أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوفل شاكر - تشرين من الغضب إلى اللطم















المزيد.....

تشرين من الغضب إلى اللطم


نوفل شاكر

الحوار المتمدن-العدد: 6701 - 2020 / 10 / 12 - 15:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تشرين من الغضب إلى اللطم.
___________________________________

ثمة أسئلة تستثيرها، الذكرى السنوية الأولى لانطلاق الاحتجاجات العراقية في تشرين 2019
أسئلة تستدعي إجابات للظاهرة التشرينية الجديدة. ثمة إجابات مسكوت عنها، ترسم صورة بكل الأبعاد لهذه الظاهرة.

المشهد التشريني العراقي الذي بدأ "ثورياً، إصلاحياً"، أخذ يفقد شيئاً فشيئاً من بريقه "الثوري"، مع احتفاظه بحماسته التي أصبحت منطقة خصبة، لإنتاج انفعالات غير مبررة، و مواقف دوغمائية لا تقل عن دوغمائية الإسلام السياسي. التشرينيون بدأوا بعبارة " نريد وطن" وانتهوا بنداءات تدعو لوضع العراق تحت طائلة الوصاية الأميركية!بيانات ومنشورات لقادتهم ومدونيهم، تبارك إعطاء سنجار لكردستان، و منشورات تبشر وتتغنى بغزوات درونية أميركية تنتقم لهم من قادة الفصائل (الولائية).

المشهد التشريني، مشهدٌ مرتبك، مشهدٌ ينحو خطابه منحىً ديماغوجياً منقسماً على نفسه. اختلطت فيه العلمانية، بالمزايدة والمنافسة على إحياء الزيارات الدينية كزيارتي عاشوراء والأربعين. أصوات تدعو للإلحاد والتخلي عن المقدسات، تختلط مع أصوات ترتفع باسم الحسين!
دعوات للانحلال ونبذ القيم الإجتماعية، ترافقها نداءات استغاثة بشيوخ العشائر! فنطازيات ومشاهد تنتمي لمسرح العبث واللامعقول. جماعات حابلها يضيع في نابلها.

مفهوم حرية الآراء لدى التشريني سلاح ذو حدين: هو معه إذا كان الرأي لصالحه. أما إذا اعتنقت رأياً مخالفاً له، فأنت "ذيل إيراني". ويُمارس عليك أعتى أنواع التسلط والاتهام، وتتعرض لحملات الشتم والسب والتسقيط. وستجري عليك مختلف أنواع الاعتداءات: من التبليغ على حسابك الشخصي لإغلاقه، إلى اتهامك بأنك تحرض على قتل المتظاهرين، إلى التهديد والوعيد إذا رأوك في إحدى الأماكن التي يتواجدون فيها، وربما لو وقعت بأيديهم، لكان مصيرك الذبح والسحل والصلب على شارة المرور كما فعلوا بطفل الوثبة. دوغمائية التشرينيين أخطر من دوغمائية المتدينين؛ لأنهم يتحدثون باسم الإنسانية وحرية التعبير، وهو ادعاء خادع، يبيح لصاحبه ارتكاب أعتى الجرائم تحت ذريعة حقوق الإنسان! إنهم يؤمنون بالحرية ولكنها حريتهم الشخصية فقط، أما إذا انتقدتهم فأنت ذيل. مادمت معي فأنت عراقي أصيل، أما إذا انتقدتني فأنت عميل.

في ظل هذا الديالكتيك التشريني المعقد والمتناقض و العجائبي، تم إسقاط هيبة الدولة من خلال الاعتداء على القوات الأمنية، وعلى الموظفين، وغلق المدارس، ومهاجمة المؤسسات الحكومية. وصل الهياج التشريني ذروته، بقيام (الناشطين) بمداهمة الكليات_ كما حصل في كلية طب ذي قار _ والاعتداء على أساتذتها، كذلك مهاجمة دائرة صحة ذي قار وإجبار مديرها العام على تقديم استقالته في مشهد فوضوي هزلي ومستفز، يؤشر على غياب الدولة.

ماجرى في زيارة الأربعين، هو استهتار تشريني صارخ، وانتهاك لحرمة أقدس زيارة أحياها 14 مليون شيعي ونصف؛ مما حدى بمقتدى الصدر بأن يتخذ رد فعلٍ فوري وقوي، فأصدر ثلاث تغريدات محذرة ومتوعدة، وأطلق المقرب منه (صالح محمد العراقي) وسماً تصدر الترند في تويتر بعبارة "فاسدو تشرين يهددون الحسين".

شعار التشرينيين المفضل" ذيل... لوگي... انعل ابو إيران لابو امريكا"، هو شعار مضلل، مموه. مضلل لأن القنصليات الإيرانية في الجنوب تم إحراقها 4 مرات، بينما ينزعج التشرينيون من تعرض السفارة الأميركية لهجمات الكاتيوشا!
مموه؛ لأنّ شخصاً، مثل (ستيڤن نبيل) متجاهر بأنه أمريكي، ومفتخر بأنه جمهوري ترامبي، فهو وفقاً للشعار التشريني الآنف "ذيل" أميركي، ولكن لم نسمع من يشتمه، على العكس، فهو أحد مدوني تشرين الذين يحظون بمباركة التشرينيين. إذهب إلى تويتر، ستشاهد أكثر المغردين التشرينيين تطرفاً هم من يرتبطون بأميركا، أو يعملون بمؤسسات مدعومة خليجياً. الحكمة تقول: إذا أردت معرفة مصداقية الشعار، فانظر لسلوك حامل الشعار، مواقفه، انفعالاته، ردود أفعاله.

أنصار الدرون، لا يريدون إغلاق السفارة الأميركية. ولا يرون بأساً في الإعجاب بمنشورات مدوني أميركا بل ومشاركتها في صفحاتهم الشخصية. أنصار الدرون لا يرون بأنهم ذيول أميركية! ويبقى السؤال الأهم هو: إذا كانت "ذيول" إيران ترتبط معها عقائدياً؛ فما الذي يربط بين ذيول أميركا وسيدتهم؟ هل هي علاقة حب من طرف واحد؟! هل هي علاقة استقواء بالدرون من أجل "الكباب" الإيراني؟

ثورة يقودها التكتك، تنتهك الثوابت، والقيم الإجتماعية والدينية، بذريعة التحرر من المقدس. ثورة تبيح الممارسات اللا أخلاقية، متذرعة ببيت شعري لمظفر النواب يقول فيه: " وهل توجد بذاءة أكثر مما نحن فيه!". بصرف النظر عن موقف النواب الأخلاقي الذي هو موقف شعري استدعاه موقف الحكام العرب من القضية الفلسطينية ونكباتها المتناسلة؛ فإن ثورة ترفع من البذاءة شعاراً لها، هي ثورة لا يعول عليها، ولا يُرتجى الخير منها.
ثورة يقودها (جيل البوبجي) لا يمكن لها أن تعرف وتعترف بالنظام، والانضباط، والسلوكيات السوية.

معذرةً أيها الشباب، فأنتم لم تخترعوا العجلة السياسية، كما يحاول أن يطبل لكم الإنتهازيون. مظاهراتكم لا ترقى إلى كلمة (ثورة). ما تقومون به يندرج تحت يافطة النشاط العبثي لزعاطيط السياسة. ثقافة البذاءة لا تصنع ثورة، مفردات الشتيمة الجنسية التي تستلهمونها من (البشير شو) لا تصنع ثورة. شتم المقدسات، و الاستهزاء بالثوابت، والتجاوز على الذات الإلهية لا يصنع ثورة. تحويل نفق التحرير إلى سوق لتجارة المخدرات، وبيع الكرستال لا يصنع ثورة. الثورة هي: أن تنتج تغييراً جوهريا في التنظيم الإجتماعي، والاقتصادي، والسياسي . والأهم قبل هذا وذاك تغييراً جوهريًا في الفكر السياسي.. وهذا التعريف الإجرائي البسيط اذا ما اتخذناه كمعيار سَيُبَين أنكم بعيدين جداً عن روح الثورة .

هل تعتقدون أنكم فعلاً تقومون بثورة، ومن يقودها أصبحوا أبواقاً ومستشارين للسلطة الجديدة؟ هل تعتقدون بأنكم تريدون وطناً، وقادتكم يدعون للتدخل الأمريكي، و ينتظرون بفرحة وولهٍ ضربات الدرون؟ هل تعتقدون أنكم تريدون وعياً، وقادتكم شخصيات كارتونية كفائق الشيخ علي، وغيث التميمي، وأسعد الناصري؟! هل فعلاً أنتم تمثلون الوعي، ووعيكم يتشكل، ببوستات ستيڤن نبيل، أو مقالات (حسين تقريباً)، وقصائد وليد الخشماني الطائفي التي يبشر فيها بقراءة سورة الفاتحة على روح صدام تحت نصب التحرير؟!!

قل لي بربك: كيف تدعي بأنك تريد وطناً، وأنت تقطع الشوارع والجسور؟ كيف تقنعني بأنك تريد وطناً، وأنت تغلق الدوائر الرسمية، والمدارس والجامعات؟ كيف تقول بأنك تريد وطناً وأنت تتجاوز وتهزأ برموز هذا الوطن، وتسخر من مقدساته، وتدعو إلى الإنقسام الإجتماعي بين أبنائه؟ كيف تريدني أن أصدق بأنك تصنع وعياً "قائداً" وأنت تتخذ من لغة الشتيمة، والمفردات النابية، شعاراً سياسياً ومنهجاً لا يتغير؟!

متظاهر كهذا ليس بثائر، بل هو مراهق سياسي يفتقر إلى النضج الفكري، هو زعطوط أبدي لم ولن ينضج، ولم يتحرر بعد. هو لا زال في طور العبودية البدائية. الحرية قبل الوطن. نحن هنا أمام فيزياء سياسية. بلا مواطن صالح،ليس هناك لا ثورة ولا وطن .. الثائر الذي يطمح لتغيير جوهري في التنظيم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي؛ لا بد له قبل كل شيء أن يكون مواطناً صالحاً. مواطناً لا يقبل بالتخريب، ونشر الفوضى، وإشعال الفتنة. أين انتم من كل هذا؟ (الجريذي، وزيطة، ودگمة، وحسوني الوسخ) وغيرهم من النماذج التي قدمتها هذه (الثورة) خير دليل على سقوطها القيمي. اترك لك الوقت الكافي لكي تلتفت من حولك .. وتصغي لمن هم حولك .. ومن يحركك؛ ستفهم ما أريد قوله بالوقائع لا بالحماسيات الفارغة. المسألة لا تحتاج الى أكثر من هذاالمسح السوسيولوجي البسيط.

كان بإمكانكم أن تأخذوا وطناً، لو أنكم لم تهاجموا قيم المجتمع، و ثوابته، كان بإمكانكم أن تبنوا وطناً لو لم تدقوا إسفين التفرقة بين المجتمع، كان بإمكانكم أن تصنعوا تغييراً، لو لم تستمعوا لمزامير أميركا، وتهزون خصوركم على أنغامها،ولو لم تستسلموا لأياديها التي داعبتكم في أماكنكم الحساسة، لتغتصبكم فكرياً، كما اغتصبت الذين من قبلكم.

استثارة أميركية بدعم خليجي، لنشر البلطجة في العراق، و ثقافة الشفل والتهديم، و حرق مؤسسات الدولة، كما حدث في إحراق بناية مجلس النواب في البصرة، ومحاولة إحراق بيت المحافظ هناك. هجوم الأربعين في كربلاء. تهديد التشرينيين لمحافظ ذي قار واستهانتهم بقائد شرطتها في موقف مهين للقوات الأمنية. قطع الجسور والطرقات في الناصرية لمدة 8 أشهر، وتعطيل المدارس، الذي ظهرت ثماره بتحقيق ذي قار لأعلى نسبة رسوب في العراق.

اليوم، وبعد مد وجزر كثيرين، كيف يمكن رؤية تشرين وتقييمها؟ هل تشكل تشرين إضافة جديدة في المشهد العراقي؟ نعم تشكل إضافة في الفوضى والفساد . إضافة في الإرتباك الإجتماعي. إضافة في توهين الدولة و زعزعتها. إضافة في نشر ثقافة البلطجة، و التخريب، والعنف. إضافة في نشر الأكاذيب والأخبار المفبركة وثقافة التضليل.

ماذا تبقى من تشرين؟ " ثوارٌ" غاضبون بلا ورثة، يقفون بالمئات في ساحات التظاهر، يريدون من الدرون أن تحقق أحلامهم في استعادة الوطن. هم غاضبون؛ لأن الكل قد تخلى عنهم، قادات حراكهم تسنموا المناصب، وتركوهم لوحدهم، السفارة مشغولة بنفسها، ولا أموال خليجية، لأن مهمتهم قد انتهت بتنصيب الكاظمي. لذلك لم يجدوا غير الغضب كشعور تنفيسي عن إحباطهم وخيبة آمالهم.

الغاضبون التشرينيون، ينتهون اليوم لطّامين. صوت اللطم، المرفق بذمّ الزمن، وتخوين الخصوم، وسب الشعب "النايم" واستدرار العواطف، بات مسموعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي مقالات مدونيهم. مرئياً في دراما تلفزيونية رديئة ومقلدة في فضائيات (دجلة) و (الشرقية).يخترعون الأكاذيب ويسوقوها لجمهورهم، لإذكاء هذا الغضب، ولكي يحافظوا على اتقاد شعلته. هم لا زالوا يعيشون مرحلة السذاجة الثورية المبكرة. هم الآن مشغولون بلطميات وبكائيات على روح الثورة المحتضرة.لكنّ ما لم يستطعه الغضب يوماً، لن يستطيعه اللطم.



#نوفل_شاكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمة الملك سلمان، رقصة موت أفريقية.
- حائكُ السجادة الفارسية، يسخرُ من رجل المارلبورو.
- ديمقراطية على طريقة الويسترن الأمريكي
- نوستالجيا وطنية!
- الويل لثقافةٍ تقودها شخصياتٌ بوفارية
- لن ننسى... كيلا يتناسل الشر!
- القرن الأميركي لن يكون أميركياً


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوفل شاكر - تشرين من الغضب إلى اللطم