أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زهير الصباغ - قطاع غزة تحت الحصار العسكري الصهيوني















المزيد.....



قطاع غزة تحت الحصار العسكري الصهيوني


زهير الصباغ

الحوار المتمدن-العدد: 6671 - 2020 / 9 / 8 - 13:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تهدف الدراسة التالية إلى تقديم تحليل نقدي للسياسات الصهيونية تجاه قطاع غزة المستعمَر وشعبه الفلسطيني المقهور. وسيتم التركيز في هذه الدراسة على الحصار العسكري المفروض على قطاع غزة منذ العام 2006، وعلى السياسة الصهيونية المنهجية التي تقف وراء هذا الحصار. كما سيتم معالجة وتحليل علاقة هذه السياسة بما يسمى ب"الأمن القومي الإسرائيلي" ومن ثم أثر ذلك على سكان قطاع غزة. و في نهايتها ستتناول الدراسة موضوع الأسلحة المحظورة دوليا والتي قامت وتقوم السلطة الاستعمارية الصهيونية باستخدامها ضد المدنيين الفلسطينيين من سكان قطاع غزة.

وقبل معالجة هذه القضايا المركبة علينا تحليل الوضع القانوني للأراضي الفلسطينية لأن وضعها القانوني يُفسر بشكل مغاير من قبل مجموعة من الخبراء القانونيين الإسرائيليين وذلك بشكل مغاير للتفسير القانوني الذي يطرحه القانون الدولي والمعاهدات الدولية والخبراء القانونيين الدوليين.

(ا) السيادة والاحتلال الحربي

وفقا للقانون الدولي، تعتبر كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، أي الأراضي الفلسطينية، أراض محتلة. وقد وافق المجتمع الدولي، بما في ذلك خبرائه القانونيون الكبار، على أن الأدوات القانونية المناسبة التي تنطبق على حالات الاحتلال الحربي، هي انظمة لاهاي للعام 1907، واتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949، والبروتوكول الإضافي الأول، والقانون الإنساني الدولي العرفي. (International Committee of the Red Cross, “Occupation and international humanitarian law: questions and answers”, https://www.icrc.org, 4-8-2004) [1]

ووفقا للمادة 42 من أنظمة لاهاي للعام 1907، "تعتبر الأراضي محتلة عندما توضع فعلا تحت سلطة الجيش المعادي. ولا يمتد الاحتلال إلا إلى الأراضي التي أقيمت فيها هذه السلطة ويمكن ممارستها". (The Editors of Encyclopaedia Britannica, “Laws and Customs of War on Land (HAGUE, IV) of 1907”, https://www.britannica.com .Relieved on: 1-6-2020)[2] وعلاوة على ذلك، ووفقا للمادة 2، فإن اتفاقيات جنيف الرابعة للعام 1949 "... تنطبق على أي أرض محتلة خلال الأعمال العدائية الدولية. كما أنها تنطبق في الحالات التي لا تحدث أية مقاومة مسلحة لاحتلال أراضي الدولة". (International Committee of the Red Cross, op. cit.)[3]

بالإضافة إلى هذه المعاهدات الدولية، يحدد ميثاق الأمم المتحدة وينظم مشروعية أي احتلال بعينه. ويستخدم القانون المعروف باسم قانون jus ad bellum الذي ينص بوضوح على أنه "بمجرد وجود حالة ترقى إلى مرتبة الاحتلال، ينطبق قانون الاحتلال - سواء اعتبر الاحتلال مشروعا أم لا".( المصدر ذاته) [4] ولا يتوقف تطبيق قانون الاحتلال على "... كون الاحتلال حصل على موافقة مجلس الأمن، أو ما هو هدفه، أو ما إذا كان يسمى "غزوا" أو "تحريرا" أو "إدارة" أو "احتلالا". (المصدر ذاته)[5]

منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في عام 1967، تجنبت السلطات الصهيونية استخدام مصطلح الاحتلال واستبدلته بمصطلحات بديلة مثل "الإدارة" و"التحرير" و"الأراضي المتنازع عليها". وفي السنوات الأخيرة، اقتصرت هذه السلطات على استخدام مصطلح "الأراضي" كما لو كانت الأراضي الفلسطينية المحتلة أراضٍ تقع على سطح المريخ وفي انتظار أن يحدد السيادة عليها خبراء قانونيون صهاينة.

(ب) نفي الاحتلال من قبل تقرير ليفي

في محاولة لإضفاء الشرعية على المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية "غير القانونية" داخل الضفة الغربية، أي التي لم تحظى بموافقة الحكومة الاسرائيلية، أنشأ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في كانون الثاني/يناير 2012، لجنة من ثلاثة خبراء قانونيين أصبحت تعرف فيما بعد باسم لجنة ليفي. وترأس اللجنة القاضي السابق اليميني في المحكمة العليا إدموند ليفي وضمت أيضاً قاضيين يمينيين سابقين، هما آلان بيكر، وهو مستوطن وتيحيا شابيرا، وهي النائبة السابقة لرئيس محكمة تل أبيب المحلية. ( Wikipedia, “Levy Report”, http://en.wikipedia.org. Retrieved on: 8-5-2020) [6]

فوضت الحكومة لجنة ليفي بمهمة التحقيق في الوضع القانوني للمستوطنات اليهودية "غير الشرعية" في الضفة الغربية. وفي سياق هذه المهمة، تناولت لجنة ليفي أيضا موضوع "الوجود" الإسرائيلي في الضفة الغربية وهل سيعتبر احتلالا أم لا.( المصدر ذاته) [7] في 9 يوليو 2012 أصدرت لجنة ليفي تقريرها الذي أصبح يعرف باسم تقرير ليفي. وكان أهم استنتاج لها:

... أن القوانين التقليدية للاحتلال الحربي "كما هي مبينة في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة لا يمكن اعتبارها قابلة للتطبيق على الظروف التاريخية والقانونية الفريدة من نوعها لوجود إسرائيل في يهودا والسامرة على مدى عقود"، وأن اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 ضد نقل السكان لا تنطبق على النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية. وخلص التقرير إلى أن "للإسرائيليين الحق القانوني في الاستيطان في يهودا والسامرة وأن إنشاء المستوطنات لا يمكن أن يعتبر، في حد ذاته، غير قانوني". (Lazaroff, Tovah (9 July 2012). “Legal report on outposts recommends authorization”. The Jerusalem Post.,http://web.archive.org, as quoted by Wikipedia, “Levy Report”, http://en.wikipedia.org. Retrieved on: 8-5-2020)[8]

بعبارة أخرى، قررت لجنة ليفي تعسفا أن اتفاقية لاهاي لعام 1907 واتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 لا تنطبق على الضفة الغربية تحت الحكم الإسرائيلي. ووفقاً للمنطق الغريب الذي تبناه الخبراء القانونيون الثلاثة الزائفون، لا يوجد احتلال عسكري إسرائيلي في الضفة الغربية. وبدلاً من ذلك، هناك ما أسموه "الوجود الإسرائيلي" في الضفة الغربية بما في ذلك المستوطنات الإسرائيلية، التي اعتبرها الخبراء القانونيون اليمينيون شرعية تماماً. واستندوا في هذه "الشرعية" المريبة إلى قانون دولي وهمي وغريب لم يذكروه بالمرة في تحليلاتهم. بمعنى اخر، لا توجد مرجعية قانونية شرعية لهذه الاستنتاجات.

مع ذلك، أشادت دوائر المستوطنين ومجموعة من الكتاب والسياسيين اليمينيين الصهاينة بتقرير ليفي. غير أن مجموعة من الخبراء القانونيين الإسرائيليين المغايرين أعربوا عن انتقادهم لتقرير ليفي.

وفي ردهما على تقرير ليفي، كتب كل من الناشطين القانونيين في مجال حقوق الإنسان أنو ديويل لوسكي من منظمة "يش دين" وكيرين ميخائيلي من منظمة "كرسي إميل زولا لحقوق الإنسان"، قراءة نقدية وتحليلاً قانونياً لاستنتاجات لجنة ليفي. ولاحظ الخبيران القانونيان أن: استعراض التقرير يبين أن ليفي اختار تجاهل مئات أحكام المحكمة الإسرائيلية العليا، وعشرات القرارات الصادرة عن هيئات الأمم المتحدة والمحاكم الدولية، وآلاف المقالات التي وضعها خبراء قانونيون دوليون. وتظهر جميع هذه المصادر توافقا نادرا في الآراء في الأوساط القانونية بشأن وضع الضفة الغربية كأراضي محتلة. كما واعربا تقرير ليفي لا يتناول المبادئ القانونية المقبولة، وتفتقر استنتاجاته إلى أي أساس قانوني.( Lusky, Anu Deuel and Michaeli, KerenYesh Din, “Unprecedented: A legal analysis of the report of the Committee to Examine the Status of Building in Judea and Samaria (The Levy Committee)”, https://www.yesh-din.org, 19.5.2014) [9]

وعلى الرغم من هشاشة المرجعية القانونية، فإن تقرير ليفي أخذه اليمين الاستعماري الصهيوني بأقصى قدر من الاحترام. وقد تبنته في وقت لاحق حكومة نتنياهو اليمينية التي توقفت عن استخدام مصطلح الضفة الغربية المحتلة وبدأت تسميها "الأراضي المتنازع عليها". وفي وقت لاحق، بدأوا يطلقون على الضفة الغربية وقطاع غزة مصطلح "الأراضي". وبعبارة أخرى، "تؤكد إسرائيل أن هذه الأراضي لا تطالب بها حالياً أي دولة أخرى، وأن لإسرائيل الحق في السيطرة عليها". وفي تناقض مع هذه الحجة القانونية الزائفة والضعيفة، أشار خبراء قانونيون في معهد تفاهم الشرق الأوسط إلى أن المصطلح:

"الاحتلال" هو وضع قانوني في القانون الدولي، وليس مجرد وصف للوسائل القسرية التي سيطرت بها إسرائيل على الأراضي التي استولت عليها في عام 1967. وعلى الرغم من أن الدبلوماسيين الإسرائيليين يعترضون على تسمية الأراضي بأنها "محتلة"، ويصفونها بأنها مجرد "إدارة" من قبل إسرائيل، إلا أنه لا يوجد مثل هذا الوضع في القانون الدولي. (Institute for Middle East Understanding, “What are the Occupied Territories?”, https://imeu.org, 21-12-2005)[10]

ومن خلال رفض تطبيق القانون الدولي المقبول دوليا على احتلالهم العسكري، استخدم اليمين الاستعماري الصهيوني ما يمكن تسميته "بالألعاب البهلوانية القانونية" لإعادة تحديد الوضع القانوني للضفة الغربية. وبالتالي، فإن الأنشطة اليومية الفعلية للجيش الإسرائيلي داخل الضفة الغربية والدعم النشط من جانب المستوطنين الاستعماريين، الذين يطلقون النار يومياً على المدنيين الفلسطينيين، ويقومون بقطع وحرق أشجار الزيتون الفلسطينية، كان ينظر لهم الخبراء القانونيون الزائفون من ليفي وشركاه، على كونهم "وجود" بريء للإسرائيليين، ولكن ليس كمكونات لاحتلال عسكري استعماري. ويبدو أن الفلسطينيين هم الذين ارتكبوا خطأ فادحاً عندما اعتبروهم جيشاً عسكرياً وحشياً وعصابات مسلحةً. لقد اخطأ الفلسطينيون وظهرت نيتهم الخفية لتشويه الصورة الحضارية لهؤلاء الإسرائيليين الأبرياء الذين رغبوا في زيارة بلد أجدادهم.

وأخيرا، يجب التأكيد هنا على أنه على الرغم من الجهود التي يبذلها الخبراء القانونيون الإسرائيليون المزيفون، فإن الضفة الغربية وقطاع غزة أراض محتلة. ولذلك، "... لم يكن لإسرائيل قط أي حقوق قانونية في السيادة على أي من الأراضي التي استولت عليها في عام 1967، ولم يكن لها قط أي حق في توطين مواطنيها هناك." (المصدر ذاته)[11]

وعلى الرغم من التوصيف المنافي للمنطق والذي ساقه دعاة إسرائيليون وصهيونيون مفاده أنه بعد انسحاب المستوطنين الإسرائيليين من قطاع غزة في عام 2005، لم يعد قطاع غزة محتلا من قبل إسرائيل. هذه خرافة ضعيفة لا تأخذ على محمل الجد في الاعتبار أنه "... وحتى بعد إعادة انتشارها في عام 2005، لم تتخلى إسرائيل عن قبضتها على غزة؛ وهي تواصل مراقبة جميع سبل الوصول إلى الإقليم، فضلا عن مجالها الجوي ومياهها الإقليمية وحتى سجلها السكاني ...". (Makdisi, Saree “Starving Gaza”, The Nation, https://electronicintifada.net, 2-2-2008)[12]

(ج) حصار غزة والنظام الغذائي الاستعماري

كثيرا ما استخدمت السلطات الاستعمارية الصهيونية ذريعة الأمن كمبرر لسياساتها الاستعمارية الاستيطانية التي تنتهجها على مدى 53 عاما ضد المدنيين الفلسطينيين. إن الطبيعة اللاإنسانية الصارخة لهذه السياسات تحتاج إلى نوع من الشرعية، بل لشرعية مزيفة. وهكذا، فإن الحصار الوحشي المفروض على قطاع غزة وما يترتب على ذلك من قيود مفروضة على السكان الفلسطينيين المستعمَرين، في حاجة ماسة إلى "الشرعية". ونتيجة لذلك، أُلقيت عباءة "الأمن الوطني" على حصار قطاع غزة، الذي هو في الواقع أكثر حصار استعماري وحشية في سجلات التاريخ البشري.

في أسلوب يخلو من أدنى جزء من التعاطف والمشاعر الإنسانية، ابتكر الخبراء الفاشيون الاستعماريون الصهاينة برنامجاً للتجويع لمليوني مدني فلسطيني يعيشون داخل قطاع غزة، وهو حرفياً معسكر سجن ضخم في الهواء الطلق. كان المقصود من المجاعة أن يكون سياسة عقابية تجاه المدنيين الفلسطينيين الذين اختاروا حكومة حماس في انتخابات برلمانية تم الاشراف الدولي عليها في عام 2006. لم تكن نتيجة الانتخابات مقبولة من قبل "الديمقراطيتين" الغربيتين، إسرائيل الاستعمارية الصهيونية والولايات المتحدة الأمريكية الإمبريالية. ولذلك، تعاونوا من أجل التخلص من حماس من خلال برنامج تجويع قام بحساب أقل عدد من السعرات الحرارية الضرورية لمنع الإبادة الجماعية لمليوني إنسان. ووفقاً لـ "غيشا"، وهي منظمة إسرائيلية لحقوق الإنسان" فان السلطات الصهيونية حسبت عدد السعرات الحرارية التي يستهلكها سكان غزة واستخدمتها لوضع "حد أدنى إنساني"، وهو الحد الأدنى من الغذاء ... (Gisha, “Ministry of Defence V. Gisha Legal Center for Freedom of Movement”, https://www.right2info.org, 19-12-2011)[13]

ومن أجل التستر على هذا البرنامج الفاشي اللاإنساني، أخفى جنرالات الجيش الإسرائيلي بيني غانتس وغابي أشكنازي برنامج التجويع هذا تحت ادعاء عباءة أمنية وهمية. "... وادعوا أن الكشف عن ذلك من شأنه أن يعرض الأمن القومي للخطر ويضر بالسياسة الخارجية لإسرائيل..."(المصدر ذاته) [14] وأُجبِروا على الكشف عن برنامجهم الفظيع للتجويع من قبل "غيشا"، التي تمكنت من إجبار جيش الدفاع الإسرائيلي، من خلال المحكمة، على الكشف عنه. وافقت وزارة الدفاع الإسرائيلية في المحكمة "... على الكشف عن بعض الوثائق- التي تنص على أن الكشف عنها لم يعد يهدد الأمن القومي أو الشؤون الخارجية. غير أنها رفضت الإعلان عن "وثيقة الخط الأحمر" التي يفترض أنها تتضمن حسابات لأدنى استهلاك للغذاء في غزة لا تتجاوزها سياسة الإغلاق..."(المصدر ذاته) [15]

وضع الجيش الاستعماري الصهيوني هذه السياسة الاستعمارية الوحشية تجاه قطاع غزة بالتعاون مع وزارة الصحة الإسرائيلية. وقد صدرت بالفعل وثيقة في 1 كانون الثاني/يناير 2008. وحملت عنوان بريء هو "استهلاك الغذاء في قطاع غزة – الخطوط الحمراء".( AAA 3300/11 Ministry of Defense v. Gisha “Food Consumption in the Gaza Strip – Red Lines” Presentation, https://www.gisha.org, 5-9-2012) [16] وفقا للميجور غي عنبار، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي" ... كان الهدف من الحساب، الذي يستند إلى متوسط متطلبات الشخص البالغ 2300 سعرة حرارية في اليوم، هو تحديد علامات التحذير للمساعدة في تجنب حدوث أزمة إنسانية، وأنه لم يستخدم قط لتقييد تدفق الغذاء."( Associated Press, “Israel used ‘calorie count’ to-limit- Gaza food during blockade, critics claim”, https://www.theguardian.com, 17-10-2012) [17] واستناداً إلى هذه الوثيقة، قام الجيش الاستعماري الصهيوني بتنظيم العدد الدقيق للشاحنات التي سُمح لها بدخول قطاع غزة، وجلب الغذاء والدواء. وعلاوة على ذلك، واستناداً إلى هذه الوثيقة، قررت السلطات الاستعمارية الصهيونية عدد سكان غزة الذين يمكنهم الخروج من قطاع غزة لتلقي العلاج الطبي.

استمرت هذه السياسة الصهيونية الإجرامية المتمثلة في رفض منح التصاريح الطبية وتقييد استيراد الأدوية لسكان قطاع غزة حتى العام 2019. وفي تقريرها "إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة 2019"، أفادت منظمة العفو الدولية بما يلي:

"في حزيران/يونيو 2019، أبلغ المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عن نقص حاد في الأدوية للمرضى المصابين بالسرطان والأمراض المزمنة في غزة. واصلت إسرائيل رفض منح تصاريح طبية بشكل تعسفي لسكان غزة للسماح لهم بدخول إسرائيل أو الضفة الغربية لتلقي العلاج... "(Amnesty International, “Israel and Occupied Palestinian Territories 2019”, https://www.amnesty.org.Retrieved on: 6-5-2020) [18]

وأفاد سري مقديسي، وهو مؤلف من أصل فلسطيني ولبناني، أن:
المرضى يموتون دون داع: مرضى السرطان ممنوعون من تلقي العلاج الكيميائي، ومرضى الكلى ممنوعون من علاجات غسيل الكلى، والأطفال الخدج ممنوعون من تلقي أدوية تخثر الدم. في الأسابيع القليلة الماضية، شاهد العديد من الآباء الفلسطينيين حياة أطفالهم المرضى تنحسر ببطء وهدوء بعيداً وبالسر داخل المستشفيات المحاصرة في غزة. (Makdisi, Saree, “Starving Gaza”, The Nation, https://electronicintifada.net, 2-2-2008). [19]
في الواقع، استبدل أسياد الاستعمار الصهيوني الله سبحانه وتعالى في تقرير مَن مِن بين مرضى السرطان في غزة، ومرضى الكلى، والأطفال الخدج، يجب أن يعيشوا ويحصلوا على العلاج الطبي المنقذ للحياة ومَن مِنهم يجب أن يموتوا.

(د) نقص التغذية المتعمد لأسباب أمنية

في البداية، مر الحصار العسكري الصهيوني لقطاع غزة بمراحل من الشدة. في الواقع، لم يبدأ الحصار في عام 2006. وقد اتخذت بالفعل خطوات أولية للمعاملة القاسية واللاإنسانية لسكان قطاع غزة في عام ١٩٩١ خلال المفاوضات السرية بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل التي سبقت اتفاقات أوسلو. وفي وقت لاحق، وقعت مراحل أكثر حدة تزامنت مع التطورات السياسية. ووفقا لتحليل ساري مقدسي، يمكن الإشارة إلى هذه المراحل على النحو التالي:

بدأ الضغط الحالي على قطاع غزة في عام 1991. وقد تم تشديده بإضفاء الطابع المؤسسي على الاحتلال الإسرائيلي الذي مكن من ذلك اتفاقات أوسلو للعام 1993. وقد ازداد تشديده مع تكثيف الاحتلال ردا على الانتفاضة الثانية في عام 2000. وقد زاد تشديده عندما أعادت إسرائيل نشر مستوطنيها وقواتها من داخل غزة في عام 2005 وحولت الأراضي إلى ... سجن... وقد تم تشديده إلى حد الخنق بعد فوز حماس الانتخابي في عام 2006، عندما بدأت إسرائيل في تقييد إمدادات الغذاء والموارد الأخرى إلى غزة. وقد تم تشديده إلى ما بعد مرحلة الخنق بعد الإطاحة بحكومة قادتها فتح في حزيران/يونيه 2007 (المصدر ذاته). [20]

وفيما يلي قائمة جزئية تضم 54 صنفا، تحظر السلطات الصهيونية الاستعمارية استيرادها إلى قطاع غزة، وقد كشفت عنها وزارة الدفاع الصهيونية بعد أن تم اخذها إلى المحكمة من قبل "غيشا" – المنظمة الإسرائيلية لحقوق الإنسان:

المريمية، الهيل، الكمون، الكزبرة، الزنجبيل، المربى، الحلاوة، الخل، جوزة الطيب، الشوكولاته، الفاكهة المحفوظة، البذور والمكسرات، البسكويت والحلويات، رقائق البطاطس، الغاز للشرب، الفاكهة المجففة، اللحوم الطازجة، الجبص، القطران، الخشب للبناء، الاسمنت، الحديد، الجلوكوز، الملح الصناعي، البلاستيك/ الزجاج/ الحاويات المعدنية، السمن الصناعي، الشراشف المشمعة للاكواخ، القماش (للملابس)، قضبان الصيد، ومختلف شباك الصيد والعوامات والحبال لصيد الأسماك، وشبكات النايلون للمنازل الخضراء، والمفرخات وقطع الغيار للمفرخات، وقطع الغيار للجرارات، ومستلزمات بيوت الابقار، ونظم أنابيب الري، والحبال لربط الدفيئات، واوعية زراعة الشتلات، وسخانات لمزارع الدجاج، والآلات الموسيقية، وورق الطباعة حجم A4، وأدوات الكتابة، والدفاتر ، والصحف ، والعاب الأطفال، وشفرات الحلاقة، وماكنات الخياطة وقطع الغيار، والدفايات، والخيول، والحمير، والماعز، والماشية ، والفراخ. (Gisha, “Partial List of Items Prohibited/Permitted into the Gaza Strip – May 2010”, https://www.gisha.org.Retrieved on: 1-6-2020). [21]

ويتسائل المرء حول الأساس المنطقي وراء حظر السماح باستيراد هذه المواد إلى قطاع غزة المحاصر. هل يمكن أن يكون السبب هو "الأمن القومي" الإسرائيلي؟ ويُظهر الحظر المفروض على استيراد هذه المواد عدداً من المبررات الاستعمارية وراءها وعدداً من الأهداف الاستعمارية.
أولا، هناك محاولة محسوبة لعرقلة عدد من الجوانب الاقتصادية لحياة السكان المدنيين في قطاع غزة. فعلى سبيل المثال، يبدو أن هناك محاولة لتخريب القاعدة الصناعية لقطاع غزة الضعيفة أصلاً باستخدام طريقتين:(1) حظر استيراد المواد الصناعية والمواد الخام وقطع الغيار؛ (2) إغلاق "... 5000 مصنع في غزة بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 14 عاماً". (The Palestine Chronicle, “5,000 factories Closed in Gaza Due to Israeli Sieg”, https://www.palestinechronicle.com, February 22, 2020)[22] وقد فرضت هذه العرقلة التي سببها الحصار الإسرائيلي على غزة على القاعدة الصناعية "... وادت الى بطالة آلاف من عاملات، مهندسات، محاسبات، وفنيات" (المصدر ذاته) [23]. وبموجب تصريح لعضو البرلمان ورئيس اللجنة الشعبية لمناهضة الحصار على غزة، جمال الخضري، فان "... الاحتلال الإسرائيلي لا يزال يفرض حظراً على الصادرات والواردات ويفرض قيوداً كثيرة على دخول المواد الخام..." (المصدر ذاته). [24]

ويبدو بوضوح أن هناك محاولة أخرى تتمثل في السياسة المحسوبة لعرقلة وتقييد تنمية القطاع الزراعي. يحظر الحصار الإسرائيلي استيراد المعدات الزراعية اللازمة للري والمفرخات والدفيئات الخضراء وأدوات صيد الأسماك. وعلاوة على ذلك، يحظر استيراد قطع الغيار للمفرخات والجرارات. وبالإضافة إلى ذلك، حظرت السلطات الاستعمارية الصهيونية استيراد الخيول والحمير والماعز والماشية والفراخ.

ومن الملاحظ ان تخريب القاعدة الصناعية في غزة والقطاع الزراعي يهدف إلى تدمير الفروع الإنتاجية لاقتصاد قطاع غزة، مما يزيد من التبعية الاقتصادية الفلسطينية على الاقتصاد الصهيوني. كما أنه يؤدي إلى مستويات حادة من البطالة والفقر بين العمال في غزة.

ان منع قطاع غزة من استيراد الآلات الموسيقية، وورق الطباعة بحجم A4، وأدوات الكتابة، والدفاتر، والصحف، يهدف إلى الإضرار بالتطور الفكري-الثقافي لسكان قطاع غزة. كما أنه يضع عراقيل امام أنشطة المنظمات غير الحكومية والوزارات الحكومية والمؤسسات والأحزاب السياسية والجامعات والمدارس.

وأخيراً، فإن حظر استيراد عدد من التوابل الأساسية المستخدمة في المجتمع الفلسطيني يهدف إلى إعاقة أذواق المجتمع الغزّي وتدهور ثقافة الطهّي، التي تستخدم الكثير من التوابل في وجبات الغزيين المطّهوة. إن استهداف هذه التوابل للحظر يكشف عن وجود إطار ذهني عنصري متطرف ومظلم من قبل الجيش الاستعماري الصهيوني ووزارة الصحة الاستعمارية الإسرائيلية. وهؤلاء المستعمرين الخسيسين حسبوا وتآمروا لجعل سكان غزة يعانون أكثر من خلال تناول الطعام عديم الطعمة الذي يفتقر إلى التوابل الأساسية. وأصر هؤلاء المستعمرين الهمجيين على ابتكار مستويات غير إنسانية في سياستهم المتمثلة في العقاب الجماعي لبطون أهالي قطاع غزة ولحاسة الشم والتذوق لديهم.

وعند أخذ قائمة المحظورات بأكملها في الاعتبار، يظهر بوضوح أن الحصار العسكري الصهيوني المشدد، والمفروض على، قطاع غزة يخلو من أدنى صلة بما يسمى بالأمن القومي الإسرائيلي. وعندما يُستبعد تماما العنصر الأمني، يبدو أن حصار قطاع غزة ليس سوى تعبير عن ممارسة وحشية استعمارية ولا إنسانية وبربرية وعنصرية كان جنرالات المستعمرين الصهاينة ومساعديهم في وزارة الصحة الإسرائيلية، يُحسبونها بقسوة تقشعر لها الأبدان. وكونها ممارسة فهي تعكس وجود نهج وخطة لها اهداف نهائية، أهمها دفع المدنيين في القطاع الى وضعية ضعيفة وهشة بحيث يتم الاملاء عليهم بحل صهيوني استعماري يؤدي الى الخنوع، والتنازل عن سلاح المقاومة، واستبدال المقاومة الوطنية بالاستسلام.
نتيجة مباشرة لبرنامج التجويع الوحشي، تدهورت صحة سكان قطاع غزة إلى مستويات خطيرة. "... ووصل معدل فقر الدم إلى ما يقرب من 80 في المائة من سكان القطاع. وأشارت وكالة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا في نفس الوقت تقريباً إلى "أننا نشهد أدلة على توقف نمو الأطفال، ونموهم يتباطأ، لأن حصتهم من الكالورات لا تتجاوز 61 في المائة مما يجب أن يكون لدى الناس، ويجب استكمال ذلك" (Makdisi, Saree, op. cit) [25]

وعلاوة على ذلك، فإن السياسة الاستعمارية الإسرائيلية تجاه قطاع غزة قد أضرت ضررا بالغا بالحالة الصحية العامة لسكان قطاع غزة. وبالإضافة إلى نقص التغذية، أدت السياسة الاستعمارية الإسرائيلية إلى حدوث التطورات الخطرة التالية:

سكان قطاع غزة:
... الآن يعانون أساسا من نقص الغذاء؛ نظام المياه متعثر (ما يقرب من نصف السكان الآن يفتقرون إلى إمدادات المياه المأمونة)؛ نظام الصرف الصحي انهار ويتم تفريغ المياه العادمة والنفايات الخام في الشوارع والبحر؛ إمدادات الطاقة متقطعة في أحسن الأحوال؛ وتفتقر المستشفيات إلى التدفئة وقطع الغيار لآلات التشخيص وأجهزة التنفس الصناعي والحاضنات؛ العشرات من الأدوية المنقذة للحياة لم تعد متوفرة. ببطء ولكن بثبات، غزة تموت. (المصدر ذاته)[26]

وقد أكد المفوض العام للأونروا بالفعل هذا الوضع في قطاع غزة، وحذر من أن "غزة على عتبة أن تصبح أول إقليم يُختزل عمدا إلى حالة من العوز المدقع، بعلم المجتمع الدولي ورضاه وتشجيعه...". (المصدر ذاته) [27]

وعندما يوضع العديد من السياسات والممارسات الإسرائيلية تجاه قطاع غزة تحت تمحيص القانون الدولي والمعاهدات الدولية ذات الصلة، فإنه يمكن بسهولة اعتبارها أنواعا مختلفة من جرائم الحرب. وفيما يلي تقييم لبعض جرائم الحرب التي ارتكبتها السلطات الاستعمارية الإسرائيلية التي أيدها كل من أعضاء الحكومة الإسرائيلية ومختلف السياسيين الإسرائيليين.
(هـ) جرائم الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة

وفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر، يمكن تعريف جرائم الحرب على النحو التالي: "... أي انتهاك خطير للقانون الإنساني الدولي يشكل جريمة حرب. وهذا واضح من السوابق القضائية الواسعة والثابتة منذ الحرب العالمية الأولى وحتى يومنا. (ICRC, “Definition of War Crimes”, https://ihl-databases.icrc.org, Retrieved on: 10-5-2020)[28]

هناك نوعان متميزان من جرائم الحرب، تلك الانتهاكات "... التي ارتكبت عمدا، أي، إما عمدا (--dir--ectus doles) أو بتهور (dolus eventualis)..." (المصدر ذاته)[29]

أجرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر "تحليلاً استقصائياً للقائمة الفعلية لجرائم الحرب الموجودة في مختلف المعاهدات والصكوك الدولية الأخرى، وكذلك في التشريعات الوطنية والسوابق القضائية..." (المصدر ذاته) [30] وهذا التحليل الاستدلالي بوضوح "... 1- يبين أن الانتهاكات تُعامل عملياً على أنها خطيرة، وبالتالي باعتبارها جرائم حرب، إذا كانت تعرض للخطر الأشخاص أو الأشياء المحمية أو إذا انتهكت قيماً هامة". (المصدر ذاته) [31]

وحينما يتعلق الأمر تحديداً بحالات جرائم الحرب المرتكبة في ظل الاحتلال العسكري الحربي ضد أشخاص أو ممتلكات، فإن أنسب صك يمكن استخدامه هو اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949. ووفقا لأحكام هذه الاتفاقية، فإن جرائم الحرب هي أي من الأفعال التالية: (المصدر ذاته) (32)

 القتل المتعمد،
 التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية، بما في ذلك التجارب البيولوجية؛
 التسبب عمدا بمعاناة كبيرة أو إصابة خطيرة في الجسم أو الصحة؛
 التدمير أو الاستيلاء على الممتلكات على نطاق واسع، لا تبرره الضرورة العسكرية، ويتم بصورة غير مشروعة؛
 إجبار أسير حرب أو شخص آخر محمي على الخدمة في قوات دولة معادية؛
 حرمان أسير حرب أو أي شخص آخر محمي من حقوق المحاكمة العادلة والعادية؛
 الترحيل أو النقل غير القانوني؛
 الاعتقال غير القانوني؛
 أخذ الرهائن.

الأفعال أو الإهمال. ويمكن أن تتألف جرائم الحرب من أفعال أو امتناع عن فعل. ومن الأمثلة على هذه الحالات عدم توفير محاكمة عادلة وعدم توفير الغذاء أو الرعاية الطبية اللازمة للأشخاص الذين ينتمون إلى سلطة الخصم. وفي 24 حزيران/يونيه 2015، أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تقريرا بعنوان "حالة حقوق الإنسان في فلسطين وغيرها من الأراضي العربية المحتلة"، كشف فيه عن الإحصاءات ذات الصلة عن عدد القتلى من المدنيين الفلسطينيين الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي خلال الهجمات العدوانية على قطاع غزة التي جرت في العام 2014. وذكر التقرير أن "... حصيلة القتلى وحدها تتحدث عن عدد كبير من القتلى: فقد قتل 2,251 فلسطينيا، منهم 1,462 مدنيا فلسطينيا، ومن هؤلاء 299 امرأة و551 طفلا (Data compiled by the OCHA Protection Cluster, 31 May 2015. For its methodology, see A/HRC/28/80/Add.1, para. 24, footnote 43) [33]؛ وتم جرح 11,231 فلسطيني، تشمل 3,540 امراة و3,436 طفلا (A/HRC/28/80/Add.1, para. 24) منهم 10 في المائة يعانون من إعاقة دائمة نتيجة لذلك ..." (Human Rights Council, “Human rights situation in Palestine and other occupied Arab territories”, https://www2.ohchr.org,24 June 2015)[34]

وبالإضافة إلى ذلك، ذكر التقرير أنه "... إلى جانب الخسائر في أرواح المدنيين، كان هناك دمار هائل في الهياكل الأساسية المدنية في غزة: فقد دُمرت 000 18 وحدة سكنية كلياً أو جزئياً؛ (OCHA, Gaza Initial Rapid Assessment, 27 August 2014, p. 4) [35] نسبة كبيرة من شبكة الكهرباء والبنية التحتية للمياه والصرف الصحي كانت عاجزة. وتضررت 73 منشأة طبية والعديد من سيارات الإسعاف..." (المصدر ذاته) [36]

واختتم مجلس حقوق الإنسان تقريره باتهام إسرائيل بارتكاب "... انتهاكات ضد القانون الإنساني الدولي ... والتي قد ترقى إلى جرائم الحرب..." ((المصدر ذاته)) [37] وسوف يستغرق الكثير من الجهود حتى تقوم محكمة العدل الدولية بالتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية. وتعتمد هذه الخطوة على مجلس الأمن الدولي المسؤول قانونياً عن اتخاذ قرار بشأن هذه المسألة. وما دامت الولايات المتحدة تهيمن على مجلس الأمن، فإن إسرائيل سوف تتمتع بالحماية، وبالتالي يمكنها الإفلات من العقاب.
وتابع مجلس حقوق الانسان تقريره بتاكيد ما يلي: "...على الرغم من المعلومات الكبيرة المتعلقة بالمدى الهائل من الموت والدمار في غزة، فإن مجلس حقوق الإنسان يثير تساؤلات حول الانتهاكات المحتملة للقانون الإنساني الدولي من قبل هؤلاء المسؤولين، والتي قد ترقى إلى جرائم حرب. وقد لا تكون آليات المساءلة الحالية كافية لمعالجة هذه المسألة..." (المصدر ذاته) [38]
تكرر ارتكاب جرائم الحرب المذكورة أعلاه من قبل الجيش الإسرائيلي والمؤسسات الأمنية وميليشيات المستوطنين. واصبحت عملية قتل الفلسطينيين، على أيدي هذه السلطات الإسرائيلية، ممارسة يومية. لا تجري تحقيقات رسمية جدية عندما يكون الضحية عربيا فلسطينيا. وهذا الوضع يشجع المزيد من الجناة الإسرائيليين على إطلاق النار على الفلسطينيين وقتلهم، ليس داخل الأراضي الفلسطينية المستعمَرة فحسب، بل أيضا داخل الدولة الاستيطانية الاستعمارية الصهيونية.
جرائم الحرب الأخيرة ضد السكان الفلسطينيين لقطاع غزة
بتاريخ 2-9-2020 تزامن قيام الطيران العسكري الصهيوني بالاغارة على مطار ال T-4 العسكري السوري، وقيام ما سمي بجامعة الدول "العربية" بمنع مندوب فلسطين من وضع موضوع التطبيع الاماراتي مع اسرائيل على جدول نقاش الجامعة "العربية"، وقيام جامعة الدول "العربية" بحجر الفلسطينيين ومحاولة اجبارهم على قبول "خطة ترامب" الاستعمارية الصهيونية، وقيام سلطات الاستعمار الصهيوني بمنع صيادي السمك في قطاع غزة من النزول الى البحر، ومنع الوقود من دخول قطاع غزة.(نشرة الاخبار المسائية، فضائية الميادين، https://www.elahmad.com ، 2-9-2020)[39] وهنا نود التساؤل: كيف يتم تزامن حدوث الاعتداءات الصهيونية هذه مع المواقف المشبوهة لمؤسسة سياسية تدعي بانها جامعة الدول العربية؟ كيف يستوي وضعية شعبين عربيين معتدى على حقوقهم الوطنية والسيادية من قبل المستعمِر الصهيوني مع قرارات مشبوهة لجامعة أقيمت لتوحيد كلمة العرب والدفاع عن حقوق الشعوب العربية المنضوية تحت رايتها؟
تتكون الاعتداءات على السكان المدنيين لقطاع غزة من نوعين: (1) اعتداءات إجرائية (2) اعتداءات من خلال استخدام أسلحة محرمة دوليا.
(أ‌) اعتداءات اجرائية
اهم الاعتداءات الإجرائية هي الاعتداء على صيادي قطاع غزة من خلال منعهم من النزول للبحر. يعمل في مهنة الصيد في قطاع غزة قرابة 4 آلاف صياد فلسطيني، إضافة إلى 1500 عامل مرتبطون بمهنة الصيد، يعيلون قرابة 60 ألف نسمة جلهم أصبحوا تحت خط الفقر بسبب إجراءات الاحتلال بحقهم... (القدس برس، "فصائل المقاومة تنذر بحرية الاحتلال الإسرائيلي من الاعتداء على صيادي غزة"،http://www.qudspress.com،تم زيارة الموقع بتاريخ: 24-8-2020) [40] بدوره، أكد زكريا بكر، رئيس اتحاد لجان الصيادين في قطاع غزة، أن زوارق بحرية الاحتلال فتحت نيران أسلحتها الرشاشة وقذائفها الصاروخية صوب مراكب الفلسطينيين، على بعد نحو ميل ونصف الميل في البحر وذلك لاجبارهم على اخلاء البحر. (إيمان أحمد، " الاحتلال يعاقب صيادي غزة بـ"الصفر" ردا على البالونات الحارقة"، https://al-ain.com، تم الدخول للموقع بتاريخ 16-8-2020) [41] .

بالإضافة لهذه العقوبة، تقوم سلطات الاستعمار الصهيوني بمنع دخول الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة الامر الذي تسبب بانقطاع الكهرباء عن أهالي غزة بشكل مستمر لأكثر من 20 ساعة يومياً. (القدس برس، "فصائل المقاومة تنذر بحرية الاحتلال الإسرائيلي من الاعتداء على صيادي غزة"،http://www.qudspress.com، تم زيارة الموقع بتاريخ: 24-8-2020) [42] . وتؤدي هذه العقوبة الى تعطيل عمل المشافي والمؤسسات والخدمات الصحية، والحكومية والتعليمية وهيئة الدفاع المدني والاطفائية. كما ويؤدي ذلك الى انقطاع مياه الشرب عن احياء المدن والقرى العديدة في القطاع والتي يتم ايصالها بواسطة مضخات كهربائية.

تقوم السلطات الاستعمارية الصهيونية باستخدام سياسة اغلاق المعابر والتي تمنع دخول وخروج البضائع من والى قطاع غزة. وهذا يضر بكثير من الجوانب أهمها استيراد الادوية والمواد الغذائية والمواد الصناعية ومواد البناء، كما ويمنع سكان القطاع من تصدير بعض المنتوجات الزراعية مثل الورود والخضار. ويمنع الاغلاق خروج مرضى السرطان وغيرهم لتلقي العلاج في مشافي الضفة الغربية والمشافي الإسرائيلية.

(ب‌) اعتداءات من خلال استخدام أسلحة محرمة دوليا
في شهر أيلول 2008، وافق الكونغرس الأمريكي على بيع إسرائيل 1000وحدة من قنابل GBU-39 والتي نقلت الى إسرائيل في بداية كانون اول 2009 لتستعملها إسرائيل في 27 كانون اول سنة 2009 في حربها العدوانية على قطاع غزة (Action of Citizens for Nuclear Disarmament, “Genocide by Depleted Uranium in Gaza: the dossier”, https://www.acdn.net, Published 14 -1-2009)[43]. وتعكس هذه الموافقة ثلاثة أمور مهمة جدا: أولا ان أعضاء الكونغرس يتظاهرون بانهم يجهلون المعلومات العلمية عن مدى خطورة وقانونية هذه القنابل، وثانيا انهم متواطؤن بالصمت في موضوع جرائم الحرب هذه والتي كانوا قد وافقوا على قيام الجيش الأمريكي باقترافها سابقا في كوسوفو، أفغانستان، والعراق، ولبنان. وثالثا ان حروب العدوان على قطاع غزة تتم بالتنسيق الكامل بين النظام الاستعماري الصهيوني والنظام الاستعماري الامريكي تحت شعار كاذب هو "محاربة الإرهاب".
خلال حروبها العدوانية، استخدمت إسرائيل مجموعة من الأسلحة المحرمة دوليا مثل النابالم، القذائف العنقودية، القنابل الفراغية، الفسفور، قنبلة اليورانيوم المنضب GBU-38 ، قنبلة ال DIME، وقنبلة التنغستن.( مراد، نسرين "الحرب الفسفورية على قطاع غزة"، https://www.albayan.ae، 27-1-2009) [44] وتمكنت إسرائيل من تفادي المحاسبة القانونية بسبب الدعم الذي جاء من الولايات المتحدة الامريكية وهي دولة تنتهك بنفسها القانون الدولي وارتكبت جرائم حرب في عدة دول وتهاجم مؤخرا محكمة الجنايات الدولية لانها تريد محاسبتها على جرائمها. ففي تصريح أخير لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عبر فيه "... عن "قلقه الشديد" من المحاولة لمحاكمة الولايات المتحدة بسبب "جرائم يزعم انها ارتكبت خلال الحرب في أفغانستان". وتابع ان المحكمة الدولية في لاهاي أصبحت "فاسدة" على حد تعبيره، وتلاحق "الشبان الأمريكيين الذين حاربوا بشدة، بموجب قانون الدولة الأكثر تحضرا في العالم". (معا، " بومبيو: سنمنع المحكمة الجنائية الدولية من مقاضاة إسرائيل والولايات المتحدة"، https://www.maannews.net، 2-6-2020) [45]
وهنا يتوجب علينا إعطاء بعض المعلومات العلمية المقتضبة عن احدى هذه القنابل المحرمة دوليا وهي قنبلة GBU-39 لنرى مدى خطورتها على كل أنواع البشر بسبب احتوائها على عنصر اليورانيوم المنضب. بموجب المعلومات المتوفرة فان
"... اليورانيوم المنضب يشتعل عند حدوث الارتطام... التأثير الأول لهذه الأسلحة هو إطلاق "نار جهنمية" تبلغ درجة حرارتها 1200 درجة مئوية تقريباً. ركاب دبابة أصابتها قذيفة اليورانيوم المنضب لن تتمزق إلى أجزاء ولكن ستحترق لتصبح جمرة مشتعلة. وهذا ما أكده شهود العيان الخبراء (في كل من كوسوفو وأفغانستان وحرب الخليج 2، ...) وأيضا من قبل الصور الدعائية وأشرطة الفيديو لقنبلة GBU-39" ( Action of Citizens for Nuclear Disarmament, “Genocide by Depleted Uranium in Gaza: the dossier”, https://www.acdn.net, Published 14 -1-2009) [46]
اما عن مؤثرات هذه القنبلة فيروي "الدكتور حباس الوحيد رئيس غرفة الطوارىء في "مستشفى شهداء الأقصى" في دير البلح للصحافيين انه شاهد كيف كانت ارجل الجرحى مبتورة من اجسادهم "وكأن منشارا استخدم لقطع العظم". وكانت هناك علامات على الحرارة والحروق بالقرب من نقطة البتر، ولكن لم تكن هناك علامات على أن تقطيع أوصالهم كان بسبب شظايا معدنية." (Silverstein, Richard “ Israel Tests New Highly Lethal, Cancer-Causing Tungsten Bomb in Gaza”, https://www.richardsilverstein.com, 10-10-2006) [47]
فبموجب المعلومات العلمية ل "منظمة المواطنين من أجل نزع السلاح النووي" فان المؤثرات الصحية لهذه القنبلة يمكن تلخيصها بالمعلومات التالية:
اليورانيوم المنضب هو سم كيميائي وإشعاعي مخيف يحترق تلقائياً عند الارتطام ويتحول إلى جزيئات مشعة صغيرة للغاية (جزيئات نانومترية مقياسها واحد على مليون الملليمتر). تمر هذه عبر جميع أنواع الحواجز، بما في ذلك أقنعة الغاز. وتنتقل منتجات جميع احتراقات اليورانيوم هذه في الهواء، وتلوث الغلاف الجوي وتدخل جميع أجزاء الجسم عن طريق التنفس أو الابتلاع أو الجروح من أي حجم. وهذا يعني أن الجزء الأكبر من اليورانيوم يظل بمثابة أكسيد اليورانيوم غير المرئي في الغلاف الجوي الذي تتنفسه مجموعات السكان، بينما يلوث جزء آخر التربة وباطن التربة والمياه الجوفية. ([48] Action of Citizens for Nuclear Disarmament, “In Gaza, Genocide by Depleted Uranium has begun using "GBU-39" bombs provided by the USA”, https://www.acdn.net, Published 6 January 2009)
بالإضافة لذلك، فان اليورانيوم المنضب هو "... منضب من يورانيوم U235ويعني المخصب في يورانيوم U238، وهذا لديه نصف عمر مشع مكون من 4.5 مليون سنة." (المصدر ذاته) [49] ومن الاضرار التي تلحق بالخلايا، فان اليورانيوم المنضب يؤدي الى "... انشطار الكروموسومات، والتعديلات على حدثت على الحمض النووي ... تصبح لا رجعة فيها. وكذلك عواقبها (كالسرطانات، وسرطان الدم، والأورام اللمفاوية، والسكري، والعقم، وتشوهات الاجنة ...) (Action of Citizens for Nuclear Disarmament, “In Gaza, Genocide by Depleted Uranium has begun using "GBU-39" bombs provided by the USA”, https://www.acdn.net, Published 6 January 2009) [50] ، لا يمكن "إصلاحها" جميعها. (المصدر ذاته)[51]
وهنا يجب علينا ذكر امر في غاية الأهمية وهو ان الاضرار التي تسببها قنبلة GBU-39 على صحة الضحايا المدنيين الفلسطينيين لا تبقى محصورة في جغرافية قطاع غزة. ففي توجهها، حذرت "منظمة المواطنين من أجل نزع السلاح النووي" الشعب الإسرائيلي من مخاطر هذه الأسلحة فذكرت:

"... هل تعرفون كل المخاطر التي تتعرضون لها من كونكم انتم أيضا ضحايا؟ لأنه من الواضح أن حركة الهواء لا تتوقف عند حدود غزة. هل تعرفون أن جنود الجيش الإسرائيلي، حتى لو نجوا من هذا الهجوم البري دون أن يصابوا به أو أصيبوا بجروح طفيفة من هذا الهجوم البري، سوف يصابون مدى الحياة في رئاتهم أو دمائهم أو جيناتهم، نتيجة لهذه الأسلحة الخطرة؟ تذكروا: لا يمكن لأي قناع أن يعطي حماية ضد الجسيمات النانوية لليورانيوم المنضب." (المصدر ذاته)[52]
وتصل "منظمة المواطنين من أجل نزع السلاح النووي" الى استنتاج مهم جدا ان اليورانيوم المنضب الموجود في قنبلة GBU-39 هو سلاح "إبادة جماعية بطيئة المفعول":
"... إن أسلحة اليورانيوم المنضب هي أسلحة إبادة جماعية. إنها تؤذي بشكل عشوائي مجموعة سكانية بأكملها، حتى أنها تؤذي جينات المجموعة. المجموعة البشرية التي تؤثر عليها هي السكان الذين يستنشقون أو يبتلعون الجزئيات المشعة. وهذه المجموعة لا يقيدها الانتماء السياسي أو القومية أو الدين أو العرق. وعلى الرغم من أن أسباب الجغرافيا والطقس تعني أن إحدى المجموعات هي الضحية ذات الأولوية، لا يمكن لأي حدود أن تمنع جيرانها من مشاطرة مصيرها المأساوي." (المصدر ذاته)[53]
بالإضافة الى قنبلة GBU-39، استخدمت إسرائيل أسلحة أخرى محرمة دوليا، مثل الفسفور الأبيض، والتنغستن، والدايم، والقنبلة الفراغية وذلك في حروبها التي شنتها ضد كل من قطاع غزة، سوريا ولبنان. ومن الجدير ذكره ان جميع هذه الأسلحة الفتاكة والمحرمة دوليا هي من صنع وحدات التكنولوجيا العسكرية التابعة للمؤسسة العسكرية الامريكية والتي تتخصص في انتاجها وتسويقها للجيش الأمريكي والجيش الاسرائيلي. أحيانا يتم تسويق بعضها للجيش الإسرائيلي قبل الجيش الأمريكي وذلك لكي يقوم الجيش الإسرائيلي بتجربتها على "فئران التجارب" من المدنيين الفلسطينيين. وهنا سنعرض باقتضاب معلومات علمية خاصة بكل نوع من هذه الأسلحة، مظهرين مدى تاثيراتها الخطرة والضارة جدا على السكان المدنيين من فلسطينيين ولبنانيين وسوريين.
يؤدي الفسفور الأبيض الى حدوث
" ... حروق كبيرة ذات سمك جزئي وكامل... تحمل حروق الفوسفور خطرًا متزايدًا من الوفيات بسبب امتصاص الفوسفور في الجسم من خلال المنطقة المحترقة مع ملامسة مطولة، مما قد يؤدي إلى تلف الكبد والقلب والكلى، وفي بعض الحالات فشل أعضاء متعددة... تستمر جزيئات الفوسفور الأبيض في الاحتراق حتى تستهلك بالكامل ما لم تُحرم من الأكسجين..." (Wikipedia, https://en.wikipedia.org, “White phosphorus munitions”, تم الدخول للموقع بتاريخ 5-9-2020)[54]

استخدمت إسرائيل قنابل التنغستن في لبنان وأيضا في قطاع غزة وذلك خلال حروبها العدوانية ضد المنطقتين. وفي تقييمه لخطر استخدام هذه القذائف المحرمة دوليا، كتب الصحفي الأمريكي ريتشارد سيلفرشتاين ما يلي:
"... ألياف التنغستن تعمل مع قوة اختراق وحشية تصبح، في الواقع، المناشير الدائرية التي تقطع الأطراف من الجسم. موقع "ديفنس تك" يطلق عليهم "الشظايا الدقيقة. هل هذا اكثر تغولا من الغول أم ماذا؟ لقد ارتكبت إسرائيل بالفعل أعمال عنف ترقى لجرائم حرب في لبنان وفي هذا الصيف. يبدو أنها ترغب أيضا في ان يراها العالم كالوحش فرانكشتاين، وحش التقنية العسكرية..." ويعتقد أن هذا السلاح يتسبب بالسرطان بشكل كبير كما وانه ضار بالبيئة. (Silverstein, Richard “ Israel Tests New Highly Lethal, Cancer-Causing Tungsten Bomb in Gaza”, https://www.richardsilverstein.com, 10-10-2006) [55]
اما بخصوص قنابل ال DIME ، فان مؤسسة "جلوبال سيكيورتي"، المتخصصة بإنتاج أبحاث عن المتفجرات، تعتقد ان سلاح الدايم مكون من العناصر والمواد التالية:
... تتألف حالة الرأس الحربي من مصفوفة منخفضة الكثافة وملفوفة من ألياف الكربون/الإيبوكسي مدمجة مع أنف من الصلب وقاعدة. يمكن للقضية المركبة منخفضة الكثافة البقاء على قيد الحياة واختراق في جدار خرساني صلب سمكه قدم واحدة. وعند التفجير، تتفكك حالة الرؤوس الحربية ذات الألياف الكربونية إلى ألياف صغيرة غير فتاكة مع شظايا معدنية قليلة أو معدومة، مما يقلل بشكل كبير من الأضرار الجانبية التي تلحق بالناس والهياكل. وتعبئة المتفجرات من الرؤوس الحربية هي مادة معدنية خاملة كثيفة تحتوي على جسيمات تنغستن دقيقة لتوفير حمولة صابورة مع كتلة اختراق كافية. التنغستن يزيح المواد النشطة وذلك للحد من مجموع حيوية المستخدمة. النتائج الصافية هي أعلى دينامية دفعة الطاقة كل داخل بصمة قاتلة صغيرة.( Global Security, “Dense Inert Metal Explosive (DIME)”, https://www.globalsecurity.org. Retrieved at: 6-9-2020)[56]
وتضيف مؤسسة "جلوبال سيكيورتي" انه بالرغم انه "لم يتم "الإعلان عنه كسلاح غير قانوني"، رغم ذلك فان هذا السلاح يعتبر "مسرطن للغاية ومضر بالبيئة ... وغير شرعي". (المصدر ذاته)[57]
كما استخدمت الدولة الصهيونية سلاحا فتاكا اخر يدعى القنبلة الفراغية وذلك في حروبها ضد لبنان وقطاع غزة. وبموجب المعلومات المتوفرة عن هذا السلاح من قبل إدوارد بريست، وهو مراقب المعارك السابق بوحدة العمليات الخاصة بالقوات الجوية الأمريكية، فان القنبلة الفراغية:
"لا تُطلق الكثير من الشظايا كما هو متوقع من قنبلة عادية، بل يعتمد الأمر كله على الضغط المفرط الناتج عن الانفجار، والذي يمكنه أن يحطم الأشجار ويستخدمها لتكون هي نفسها الشظايا. وهذا النوع من القنابل لن يؤتي ثماره المتوقعة، على سبيل المثال، عند تدمير الدبابات، على الرغم من أن الضغط المفرط من شأنه أن يقتل مَن بداخلها. إنها تعرض أولئك الأشخاص المختبئين داخل الكهوف لذلك الضغط المفرط، ولن نتمكن من العثور عليهم أبدًا؛ إذ إنها تفجر الرئتين تمامًا؛ أي يمكن القول بأن هذه القنبلة تقتلهم بقلب أحشائهم إلى الخارج". (لاري جرينماير، " ما هي "أم القنابل" التي قصفت بها الولايات المتحدة أفغانستان؟"، https://www.scientificamerican.com، 24-4-2017)[58]
وحتى يومنا هذا، لم يتم تقديم أي مجرم حرب إسرائيلي إلى محكمة العدل الدولية، وتمكنت الدولة الإسرائيلية من الإفلات من العقاب، بسبب الدعم والحماية المباشرين لإسرائيل الذين قدماه القادة الإمبرياليون في الغرب، وخاصة الولايات المتحدة الامريكية. مع ذلك، لا يوجد أي حد للوقت على جرائم الحرب، وقد تدفع إسرائيل يوما ما ثمن جرائم الحرب والمجازر والقتل اليومي وتدمير القرى والمدن والتطهير العرقي وجرائم الحرب العديدة التي ارتكبتها إسرائيل ليس فقط في فلسطين ولكن أيضا في سوريا ولبنان ومصر والعراق والأردن وايران.

واليوم يستصرخ سكان قطاع غزة الفلسطينيين الضمير الإنساني العربي والضمير الإنساني العالمي ان يقفوا مع عدالة قضيتهم الوطنية كشعب عربي مقهور يعاني من التنكيل والاجرام الاستعماري الصهيوني ويعاني من احتجاز ابسط حقوقهم الإنسانية وهي حق الحياة بكرامة وحق الحصول على طعام نظيف ومياه الشرب غير الملوثة بالكيمياويات الصهيونية وبالاشعاع الذري من قذائف وصواريخ العدو الصهيوني، وحق الحصول على الدواء والعلاجات الصحية.
وهنا يجب التأكيد على ان الحل الجذري لسكان قطاع غزة المحاصرين هو ليس في تخفيف وطئة الحصار العسكري، وليس في تلقي المساعدات المالية من قطر، وليس بإدانة إسرائيل على جرائم الحرب التي تقترفها ضد المدنيين الفلسطينيين. الحل لمشاكل قطاع غزة هو في الانسحاب الكلي للقوات العسكرية الصهيونية وتحرر السكان المدنيين من الاستعمار الصهيوني الغاشم. والتحرر الوطني الكامل لن يجيء الا من خلال النضال الدؤوب لسكان القطاع ومساعدة كافة احرار العالم من عرب وغيرهم. لا يحق للمستعمرين الصهاينة البقاء في قطاع غزة والادعاء ان أسباب ذلك هو الإرهاب الفلسطيني. ان جل المشاكل التي يواجهها سكان القطاع هي وليدة الإرهاب الاستعماري الصهيوني الذي حان موعد نهايته.

د. زهير صباغ كاتب وباحث في الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية ويعمل كمحاضر في علم الاجتماع في جامعة بيرزيت في الأراضي الفلسطينية المستعمَرة وهو من سكان مدينة الناصرة في فلسطين وحاصل على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع من جامعة مانشستر، بريطانيا. وله مؤلفات عديدة من الكتب والمقالات البحثية.

الهوامش

[1] International Committee of the Red Cross, “Occupation and international humanitarian law: questions and answers”, https://www.icrc.org, 4-8-2004.
[2] The Editors of Encyclopaedia Britannica, “Laws and Customs of War on Land (HAGUE, IV) of 1907”, https://www.britannica.com .Relieved on: 1-6-2020.
[3] International Committee of the Red Cross, op. cit.
[4] المصدر ذاته
[5] المصدر ذاته
[6] Wikipedia, “Levy Report”, http://en.wikipedia.org. Retrieved on: 8-5-2020.
[7] المصدر ذاته
[8] Lazaroff, Tovah (9 July 2012). “Legal report on outposts recommends authorization”. The Jerusalem Post.,http://web.archive.org, as quoted by Wikipedia, “Levy Report”, http://en.wikipedia.org. Retrieved on: 8-5-2020.
[9] Lusky, Anu Deuel and Michaeli, KerenYesh Din, “Unprecedented: A legal analysis of the report of the Committee to Examine the Status of Building in Judea and Samaria (The Levy Committee)”, https://www.yesh-din.org, 19.5.2014
[10] Institute for Middle East Understanding, “What are the Occupied Territories?”, https://imeu.org, 21-12-2005
[11] المصدر ذاته
[12] Makdisi, Saree “Starving Gaza”, The Nation, https://electronicintifada.net, 2-2-2008
[13] Gisha, “Ministry of Defence V. Gisha Legal Center for Freedom of Movement”, https://www.right2info.org, 19-12-2011
[14] المصدر ذاته
[15] المصدر ذاته
[16] AAA 3300/11 Ministry of Defense v. Gisha “Food Consumption in the Gaza Strip – Red Lines” Presentation, https://www.gisha.org, 5-9-2012
[17] Associated Press, “Israel used ‘calorie count’ to-limit- Gaza food during blockade, critics claim”, https://www.theguardian.com, 17-10-2012
[18] Amnesty International, “Israel and Occupied Palestinian Territories 2019”, https://www.amnesty.org.Retrieved on: 6-5-2020
[19] Makdisi, Saree, “Starving Gaza”, The Nation, https://electronicintifada.net, 2-2-2008.
[20] المصدر ذاته
[21] Gisha, “Partial List of Items Prohibited/Permitted into the Gaza Strip – May 2010”, https://www.gisha.org.Retrieved on: 1-6-2020.
[22] The Palestine Chronicle, “5,000 factories Closed in Gaza Due to Israeli Sieg”, https://www.palestinechronicle.com, February 22, 2020
[23] المصدر ذاته
[24] المصدر ذاته
[25] Makdisi, Saree , op. cit.
[26] المصدر ذاته
[27] المصدر ذاته
[28] ICRC, “Definition of War Crimes”, https://ihl-databases.icrc.org, Retrieved on: 10-5-2020
[29] المصدر ذاته
[30] المصدر ذاته
[31] المصدر ذاته
[32] المصدر ذاته
[33] Data compiled by the OCHA Protection Cluster, 31 May 2015. For its methodology, see A/HRC/28/80/Add.1, para. 24, footnote 43.
[34] Human Rights Council, “Human rights situation in Palestine and other occupied Arab territories”, https://www2.ohchr.org,24 June 2015
[35] OCHA, Gaza Initial Rapid Assessment, 27 August 2014, p. 4.
[36] المصدر ذاته
[37] المصدر ذاته
[38] المصدر ذاته
[39] نشرة الاخبار المسائية، فضائية الميادين، https://www.elahmad.com ، 2-9-2020
[40] القدس برس، "فصائل المقاومة تنذر بحرية الاحتلال الإسرائيلي من الاعتداء على صيادي غزة"،http://www.qudspress.com،تم زيارة الموقع بتاريخ: 24-8-2020
[41] إيمان أحمد، " الاحتلال يعاقب صيادي غزة بـ"الصفر" ردا على البالونات الحارقة"، https://al-ain.com، تم الدخول للموقع بتاريخ 16-8-2020
[42] القدس برس، "فصائل المقاومة تنذر بحرية الاحتلال الإسرائيلي من الاعتداء على صيادي غزة"،http://www.qudspress.com، تم زيارة الموقع بتاريخ: 24-8-2020
[43] Action of Citizens for Nuclear Disarmament, “Genocide by Depleted Uranium in Gaza: the dossier”, https://www.acdn.net, Published 14 -1-2009
[44] مراد، نسرين "الحرب الفسفورية على قطاع غزة"، https://www.albayan.ae، 27-1-2009
[45] معا، " بومبيو: سنمنع المحكمة الجنائية الدولية من مقاضاة إسرائيل والولايات المتحدة"، https://www.maannews.net، 2-6-2020
[46] Action of Citizens for Nuclear Disarmament, “Genocide by Depleted Uranium in Gaza: the dossier”, https://www.acdn.net, Published 14 -1-2009
[47] Tests New Highly Lethal, Cancer-Causing Tungsten Bomb in Gaza”, https://www.richardsilverstein.com, 10-10-2006
[48] Action of Citizens for Nuclear Disarmament, “In Gaza, Genocide by Depleted Uranium has begun using "GBU-39" bombs provided by the USA”, https://www.acdn.net, Published 6 January 2009
[49] المصدر ذاته
[50] Action of Citizens for Nuclear Disarmament, “In Gaza, Genocide by Depleted Uranium has begun using "GBU-39" bombs provided by the USA”, https://www.acdn.net, Published 6 January 2009
[51] المصدر ذاته
[52] المصدر ذاته
[53] المصدر ذاته
[54] Wikipedia, https://en.wikipedia.org, “White phosphorus munitions”, تم الدخول للموقع بتاريخ 5-9-2020
[55] Silverstein, Richard “ Israel Tests New Highly Lethal, Cancer-Causing Tungsten Bomb in Gaza”, https://www.richardsilverstein.com, 10-10-2006)
[56] Global Security, “Dense Inert Metal Explosive (DIME)”, https://www.globalsecurity.org. Retrieved at: 6-9-2020
[57] المصدر ذاته
[58] لاري جرينماير، " ما هي "أم القنابل" التي قصفت بها الولايات المتحدة أفغانستان؟"، https://www.scientificamerican.com، 24-4-2017



#زهير_الصباغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العنف السياسي الصهيوني: أنماط ودوافع
- مساهمة في الحوار الهاديء والنقد البناء
- النكبة الفلسطينية والتطهير العرقي الصهيوني
- صعود اليمين السياسي الاسرائيلي واحتمال زواله
- فلسطين، خطة ترامب والاستعمار الصهيوني


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زهير الصباغ - قطاع غزة تحت الحصار العسكري الصهيوني