أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس خالد - بيوتنا في غربتها














المزيد.....

بيوتنا في غربتها


بلقيس خالد

الحوار المتمدن-العدد: 6655 - 2020 / 8 / 23 - 20:47
المحور: الادب والفن
    



رحلة ٌ شاقة من البصرة الى بغداد.. وضعت على الارض علبة الفلين الملأى بسمك الصبور وحقيبة سفر صغيرة انتفخت بالهدايا لأبنتها والحفيدات، سحبت انفاسها من صعود سلم العمارة ( المصعد عاطل على ذمة البواب). استعاد لهاثها بعض هدوئه. يدها تطرق الباب و بصوت خفيض: (توتا، بيبي، افتحي الباب)، من خلف الباب سمعت وقع اقدام وهمهمة وثمة صوت يزقزق: بيبي.. بيبي. لحظتها انشق الباب عن وجوه حفيداتها : تالا ، لانا، رندا. يتقافزن لاحتضانها وصياحهن يتقافز معهن: بيبي. حين ارتوين من خدها.. انحنت على الحقيبة وعلبة السمك حملتهما ودخلت البيت.. كأنها أخترقت برزخا : خارج الشقة سخونة ورائحة لا تقدر على تمييزها: خليط ُ روائح أمكنة فارغة منغلقة، داخل بيت ابنتها رائحة زكية.. لا تشبه بخور الجاوي الذي تحرص والدتها على تبخير البيت في يوميّ الخميس والجمعة جذباً لحفيف البركة .. بقية الأسبوع الحرمل مكنسة للأنفاس السيئة .
رائحة بيت أبنتها هو كما لو انك تضع انفك على خد عروس، تفوح في جو البيت رائحة مكياج، رائحة لطيفة مع نسمات السبلت غمرتها بالانتعاش والراحة .. برودة خفيفة تتغلغل في أعماق الرئة تحفزها للامتلاء بسعادات.. حين قبلت أبنتها.. لخدها رائحة بيتها
جالسة بيديها استكانة شاي بعد الغداء.لفت انتباهها همسات رنين تلفتت: أقفاص معدنية مدورة صغيرة .. وأصغر، وردية اللون، وضعت فوق قطعة فرو أبيض على الارض في زاوية غرفة الاستقبال صفت قربها شمعدانات تحمل شموع كبيرة منطفئة ومثل هذا الترتيب وضعَ على منضدة صغيرة في الجانب الاخر لغرفة الاستقبال.. تساءلت لماذا هذه الاقفاص فارغة؟ اجابتها ابنتها: موضة حديثة: تصميم تركي. لم تعلق رغم انها لا تحب رؤية شموع منطفئة وأقفاص فارغة، في بيتها قفص صغير من جريد سعف النخل.. نهاراً تعلقه في فناء البيت، ليلاً في المطبخ تخاف على البلبل من تقلبات الطقس.
الرنين يتهادى مع عذوبة النسمات، تساءلت: مِن أين هذا الصوت؟ تبسمت ابنتها : صوت اجراس الرياح. ياله من اسم جميل، وما هو هذا الذي اسمه اجراس الرياح ، وأين هو؟ فالصوت لرقته ما يثير الفضول. اشارت بيدها نحو شيئا معلق وسط البيت.. مثل مظلة صغيرة زرقاء..تنزل منها اربع اسطوانات معدنية وخيوط متفاوتة الطول تحمل خرزات زرق، حين تمر بها نسمات هواء المروحة، تتحرك الاسطوانات ترتد بضربات خفيفة للخرزات فيصدر صوت متناسق مع هدوء البيت. قالت حفيدتها تالا: والدتي اشترته من الصين عبر الانترنيت، يقال اجراس الرياح : طريقة علاجية تستخدم في الفنغ شوي بشعبية كبيرة، للخير. وتستخدم على حد سواء في اخراج الطاقة السلبية وعلاجها، و إضافة الطاقة التي تفتقر إليها (التشي)، تفضل بعض المدارس في الفنوغ شوي الإبقاء على اجراس الرياح في الهواء الطلق في حديقة البيت.. نحن لا حديقة ولا فناء.. ، نسكن شقة لذا وضعتها أمي وسط البيت معتمدة على هواء المروحة، ولكن عندهم بعض الممارسين يشعرون بالخوف من وضعها داخل البيوت او في الاماكن المنغلقة. الجدة كما لو أنها تجمدت ، استكانة الشاي بيدها وبالثانية تحمل صحن الاستكانة تحدق بعينيّ حفيدتها كما لو أنها تريد ان تتأكد أنها في العراق، بصمت تحدث نفسها..، حاولت ان تلفظ بعض كلمات حفيدتها لتصوغ سؤالا، لتعرف ماذا تعني تلك الاسماء، الكلمات ثقيلة على لسانها، وكي لا تحرج أمام حفيدتها فضلت الصمت، برهة، ابتلعت ريقها استعادت نظراتها وضعت على الصينية الاستكانة. التفتت الى ابنتها التي كانت ترتشف البيبسي، غارقة عينيها في ضوء الموبايل. اطرقت، في ذاكرتها تتأمل على الجدار المقابل للباب في غرفة الاستقبال في بيت أهلها: سبع عيون من خزف مطلي بالأزرق، هلال ونجمة، كف عين الحسود.تنهدت تحدث نفسها: تغربت بيوتنا..
......................................................
بيبي تعني: جدتي
توتا: تصغير أسم تالا.



#بلقيس_خالد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عذرا جميلا.. هايكو عراقي
- أصابع أبو نؤاس..هايكو عراقي وقصيدة
- سلالم الساعات : بلقيس خالد
- انتصار الشعر على السرد في رواية (كائنات البن) للروائية العرا ...
- فلتر الشفاه : كمامة
- غبار ٌ يتراقص
- الكتاب الأول ليس الزلة الأولى
- موسم تصيف البيوت
- هذيان / أيام فرناندو بيسووا الثلاثة الاخيرة
- رائحة الغموض
- تممظهرات الهايكو/ بلقيس خالد إنموذجا / بقلم خضر حسن خلف
- الأكفش
- بريد سورة الفاتحة
- هايكوات وقصيدة
- غفوة تشرين
- تغريدة الشعر العربي/ قراءة في قصائد الهايكو للشاعرة العراقية ...
- الثامن من آذار : مرآة المرأة العراقية
- صناعة لحظة ثقافية جديدة في البصرة
- لا تحولوا الحب ذكرى
- أشواق طائر السرد


المزيد.....




- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس خالد - بيوتنا في غربتها