أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فؤاد سليمان - أزمة اللغة العربية














المزيد.....

أزمة اللغة العربية


فؤاد سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 6642 - 2020 / 8 / 10 - 22:25
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


أبدأ من مقولة مشهورة لكمال بشر (إن البحث في اللغة هو بحث في الإنسان نفسه)1 ومما لا شك فيه أن اللغة ظاهرة اجتماعية ترتبط بناها ارتباطا وثيقا ببنى الفكر السائدة في مجتمع لغوي معين وهو ما يؤكد افتراض العلاقة الطردية بين التخلف في مجال اللغة والتخلف الحضاري2، وعليه فإن ما تعيشه لغتنا العربية في هذا العصر تيجة أزمتين خانقتين: تكمن الأولى في العقل العربي الحاضر الذي لا يزال يستند ويتكئ على جهود السابقين اللغوية كالخليل بن أحمد وسيبويه وغيرهم ممَّن عاشوا في القرن الثاني الهجري واستندوا في فكرهم التأسيسي على الفطرة والطبع، ولم تحط جهودهم بكل ما تشتمل عليه لغتنا من ظواهر وخصائص في مختلف مستويات الدرس اللغوي (التركيبية والصوتية والدلالية والصرفية) ولكنهم وضعوا الأساس الذي يفرض على من جاء بعدهم التطوير وتفعيل الفكر وليس تعطيله والجمود على تلك الجهود والوقوف عندها في ظل صراع اللغات وتنافسها في عصرنا الحاضر، وعليه فإن هذا الاتكاء على جهود السابقين هو اتكاء عاجز لا يجرؤ على أن ينشئ قولا على قول ويستنجد بجهود الأموات كلما عجزت أدواته وفضاءاته العقلية واللغوية عن مجاراة التطور الحاصل على اللغات الأخرى أو مواجهتها، ولا يفهم من قولي هذا الدعوة للقطيعة أو مخالفة القدامى وإنما الدعوة إلى ضرورة استفزاز العقل اللغوي العربي كي ينفض عن نفسه التبعية المطلقة للماضي، وأن يُبعث من جديد لمواجهة هيمنة اللغات العالمية كالإنجليزية، فنحن لا نستطيع مواجهة هذه اللغات وهذه الهيمنة ومجاراة ما وصلت إليه اللغات في العالم بمنطق سيبويه وحده دون تطوير هذا المنطق وتجديد أدواتنا اللغوية القديمة التي تقف عاجزة أمام النظريات اللغوية الحديثة.
إن اللغة العربية اليوم أحوج ما تكون إلى هذا الانبعاث الذي يقدر الماضي ويطوره ولا يحييه على حساب الحاضر وقتْل المستقبل، انبعاثٌ يستند إلى تفكير لغوي متطور يجدد أدوات اللغة القديمة ويضيف إليها بما يساير النظريات الحديثة، فاللغة العربية لغة تتسع للتجديد والكشف عن خباياها وقابلة لأن تستوعب الجهود التطويرية في مختلف المستويات كيف لا وقد وسعت القرآن الكريم وتملك في ذاتها خاصية التطور في كل

وقت، كما أن هالة التقديس التي عُرفت بها لغتنا لا تكفي لتطورها ومواكبتها لكل عصر مالم ترتبط بجهود أهلها والباحثين فيها من أجل تقدمها وسيادتها تحديدا وأنها تمتلك من الميزات والخصائص ما يجعلها قادرة على التطور والنمو ولا يمكن حصرها بأدوات تراثية واجتهادات قديمة قبل مئات السنين لم تشهد ما طرأ على العصر الحاضر من تطور حضاري على مختلف الأصعدة.
أما الأزمة الثانية فهي انحراف الغاية في البحث العلمي عند الكثير من الباحثين عن مسارها الصحيح الذي يفترض أن تكون هذه الجهود وهذه البحوث من أجل تطوير المادة العلمية والمناهج البحثية إلى غايات ذاتية بهدف الترقيات وتحقيق المنافع المادية التي تنتهي بتحقيق هذا الهدف مما ترك أثره على العملية التدريسية التي أصبحت وسيلة للتكسب والترزق فقط بدل أنها رسالة مقدسة الهدف من أجل التطوير والتقدم.





________________________________________
1-بشر ، كمال ، علم اللغة الاجتماعي، ط3، القاهرة، دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع، 1997، 28.
2-ينظر: بيار أشار، سوسيولوجيا اللغة ، تعريب عبد الوهاب، بيروت، منشورات عويدات، 1996، 24.



#فؤاد_سليمان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أفيون السياسة
- ملح هذا البحر ورمزيّة ثريّا


المزيد.....




- مصدران أمريكيان: إيران جهزت ألغاما بحرية تحسبا لإغلاق مضيق ه ...
- حتى لا يغضب ترامب.. نتنياهو يقبل بهدنة تعزز سلطته وتمكنه من ...
- تحفيز الدماغ كهربائيا.. حل لمن يواجه صعوبة في تعلم الرياضيات ...
- كولومبيا تضبط لأول مرة غواصة مسيّرة عن بعد لتهريب المخدرات
- البنتاغون يؤكد استمرار مراجعة المساعدات العسكرية لأوكرانيا ب ...
- بعد حديث ترامب عن إعادة برنامج طهران النووي عقوداً للوراء، - ...
- يديعوت أحرونوت: مجموعات مسلحة تعمل ضد حماس مع عصابة أبو الشب ...
- إيران تعلق تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتنديد د ...
- مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخرين في كمين مركب بحي الشجاعية
- وباء الحمى الشوكية يضرب أطفال مخيمات غزة الشمالية


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - فؤاد سليمان - أزمة اللغة العربية