أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - عزيز السيد جاسم وتطابق المَظْهَر مع المَخْبر














المزيد.....

عزيز السيد جاسم وتطابق المَظْهَر مع المَخْبر


شكيب كاظم

الحوار المتمدن-العدد: 6681 - 2020 / 9 / 19 - 19:34
المحور: الادب والفن
    


قلة من الناس هم الذين يتطابقون مظهرا ومخبرا، وأعني بذلك التطابق بين الفكر والتصرف؛ بين القول والفعل، وهذا لعمري سلوك باهظ الثمن في دول الراديكاليات الثورية! فالكثير من الأدباء والكتاب، تراهم يقولون ما لا يفعلون، وهو الوصف الذي أطلقه القرآن الكريم على بعض الشعراء، وبالأمس القريب قرأت في إحدى الصحف العربية الصادرة في لندن، عرضا لكتاب ألفه باحث فرنسي، يتحدث عن هذه المسألة في فكر الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر (ت.1980)، الذي توارى عن الأنظار، ولم يبد أي نشاط ضد الاحتلال الألماني لبلده في بداية أربعينات القرن العشرين، في حين قاومه عديدون؛ مثل شاعر المقاومة الفرنسية لويس أراكون، والروائي جيان مارسيل برولير، الذي اتخذ اسما مستعارا يكتب من خلاله هو ( فيركور)، فكان حساب الحقل يختلف كثيرا عن حساب البيدر.
المفكر عزيز السيد جاسم من هذه القلة القليلة المتطابقة فكرا وتصرفا، كتب في السياسة على مستويي التطبيق والتنظير، فحاول البعض ترويضه، لكنه ظل يقول الحق الصُراح في زمن الخوف والتدجين والترويض، وتصاعده بعنف وقسوة، فآثر الانسحاب تدريجيًا، هو يرى نفسه قائدا، وهذا حقه، قائدا في عالم الفكر والثقافة والأدب، عارفا مدى تأثير الكلمة المخلصة في الناس، والآخرون يريدونه جزءا من القطيع السائم.
قرأت أولى بواكيره؛ كتاب مخطوط طبعناه، كتبه وله من العمر تسع عشرة سنة؛ كان طالبا في دار المعلمين الابتدائية بمدينة الناصرية، تقرأ فتعجب لهذه الثقافة الواسعة الرصينة، وتعجب منها، إطلاع على الفلسفة الأوربية، وقراءة لجهود أساطينها الكبار، تقرأ ولا تكاد تعثر على خطأ نحوي أو لغوي أو إملائي، مما يؤكد عبقرية هذا الرجل وسبقه لزمنه، وإنه لو عاش في مجتمع حضاري لقدم الكثير الكثير، مع إن الذي قدمه المفكر عزيز السيد جاسم لدنيا الثقافة رائع وكثير ووفير.
وإذا كانت الموسوعية، ظاهرة قد بدأت بالانحسار، وطفقت سفنها تطوي أشرعتها إيذانا بالرحيل لا بل بالموات، في ظل هذا التراكم الثقافي المعرفي المذهل على مستوى العالم. ولا سيما بعد الانفجار المعلوماتي على الشبكة العنكبوتية، فإننا يمكن أن نصف فكر عزيز السيد جاسم بالفكر الموسوعي، فهو إذ كتب في عوالم السياسة، التي ما عتم أن غادرها، فإنه كتب في الأدب والنقد؛ فخص معروفا بن عبد الغني الرصافي بكتاب بعينه، فضلا عن كتاب آخر تحدث فيه عن التجربة الشعرية للشاعر المثقف حميد سعيد، وآخر عن شاعر العمود المدهش عبد الأمير الحصيري، الذي لولا التي كانت هي الداء، التي استحوذت على سلوكه وحياته لقدم لعالم الشعر الرائعَ والجميلَ وليقف إلى جانب شعرائنا الكبار: الجواهري، والسيد مصطفى جمال الدين، وعبد الرزاق عبد الواحد، ومحمد حسين آل ياسين، وكاظم عبد الله العبودي، كما كتب قصصا قصيرة وروايتين ( المناضل) و( الزهر الشقي).
ولأن الدنيا تتغير وتتطور، فلا ريب أن هذه التغيرات تلقي بظلالها على الإنسان، ولهذا رأينا تطورا وتبلورا في فكر الباحث عزيز السيد جاسم، مع اختمار التجربة والتقدم في العمر، فكتب في اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر، كما بسط رأيه في كتابات الصحفي المصري محمد حسنين هيكل، فضلا عن غوصه المضني في عباب متصوفة بغداد، واقفا عند الحلاج، ومعروف الكرخي، والسَرِي السَقَطي ، وبشر الحافي،والجنيد بهلوان العارفين، وابي بكر الشبلي، راجعا إلى المصادر والمظان ومؤلفات المستشرقين؛ ماسنيون، وكولدتسيهر وآخرين.
كما درس عالم الغربة والاغتراب في شعر الشريف الرضي، فضلا عن كتاب ( محمد.الحقيقة العظمى) لكن الكتاب الذي أودى به وكان سببا في تغييبه هو( علي بن أبي طالب.سلطة الحق) الذي أثار عليه حفيظة الوشاة والمخبرين والعسس، ولهذا الكتاب قصة طويلة، فقد اعتذرت دار الشؤون الثقافية العامة؛ وهي المؤسسة الوحيدة للنشر ، اعتذرت عن نشر الكتاب فأحالته إلى وزارة الأوقاف للنظر فيه، التي عرضته على خبير-- أحترم علمه- ابدى رأيا سلبيا فيه، فاغتنم السيد حضور الدكتور سهيل إدريس، ناشر مجلة ( الآداب) وصاحب ( دار الآداب) للنشر ببيروت؛ حضوره لأحد مهرجانات المربد،فعرض عليه مخطوطة الكتاب، فتولت دار الآداب نشره فثارت ثائرة الوشاة والحساد في العراق على السيد، وعدّوه تخطيا للحدود المسموح بها!
وإذ ضويق عليه في الصحافة الرسمية المؤممة منذ الثالث من كانون الأول 1967، فإنه آثر الكتابة في صحيفة ( العراق)، وكانت هذه الصحيفة الكردية تتوفر على هامش حرية بسيط، فكان يكتب مقالا أسبوعيا ضافيا، يأخذ حيزه الواسع؛صفحة كاملة، يناقش بجرأة لا تتوافر لدى كثيرين، قضايا حساسة تثير حنق الوشاة، ومنها ما زال في الذاكرة، مناقشة تزايد أعداد البارات في شارع 14رمضان بحي الداودي،.وهذا الإنتشار السرطاني الذي غير وجه الشارع في ذلك الحي السكني، وما يجلبه من إزعاج لساكنيه، مبديا أسفه إلى ما آل إليه وضع بغداد حيث يخوض العراق الحرب على الحدود، وجبهته الداخلية تعاني هذا الإنكسار القيمي والأخلاقي.
قلت في بداية حديثي هذا،ان قلة من الناس من تتطابق مخبرا ومظهرا؛ فكرا وتطبيقا لهذا الفكر، ومن هذه القلة النادرة؛ مفكرنا عزيز السيد جاسم، المعتز بذاته، الشامخ بعقله ومواهبه، فحصل الذي حصل، غيّب هذا العقل الجوال فخسرت ثقافة العراق والأمة العربية صوتا فريدا عتيدا، ستظل سنوات طويلة تعمل على ترميم الفراغ الذي خلّفه هذا الغياب المؤسي.



#شكيب_كاظم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أما آن لهذه المرأة أن تصمت؟
- محمود درويش وسليم بركات
- القهوة مكانا أليفا.. القهوة شرابا أنيقا
- رواية (بير الشوم) لفيصل الحوراني... تدوين لسنة حاسمة فى الشأ ...
- جمال عبد الناصر من حصار الفالوجة حتى الإستقالة المستحيلة
- التأريخ الهجري جزء من منظومتنا الثقافية والقومية
- أحمد زكي الخياط.. قبس من أخلاقه ونزاهته
- كانا يغيّران في قصيدهما أبو عبادة البحتري ونظيره أبو فرات ال ...
- حين يمسي المفكر التنويري عنصريا إطلال على بعض آراء إسماعيل م ...
- عزوّ أقوال إلى قائليها
- (لماذا تكرهين ريمارك؟) لمحمد علوان جبر نص روائي مثقف تناوب ع ...
- في رحيل الشاعر والمفكر اللبناني صلاح ستيتية.. خافوا التاريخ
- في الحديث عن القومي العروبي الماركسي محسن إبراهيم
- تاييس رواية الحب العذري العفيف.. الوصايا تتحول وبالاً على مط ...
- مَنْ يتذكر محمد حسيب القاضي. شاعر الثورة الفلسطينية؟
- محمد عوض محمد نقلها عن الألمانية - (فاوست) ونزغات الشر في ال ...
- هل تعاني قريحة الروائيين نضوبا؟
- رواية(هل تحبين برامس؟) لفرانسواز ساكان حين يمسي ضعف المترجم ...
- محمد مهدي البصير.. الشاعر الثائر الذي غادر الشعر والسياسة
- ابتسام عبد الله.. مواهب في القصة والرواية والترجمة والحوار ا ...


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شكيب كاظم - عزيز السيد جاسم وتطابق المَظْهَر مع المَخْبر