أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام جمال داوود - أذربيجان و أرمينيا















المزيد.....

أذربيجان و أرمينيا


هشام جمال داوود

الحوار المتمدن-العدد: 6697 - 2020 / 10 / 7 - 09:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حرب اندلعت بين هذين البلدين، اثارت اهتمام الناس وكذلك الكتاب والمدونين، لكن الغريب في الامر انهم تحدثوا وكتبوا عن إيران أكثر مما كتبوا عن المشكلة بين أرمينيا وأذربيجان.
خلاصة ما تم كتابته هو ان إيران وقفت الى جانب أرمينيا ضد أذربيجان (الشيعية).
المشكلة بين هاتين الدولتين ليس بالجديدة، فالخلاف بينهم قديم جداً ولأسباب تتعلق بأراضي متنازع عليها تاريخياً، وكان لدول كثيرة دور كبير في دعم الدولتين في هذا الخلاف.
أذربيجان تعتبر نفسها صاحبة الحق بتلك الأراضي والشيء نفسه بالنسبة لأرمينيا، تركيا من جهتها تعتبر ان أراضي أذربيجان ضمن الإرث العثماني الذي يجب ان يعود لهم، والأكثر من ذلك ان تركيا تعتبر الأذربيين اتراك في الأصل، والمشكلة شائكة ومعقدة.

اما الغالبية من الناس، فلم يشغل أحد منهم باله بأن يبحث في تفاصيل هذا الخلاف بين الدولتين، بل شغل بالهم دور إيران في دعم أرمينيا ضد أذربيجان الشيعية وكأن المشكلة تكمن عند هذه النقطة فقط.
إيران ليست الفاتيكان بالنسبة للشيعة كي يصفها الناس بأنها غدرت بأذربيجان.
ولا شعب أذربيجان هم شيعة بالمعنى الصحيح للكلمة.
أذربيجان دولة علمانية لا دينية على الاطلاق، وان اول رئيس لها بعد الاستقلال من الاتحاد السوفيتي هو حيدر علييڤ والذي توفى وخلفه ابنه الهام علييڤ وهم سنة وليسوا شيعة على الرغم من ان الغالبية العظمى للعب الاذربيجاني من الشيعة.
فاذا ما تم قياس الأمور وفقاً لهذه المعطيات فان الجواب المنطقي هو ان نقاط الالتقاء بعيدة واحتمالياتها ضعيفة بين إيران وأذربيجان إلا ان السياسات الدولية لا تحددها هذه الأمور السطحية.
أرمينيا تعتبر نفسها سيدة القوقاز وان معظم الأراضي فيه تعود تاريخياً لأرمينيا، وأذربيجان تعتبر نفسها الأقوى فيه كونها الاغنى لامتلاكها حقول النفط، وكما قلت قبل قليل فإن تركيا تعتبر أذربيجان ارثاً عثمانياً، وترى إيران ان أذربيجان جزء من امبراطورية فارس القديمة، وروسيا فوق كل هؤلاء تعتبر الارضين جزءاً من الاتحاد السوفيتي ومن روسيا العظمى مهما قال الباقين.
امر آخر مهم جداً، هو ان موقع أرمينيا الجغرافي يقع بين أذربيجان، فحدود أرمينيا من الجهة الشرقية مع أذربيجان متمثلة بالدولة الرئيسية، ومن الجهة الغربية أيضاً مع أذربيجان متمثلة بإقليم ناخيتشيڤان (Nakhichevan).

كما ان هناك إقليم ارمني يقع في قلب الخارطة الأذربيجانية ألا وهو إقليم (ناغورني قرة باغ) وهو أساس المشكلة حالياً بين البلدين.

لذلك قلت ان موضوع الخلاف الأذري الأرميني شائك ومعقد من جهة وليس بالجديد مطلقاً من جهة أخرى، اذ انه فقط في مطلع القرن العشرين اندلعت المواجهات العسكرية بينهما مرتين الأولى عام ١٩٠٥ والثانية عام ١٩١٨ وكلما عدنا بالتاريخ الى الوراء نجد الكثير من المواجهات بين البلدين.
لكن المواجهات الأخيرة أسبابها تختلف عن كل أسباب المواجهات السابقة، وقبل الدخول في الأسباب التي أدت لتلك المواجهات لابد من ذكر التالي:
الدعم التركي لأذربيجان لا يقتصر على الأسباب آنفة الذكر، بل ان سياسة حكومة (تركيا-اردوغان) دائماً ما تستخدم ورقة معينة في قضية ما لتستخدمها كورقة ضغط لأجل الحصول على تنازل في قضية أخرى، فهي تسعى ان تكون لاعباً قوي في هذه الازمة للوصول الى اتفاق تركي روسي إيراني للحصول على تنازلات من الجانب الروسي في ليبيا (وهذا حق طبيعي لتركيا كدولة ترعى مصالحها وامنها القومي) كذلك نفط أذربيجان هو الآخر سبب رئيسي للدعم التركي وبديل للنفط الخليجي.
وإيران تدعم أرمينيا لنفس الأسباب لصالح امنها القومي وهذا حق طبيعي لها أيضا، كذلك هناك مسألة غاية في الأهمية وهي أن إيران دولة ذات شعب متعدد الأعراق والقوميات ولذلك فهي تخشى من أي محاولة من قبل مكوناتها تهدف الى الاستقلال او انشاء إقليم مستقل وفي مقدمة هذه المكونات هي القومية الآذرية، اذ يشكل الأذريين ما نسبته من ٢٠ في المئة تقريباً من سكان إيران، وفيهم نسبة غير قليلة تفضل الانضمام لأذربيجان بدلاً من إيران نظراً للفارق الكبير بين اقتصاد البلدين، فأذربيجان حققت قفزات كبيرة في انتاج النفط في العقدين الأخيرين ومن المتوقع ان تحقق أرباح تزيد على ٢٥٠ مليار دولار في العشر سنوات القادمة.
كما ان إيران لا يمكن لها ان تنسى محاولة (جعفر بيشڤاري) عام ١٩٤٦ وهذه حادثة طويلة نوعاً ما ولكن يمكنني ايجازها بالقول إن في تلك السنة فاز ١٥ نائبا من الحزب الشيوعي الإيراني في انتخابات الدورة الرابعة عشر للبرلمان الإيراني، وكان جعفر أحد هؤلاء النواب والذي لم يكتفي بالفوز وانما توجه الى تبريز عاصمة إقليم أذربيجان-إيران مطالبا بتشكيل إقليم خاص بالآذريين أوحكم ذاتي كخطوة استباقية قبل اعلان تأسيس الجمهورية الشعبية شمال غرب إيران.
ولكن محاولته هذه بائت بالفشل لأن الحكومة الإيرانية تحركت بقوة متمثلة بخطين الأول يمثله رئيس الوزراء آنذاك "احمد قوام السلطنة" والذي قام بدوره بالسفر الى موسكو وعقد اجتماعات جديدة مع المسؤولين السوڤييت بخصوص الامتيازات النفطية الممنوحة للاتحاد السوفيتي والاستثمارات النفطية شمال إيران.

والخط الثاني متمثلاً برئيس الأركان الإيراني الجنرال "علي رازم آرة " الذي ضرب بيد من حديد محاولات ما اسماهم بالانفصاليين بعد ان تلقى الضوء الأخضر من رئيس الوزراء.
بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام ١٩٩١ أعلنت كل من الدولتين استقلالهما، كما حاول إقليم ناغورني قرة باغ والذي يقع في قلب أذربيجان ويسكنه قرابة ١٥٠ ألف ارمني ان يعلن استقلاله لكن الحكومة الأذربيجانية منعته من ذلك، ما أدى الى نشوب حرب بينهم استمرت لسنتين اسفرت عن سقوط ٣٠ ألف قتيل من مجموع قتلى الطرفين.
روسيا بدورها قدمت الدعم للأرمن مقابل الدعم التركي للأذريين.
وفي ذلك الوقت لم تكن أذربيجان اقتصادياً كما هي عليه اليوم، ولم تكن رقماً كبيراً في سوق النفط العالمي مثلما هي عليه اليوم.
ومنذ سنة ١٩٩٤ وهي السنة الانتقالية بالنسبة لأذربيجان، اذ بدأت صادرات نفطها تزداد واقتصادها بدأ بالانتعاش إلا ان هناك مسألة اهم من ذلك، ففي تلك السنة بدأت العلاقات بينها وبين إسرائيل تزداد بشكل كبير خاصة في مجال الاتصالات والتسليح والنفط والى يومنا هذا.
اذ قامت اسرائيل بشراء الحصة الأكبر من شركات الاتصالات الأذربيجانية لتشغيل الهواتف وأنظمة الاتصالات، كما قامت شركة إسرائيلية في نفس العام بالشراكة مع وزارة الاتصالات الاذرية بانشاء اول مشروع هاتف نقال في أذربيجان.
إضافة الي اتفاقيات كثيرة تخص تسليح الجيش الاذري بالطائرات المسيرة، من جهة ثانية فإن إسرائيل تستورد مابين ٤٠٥٠٪ من حاجيتها النفطية من أذربيجان والذي يقدر بثمانين مليون برملين سنويا.
اما تركيا فيتمثل دعمها لأذربيجان علاوة عن الأسباب التي تم ذكرها فإن هناك امرا مهماً آخر هو ان أنبوب الناقل للنفط الاذري الى إسرائيل يمر عبر الأراضي التركية، ووجود قاعدة تركية في إقليم ناختشيفان الذي استغلته تركيا لنقل مقاتلين سوريين اليه ليتمكنوا من الالتحاق بصفوف الجيش الاذري.
روسيا بدورها تدعم أرمينيا (على الرغم من استمرارها ببيع السلاح للطرفين) لكنها تدعم أرمينيا منذ انهيار الاتحاد السوفيتي اذ أبقت على ٥٠٠٠ مقاتل في الأراضي الارمينية وكذلك فسحت المجال للهيمنة الإيرانية كي تكون المسيطرة في القوقاز بوجه المد التركي ذلك لان روسيا تضم على أراضيها اقليمين من المسلمين السنة المتشددين هما إقليم الشيشان وانغوشيتيا.
اما الدعم الإيراني لارمينيا لانها تعتبرها سوق مهم جداً للنفط الإيراني، بالإضافة الى التوجس من توجهات الحكومة الأذربيجانية بخصوص أذربيجان الكبرى.
اما أرمينيا فهي لا تمتلك القدرات المالية والاقتصادية مثل أذربيجان، ولا إيران في وضع اقتصادي مريح يمكنها من ارسال السلاح الى أرمينيا خصوصاً في هذا الوقت الذي تمر فيه بأزمة نتيجة العقوبات الامريكية ضدها، فاقتصر الدعم الإيراني لأرمينيا على الصعيد الدبلوماسي فقط وكل التهم الموجهة الى إيران هي فتح مجالها الجوي للطائرات الروسية المحملة بالسلاح والمتوجهة لأرمينيا.
ولكن في الوقت نفسه فإن دعم إيران لأرمينيا لا يأتي من فراغ خصوصاً بعد التطورات الأخيرة التي كشفت عن قيام إسرائيل بشراء نصف مطار لانكران الواقع في اقصى جنوب أذربيجان والذي تستمر الرحلات فيه لصالح أذربيجان لكنه في الوقت نفسه جاهز للاستخدام العسكري متى ما ارادت ذلك إسرائيل.



#هشام_جمال_داوود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحتاج لداهية مثل المأمون.. لا لطاغية مثل أبو مسلم الخراساني.
- لماذا الزعيم عبد الكريم قاسم...الجزء السادس
- لماذا الزعيم عبد الكريم قاسم...الجزء الثالث
- لماذا الزعيم عبد الكريم قاسم...الجزء الخامس
- لماذا الزعيم عبد الكريم قاسم...الجزء الرابع
- لماذا الزعيم عبد الكريم قاسم...الجزء الأول
- لماذا الزعيم عبد الكريم قاسم...الجزء الثاني


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام جمال داوود - أذربيجان و أرمينيا