أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رمسيس حنا - الجد و الحفيد (قصة قصيرة)














المزيد.....

الجد و الحفيد (قصة قصيرة)


رمسيس حنا

الحوار المتمدن-العدد: 6662 - 2020 / 8 / 30 - 10:02
المحور: الادب والفن
    


عندما يرضى الإله "حابى" السعيد و جالب السعادة ينعكس رضاه على النيل "أتروعا النهر العظيم" فيفيض فى شهر مسرى (15 أغسطس) على مصر بصفة عامة وعلى شبه مدينة "نهريس" بصفة خاصة. الإله"حابى" هو الذى يجّمع دموع الألهة إزيس التي تبكي زوجها أزوريس، و يصبها فى هذا النهر "أتروعا"أو "النيل" القوى فيجتاح أرض مصر من الجنوب للشمال ...

يسارع الفلاحون فى جمع محاصيلهم الصيفية من ورق البردى و الكتان و الذرة الرفيعة و الذرة الشامية والبامية و الطماطم ... و يهرع المصريون لجنى محاصيل الفاكهة من كروم وعنب و جوافة و بلح و رمان قبل فيضان "اتروعا" أو "النيل" ...

و بحلول شهر "توت" يكون الإله "حابى" قد غمر الخلاء و البراح بالمياه و تصبح "نهريس" جزيرة و سط المياه العذبة ... و تكون وسيلة المواصلات الوحيدة المتاحة هى "المراكب الشراعية".

موسم فيضان النيل "أتروعا" هو موسم الزواج و إقامة الأفراح و الليالى الملاح .. بل و هو موسم ممارسة رياضة السباحة و تعليم الأطفال فنون العوم و الغطس اللذين كان تعلمهما ضرورة ملحة لدرجة أنهم كانوا يطلقون على معرفة السباحة و العوم و الغطس مقولة "العوم عمر ثان" ؛ أى أن السباحة عمر أو حياة تُضاف الى من يتعلمها.

و كجميع سكان "نهريس" كان الجد "انح" ينتهز الفرصة ليصطحب حفيده "سيس مر" الى ربوة عالية على أطراف أو خارج "نهريس" ليعلمه السباحة فى أيام الفيضان ...

ذات يوم خلع الطفل "سيس مر" ملابسه و ربط عوامته التى على ظهره حول وسطه أو حول خاصرته ... كانت العوامة عبارة عن ثلاثين عوداَ من عيدان بوص الذرة الرفيعة بطول متر أو خمسة و سبعين سنتيمتر و محبوكة بحبلين عند الطرفين ... وعادة ما كان يُطلق على هذه العوامة أسم "الطن" ... كل مرة ينهى فيها الطفل حصة السباحة يُنزع عود من طن العوامة بحيث فى النهاية يكون الطفل قد تعلم السباحة، فينزل الماء بدونها.

كان هناك أطفال كثيرون ؛ بعضهم ما زال يتعلم السباحة ... و البعض يجيدها ... و أنخرط صبية و أطفال الهكسوس الذين قدموا من شرق آسيا كرعاة غنم فى كثير من نشاطات المصريين ... و توغلوا فبها الى صعيد مصر (طيبة) مع والديهم ... و قبلهم المصريون ... و أظهروا لهم كل الكرم و الترحاب ... و لكن ما لبث الهكسوس أن قلبوا لهم ظهر المجن و توحشوا على المصريين لينهبوهم و يستذلوهم لمدة مائة عام ....

الصبى "سيس مر" يقتله الوجل ... فيستخذى على منحدر التبة ... و كأنه يسير على الشوك ... يقترب أحد أطفال الهكسوس الذين دقوا خيامهم حول "نهريس" و يُدعى "يلع بنهيضحم" و هو فى الماء ليشجع "سيس مر" على النزول ... كان الصبى "يلع" يجيد السباحة الى حد ما ... الجد يدفع حفيده برفق على المنحدر... و يشجعه على النزول حتى تطال قدما الصبى المياه... و لكن الصبى يجرجر قدميه و لا يرفعهما فتحتك قدماه بارض المنحدر فتخلع بعض الحصى لتصل الى الماء ... و تدحرجت حصاة من تحت قدم الطفل "سيسمر" لتضرب جبهة "يعل" الهكسوسى ...

صرخ "يعل" باعلى صوته ... وبدأ الدم يسيل من جبهته ... و نزل الجد "أنح" فوراً و حمل الصبى"يعل" ليضمد جرحه و نجح فى ذلك أيما نجاح حيث كان الجرح سطحياً... و الصبى "سيس مر" ما زال على حافة الماء ...

لم يكد الجد ينهى تضميد جرح الطفل الهكسوسى حتى تجّمع عليه جمع من الهكسوس يريدون قتل الصبى "سيس مر". كانت الغطرسة هى التى تدفعهم لكل سلوك و كل رد فعل... "كيف لطفل مصرى أن يخدش حتى و لو بدون قصد صبياً هكسوسى و هم أصحاب اليد العليا فى البلاد!!! ... فطن الجد لنيتهم و قصدهم المشبوهين؛ فأسرع الى منحدر التبة و خطف حفيده "سيس مر" و سبح أحياناً و خاض أحياناً به فى الماء....

أحس الصبى أن جده تحول الى طائر عملاق يضم تحت جناحيه حفيده لينقذه من بطش الهكسوس و ليحميه من عصيهم وهراواتهم و هو يسير به فى المياه العميقة. ... كان الجد "أنح" يتلقى ضربات العصى و ضربات الهراوات على كفه و يضم على العصا أو الهراوة يده كأنها مخلب النسر و يجذبها و يلقى بها بعيداَ ...

استمرت هذه المطاردة فترة من الزمن هى الدهر كله ... و الطفل يكاد ينفطر على جده و هو يحس بالعجز و قلة الحيلة و عدم إمكانية جده ... حتى وصلا الى شجرة كافور وارفة ... وضع الجد حفيده على أحد فروعها ... و تفرغ لأولئك الغوغاء ...

أصبح الجد "أنح" وجهاً لوجه مع قائد جماعة الهكسوس "حالصيزوف" ... قبض عليه العجوز بعد أن لف زراعيه حول خاصرته ... ثم القى به فى الماء ... كرر هذه العملية ثلاث مرات و لم يشاء أن يقتله ... و تركه ... ثم التقط الطفل من على فرع شجرة الكافور ... و إنصرف عائداً الى بيته ....

تيقن الجد "أنح" أن حفيده عرضة للإنتقام من الهكسوس فهَّرب حفيده "سيس مر" الى صعيد مصر الجوانى و الذى ظهر فيما بعد بأسم أحمس على رأس جيش عظيم ليطرد الهكسوس من مصر كلها.



#رمسيس_حنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإيمان و العلم فى بعض تظاهرات الطبيعة
- الخوف منكِ لا عليكِ (شِعر)
- راعية الأغنام (قصة قصيرة)
- الهسيس
- الوحيد
- رسالة الى ال-عادل- - ال-رَؤوف-
- بارانويا
- هدية عيد ميلاد
- عيد ميلاد
- رع و ايآر و تشرين
- إهداء (شِعر الى إمرأة فى المنفى)
- لمن تدق الأجراس؟ (شِعر)
- حالة لغو
- أيلول
- هيولية (شِعر)
- علمونا
- الغزالة و الصياد(شِعر)
- أحلام يقظة (شِعر)
- عتاب وعقاب
- إرهاصات


المزيد.....




- حوار قديم مع الراحل صلاح السعدني يكشف عن حبه لرئيس مصري ساب ...
- تجربة الروائي الراحل إلياس فركوح.. السرد والسيرة والانعتاق م ...
- قصة علم النَّحو.. نشأته وأعلامه ومدارسه وتطوّره
- قريبه يكشف.. كيف دخل صلاح السعدني عالم التمثيل؟
- بالأرقام.. 4 أفلام مصرية تنافس من حيث الإيرادات في موسم عيد ...
- الموسيقى الحزينة قد تفيد صحتك.. ألبوم تايلور سويفت الجديد مث ...
- أحمد عز ومحمد إمام.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وأفضل الأعم ...
- تيلور سويفت تفاجئ الجمهور بألبومها الجديد
- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رمسيس حنا - الجد و الحفيد (قصة قصيرة)