أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي عبد الرحيم صالح - العقل القائم على الرواية الدينية














المزيد.....

العقل القائم على الرواية الدينية


علي عبد الرحيم صالح

الحوار المتمدن-العدد: 6676 - 2020 / 9 / 14 - 14:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تمارس الروايات الدينية في الديانات الإبراهيمية الثلاثة أثرا سحريا وخطيرا على العقل العربي، إذ يعتمد المتدينين الإبراهيميين على الروايات الدينية بوصفها نصوص مقدسة، وغير قابلة للخطأ، وتحمل من المعاني والتشريع الشيء الكثير، لذلك نجد أن الكثير من المتدينين لا يقدمون على أي فعل من دون اللجوء إلى سند ديني تاريخي يحدد لهم الطريق والمسار السلوكي المناسب، ورغم أن هناك مجموعة من الروايات الدينية قد تحمل معاني ومبادئ أخلاقية سامية، إلا أن الروايات الأخرى غير صالحة للتعايش الآن، لكونها شرعت في الماضي، مما يجعلها متهرئة وغير قابلة للتعميم إلى متغيرات وأحداث الزمن الحاضر، فضلا عن ذلك تتناول بعض الروايات أحكاما دينية بعيدة جدا عن المنطق، كما يحمل بعضها أحكاما عدائية أو تشريعات قائمة على البغض والعدائية تجاه الإثنيات والديانات الأخرى من دون أن يكون لها سند ومبرر واقعي. لهذا السبب تعد الكثير من الروايات الدينية خطرة على الجماعات التي تؤمن بها، فهي لا تتمتع بالتعايش السلمي، وتضع قواعد سلوكية صلبة تحرم على المتدين والأخر تجاوزها، أو أنكارها، أو تغييرها.

من هو العقل القائم على الرواية الدينية؟:
يتسم العقل المتدين بالتزامه الديني الذي يتم في ضوء الإيمان بالعقائد والعبادات والأحكام الدينية، وهذه جميعا تؤكد على اعتقاد المتدين بالغيبيات وكيفية أداء الشعائر الدينية وتطبيق الأحكام وفق المواقف والمشكلات الحالية، وبما أن هذا الإيمان يظهر في ضوء مجوعة من النصوص الدينية الإلهية والروايات والأحاديث الوضعية فأنها تشكل بنى ومخططات معرفية تؤسس فيما بعد نمطا معرفيا ثابتا يعمل على تفسير السياقات الدينية بطريقة معينة، ويثير مشاعر الناس، ويوجههم نحو القيام بمجموعة من السلوكيات الخاصة. ويمكن القول أن مشكلة العقل المتدين ليست في طريقة تشكيله، وإنما المحتوى الذي يظهر من خلاله، إذ أن بعض العقول الدينية يتم بناؤها وفق نصوص وروايات أصيلة، مما يجعلها مشرقة وبناءة وإنسانية إلى حد بعيد، في حين نجد أن عقول أخرى يتم بناؤها وفق روايات دينية نرجسية وعدائية وغير عقلانية، وهذا ما يشكلها بطرائق سطحية، ومتحيزة، تعيش على أفكار دينية أحادية، ولا تحترم النوع الإنساني.

العقل القائم على النص مقابل الرواية:
إن من خلال ملاحظة الأشخاص الذين يتسمون بتمركزهم على المجال الديني في فهم الذات وتفسير العالم الخارجي، نجد أن هناك اختلافات في ميلهم إلى تبني النصوص والشرائع السماوية مقابل الروايات والأحاديث الدينية (إن هذا التقسيم غير قطعي)، فعلى سبيل المثال نرى بعض المتدينين يلجئون إلى أحكام النصوص الدينية في تفسير وتقييم السياقات البيئية، في حين يميل البعض الأخر إلى تبني الأحاديث والروايات الوضعية أكثر من النصوص المقدسة، وقد يرجع ذلك إلى أن النصوص تكون صعبة التفسير والفهم، وتحتاج إلى خبرة دينية عميقة قد لا تتوفر لدى المتدين العادي، في حين نجد أن الروايات تقوم على الأسلوب القصصي البسيط، مما يجعلها سلسة، وسهلة الفهم، وسريعة الحفظ والانتشار بين المتدينين، كما يجعل أحكامها تأخذ طابع التطبيق أكثر من النصوص المقدسة، لهذا السبب تعرضت أكثر الروايات الدينية إلى التحريف والتدسيس، واستعمالها كوسيلة لدعم حكم الجماعة مقابل الجماعات الأخرى.

مظاهر العقل الروائي العدائي:
يعبر العقل المتدين القائم على الرواية عن نفسه في ضوء أربعة مظاهر أساسية، تتمثل بـ (أ) التقبل الأعمى للنص، فكما أشارنا أن هذا العقل غير قادر على النقد، لكونه يتشكل بواسطة قوالب فكرية جاهزة تؤدي به إلى التقيد بمضمون الرواية من دون التأكد من سندها وعقلانيتها، (ب). الالتزام الحرفي للنص، فالفرد يقوم بكافة السلوكيات التي يؤكد عليها النص حتى عندما لا ينسجم مع إنسانية الدين ورحمته، (ج). التعميم عبر الزمان والمكان، إذ يقوم العقل المتدين بتطبيق نص ديني تم تشريعه منذ آلاف السنين في زمان ومكان لا ينتميان إليه. (د). التغليف الديني، وهو محاولة تفسير جميع المواقف الحياتية والمادية والعلمية بطابع ديني، وتحكيمها وتقويمها وفق النصوص الدينية، مما يجعلها تأخذ معنى على غير ما هي عليه!!.

الدين والسياسة وصناعة الرواية:
إذن لا يمكن أن ننكر أن العقل العربي قائم بدرجة كبيرة وأصيلة على الرواية الدينية، إذ أن الدين في جميع الأزمنة كان العامل الأساسي في بناء شخصية المواطن (التحريمية) وأنشاء الدولة، وتغيير وتجديد الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية، وتحديد الاطار العام للعيش. ويعد هذا المسار في تحديد نوعية الحياة صحيا أذا كان الدين يقوم على مبادئ الحب والتسامح والإحسان وصناعة الإنسان، إلا أن الدين الذي نجده في العالم العربي كان قائما على ضربة السيف، وعبادة القوة، والخوف من سلاطين الخلافة، وهذا ما أدى إلى امتزاج الدين الإلهي القائم على الإنسانية بمطامع وغرائز السلطة الدنيوية، وحوله إلى دين تحريمي قائم على الحذر والخوف والطاعة. إن من خلال هذا النهج ظهرت الكثير من الروايات الدينية، بعضها قائم على طاعة السلطان، والبعض الآخر قائم على تخدير العقل وتسفيهه من خلال الخرافة، في حين ظهرت روايات أخرى قائمة على الأسطورة من أجل الدفاع عن المذهب والمحافظة عليه، ولم تستطع الروايات الدينية الأخلاقية الصمود أمام هذا الكم الهائل من الروايات، لهذا السبب نجد أن العقل المتدين في الزمن الحاضر قائم على روايات هشة، يحفظها ويسترجعها بصورة صماء، ويطبقها بطريقة قسرية من دون نقد معانيها ودلالاتها العدائية.



#علي_عبد_الرحيم_صالح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعتقاد بعدالة الطبيعة (فرضية من نوع أخر)
- تشييء الجماهير: القيادة الثيوقراطية والإثنية
- الاحلام لدى رجال الدين في العراق والعالم العربي
- الاغتراب الانتخابي : قراءة في سيكولوجية الناخب العراقي
- الوعي التمردي في الشخصية العراقية
- سيكولوجية التغيير في العقل العراقي
- الف حرز وحرز : سيكولوجية العقل المزيف
- الاغتصاب الجنسي الداعشي : المشروع الجديد لخلافة دولة العراق ...
- ذاكرتنا .. هويتنا .. شخصيتنا
- اقحام الذات : هل انت شخصية متطفلة؟
- سيكولوجية التجاوز الايجابي
- الشخصية الخيالية : (برنامج عرب ايدول نموذجا)
- هل انت من النمط الشخصي موافق - غير موافق
- التعافي الايجابي : طريقنا نحو تجاوز محن الحياة
- الشخصية العفوية : التلقائية الايجابية للذات
- الشخصية الشرائية القهرية : سيكولوجية في انفاق الموارد الذاتي ...
- منعشات الحياة
- أناقة الشخصية : مهارات تنظيم جمال الذات
- الصيام الروحي للذات : طريقنا الى قهر غرائزنا الدنيوية
- الشخصية المثرثرة : سيكولوجية اضاعة الوقت وهدر الجهد


المزيد.....




- مقتدى الصدر يهاجم صدام حسين: -أمر نجليه بقتل والدي وحكم شعبه ...
- تونس.. تعرض منزل رئيس أسبق للسرقة للمرة الثانية في بضعة أشهر ...
- قوات الأمن السورية تعتقل أمين عام -الجبهة الشعبية لتحرير فلس ...
- في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. زاخاروفا تطالب بحماية الصحف ...
- تجمع حاشد في طوكيو لدعم -يوم الدستور الياباني- (فيديو)
- مصر.. الداخلية تكشف ملابسات الفيديو المثير للجدل فوق كوبري أ ...
- لافروف يدعو إلى تسوية الخلافات بين الهند وباكستان بالوسائل ا ...
- الجزائر.. إيداع المؤرخ بلغيث الحبس المؤقت عقب بث قناة لحوار ...
- عقيلة صالح: تشكيل حكومة موحدة في ليبيا لا يرتبط بالانتخابات ...
- واشنطن بوست تكشف السبب الحقيقي وراء غضب ترامب وقراره إقالة و ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي عبد الرحيم صالح - العقل القائم على الرواية الدينية