أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتح عبدالفتاح كساب - حذلقة الأدوات السياسية














المزيد.....

حذلقة الأدوات السياسية


فتح عبدالفتاح كساب

الحوار المتمدن-العدد: 6668 - 2020 / 9 / 5 - 00:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قمة الحماقة أو التواطؤ وخاصة في العمل العام بمختلف تنويعاته أن تعيد نفس التجربة ألف مرة مستخدما نفس المكونات، ونفس الأدوات، وتحت نفس الظروف أو أسوأمنها متأملًا أن تحصل على نتائج مختلفة.
مناسبة هذه العبارة هي عملية التهوين من قيمة مقاطعة الانتخابات، والدعوة إلى المشاركة تحت حجج واهية مثل الإصلاح من الداخل، أو إيصال صوت المعارضة، أو "الاشتباك السياسي" مع السلطة تحت "قبة البرلمان" أو أو ......الخ.
تعلمنا تجارب التاريخ السياسي العربي في مرحلة "ما بعد الاستقلال" التي أفرزت أنظمة حكم عائلية (ملكية أو أميرية أو مشيخات) أو جمهورية جاءت بانقلابات عسكرية أن العمل ضمن "المعارضة" أمر عبثي لا طائل منه؛ لأنه ناتج عن مخاض زائف لحمل كاذب؛ فما قامت به تلك الأنظمة من تشويه للحياة السياسية والثقافية والقضاء على أساليب الإنتاج التقليدية وتلك التي كانت في حالة من التطور التدريجي واستتباع المواطن وإدخاله منظومة الريع السياسي، قادت إلى حالة من التشويه جعلت من العسير على المتابع إطلاق مسمى دولة على تلك الكيانات الجغرافية، وأخرجت قاطني تلك الجغرافيا من مصطلح "مواطن"، وحولته إلى أشياء كثيرة ليس منها "المُواطَنة".فقد أصبح البشر في هذه الكيانات رعايا أو أرقام أو كائنات ناخبة أو أبناء لطوائف وعشائر تعيش في حيز جغرافي واحد لا يجمعهم شيء ويفرقهم كل شيء.
وعودة إلى "المعارضة" التي نشأت في ظل أنظمة ما بعد الاستقلال، نلاحظ أنها أصبحت جزءا من حالة التردي والعبء الثقيل على كاهل الناس؛ فقد رضيت بالفتات وما دون ذلك لتحافظ على بقائها ولو شكلا دون مضمون. وتحولت الأحزاب والتجمعات السياسية الأخرى تحت مختلف اليافطات إلى عشائر يديرها شخص واحد ذو قدرات خرافية خارقة وعابرة للزمان والمكان لا تتوافر لغيره إلا بعد موته، وأصبح بالتالي نسخة مطابقة للحاكم الذي يدعي معارضته. كما قامت تلك المعارضات بدور المهدئات لكبح كل تطور شعبي أو نخبوي - إن وجد - يسعى إلى إحداث تغيير حقيقي إيجابي في مجتمعاتها تحت ذرائع مثل خطورة المرحلة، وعدم مناسبة الوقت لذلك، وعدم جاهزية الجماهير أو المواجهة مع العدو والتي لم تحصل يوما ولن تحصل ما لم يحدث تغير جوهري.
وأسوق مثالا واضحا نراه بشكل مستمر ويشمل هذا المثال جميع تنويعات "المعارضة" بغض النظر عن الإيديولوجيات التي يتغطون بها؛ تقوم الأنظمة العربية جميعها بتقديم هامش صغير ليكون ملعبا لتلعب فيه المعارضات، وبالمنطق البسيط أقول: بما أن ذلك الملعب هو هبة من السلطة فإن اللعب فيه سيكون بقوانين السلطة ذاتها التي منحت، وستكون النتيجة كارثة بكل المقاييس لأن لعبك في ملعب مجهول وبقوانين لم تشارك في صياغتها ستكون عملية دوران في حلقة مفرغة، ولن تنتج شيئا سوى تعزيز سلطة من أعطاك ذلك الهامش. وبالإضافة إلى ما تقدم، تقوم السلطات باستخدام الأفراد والجماعات التي تتنافس على الفتات كلٌّ وقت حاجته؛ فمثلا نلاحظ أنه عندما تكون هناك حاجة إلى من يسمون "اليساريين واللبراليين" تقوم تلك السلطات بفتح وسائل إعلامها المختلفة لهم؛ فيملئون الدنيا ضجيجا "بمدنية الدولة" وسعي الأنظمة للإصلاح والدخول إلى عالم الحداثة ووضع "المصلحة الوطنية" أولوية كبرى. لكن المعيق لكل ذلك هو البنية الاجتماعية المتخلفة والهياكل السياسية الدينية الظلامية، وعدم فهم الناس لعقل "الدولة" الفذ السابق لعقلية الناس الساذجة والقاصرة، ويتم شجب العقليات الدينية التي تعيش في العصور الوسطى والعقليات العشائرية الرجعية وسوء فهم الناس وعجزهم عن فهم وتطبيق الرؤى الرشيدة للسلطة القائمة وأنها تحمل أعباء تاريخية وسياسية تنوء بحملها سلسة جبال الهملايا.
وإذا استجد ما يُلجئ السلطات القائمة إلى القوى الاجتماعية والدينية؛ تقوم تلك السلطات بإلقاء "اليساريين واللبراليين" في السلّة، وتسحب منها "القوى الاجتماعية والدينية" وتمنحها نفس المنابر الإعلامية لتقوم بلعن العلمانيين واللبراليين واليساريين الكفرة الساعين إلى تدمير القيم الاجتماعية الفريدة والدينية المنزلة من عند الله، ويصبح هدفها الأسمى هو حماية هذا المجتمع "المسكين الغافل" عما يُخطط له من تلك القوى الشيطانية المتربصة به. وهكذا دواليك.
كما اعتادت السلطات العربية على توظيف تلك المعارضات معا عندما تكون شديدة التأزم. والقاسم المشترك بين جميع تلك الأنظمة المأزومة هو اللجوء إلى إجراء انتخابات من أجل التخفيف من الأزمة أو التخلص منها. في هذه الحالة بالذات تُخرج كل تلك القوى على اختلاف ضجيجها من السلّة وتُلقيها في وجه الناس للترويج "للعرس الديمقراطي"، وتبدأ تلك الأدوات الصوتية بالترويج وسوق المبررات لضرورة المشاركة، وأنه من العبث اللجوء إلى المقاطعة، وأن المشاركة انعكاس "لوطنية وغيرة" الناخبين على وطنهم وقيمهم الاجتماعية "الأصيلة"، ودفاع عن "دينهم ومقدساتهم" أمام المتربصين بالوطن وصموده أمام أعدائه في الداخل والخارج. ويبدأ خطابهم بالتماهي مع خطاب السلطة ويختلط الحابل بالنابل. وهم بهذا الرقص على طبل السلطة يقودون الناس إلى اليأس والتشتيت ويضعون مجتمعاتهم أمام خيارات صعبة قد لا تُحمد عقباها.
أعتقد أنه قد حان الوقت ليقوم الناس بنفض غبار تلك الأدوات عن أنفسهم والبحث عن أطر أكثر شبها والتصاقا بهم وفهما لهم ولمعاناتهم؛ لأن الجميع بدءًا بالإسلاميين ومرورا بالقوميين واليساريين واللبراليين،وانتهاء "بالوسطيين أو الوطنيين" أصبحوا عبئا لا لزوم له ولا يمثلون إلا ذواتهم المتحجرة ومصالحهم الضيقة وتضعهم في خانة العجز عن الفعل أو رد الفعل.
4/9/2020



#فتح_عبدالفتاح_كساب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شطحات مجنون
- ملاحظات وأفكار حول الحراك الأردني
- الإسلام السياسي والحراك الشعبي
- هل لدى السعودية مشروع؟
- السلطة المجنونة تقتل مهمشيها
- الدولة المسخ والبنية الطبقية المشوهة
- رهاب الحرية في عقلية العبيد
- تطوير التعليم في الأردن
- قراءة في رواية دموع فينيس لعلي طه النوباني
- مسلسل الخربة ولحظات التأزم الدرامي والسياسي
- مما كتبه ابن بطوطة بعد وفاته
- هل تاهت بوصلة ناصر الزفزافي؟
- نهاية التاريخ؟
- جذورالحَنَق الإسلامي
- صدام الجهل
- صدام الحضارات؟
- الأردن والربيع العربي


المزيد.....




- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟
- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فتح عبدالفتاح كساب - حذلقة الأدوات السياسية