تلك الأسباب، يشهد العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تناقصاً حاداً ومتزايد في معدلات الإقبال على الزواج؛ فما جدوى الزواج مادامت الأسر سوف تتفسخ في حال حدوث حرب عالمية جديدة.
وبناء على ذلك، شهد العالم مباشرة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية نوبات من الأجيال الغاضبة، التي تتخذ من الأنانية سبيلاً مطلقاً ؛ لإحساسهم بأنه سوف يتخلى عنهم الجميع، إما آجلاً أو عاجلاً. ومن ثم، يجب تحقيق الرغبات والآمال بآية طريقة. وكان ذلك من الأسباب الجوهرية التي أدت إلى تردي ليس فقط الحالة الاقتصادية للأفراد، بل أيضاً الحالة النفسية بشكل ملحوظ؛ والسبب عدم الشعور بالرضاء. مما أدى إلى تزايد معدلات الشذوذ، وتفشي عمليات تغيير الجنس. وبالنظر للنمو الاقتصادي، فإنه غير مرتبط بالانتصار في الحرب. فالأحوال الاقتصادية في الدول التي لم تستطع تطبيق الديمقراطية تتردى. ولذلك، تتردى الحالة النفسية، والاجتماعية للشعوب، وكأن تبعات الحروب تضع الشعوب في دائرة مفرغة من الآثار المناوئة لا يمكن منها. ويعانى من تلك الويلات ليس فقط الدول المهزومة أو الأقل تقدماً، بل أيضاً المنتصرة والشديدة التقدم. ففاتورة الحرب، لا تختار من يدفعها، بل تقسم على الجميع بلا استثناء.
وبعد نحو سبعة عقود على انتهاء الحرب العالمية الثانية، ودخول العالم في الألفية الجديدة التي غيرت ابتكاراتها المتسارعة وجه الأرض، لا يزال هناك المزيد من الابتكارات التي تداهمنا مع كل شروق شمس. ولكن، هل شفي العالم من الآثار المناوئة للحروب العالمية؟ الإجابة – للأسف –ماثلة في كل ما يحيطنا. فالتقدم الشديد، والعالم المرقمن الحالي قد زج بالشعوب في خضم حروب باردة أطرافها أباطرة العالم الرقمي الجديد. فهولاء الأباطرة قد زجوا العالم في أسر رقمي. أما الموالين لهم، فلقد سجننوا في زنزانات الألعاب الألكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، لدرجة أنها سلبت الإرادة الحرة للشعوب، وصاروا عبيداً لعالم افتراضي، ينهك أرواحهم، ويرديهم في نوبات من الجنون عندما ينقطع اتصال الإنترنت.
ومع تفاقم الشعور بعدم الرضا عن النفس وعن النظم السياسية القائمة – ولا يستثنى من ذلك كبرى الدول المتقدمة – نجد أن العالم صار يعج باحتجاجات عنيفة وثورات تندلع في جميع أرجاء البسيطة، وحروب يعاني منها دول الشرق الأوسط تنذر بتقسيم كل دولة لدويلات أصغر. مع العلم أن دول الشرق الأوسط قد دفعت – ولا تزال تدفع - بعد الحربين العالمية الأولى والثانية فاتورة باهظة ، بالرغم من أنها لم تكن طرفاً مباشراً في الصراع، لكنها زجت بنفسها في معسكر الحلفاء.
ولم يمنع أيضاً التقدم العلمي في جميع المجالات من تردي مستوى التعليم عالمياً. أما في حال المبتكرون والمبدعون، فلقد تقدموا حسب قدرتهم على إقناع جهات مسئولة لتساندهم في مسيرتهم العلمية. وبالتأكيد، يستثنى من ذلك دول العالم الثالث التي يظهر فيها المبتكرين والمبدعين حسب الجهود الذاتية. وللأسف، ومع تردي الحالة الاقتصادية عالمياً لأسوأ درجاتها بعد تفشى وباء كورونا، من المحتمل حدوث كساد عالمي غير مسبوق، بالإضافة إلى الكساد الحالي. ويؤخذ في الاعتبار إزدياد معدلات البطالة، والتي أدت إلى تزايد معدلات الجريمة ،وخاصة جرائم النصب والاحتيال، والتي تصل إلى تفشي البلطجة والتنمر على عالمياً.
المشهد الحالي هو عالم يتناحر جميع أطرافه، والهدف الأسمى للتناحر هو إثبات زعامة واهية، وأهداف الغرض منها ليس تحسين حالة دولهم، بل على الأحرى إلحاق ضرر بدول أخرى تسعى لتدميرها دون إطلاق طلقة رصاص واحدة، فيما يسمى بحروب الجيل الخامس. لقد صارت الساحة الدولية ممهدة لقيام حرب عالمية ثالثة. احتمال الحرب المسلحة ليس فقط محتمل، بل أيضاً وشيك. وقيام الحرب هو صدى لغضب وأنانية جيل زعماء ما بعد الحرب العالمية الثانية، والذين في هذا المناح لن يعتبروا أن من يدفع فاتورة حروب الهيمنة والزعامة الأبرياء، ومن المرجح أن نصيبهم من المعاناة من أمراض نفسية واجتماعية تفوق تلك التي عانى منها أجيال الحرب العالمية الأولى والثانية.



#نعيمة_عبد_الجواد (هاشتاغ)       Naeema_Abdelgawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ركائز التضليل الإعلامي في المشرق العربي


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - نعيمة عبد الجواد - الحرب العالمية الثالثة، من سيحصد خسائرها؟