أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل علال - هولدرلين وجع الحب














المزيد.....

هولدرلين وجع الحب


نبيل علال
كاتب

(Nabil Allal)


الحوار المتمدن-العدد: 6664 - 2020 / 9 / 1 - 21:52
المحور: الادب والفن
    


أمام مصحة الأمراض العقلية بمدينة توبنجن الألمانية سنة 1806 كان هناك نجار بسيط محب للثقافة والفنون يدعى إرنست تيسمر ينتظر تشخيص الأطباء لمريض شاب وقد قيل لإرنيست إن ذلك المريض ميؤوس من شفائه ولن يعيش لأكثر من ثلاث سنوات لكن أخطأت ظنون الأطباء وعاش ذلك المريض تحت رعاية النجار البسيط ستا وثلاثين سنة في ظلام الجنون لتصل به الشهرة لاحقا إلى منزلة أعظم الشعراء الألمان لم يكن ذلك الشاب المجنون سوى الشاعر هولدرلين الذي دفعته آلام الحياة إلى هاوية الجنون بعد ملحمة مأساوية كتبها باللغة العربية عبد الغفار مكاوي في كتابه "هولدرلين"

الحب : "أبرأت ديوتيما أوجاعي "
في رحلة الشاعر بحثا عن لقمة عيشه تلقى هولدرلين عرض للعمل معلم لأولاد أحد رجال البنوك هناك يكتشف أن ديوتيما الكاهنة التي علمت سقراط الحب الإلهي قد ولدت من جديد كانت سوزيت الزوجة فائقة الجمال وفي كل لحظة من وجودها كان يعتريها نقاء الروح الساحر وصمت يشبه صمت فينوس في لوحات تيتيان ولعل هولدرلين لحظتها صرخ في عقله " لقد وجدتها أخيرأً" النبوءة التي كتبها الشاعر قبل لقائه بديوتيما بسنة في روايته هيبريون تحققت "سوف أعثر عليها مرة أخرى ,في أية مرحلة من مراحل الوجود الأبدي" لم تتأخر سوزيت تبدي اعجابها بشاعرنا الذي لمست روحه قبل صورته من نصوصه التي انتشرت في كل أنحاء الدولة تنشد حب ديوتيما فتناغمت روحها مع روحه واخترقتهما سهام كيوبيد مرتين المرة الأولى تعلن حبهما والمرة الثانية تأكيد على أن هذا الحب لن يموت " كنا زهرة واحدة لاغير .. عاشت روحانا في كيان واحد "
لكن هيهات أن تفلت الأرواح الطاهرة من شياطين الإنس فقد انتشرت أخبارهما في كل مكان وضاق بهما الحصار ولاحت شمس الفراق المحرقة تسطع من بعيد حتى قررا أخيرا الفراق سيغادر الشاعر جريحاً نحو المجهول تاركاً وراءهُ محبوبتهُ السماوية بين جحيم الزوج وجحيم الفراق :
"الأن أقول وداعا عيشي في خير
روحي كل نهار ترحل عنك تعود إليك
عيني تُبكيك, تريق الدمع
تتمنى يوما أن تصفو لكي ترنو لك
فتراك هناك وتهنأ بك .. "
ورغم العذاب والمسافات لم ينقطعا فقد ظلت بينهما الرسائل الشحيحة والحذرة من أعين المتطفلين تحاول جاهدة اعادتهما الى كيان واحد تكتب سوزيت :
" شعرت شعوراً حياً أن حياتي من غيرك تذبل وتجف وتخطو للموت ببطىء "
لكن يد القدر كتبت حروفها بعد أن اشْتدَّ البأسُ وطغى اليأس فهاهي ديوتيما تكتب للشاعر وداع أخير "عدني أنك لن ترجع مرة أخرى وأنك سترحل من هنا بهدوء لأنني إذا لم أعرف هذا فسوف أظل الى الصباح ملازمة للنافذة وأنا في أفظع حالات القلق والتوتر ، ولامفر لنا في النهاية من أن نسترد الهدوء لذا دعنا نمضي على طريقنا في ثقة واطمئنان ,ولنحاول في صميم ألمنا أن نشعر بالسعادة ولنتمنى أن يدوم لنا هذا الألم طويلا طويلا لأننا نستمد منه احساسنا بالنبل الكامل والقوة على احتمال قدرنا .. وداعا وداعا ولتباركك السماء "

الجنون : "ظلمة غسق محزن"
انتقل الشاعر من منزل إلى آخر يحاول نسيان أحزانه بعمل لم يرده يوما وخلال ضياعه سيرحل بعيدا الى بردو الفرنسية سنة 1802 هناك لن ُيمضى أكثر من أربع أشهر ليعود إلى وطنه محكوما بلعنة الحنين والمرجح أن خبر احتضار محبوبته ديوتيما قد وصله ففي تلك السنة كانت تصارع مرض السل ولم يمضى الوقت طويلا ليصله الخبر الصاعق من صديقه إسحاق سينكلر"إني أبكي وأنا أكتب لك هذا النبأ"
توفيت سوزيت المعلمة التي علمت هولدرلين الحب واحتضنته كملاذ يليق بِروح وحيدة وحزينة :
" بعث الفتى بين ذراعي
وقد جاء وحيدا وحزيناً
من بلاد بعيدة "
كيف للشاعر أن يتحمل فقدان القصيدة؟ كيف له أن يعيش فارغ لانهاية له؟ لقد انتهى كل شيء واختلت أسباب الوجود ورغم المحاولات التي بذلها هولدرلين نفسه بمساعدة صديقه اسحاق سينكلر لتجاوز المأساة لم تفلح ,تلبدت سماء الشاعر وخيم ليل الجنون والوحدة
"أأنا الأن وحدي تماما ؟
وهل ينتشر ظلام الليل في وضح النهار ؟
إن الذي رأى أبعد مما رأت عين إنسان فان
والذي أصيب بالعمى يتخبط الآن هنا وهناك
أين أنت يا آلهتي ؟
أتتركينني كالشحاذ؟"



#نبيل_علال (هاشتاغ)       Nabil_Allal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بافيزي وجع الوحدة
- ظلال يوريديس
- الجنس الإجباري في المجتمع الغربي
- مدخل إلى مفهوم الجندر وعلاقته بالنسوية


المزيد.....




- شاهد: فيل هارب من السيرك يعرقل حركة المرور في ولاية مونتانا ...
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- مايكل دوغلاس يطلب قتله في فيلم -الرجل النملة والدبور: كوانتم ...
- تسارع وتيرة محاكمة ترمب في قضية -الممثلة الإباحية-
- فيديو يحبس الأنفاس لفيل ضخم هارب من السيرك يتجول بشوارع إحدى ...
- بعد تكذيب الرواية الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن الطفلة الفلسطين ...
- ترامب يثير جدلا بطلب غير عادى في قضية الممثلة الإباحية
- فنان مصري مشهور ينفعل على شخص في عزاء شيرين سيف النصر
- أفلام فلسطينية ومصرية ولبنانية تنافس في -نصف شهر المخرجين- ب ...
- -يونيسكو-ضيفة شرف المعرض  الدولي للنشر والكتاب بالرباط


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل علال - هولدرلين وجع الحب