أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عليان عليان - في ذكرى حرب تشرين : السادات خان أهداف الحرب المتفق عليها مع سورية ومهد باتفاقات فصل القوات للولوج إلى كامب ديفيد















المزيد.....


في ذكرى حرب تشرين : السادات خان أهداف الحرب المتفق عليها مع سورية ومهد باتفاقات فصل القوات للولوج إلى كامب ديفيد


عليان عليان

الحوار المتمدن-العدد: 6704 - 2020 / 10 / 15 - 00:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ذكرى حرب تشرين : السادات خان أهداف الحرب المتفق عليها مع سورية ومهد باتفاقات فصل القوات للولوج إلى كامب ديفيد

يمكننا التأريخ بشكل جذري لنهج التسوية في مصر بخاصة، والدول العربية عامةً بحرب تشرين 1973 حرب تشرين 1973 ، وفق النهج الذي اختطه الرئيس المصري أنور السادات في التعامل مع قضية التسوية ، وذلك بعد ستة عشر يوماً على اندلاعها ،إثر وقف إطلاق النار ، ووقوف الجيش المصري على مسافة بضع كيلو مترات من القناة ، دونما تشاور مع الرئيس السوري حافظ الأسد- شريكه في خطة الحرب وأهدافها، خاصة بعد دخول كيسنجر على خط الأزمة وخضوع السادات بالمطلق لنصائحه وتوجيهاته.
وتجدر الإشارة ابتداءً أن انقلاب السادات على الخط الوطني والقومي لمصر ، لم يبدأ بحرب تشرين وتعامل السادات معها " كحرب تحريك"، بل بدأ قبل ذلك في انقلاب (15) مايو ( أيار ) 1971 ،الذي جاء بالتنسيق مع الأمريكان والحكم السعودي ، حين زج السادات بالقيادات الناصرية السياسية والعسكرية ،في غياهب السجون ، ومن ثم خضوعه لاحقاً لمتطلبات الإستراتيجية الأمريكية الكيسنجرية.
الشروط الأمريكية للتسوية
لقد طرحت الولايات المتحدة أربعة شروط على نظام السادات، كي تدعم تسوية مصرية مع (إسرائيل)، وقد حمل هذه الشروط الأمير سلطان بن عبد العزيز وزير الدفاع السعودي بعد عودته من واشنطن وزيارته للقاهرة ، في الأسبوع الأول من يوليو – تموز 1972 ، وهذه الشروط هي :إخراج المستشارين والخبراء العسكريين السوفييت من مصر / إخراج كل الفنيين من البلدان الاشتراكية الذين يعملون في فروع الاقتصاد/ إجراء تحول جذري في تجارة مصر الخارجية/ تصفية كل ما له علاقة بالاشتراكية في مصر ( وأساساً القطاع العام)، وكان هناك وعد بأن تزيد السعودية من دعمها الاقتصادي لمصر كلما تقدمت في تنفيذ هذه الشروط[1] .
وفي إطار استجابته للشروط الأمريكية والمطالب السعودية ، فقد نفذ معظم الشروط، وخاصةً الشرط الأول القاضي بإخراج الخبراء العسكريين السوفيات، فور وصول الشروط الأمريكية مع الأمير سلطان ، بوعد من الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون بكبح جماح إسرائيل ( وقد تعهد إيجال آلون يوم 30 آب – أغسطس علناً بأن إسرائيل لن تحاول استغلال خروج العسكريين السوفيات من مصر ).
وبعد طرد الخبراء السوفيات ، بدأ السادات بمغادرة تحالفه تدريجياً وبشكل متسارع مع الاتحاد السوفياتي والولوج في خانة التحالف ( التبعية ) مع الإدارة الأمريكية ، وبدأ في سياق تدريجي ومتراكم بتصفية المنجزات الاشتراكية من (قطاع عام وإصلاح زراعي وغيرهما).
لقد وضع الرئيس جمال عبد الناصر خطة متكاملة لحرب أكتوبر (تشرين) التي وضعها مع الخبراء السوفيات، وأجرى الجيش المصري تدريبات على العبور وفق الخطة التي أطلق عليها " جرانيت 1 وجرانيت 2"، ووفر للقوات المسلحة المصرية أكبر دعم استراتيجي ممثلاً بصفقة كانون الثاني-يناير 1970 مع الاتحاد السوفياتي ،لمصلحة الدفاع الجوي ، الذي نجح في إقامة أضخم حائط صواريخ في العالم ، وأكثرها تقدماً ، الذي نجح في تحدي الطيران الإسرائيلي- السلاح المتفوق الوحيد لدى إسرائيل
لقد تلكأ السادات طويلاً في تنفيذ خط عبد الناصر ،تحت مبررات عديدة لا يتسع المجال لذكرها ، لكن بعد مشاورات مع الرئيس الأسد ، تم وضع خطة مشتركة للجيشين المصري والسوري لبدء الحرب في السادس من أكتوبر (تتشرين أول ) 1973 بهدف تحرير سيناء وهضبة الجولان .
وبموجب هذه الخطة، تم تنظيم التعاون بين القيادتين المصرية والسورية، يوم (7) حزيران 1973 ، بمقر القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية في مدينة نصر ، وهي الخطة التي غير اسمها الرمزي في سبتمبر/ أيلول 1973 إلى "خطة بدر" [2].
في اليوم الأول من الحرب اقتحم مائة ألف جندي مصري قناة السويس بقوة واقتدار، وحطموا خط بارليف بدعم جوي وعبور 1000 دبابة إلى سيناء ، وألحقوا بقوات الاحتلال الإسرائيلية خسائر هائلة على صعيد القتلى ، وعلى صعيد تدمير الدبابات والدروع ، وأسر أعداد كبيرة من قوات العدو، في حين اقتحم 35 ألف جندي سوري بكل بسالة واقتدار هضبة الجولان بدعم جوي وبمشاركة 800 دبابة، حيث تمكن الجيش السوري في اندفاعته الأولى من تحرير مساحات واسعة من الجولان ،وقتل وأسر أعداد لا بأس بها من قوات العدو[3].
وبخصوص انجازات الجيشين المصري والسوري في حرب تشرين - التي خذلها الرئيس السادات - فقد حققت الجيشان المصري والسوري في المراحل الأولى للحرب إنجازين استراتيجيين على جانب كبير من الأهمية.
1-فقد تمكنت القوات المصرية من عبور قناة السويس بسهولة ملحوظة ، تتناقض مع التصور الذي كان سائداً طوال السنوات الماضية ، في أن عبور قناة السويس سيكلف الجيش المصري أضخم الخسائر.
2- تمكنت القوات السورية من اختراق خطوط العدو في الجولان ، وأصبحت المعارك تدور في المناطق التي كان العدو يحتلها ، وهو أمر نفى كثيراً من الأوهام التي كانت تشل إرادة القتال العربية[4].
محطات التنازلات المؤدية للصلح مع الكيان الصهيوني:
لكن الرئيس السادات عمل على توظيف هذه الحرب بعد أيام من بدء الحرب في سياق تحريكي للتسوية، بالضد من خيارات خالد الذكر جمل عبد الناصر وبالضد من الخطة المتفق عليها مع سورية ، إذ أنه في صباح يوم 7 أكتوبر- تشرين أول 1973 ، ولم يكن مضى على المعارك أكثر من عشرين ساعة ، والقوات المسلحة المصرية والسورية ، تحقق الانتصارات الساحقة وفي خطوة مفاجئة بعث السادات، برسالة سرية إلى وزير خارجية الولايات المتحدة هنري كيسنجر ، وقد وقعها حافظ إسماعيل – مستشار الرئيس للأمن القومي ، يشرح فيها السادات نيات مصر وأهدافها من خوض الحرب ، جاء فيها بالنص في البند رقم (6) من الرسالة : " إننا لا نعتزم تعميق مدى الاشتباكات أو توسيع نطاق المواجهة[5].
وفي ضوء توظيف السادات الحرب ، في سياق تحريكي للتسوية مع العدو الصهيوني كان اتقاف النقاط الست ( الكيلو متر 101) واتفاقية سيناء (1) وملحقها السري واتفاق سيناء (2) وملاحقها السرية، التي حجمت وجود الجيش المصري في سيناء ، وأطلقت يد العدو في الضفة الغربية وقطاع غزة ، حيث شكلت هذه الاتفاقات المحطة المركزية للولوج في معاهدة كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني عام 1978 ، التي أخرجت مصر من معادلة الصراع مع العدو الصهيوني.
لا يتسع المجال هنا لذكر تفاصيل الحرب ، لكن تقتضي الضرورة الإشارة إلى محطات محددة أبرزها :
أولاً : وقف القتال قبل منطقة الممرات وثغرة الدفرسوار
أن السادات أصدر تعليماته للجيش المصري في اليوم الثالث للحرب، بالتوقف على مسافة كيلومترات محدودة من القناة ، دون الوصول لمنطقة الممرات الاستراتيجية وتحريرها ، زاعماً أنه ليس بوسعه محاربة أمريكا، ومتجاهلاً حقيقة أن الاتحاد السوفياتي - عض على جرح خيانة السادات له إثر طرده الخبراء الروس – أمد مصر في العاشر من أكتوبر بأكبر جسر جوي عسكري في تاريخه ، وقبل يومين من بدء الجسر الجوي الأمريكي بالإمدادات العسكرية (لإسرائيل).
كما أن توقف الجيش المصري عن التقدم بناء على تعليمات السادات، سهل مهمة جيش العدو بإرسال قوات الاحتياط وغيرها إلى الجبهة السورية ، ما مكن قوات العدو من استعادة المناطق التي حررها الجيش السوري في اندفاعته الأولى.
وعندما عادت القوات المصرية للتحرك في 14 أكتوبر (تشرين أول) ، كان تقدير القيادات العسكرية التي خذلها السادات، بأنها غير ممكنة النجاح- بشن هجوم ثان ، وأن ما كان متاحاً لمصر أن تنجزه يوم 7 أكتوبر- تشرين أول ، لم يعد متاحاً لها أن تنجزه يوم 14 أكتوبر[6] وذلك بعد أن أتيحت الفرصة للعدو الصهيوني من استجماع قواه جراء توقف الجيش المصري لمدة خمسة أيام عن القتال قبل منطقة الممرات ، وبعد أن تخلص من أثر الصدمة الأولى مستفيداً من الجسر الجوي الأمريكي.
لكن التطور الخطير حدث يوم 16 أكتوبر- تشرين أول 1973 عندما بدأت عملية " ثغرة الدفرسوار" ،التي قادها الجنرال الإسرائيلي إرئيل شارون ، وهي عملية اختلفت أساليب تعامل القيادة السياسية والعسكرية المصرية معها من يوم لآخر ، على نحو أتاح اتساع الثغرة ، إلى حد قلب النتائج العسكرية ، وسلب الانتصار العسكري العربي، الذي تحقق في الأيام الثلاثة الأولى ، حين رفض الرئيس السادات خطة رئيس الأركان "سعد الدين الشاذلي"، بإفشال ثغرة الدفرسوار وتدميرها ، عندما قلل الرئيس السادات من أمرها ، واعتبرها مجرد تسلل قامت به ثلاث دبابات إسرائيلية إلى الضفة الغربية لقناة السويس ، ثم اعتبارها- مع اتساع نطاقها- مجرد عملية انتحارية إسرائيلية ، وتفسيرها من قبله بعد ذلك بأنها "حركة سيكولوجية" الهدف منها رفع معنويات الإسرائيليين والتأثير على المعنويات العربية[7]. .
لكن تبين بعد ذلك، أن العملية هي على درجة من الخطورة العسكرية ، بحيث حاصرت الجيش المصري الثالث على الضفة الشرقية من القناة ، وحاصرت مدينة السويس وجعلتها معرضة للسقوط لولا المقاومة الشعبية ، وأدت لاحقاً إلى بدء مفاوضات ( الكيلو متر 101) بين الجانبين المصري والإسرائيلي برعاية أمريكية.
ثانياً: وقف إطلاق النار والاستسلام لدبلوماسية كيسنجر
لقد استسلم السادات لدبلوماسية كيسنجر ، واتخذ قراره وقبل بوقف إطلاق النار دون شرط انسحاب كلي أو جزئي، ولا حتى بدون شرط انسحاب القوات الإسرائيلية من الضفة الغربية من قناة السويس، ولا بشرط فك الحصار عن الجيش المصري الثالث ، وصدر قرار وقف إطلاق النار من مجلس الأمن يوم 22 أكتوبر- تشرين أول 1973 ، لتبدأ مرحلةً جديدة لا تزال مستمرة حتى الآن ، مرحلةً انفردت فيها الدبلوماسية الأمريكية بصورة شبه مطلقة لتشكيل النتائج السياسية لحرب أكتوبر ، معتمدةً في البداية على تعزيز ( إسرائيل ) لمواقعها العسكرية على الجبهة بعد وقف إطلاق النار، ومعتمدةً بعد ذلك على توقف عسكري مصري نهائي وعلى دور مكنها ، من أن ترسم بنفسها تقريباً السياسة الخارجية لمصر في خطوطها الرئيسية بل وفي بعض التفصيلات ، حتى لقد بدا في وقت من الأوقات أن هنري كيسنجر أصبح المستشار السياسي للرئيس السادات، الأمر الذي أعطى للعلاقات المصرية- الأمريكية منذ ذلك الحين صورة " تحالف بين القاهرة وواشنطن، قائم على الصداقة بين كيسنجر والرئيس المصري أنور السادات"[8].
ثالثاً: مسلسل الاتفاقات المذلة التي رعاها كيسنجر بين الجانبين المصري والإسرائيلي
1-اتفاق النقاط الست في موقع الكيلو (101) الذي أرسى أول مفاوضات مباشرة بين الجانبين المصري والإسرائيلي بترتيب من كيسنجر ، وينص الاتفاق على التزام الطرفين بوقف إطلاق النتر الذي دعا إليه مجلس الأمن ، وأن تبدأ المحادثات فوراً بين الطرفين بهدف تسوية مسألة العودة إلى خطوط 22 أكتوبر ضمن خطة لاتفاق لفك الاشتباك وفصل القوات تحت إشراف الأمم المتحدة ، أن تحصل مدينة السويس على إمدادات يومية من الطعام والماء والأدوية ونقل الجرحى منها، لا تفرض أي عوائق تمنع نقل إمدادات غير عسكرية إلى الضفة الشرقية للقناة، تحل مراكز تفتيش تابعة للأمم المتحدة محل المراكز الإسرائيلية على طريق القاهرة – السويس ، و حالة أن تتم إقامة نقاط التفتيش التابعة للأمم المتحدة على طريق القاهرة - السويس يبدأ تبادل أسرى الحرب بمن فيهم الجرحى [9].
2- اتفاق ثنائي بين السادات وكيسنجر تضمن كم هائل من التنازلات (من هنا بدأت كامب ديفيد)
وكان اتفاق الكيلو (101) فتح شهية كيسنجر لحصد كم هائل من التنازلات من السادات فقد طرح هنري كيسنجر مفهومه للمؤتمر الدولي وفق الشروط الأمريكية، بإشراك كل الأطراف حسب إشارة واردة في نص القرار 338 ، واستجاب السادات في الاجتماع الأول بينه وبين كيسنجر في السابع من تشرين ثاني (نوفمبر ) 1973 لكل طلبات واشتراط الأخير ، بما فيها نقاط غير واردة في اتفاق الكيلو 101 ، نذكر منها: الموافقة على إظهار استعداد مصر لقبول حل منفرد مع ( إسرائيل) إذا لم تنجح في إقناع حلفائها العرب بضرورة الحل / الموافقة على إخراج السلاح السوفياتي من معادلة القوة في المنطقة/ والموافقة على التنسيق الكامل مع الولايات المتحدة لتحقيق صلح عربي- إسرائيلي شامل / الموافقة على رفع الحصار البحري الذي فرضته مصر على باب المندب / التجاوز عن شرط عودة إسرائيل إلى خطوط 22 أكتوبر- تشرين أول التي صدر عندها وقف إطلاق النار ، والقفز مباشرةً إلى اتفاقية لفك الاشتباك بين الجيشين يجري التفاوض على تفاصيلها /والموافقة على تسليم الأسرى الإسرائيليين.
وفي ضوء هذه التنازلات، طلب الرئيس السادات من هنري كيسنجر، أن تقوم الولايات المتحدة بتحمل مسؤولية أمنه في مصر على المستويين الشخصي والعام ، فهو بهذه التنازلات التي قدمها على طريق حل، تصور أن الولايات المتحدة تمتلك 99 في المائة من أوراقه – كما قال- وضع نفسه عرضةً لمخاطر شديدة ، وفي أجواء مجهولة تتخطى إمكانياته في حماية نفسه.

3-- المؤتمر الدولي في جنيف، وفقاً للتفاهم بين السادات وكيسنجر بتاريخ 21 -12- 1973
عقد مؤتمر جنيف للسلام بتاريخ 21-12- 1973 بحضور كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي والأمين العام للأمم المتحدة" كورت فالدهايم" ومصر والأردن في ضوء تفاهم مسبق بين كيسنجر والسادات السادات ،بأن يكون دور الاتحاد السوفياتي شكلياً في المؤتمر كمقدمة لإنهاء حضوره في الشرق الأوسط ، إضافة إلى إبعاد الدول الأوروبية عن المؤتمر على أن تكون مهمته الرئيسية للمؤتمر ،إنجاز فصل بين القوات المصرية والقوات الإسرائيلية في سيناء وليس التفاوض على انسحاب القوات الإسرائيلية تنفيذاً للقرار 338 .
وكان الرئيس حافظ الأسد قد أعلن أن سورية لن تحضر المؤتمر ، لأنها مصرة على تنفيذ اتفاق فك الاشتباك بين القوات على جبهات القتال، قبل حضور المؤتمر الدولي ، ثم أنها ليست مستعدة لتسليم (إسرائيل) قائمة بأسراها لدى الجيش السوري إلا في إطار واضح على فك الاشتباك يسبق مؤتمر جنيف
لقد سارت الأمور في المؤتمر وفق خطة كيسنجر المعدة له ،ونجم عنه تشكيل لجنة عسكرية مصرية إسرائيلية تتابع مهمة الفصل بين القوات.
4- اتفاق فصل القوات الأول (سيناء1) بتاريخ 8 يناير ( كانون الثاني) 1974
لقد تضمنت هذه الاتفاقية بنوداً مهينة لفصل القوات وأخطر ما فيها أنها نصت على امتناع الطرفان منذ لحظة توقيع الاتفاقية، عن جميع الأعمال العسكرية وشبه العسكرية التي يقوم بها طرف ضد الآخر ، وأنها تمثل خطوة أولى نحو سلام نهائي عادل ودائم تنفيذاً لأًحكام قرار مجلس الأمن رقم 338 وفي إطار مؤتمر جنيف[10] ( الذي لم ينعقد مرةً أخرى) ، وأنها حددت حجم القوات المصرية المتواجدة في سيناء بأرقام هزيلة جداً. .
وقد أذهل الفريق الجمسي من تفاصيل الاتفاق، وكان التعليق الأول له قبل أن تظهر دموعه هو قوله : " إننا عبرنا بقوة جيشين بقوام 150 ألف رجل و1200 دبابة و 2000 قطعة مدفعية والآن هل يعقل ألا استبقي من هذه القوات إلا (10) آلاف جندي مصري بدلاً من 150 ألف جندي ، و 35 دبابة بدلاً من 1200 دبابة..ألخ

5-- اتفاق فصل القوات الثاني(سيناء 2)
توصل كيسنجر مع الرئيس السادات، إلى اتفاق ثان لفك الارتباط في أغسطس (آب) 1975
وكان هذا الاتفاق مذلاً ومهيناً ، وأخطر في شروطه من الاتفاق الأول ، وبمقتضى التعهدات السرية التي ألحقت به، - وعددها 12 تعهداً- فإن الرئيس السادات تعهد بصلح منفرد بين مصر وإسرائيل ، كما تعهد بالتعاون مع الولايات المتحدة لإخراج الاتحاد السوفياتي ليس من العالم العربي فحسب ، بل من إفريقيا أيضا.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ، فقد قبل السادات منطق ألا تعترف إسرائيل ولا تتصل بمنظمة التحرير الفلسطينية، إلا إذا قامت هذه المنظمة مسبقاً بالاعتراف بقراري 242 ، و 338 .
كما كانت هناك تعهدات أخرى ، من بينها[11] :
-تعهد بالامتناع عن استعمال الوسائل العسكرية في الصراع العربي الإسرائيلي / الالتزام بمنع أي أعمال عسكرية أو شبه عسكرية ضد إسرائيل من الأراضي المصرية/ أن تمتنع الصحافة المصرية وكل سائل الاعلام المصرية عن توجيه حملات كراهية لإسرائيل/ أن يبدأ تقليص المقاطعة الاقتصادية لإسرائيل تدريجياً دون انتظار لموقف عربي عام / أن تظل أحكام اتفاقية فك الارتباط (2) وملحقاتها السرية إلى أن تحل محلها اتفاقية أخرى بالمفاوضات.
خلاصةً : يمكن أن نسجل ما يلي :
أولاً : أن الاتفاقات السابقة الموقعة بين مصر وإسرائيل في تلك المرحلة، وما تضمنته تنازلات مهينة ، لم تعكس الانتصارات العسكرية الهائلة التي حققها الجيش المصري في الأيام الأولى للحرب.
ثانياً : أن هنالك أسئلة تقتضي الإجابة عليه من قبل المؤرخين العسكريين وهو : لماذا رفض السادات إغلاق ثغرة الدفرسوار ، رغم توفر إمكانية القضاء على القوات الإسرائيلية المتسللة ؟ وهل عدم الاغلاق وإبقاء الجيش الثالث محاصراً جراء الثغرة جاء في سياق تفاهم السادات مع كيسنجر ؟
ثالثاً : أن حرب تشرين من منظور السادات ، كانت حرب تحريك للتسوية وليس حرب تحرير ، أي بخلاف ما جرى الاتفاق عليه مع الرئيس السوري حافظ الأسد ، وأن السادات خان الأهداف المتفق عليه مع شريكه في الحرب.
رابعاً : أن نظام السادات ارتد عن تحالفه مع الاتحاد السوفياتي مبكراً بتعليمات أمريكية وسعودية ، كشرط للولوج الأمريكي في عملية التسوية ، وعمق هذا الارتداد بتفاهمه مع كيسنجر بعزل الاتحاد السوفياتي في مؤتمر جنيف ، وتعهده بالعمل على إخراج السوفيات من المنطقة ومن قارة إفريقيا.
خامساً : أن الاتفاقات مثلت رضوخاً كاملاً للشروط الأمريكية والإسرائيلية في مسألة القبول بالصلح المنفرد مع ( إسرائيل) والتخلي عن الحقوق الفلسطينية.
سادساً: أن مجمل الاتفاقات التي وقعها السادات في تلك المرحلة، شكلت المقدمة الطبيعية لتوقيع اتفاقات كامب ديفيد عام 1978 التي أخرجت مصر من معادلة الصراع مع العدو الصهيوني ، فالعناوين الرئيسية في اتفاقيات الكامب على الصعيدين السياسي والعسكري موجودة في اتفاق الكيلو 101 ، وفي اتفاقي فصل القوات الأول والثاني، ولعل رقم القوات المصرية وتسليحها الوارد في اتفاقات كامب ديفيد ، لا يختلف كثيراً عن الرقم الوارد في اتفاق الفصل الأول ( سيناء 1) في يناير ( كانون ثاني ) 1974 .
والأخطر من ذلك كله بأن أطرافاً في الساحة الفلسطينية – رغم كل ما تقدم – بنت أوهاماً بشأن استثمار نتائج حرب تشرين للحصول على سلطة وطنية ....وهذا حديث آخر.
المراجع:

(1)طاهر عبد الحكيم ، حول حرب تشرين والتسوية الأميركية ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت ، ط1 ، 1976 ، ص ى117
(2) - خليل ابراهيم حسن الزوبعي ، حرب تشرين أول(أكتوبر) 1973 ، وجهة نظر عربية ، الفصل الرابع من حرب تشرين ، وجهات نظر وتحليل، بيت الحكمة ، بغداد ، ط1 ، 2002 ، ص 223-224
(3)-فضائية الميادين ، مسلسل وثائقي بعنوان الرجل الذي لم يوقع ، الجزء الرابع ، 2018
(4)- طاهر عبد الحكيم، مصدر سابق ، ص 189- 190
(5)- جريدة الأهالي المصرية ، 18-5-1983ط
(6) - محمد حسنين هيكل ، الطريق إلى رمضان ، بيروت ، 1975 ، ص 204
(7)-سمير كرم ، النتائج السياسية لحرب أكتوبر 1973 ، مجلة شؤون فلسطينية. عدد رقم 83 ، تشرين أول 1978 ، ص 114-115، نقلاً عن محمد حسنين هيكل ، مصدر سابق ، ص 212- 213
(8)-( - Shehan,Edward,Kissingers step-by-Step Deplomacy in theMiddle East, Foreign Policy, March 7, 1976
(9)-المشير محمد عبد الغني الجمسي، "مذكرات الجمسي - حرب أكتوبر 1973"، الهيئة المصرية العامة للكتاب، طبعة 1998، ص 596 .
(10)- د. جمال سلامة علي : كتاب "من النيل إلى الفرات.. مصر و سوريا وتحديات الصراع العربي الإسرائيلي" الناشر: دار النهضة العربية، 2003، ص 403 - 40
(11)- محمد حسنين هيكل، المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل ، الكتاب الثاني، دار الشروق ، 2009 ، ص 261- 284



#عليان_عليان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الذكرى أل(20) لاندلاعها : -انتفاضة الأقصى- أجهضت جراء رها ...
- في الذكرى أل (50) لرحيل جمال عبد الناصر : أوضاع الأمة العربي ...
- تراجع دور حركات مقاومة التطبيع في مواجهة تنمر قوى التطبيع -و ...
- في الذكرى أل (27) لتوقيعها: اتفاقات اوسلو سهلت مهمة معسكر ال ...
- مؤتمر أمناء الفصائل الفلسطينية: مهرجان خطابي تلفزيوني ببيان ...
- في الذكرى (19) لاستشهاد أبو علي مصطفى : إرثك الفكري والنضالي ...
- تحت عنوا حيادية لبنان : البطريرك الراعي يحول الكنيسة المارون ...
- لبنان إلى أين؟ بعد كارثة المرفأ في ضوء التدخلات الخارجية وال ...
- هل تجرؤ الحكومة اللبنانية على تمزيق المحددات والخطوط الحمر ا ...
- حزب الله يوجه ضربة مؤلمة للكيان الصهيوني بدون إطلاق نار ، وم ...
- تفريط النظام المصري بأمن مصر القومي في كامب ديفيد أغرى أثيوب ...
- ما جاء في المؤتمر الصحفي المشترك للرجوب وعاروري خطوة في الات ...
- في مواجهة قرار الضم الإسرائيلي : هل هنالك جاهزية حقيقية للرد ...
- في ضوء تماسك محور المقاومة : قانون قيصر الإرهابي لن يفت في ع ...
- الانتفاضة الراهنة في أمريكا : ضرب تحت الحزام للنظام النيولبي ...
- في اجتماع رام الله : القيادة المتنفذة في منظمة التحرير أخرجت ...
- في الذكرى أل (72) للنكبة :حق العودة مرتبط بشرط التحرير ، وقر ...
- نقلة خطيرة في نهج التطبيع الخليجي تتبنى الرواية اليهودية في ...
- النظام الرأسمالي النيوليبرالي المتوحش يحل أزماته على حساب ال ...
- تهديدات شكلية من قبل السلطة الفلسطينية في مواجهة قرارات الضم ...


المزيد.....




- وزير الخارجية الأمريكي يزور السعودية لمناقشة وضع غزة مع -شرك ...
- السلطات الروسية توقف مشتبهاً به جديد في الهجوم الدامي على قا ...
- حماس تنشر مقطع فيديو يوضح محتجزين أمريكي وإسرائيلي أحياء لدي ...
- حزب الله يقصف إسرائيل ويرد على مبادرات وقف إطلاق النار
- نائب سكرتير اللجنة المركزية للحزب بسام محي: نرفض التمييز ضد ...
- طلبة بجامعة كولومبيا يعتبرون تضامنهم مع غزة درسا حيا بالتاري ...
- كيف تنقذ طفلك من عادة قضم الأظافر وتخلصه منها؟
- مظاهرات جامعة كولومبيا.. كيف بدأت ولماذا انتقلت لجامعات أخرى ...
- مظاهرة طلابية في باريس تندد بالحرب على قطاع غزة
- صفقة التبادل أم اجتياح رفح؟.. خلاف يهدد الائتلاف الحكومي بإس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عليان عليان - في ذكرى حرب تشرين : السادات خان أهداف الحرب المتفق عليها مع سورية ومهد باتفاقات فصل القوات للولوج إلى كامب ديفيد