أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منوّر نصري - أوّل منزل















المزيد.....


أوّل منزل


منوّر نصري

الحوار المتمدن-العدد: 6654 - 2020 / 8 / 22 - 22:55
المحور: الادب والفن
    


أوّلُ منزل
أحيانا يذكر ابتسامتها الوديعة التي تبوح بمشاعرها الرقيقة تجاهه وتغمرُهُ بدفْءٍ يبدّدُ عنه متاعبَ الأيّام وتغيّر ألوان الدّنيا من حوله لتصبح أكثر إشراقا. يذكر ملامح الرّضا على وجهها البشوش الودود الذي يُلهمُه راحة البال ويبعث فيه فرحًا هادئا ويفتح له الأمل بألوانه المتألّقة المُبْهِرة. يتذكّرها وهي عائدة من مقرّ عملها إلى المنزل وهو وراءها بالسّيارة. لم تكن ترضى أن تجْعلَه ينتظرُها أمام مقرِّ عملِها. وكانت تخرجُ وتمشي في اتّجاه المنزلِ إلى أن يلحَقَ بها بالسّيّارة ويأخُذُهَا بجانبه باسمةً ووجْهُها طافحٌ بفرحةٍ لا يفْهمُها ولكن يَبْدُو أنّها فرحة اللّقاءِ به. رغم أنّها تَتْعَبُ كثيرًا في عملها، لأنّها تحبّه، كانت تخرُج منه رائقةَ النّفس، تبدو عليها البهجة، وترتسم على مُحَيّاها علاماتٌ يعرفُ معاني بعْضِها. يعرف كم هي ولوعة بالعودة إلى المنزل لترتاح في الفضاء الذي أعدّته على طريقتها ولوّنتْه بالألوان التي تنبسط فيها. كلّ الأشياء التي في المنزل تتعجّل رجوعها عندما تخرج للعمل أو لقضاء شأن. تشتاقها الجدران وفضاءات الغرف والروايات المكتوبة بالفرنسية المصفّفة في المكتبة، والصحون وأواني الطّبخ والمطبخ.
يشتاقها الباب الخارجيّ الأزرق الذي تفتحه بيديها الحبيبتين. وينتظرها المفتاح الذي تمسكه بأصابعها اللّيّنة الدّافئة لتضعه في قفل الباب وتفتحه بمحبّة وغبطة تكادان تنطقان. يتساءل الباب الآن أين رحلتْ لأنّه لم يرَها منذ وقت طويلٍ وقدْ أتْعبَهُ الانتظار. وتتساءل الأريكة في الصّالون عن سبب تأخُّرِها كلّ هذا الوقت. فقدْ طالَ شوقُها إليها، دون فائدة. يتساءل بلاط الغرف الذي اشتاق وقْعَ قدَميْها وهي تتنقّل من غرفة إلى غرفة لتنشُرَ الفرح فيها وتعطّرَها بشذى أنفاسها العبِقة عن موعِدِ رجوعها الذي يبدو أنّه لنْ يجيءَ. الشّوقُ أتْعبَ أشياءَها التي كانتْ تعيش بيْنها وتتبادلُ معها مشاعرَ المحبّة والانتظار. هي أيضا كانتْ تهفو إلى تلك الأشياء بمنزلها عندما تخرُجُ. وتودُّ أن تعودَ في أسرع وقتٍ ممكن لتنعم بالرّاحة في منزلها وسط أشيائها العزيزة عليها. ورغم أنّها تحبّ عملها كثيرًا وتستعدّ له جيّدا في منزلها، فهي لا تُطيق أنْ يضيع منها وقتٌ آخر، غير وقت العمل، خارج منزلها.
في فضاءات غرف منزلها والمطبخ، وفي الصّالون والمكتبة، وفي الشّرفة وفضاء الحديقة وراء المنزل وبجانبه، تأسّستْ مساحة أفراحها الصغيرة التي تَسْقِيها محبّةً وصفاءً فَتُشِيعُ فيها البهجة والغبطة. المنزلُ بِدُونِها لا معنى له ولا دفْءَ فيه ولا شمسَ تشرقُ عليه لتزيل الرّطوبة العالقة به. المنزل يتنفّس بها ويتعطّر بأنفاسها وتسكنه الكآبة عندما لا تكون فيه. هي أيضا تشاركه هذه المعاني والمشاعر. المنزل هو فضاؤها الذي تحبّ أن تأكلَ وتشرَبَ فيه. لا يعجبها الأكلُ والشُّربُ خارجَ المنزلِ. تحبُّ أن تُعدَّ طعام أسرتها بنفسها. وتتفنّنُ في ذلك عندما يكون لديْها الوقْتُ الكافي. أطعِمتُها لذيذةٌ لأنّها تعِدُّها بمحبّة وترغبُ في تقديم أكلاتٍ جيّدة لأفرادِ أسْرَتِها. تحبّ أن تنظفَ منزلها بنفسها وأن تعتني بمختلف الغرف والصالون والمكتبة وأن تنفض الغبار وتغسل أواني الطبخ والصّحون. تعتني بمنزلها بالكامل وتجد الوقت بعد ذلك لإعداد عَمَلِها لِلْغَدِ. تجلس بعد ذلك كلّه، على الأريكة، لتمارس هوايتها المفضّلة. وتُغْرِقُ في إحدى الروايات المكتوبة بالفرنسية التي بدأتْ قراءتها منذ يوم أو يوميْن، بعد أن أنْهتْ قراءة الرّواية السّابقة.
الآن، منزلها مشتاق إليها. يتمزّقُ شوقا عليها. كلّ شيء فيه يبكيها بحرْقة. مازالتْ دموعه لم تجفَّ بعْدُ. ويبدو أنَّها لن تجفَّ. وجهها مازال مرسوما في كلّ ركن من الأركان. وجهها المبتسم الوديع مازال يُلهمُ المعاني والمشاعر ومازالت ابتسامته تلهمُ الفرح. ورغم طول الانتظار والأشواق، مازالتْ أشياء المنزل تحنّ إلى صاحبتها التي طال غيابها. أمّا هو، المستأْنِسُ بوجهها وبحضورها، فمازال مسكونًا بالحُزْنِ، يتحدّثُ مع أشياء المنزلِ وينتظرُ مثلَها أنْ تعودَ. ورغمَ الأفكار السّوداء التي تستبدُّ به أحْيانا، فهو يتوقّعُ أن يجدَها في المنزلِ ذات مرّة، ويأخذَها بين ذراعيه ويذْهبَا إلى حيث لا يدري. لا يستبْعِدُ أن تعترضَهُ في مكانٍ من الأماكن التي كانا يذهبان إليها ويمْشِيَان فيها. أحيانا يذهبُ عُنْوَةً إلى أحَدِ تلك الأماكن، وكأنّه على مَوْعِدٍ معها، وهو شِبْهُ متأكِّدٍ من أنّه سيقابِلُها. لكن تزدادُ مرارتُهُ عندما يمرُّ من ذلك المكان، ويبحثُ عنها ببصرِهِ وبقلْبه، ولا يرى إلاّ مواجعَه التي تكبُرُ وأوْهامَه التي تتزايدُ. يبدو كأنّه مازال يتوقّع أن يراها يومًا. أشياء مَنْزِلِه أيضا تتوقّع ذلك. ملامحها التي تشيع فيها الطّيبة وتنطبع عليها ابتسامة ودودة مازالتْ مرتسمة في المنزل، تزيّن غرفه وتنشر السّرور والدّفْء في الصّالون والمكتبة. كُتٌبُها التي كانت تقرَؤُها بمحبّة سئمتْ الانتظارَ وتشتاق إلى لمساتها وهي تأخذها من رفوفها وتذهب بها إلى الأريكة لتسافر في عالمها الجميل الّذي كانتْ شديدة الشّغف به.
كانتْ تحبّ الكتب وخاصّة الرّوايات المكتوبة باللغة الفرنسيّة. ولا تفضّل عليها شراء قطع الحُلِيِّ الذّهبيّةِ. وقدْ يكون ذلك من الأسباب التي جعلتْه يتعلّق بها. وجَدَها تشبهُهُ كثيرًا في جوانب عديدة كالعلاقة بالكتب والأدب في كلّ أشكاله وبالفنّ التّشكيليّ الذي أحبَّهُ منذ صغرِهِ ودَرَسَه بالمراسلة منذ بداية حياته المهنيّة. أحبّتْ معه الفنَّ التّشكيليَّ ورافقتْهُ في بداية رحلته التي اختلطتْ فيها المُتْعةُ بالمشقّة والمكابَدة. فرِحتْ كلّما صادفتْهُ أشياء ُ تفرِحُهُ وتوجّعتْ معه كلّما تبيّنتْ أنّه موْجوعٌ وأنّ الظّروفَ لم تُعْطِهِ إلاّ قليلاً، رغم أنّها تعتقدُ أنّه يستحقّ أكثرَ من ذلك بكثيرٍ. رسَمَها عدّة مرّات اعترافًا بمكانتها عندهُ. ولكن، كان يُتعبُها بالجلوس أمامه إلى أن ينهي اللوحة. وفي أغلب الأحيان، تتكرّرُ العمليّة عدّة مرّات لأنّ اللوحة مازالت لم تَنْتَهِ. تكرّرتْ التّطبيقاتُ عليها وعلى الأبناء في بداياته. كانوا جميعا يسهرون معه إلى ساعة متأخّرة من الليل وهو يُنجز محاولات فاشلة أحيانا، وناجحة نسبيّا أحيانا أخرى. من حسن حظّ أبنائه أنّهم مازالوا آنذاك صغارًا لم يذهبوا بعْدُ إلى المدرسة، وإلاّ لكان من الصّعبِ عليهم أن يسهروا مع أبيهم الذي يعتمد عليهم ليتعلّم الرّسم، ويُفيقوا باكرًا في الصّباح ليذهبوا إلى المدرسة. بعْد فترةِ البداياتِ، أصبح بإمكانه أن يستغنيَ عنهم ويرسُمَ مواضيع أخرى. تعبتْ معهُ كثيرًا كأنّها هي التي ترْسُمُ وتُريدُ إقامةَ المعارض. لم يكن في المنزل مرسم. لذلك كانت تساعده على تنظيم المكان الذي يرسم فيه في الصّالون وتتحمّل الفوضى التي يُحدِثها لأنّ الرّسم يتطلّب فضاءً واسعًا خاصّا به حتّى لا يتلطّخَ أيُّ شيءٍ بالألوان. أكثرُ معاناتها كانتْ عندما تُساعِدُه على وضع اللوحات في الأُطُرِ الخشبيّة التي كان يصنعُها عند النّجّارِ. ليْتَها تسامحهُ على تلك الأتعاب التي تتحمّلها معه وهي تحمل قطع البلّور الكبيرة الثقيلة عليها لتمدّها له كيْ يضعها في مكانها في الإطار الخشبيِّ. وقبل ذلك، عليها أن تتوخّى الدّقّة في قصّ الورق الأبيض الخشن ليحيط باللوحة ويجعلها تبرز للمتلقّي. العمليّات التي كانت تساعده فيها عندما ينوي إقامة معرضٍ لأعماله التشكيليّة كانتْ صعبة وتكلّفها مشقّة كبيرة لم تكن لِتقْبَلَهَا لولا محبّتُها لهُ وعطْفها عليه ورغْبَتُها في أن تُشاركَهُ التّعَبَ، لأنّ عاطفتها نحوه تبْقى بِلاَ معْنى إذا لمْ تُشاركْهُ أتْعابَهُ خاصّةً عندما يكون التّعبُ من النّوعِ الّذي يُسْعِدُهُ بشكْلٍ مَا. يشعر أنّها مُجهَدة، ولكنّه يحبّ أن يراها إلى جانبه تشاركه محنته الجميلة كما يسمّيها.
يحدّثها بقلبٍ مفتوح ليعبّر لها عن اعترافه بدعمها التّلقائي المستديم الّذي يساعده على المواصلة وليخفّف عن نفسه مواجع تُضنيه عندما تستفيقُ:
- يبدو أنكِ تعبتِ معي كثيرا. هذا هو الفن التّشكيلي في مدينةٍ ريفيّةٍ ليستْ فيها عادات ممارسة الفنون وتَغِيبُ فيها تمامًا المَحَلاّتُ التي تُقدِّمُ الخدمات المرتبطة بالفنّ مثل محلاّت تأطير اللّوحات ومحلاّت بيع لوازم الرّسم وقاعات عرض اللّوحات التّشكيليّة. ألاَ تَرَيْنَ أنّني كلّما أردْتُ شراءَ الألوان أوْ لوْحَاتِ القماشِ البيضاء أوْ حتّى ورق الألوان المائيّة والورق الملوّن لاستعمال ألوان "الباستال"، أضطرّ إلى الذّهاب إلى العاصمة للقيام بالشّراءات اللاّزمة. ولا أستطيع أن أشري الكثير من هذه اللّوازم لأنّني، من ناحية، يَصْعُبُ عَلَيَّ نقلها في وسائل النّقل العمومية، ومن ناحية ثانية، ليستْ لديَّ الإمكانيات المادّية لشراء كلّ ما أريد من هذه الوسائل الباهظة الثّمن. ولكن مهما كان الأمر، سأُعوّض لكِ عن التّعب الّذي تَحَمَّلْتِهِ معي عن طيب خاطر في تأطير اللّوحات لتكون جاهزة للعرض، بقطعة حُلِيٍّ ذهبيّة تخْتَارِينَها بنفسِكِ. فأنتِ ليس لديكِ حُلِيٌّ أصلاً. وأعرف أنّني مقصّرٌ معكِ كثيرا.
- لم أتعَبْ أكثر منك على أيّ حال. ومهْمَا كان حَجْمُ التّعب، فأنا أستطيع أن أتحمّله مادام من أجل شيْءٍ عزيز عليكَ. ولستُ في حاجة إلى قطعة حُليٍّ الآن. مصاريف المعرض الذي تستعدّ له أوْلَى من الحُلِيّ. عندما ينجح معرضك، فذاك هو الحُليُّ الحقيقيّ الذي يسعدني.
- أدركُ جيّدًا أنّكِ تتنازلين عن أشياءَ كثيرةٍ تُدْخِلُ عليْكِ البهجةَ وتهمُّكِ كامْرأةٍ، من أجلِ أن أجدَ الإمكانيات المادّية لشراء لوازم الفنّ التشكيليّ وإعداد المعارض. لكن الفنّ التشكيليّ ليس أهمّ منكِ في حياتي. إنّه جميل بوجودكِ معي. ولا معنى للألوان إلاّ وأنا أراكِ وأسمعُكِ ليطمئنَّ بالي.
- مَا دُمْتَ مصرًّا على الشّراءِ، ما رأيُكَ أنْ تشريَ لي في أوّل مناسبة نُسافرُ فيها إلى العاصمة، أوْ تُسافرُ بمفردِكَ، مجموعة من روايات "بيرل باك" Pearl Buck. لقدْ قرأْتُ لها رواية "الأرض الصّينيّة" La terre chinoiseبالفرنسية، ووجدْتُها رائعة. لديّ رغبة في أن أقرأ رواياتها الأخرى التي تتوفّر باللغة الفرنسية.
- اكتبي لي بعض العناوين، وسوف نبحث عنها معًا أو أبحث عنها بمفردي في مكتبات العاصمة.
عندما جَلبْتُ لكِ رواية "الأمّ" La mère ورواية "جناح النساء" Pavillon de femmes و"ريح الشرق وريح الغرب" Vent d’Est, Vent d’Ouest و"بيفوان" Pivoine لبيرل باك Pearl Buck ومجموعة من الروايات الأخرى مثل "مدام بوفاري" Madame Bovary لغوستاف فلوبار Gustave Flaubert و"الأحمر والأسود" Le rouge et le noir لستاندال Stendhal و"المولن الكبير" Le grand meaulnes لآلان فورنيي Alain Fournier و"صحراء الطرطار" Le désert des Tartars لدينو بوزاتي Dino Buzzati و"الهورلا" Le Horla و"حكايات البيكاس"Contes de la bécasse و"بال آمي" Bel Ami و"كرة الشحم" Boule de suif لغي دي موباسان Guy de Maupassant فرِحْتِ كالأطفال، وبقيتِ تقلّبين تلك الكتبَ وتَحْنِينَ عليها وتُلامِسينَها بمحبّة وعيناكِ تبتسمان وفيهما بريق البهجة والانتِشاء والتّعبير عن الشّكرِ بأسلوب لا يعرفه غيرُكِ وليست له نفس الدلالات عند غيركِ ولا يهمّني أصلاً عندما يكون عند الآخرين. المهمّ عندي أنّك كنت تبتهجين عندما أهديكِ رواية باللغة الفرنسية، وخاصّة عندما تكون الرواية لكاتب قرأتِ له سابقا وتحبين أن تقرئي له المزيد من الأعمال الأدبية.
كأنّي أراكِ الآن تقرئين رواية في الشرفة أو في المساحة التي أمامها والتي اعتدنا أن نجلس فيها خاصّة في فصل الصيف عندما يضطرّنا الحَرُّ داخل المنزل إلى وضع كراسيّ وطاولة لشرب قهوة أو تناول طعام في برودة الظّلّ المسائي للجِدَارِ الخارجيّ لِسُورِ المنزل أو في نسمات المساء المنعشة في تلك الرّبوع التي تعلّقَتْ نفْسُكِ بها، لأنّ فيها أمَّكِ التي تحبّينها حبّا أعرفُ مقداره منذُ أن تلاقيْنا لأوّل مرّة.
أراكِ في الضّوء الذي ينْشُرُهُ مِصْبَاحَا الشّرفة تجلسين على كرسيّ من البلاستيك الأبيض أو على أَحَدِ المَقْعَدَيْنِ المَبْنِيَّيْنِ أمام الشُّرْفةِ والمُغَلَّفَيْنِ بِخَزَفٍ مُزرْكَشٍ بالأزرق أعجبَكِ كثيرًا منظرُهُ عندما كان البنّاءُ بصدد تركيبهِ. رأسُكِ إلى الأسفَلِ وعيْناكِ سابحتان في الكتاب الذي بينَ يديْكِ وأنتِ غائبةٌ عن عالَمِنَا. لا شكّ أنّ الكتابَ أخذكِ إلى فضاءاتٍ تحبينَها. كنتُ أُدْرِكُ أنّ الكُتُبَ تمارس عليكِ سحْرًا أفْهم البعْضَ منه لأنني أنا أيضا أحبّ الكتب والسّفرَ في عوالم الكتبِ، وأكون في نشْوة لا أرْغبُ في الخروج منها عندما يكون الكتاب الذي أحبّه بين يديّ. الفرقُ بيني وبيْنكِ أنّكِ لا تقرئين إلاّ الرّوايات وخاصّة الفرنسيّة منها، بيْنما أقْرأُ أنا الكتب المختصّة في العلوم الإنسانية وأحنّ أحْيانًا إلى قراءة الرّوايات، فأقرأ رواية بالعربية أو الفرنسية كلّ شهريْنِ أو ثلاثةٍ أو حتّى أكثر.
أيْنَ وجْهُكِ الذي يَزْرَعُ في نفسي الطمأنينة، ويمنحني إحْساسا بالهدوء والهناءِ، ويلوّنُ حياتي بألوان الغبطةِ وينْشرُ في المنزِلِ علامات البهجة؟ أيْن ذهبتْ تلك الملامحُ الدّافئة التي تمْلَؤُنِي تفاؤُلاً وعزْمًا، وتمنحُني قوّةً أستطيعُ أن أواجهَ بها صعوباتِ الحياةِ والعملِ؟ أيْنَ كرسيُّكِ وطاوِلتُكِ في نور المساء الخافتِ نسبيّا وأفكارُكِ تسافِرُ في الكتاب الذي تقرئينَ، والدّنيا من حولكِ حدائقُ غبْطةٍ وحبورٍ؟ أيْنَ صوْتُكِ الذي يُؤنِسُني، أين أنفاسُكِ التي تُدْفِئُني، أيْن نَظراتُكِ المُفْعمةِ بالمحبّة؟ أيْنَ أنتِ، وأيْن سافرتْ عيْناكِ، وأيْن ما كان بيْننا من مودّة؟ الشرفة مشتاقة إليكِ وإلى الروايات التي كنت تقرئينها كلّ مساء. كرْسيّكِ، ما أتْعسَ الكراسيّ بدونِكِ، يتساءلُ كيف تستطيعين الاستغناء عنه لقراءة الكتب. يعتقد أنّكِ مازلتِ تقرئينَ الكتُبَ كما كنتِ في الماضي. لا يسْتطيعُ أنْ يفهمَ أنّكِ، في عالَمَكِ الجديدِ، لا تحتاجين إلى قراءة أو كتابة، وأنّكِ ربّما نسَيْتِنَا أصْلاً، ونحْنُ منْ مازلنا متعلّقين بكِ ونحنّ إليكِ وإلى أيّامِكِ العطِرَةِ.
أيتها الحالمةُ، الناعمةُ، المُحِبّة، الودودة، القادمة، الباسمة، المتوهجة شوقا، المتلهفة دائما للقائي، العالية المقام، الحاضرة دوما في ذهني ومشاعري، الغائبة عني بملامحك السمحة، الصامدة، المكافحة، المنغمسة في واقعها الاجتماعي المتواضع، المتفاعلة مع متغيّرات الحاضر رغم الأحلام التي تسكنكِ، لكن أحلامَكِ بسيطةٌ ولا تتعالى على الواقِعِ .... يا أعزَّ النّاسِ، ويا رفيعةَ النّفْسِ، ومتواضعةً، ومحبوبةً مِنَ الجميع. يَحْلُمُ تلاميذُكِ بالذهاب إلى المدرسة للقائكِ، والاستمتاع بدروس الفرنسية، وبضحكتِكِ ووداعتِكِ وحسنِ معاملتِكِ، وبالجوِّ المرِحِ الذي تصنعينهُ. التدريس عندك فنّ ومحبّة. لا يوجد في قِسْمِكِ تلاميذ لا يتعلّمون جيّدا لأنك "أنِيسَتِي" التي يُحبُّكِ الجميع، أنيستي التي تبتسم للجميع وتعْطِفُ على الجميع، وتنشُرُ الأخُوَّةَ وقِيَمَ العمل المشترك. لأنك أنيستي التي يُشرقُ وجهُكِ بالمحبّةِ والحنان على من يحتاجُهُما من التلاميذ. تُشْفِقِينَ على المحتاجين منهم وتشجّعِينَهم وتُتابِعِين عملهم بمحبّة وتتّصلين بأمّهاتهم، وتُتابعين كلَّ شيء باهتمام كبير وحُنُوٍّ. وتنشأ أحيانا بينك وبين أمّهاتِ التلاميذ علاقاتُ موَدَّةٍ وصداقة. يتردّدْن عليكِ أحيانا في المنزل ليتسلَّمْنَ منكِ مَعُونةً مالية أوْ في شكلِ ملابس مستعملة أو موادّ غذائية مختلفة. ولا تحبّين أن تتحدّثِي عن الصدقات التي تقدّمينها إليهنّ لأنك تعتبرين ذلك مَنًّا. وأنتِ تكرهين أن تُلْحِقِي أعمالك بالمَنِّ. إضافة إلى ذلك، أنت تحبين العديد منهنّ محبّة حقيقية وتحدثينني عنهن بمودة كبيرة. هن أيضا يبادلنك نفس الشعور، ويعبّرن عن ذلك بصدق ظاهر.
******************
عندما رآها من بعيد، خفق قلبه بقوّة، ونسيَ نفسَه وكلَّ الأفكار التي كانت قبلَ ذلك تَجُولُ في ذهنِهِ. لأوّل مرّةٍ يراهُنَّ مُجْتَمِعاتٍ، يتحدَّثْنَ ويضْحَكْنَ، وهنّ يَمْشينَ في الشارعِ الذي أوقَفَ فيه سيّارتَهُ في الاتّجاه المُعاكِسِ لِسَيْرِهِنَّ. مازلْنَ لَمْ يرَيْنَهُ لأنّه نزل لِتَوّهِ من السيّارة وهُنَّ مُنْشَغِلاتٍ في الحديثِ. لا يَذْكُرُ أنّه رآهنّ قبل ذلك معَ بعْضهنّ. ولا يعْتقدُ أبدًا أنّهنّ صديقاتٍ أوْ تَرْبِطُهنّ علاقات من أيّ نوع كانتْ. أمْرٌ حيّرَهُ حقّا وجعلهُ لا يدري ماذا يفْعل. كيف سيتخلّصُ من المأزقِ وقدْ أصبحَ قريبًا منهنّ ولا يُمكنُهُ الرّجوع إلى السيارة لتفادي الالتقاء بهنّ. المسافةُ التي تفْصلُهُ عنْهُنَّ تقْرُبُ، والحيْرَةُ تكبُرُ، والأسئلة تطرُقُ رأسَه وتضْرِبُ الطّبْلَ في قلْبِهِ. خُيّلَ إليْهِ أنّه يسْمَعُ الضّرباتِ القويّة التي تصْدُرُ عنْ قلْبِهِ الذي يريدُ أنْ يخْرُجَ ليرى بنفسه شيْئًا غيرَ مُمْكِنٍ في الأَصْلِ، ولكنَّ الأَمْرَ لمْ يعُدْ يخضعُ لمنطق الواقعِ. وها هيَ تُطلّ بوجهها الباسِمِ الحبيبِ رِفْقَتَهُنَّ، كأنّ الدّنيا خَلَطَتْ كلَّ الأشياءِ، لتضيعَ المعاني وتتلاشى الاتّجاهات، فلا يبقى الشّمالُ شمالاً ولا الجنوب جنوبًا، ولا تبقى صداقاتها كما أعرِفُها، ولا تبقى لضحكاتها نفس المعاني. هذه الضّحكة التي يراها على وجهها على بُعدِ أمتارٍ، رغم الغموض الذي يلُفُها، لأنّها موجّهة إلى نساء لا يعرفُ أنّ نوْعًا من العَلاَقةِ تربِطُها بهنّ، أنشأتْ لدَيْهِ دَفْقًا من الحنينِ والذّكرياتِ والرّغبةِ في احتضانها. شُعُورٌ قوِيٌّ مُزْدَوِجٌ فَتَكَ به، وجعلَهُ عاجزًا على التّحكُّمِ في نفسِهِ والتّصرُّفِ بسرعةٍ لمواجَهةِ الموقف.
اختلطتْ المشاعرُ في داخلِهِ، ولمْ يعُدْ لعقلهِ أيّ سلطة على تحرّكاته. ارتبك جسمُهُ كثيرًا، وازدادتْ رغْبتُهُ في فعْلِ أيّ شيء لتفادي مواجهةِ الموقِفِ. لكن في نفس الوقت، تعاظم شوقُه إلى احتضانها، والنّظر إليها، والتحدُّثِ معها، وتَبَادُلِ عبارات الاشتياق. لهيبُ التّردُّدِ في داخلهِ عذابٌ يتزايَدُ، والسّرعةُ التي يجبُ أنْ يَحْسِمَ بها الأمرَ نارٌ متأجّجةٌ في صدْرِهِ لا تُعْطيه وقتًا كافيًا لاتّخاذ القرار. ورغم النّار التي تأجّجتْ في الأحشاء، كانت ضحكتها جدْوَلاً يَصُبُّ في وجدانه ويُطفئُ الحرائقَ المندلعةَ في كلّ شبرٍ من مساحاتِ نفْسهِ. كانتْ متألّقةً، شامخةً، رائعةً، جذّابةً، بهيّةً، غزالة. شَعْرُها البُنّيُّ الطويل المتموّج يزيدها إشراقًا ويُلحُّ عليه أنْ يَجْرِيَ للقائها لإطفاءِ الشّوقِ المشْتعِلِ داخِلَهُ.
*******************
متى عرَفْتِ تلك النّساء اللّواتي يُرَافِقْنَكِ وأنا أعْرفُ جيّدًا أنّهنّ لسْنَ صديقاتك؟ هنَّ صديقاتي أنا. وقدْ عرفْتُهنّ بعْدَ أنْ اختَفَيْتِ نهائيّا. الشهورُ والسنوات الطويلة جعلتْني أحتاجُ إلى صديقةٍ. وقدْ عرفْتهنّ في فترات مختلفة. أبقى شهورا طويلة أكابد الوحدة، إلى أن أعثر على الصديقة التي أتوسّم فيها الخصالَ التي أنا في حاجة إليها، لكن سرعان ما يتبيّنُ لي أنني كنتُ أبْحثُ عنكِ أنتِ.، وليس على سواكِ، حتّى وإنْ بَدَا لي أنّني أبحثُ عن واحدة أخرى تتوفّرُ فيها خصالٌ تناسبُني. الحقيقة أنني، إلى حدّ الآن، وبعد مُضِيِّ أكثر من عشر سنين، مازلْتُ أبحث عنْكِ، ويُخيَّلُ إليَّ أنّني سأجِدُكِ. قدْ يكونُ العيْبُ فِيَّ أنّني لا أجِدُ راحتي إلاّ معَكِ. فماذا فعلْتِ لي لأبْقى مشدودا إليْكِ بعدَ أنْ اختفَيْتِ بسنوات عديدة؟ ولماذا يعْسُرُ الفِطَامُ عنِكِ رغم محاولة كلّ الصديقات أنْ يُنْسِينَنِي إيّاكِ، خدْمةً لي، وتقليلاً لشأنِكِ عنْدي. وهنّ لا يعلمْنَ أنّكِ مازلْتِ مرْجعي في شؤون المشاعر، ولنْ تهْنأَ نفسي أبدًا وأنتِ غائبة. لا أقول أنني لن أبْحثَ عنْ علاقاتٍ أخرى، وقدْ أجدُ امرأة أخرى هادئة، وتحاول إسعادي، لكن عندما يظهر وجهُكِ في قلبي، سوف تتأججُ الحرائق من جديد، وأظلّ أبحثُ عنكِ وعنْ أمطار وجداول وأعشاب غضّة أراها تنتشر داخلي عندما أقتربُ منكِ.
*******************
عندما رأيْنَهُ، تَسَارَعْنَ نحوهُ. كلّ واحدة تريدُ أنْ تصلَ الأولى إليْهِ لتذهبَ معهُ. نسِيَتْ كلّ واحدة صديقاتِها وتخيّلتْ أنّها بِمُفردِها، وأنّها ستلْتقيه وحدها ويذهبان إلى حيثُ يريدان، لا شيءَ ينغّصُ عليهما اللقاء. تَرَكْنَهَا وحْدَها ومشيْنَ بسرعةٍ للقائه، وهو منشغلٌ عنْهُنّ، ينظرُ إليْها بذهول. في نفسه صراخٌ محبوسٌ لا يُمكنُ أن يتْرُكهُ يخرُجُ، لأنّه لو فعلَ لَاجْتَمَعَ النّاس من حوْلهِ وكثُرتْ تعليقاتُهم التي لا يُحبّها. رآها قريبة منهُ كعهْدِهِ بها في السنوات الجميلة، عندما كانت تصنَعُ الحُلْمَ لنفْسِها ولأفرادِ أسرتِها، وكانتْ طافحةً بالصِّحّة ومتألّقة. ناداها باسمها. ابتسمتْ إليه:
- ما أجمل أن أراكِ بعد كلّ هذه السنين.
- أنا أيضا سعيدة بلقياك. وليتني أستطيع أن أحْضُنَكَ، فأنا مشتاقة إليكَ ومشغولة عليْكَ. قلبي ينفطرُ أسًى عندما أذْكُرُ أنّكَ قدْ لا تكون مرتاحًا مع امرأةٍ ذات خصالٍ تُرْضيكَ، وأنا أعْلم أنّ رضاكَ صعْبٌ.
- وهل أستطيعُ أنا أنْ أحْضُنَكِ، فأنا، كما تعرفينني، لا أهتمّ كثيرًا بالاعتبارات الاجتماعية؟
- المسالةُ عزيزي، ليستْ مسألةَ اعتبارات اجتماعية.
- لماذا إذنْ تَحْرِمِينَنِي من احتضانِكِ بعد كلّ هذا الغياب؟ هلْ ضعُفَ شوْقُكِ إلى لقائي، أمْ أنْسَتْكِ السنواتُ صورتي، فأصْبَحْتُ لا أذكِّرُكِ بأشْياءَ كثيرة، كالتي تُعرْبِدُ في نفسي.
- لَوْ تعْلَمُ كمْ أنا مشغولة عليْكَ. أعْلمُ أنّكَ مازلْتَ متذبذبًا، لا تفهم هلْ أنتَ تبحثُ عنّي أو عن صديقة تملأ عليْكَ حياتَكَ التي أصبحْتَ تشْعُرُ أنّ الفراغَ بدأ يزحفُ عليها.
- والنساء اللواتي معكِ، كيف تعرّفْتِ إليهنّ؟ أعْلَمُ جيّدًا أنّهنَّ لسن صديقاتك.
- أُدْرِكُ أنّهنّ صديقاتكَ أنتَ. وقدْ تعرّفْتَ إليْهنّ في فترات مختلفة. وأفْهَمُ أنّك تحاول أن تجدَ صديقَةً تُغْنِيكَ عنّي. لكن في الحقيقة، أنتَ تبْحثُ عنّي أنا. وفي كلِّ مرّة تعثرُ فيها على صديقة، تعود بعد مدّةٍ قدْ تطولُ أحيانا وقدْ تقصُرُ أحيانا أخرى، لِتقتنعَ أنّكَ في الحقيقة كنتَ تبحثُ عنّي، ولمْ تجدْني.
- لذلك كنتِ تتبادلين معهنّ َالحديثَ وتضحكينَ. ولا يهمُّكِ أنّهنّ صديقاتي بكلّ المعاني التي كنتُ أظنّ أنّها تُقْلِقُكِ.
- لو حدثَ ذلك وأنا معكَ، لَقَلِقْتُ كثيرًا، وذاك أمْرٌ طبيعيّ في نظري، لأنني أعتقدُ أنني أنا مَنْ يَمْلَأُ عليكَ حياتَكَ. ولكنْ بعْدَ أنْ رَحَلْتُ أنا، وأصبحْتَ تحتاجُ إلى صديقةٍ تُؤنِسُكَ وتملَأُ عليْكَ الدّنيا، صرْتُ أدْعُو الله أن تَجدَ مَنْ تحقّقُ لكَ ما ينْقُصُكَ.
- ومَنْ يمدّكِ بأخباري، وقدْ رحلْتِ منذُ أكثرَ من عشر سنين؟
- تَصِلُني كُلُّ أخبارك، لأنّ روحي مازالتْ تَحُومُ في فضاءاتِكَ، غيْر مطمئنّة عليك. عندما أتأكّد أنّ نفْسَكَ سكنتْ كما تريدُ، وأنّكَ لا تفكّرُ إلاّ في حياتكَ الجديدة، سوفَ تهدأُ روحي، وتتوقّفُ على التّحليقِ. عندئذ سوف لنْ تصِلَني أخْبارُكَ.
*******************
عندما أفاق من غفوته، كانت صورتها لاتزال حيّة غضّةً كأنّها كانت تحدّثُهُ بحقٍ.



#منوّر_نصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا أرسم الفرح - تقديم لمجموعة شفيق الجندوبي الشعرية الموجه ...
- أشواق
- الشهقة أمام الألوان
- سألوّن السحاب - مقاربة تعدّدية لأشعار فريدة صغروني
- دنيا جديدة
- امرأة افتراضية
- نتائج البكالوريا 2015 : الواقع والتأويل - المعاهد العمومية ب ...
- أزمة الهوية المهنية للمتفقدين البيداغوجيين وموقع المتفقدين ا ...


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - منوّر نصري - أوّل منزل