أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد سليمان - أفيون السياسة














المزيد.....

أفيون السياسة


فؤاد سليمان

الحوار المتمدن-العدد: 2705 - 2009 / 7 / 12 - 09:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وصلتني دعوة بالبريد الالكتروني لحضور أمسية فكريّة على شرف الكاتبة نعومي كلاين، وذلك بمناسبة صدور ترجمة كتابها "عقيدة الصدمة" باللغتين العربية والعبرية. زوجتي حمّستني لحضور الأمسية والكتابة عنها في زاويتي، وقد زاد حماسي حين رأيت في الـ"فيس بوك" أن الكثيرين سيحضرون الأمسية.
وصلنا إلى قاعة الميدان التي سرعان ما امتلأت بجمهور مختلط من العرب واليهود. افتتح الأمسية كل من المحامية عبير بكر من "عدالة" والبروفسور نديم روحانا، مدير مركز "مدى الكرمل"، الذي بادر إلى تنظيم الأمسية مشاركة مع مؤسسة "عدالة". كنت لا أزال مشتت الذهن، ومع أني فهمت أن الأستاذ نديم أراد في كلمته التأكيد على أهمية وجود الآنسة "كلاين" على الساحة السياسية، إلا أن جل اهتمامي تمحور حول قسمات وجهه. تركيزي الزائد على تعابير الأستاذ نديم، بدل التركيز على ما كان يقوله، يعود، أغلب الظن، لكوني قد عملت لفترة ما في مؤسسته، حيث طورت، كأي موظف، ملكة الانتباه المفرط لمزاج المدير، وذلك لكي لا يحصل ما لا تُحمد عقباه. ما أن انتهيت من تداعيات أفكاري، وإذ بالمحامية عبير بكر تتقدم لتلقي كلمة تمثل بها مؤسسة "عدالة" وتقدم فيها نماذج وحالات عن جرائم الحرب التي ارتكبتها المؤسسة الاسرائيلية. بعدها جاء دور الآنسة ياعل ليرر، مديرة "دار الأندلس للنشر" التي قامت بنشر كتاب "كلاين" بالعبريّة. لقد حاولت الإنصات لكلمتها، لكني عدت وسرحت بأفكاري إلى أن أعادني إلى واقع الـ"هنا والآن" صوت المحامي حسن جبارين، مدير عام عدالة، وهو يصيح من بين الجمهور: "بدون فضايح ، بدون فضايح...."، مما حدا بالسيدة ياعيل أن تمسك عن الكلام. عندها جاء دور ضيفة الأمسية.
بدأت الكاتبة كلاين حديثها عن أهمية المقاطعة المنظمة لمؤسسات اسرائيلية، بما في ذلك المقاطعة الفنية والأكاديمية، وحاولت بلهجتها الأمريكية وبلغتها الانجليزية البليغة أن تُقنعنا، نحن العرب، واليهود الذين سئموا سياسات إسرائيل العدوانيّة، أن هناك فائدة وأمل، وأن هنالك تأثير لحملتها الأدبية والسياسية. كلاين تحدثت أيضًا عن انطباعاتها من زيارتها إلى غزة واقتبست العديد من الشخصيات التي صادفتها هناك، في محاولة لعرض الآراء السائدة في القطاع.
بالرغم من أني متأكد من أهميّة الأمسية ومن أهميّة كل ما قيل فيها، إلا أن عليّ الاعتراف بأن أثرها الأساسي عليّ تلخصّ في حالة إرهاق شديد، نتيجة الاستماع للحديث السياسي الذي أسميه بـ "طق الحنك المشربك" الذي لا ينتهي.
بعد الخطابات، جاءت "أسئلة الجمهور" التي كان كل واحد منها ببداية، لكن بلا نهاية. أخيرًا خرج الجميع وخرجنا معهم، وإذ بزوجتي تستأذن لكي "تستشير القاضي"، فبقيت واقفًا وحدي وسط الجمهور. عندها صرت أقول لنفسي "فؤاد، بعد كل طق الحنك المعقّد السياسي اللي سمعتو، كل اللي غادر تحسُّه هوّي إنّو ما ضلِّ عندَك قوّة لتسوق عالبيت". ثم نظرت أمامي فرأيت ثلاثة فتيات يهوديًات، واحدة منهن شقراء وطويلة، يقفن حول طاولة، ثم أخرجت إحداهن سيجارة، وإذ بالممثل سليم ضو يقفز من حيث لا أدري ويقول لهن "ممنوع التدخين هنا، أخرجوا الى هناك من فضلكن". هذا المشهد أضحكني وأعاد لي بعض قواي فقلت لنفسي: "هنا ممنوع التدخين، لكنّي شاعر وكأني ماخِد أفيون سياسي". يقال أن الدين هو أفيون الشعوب، وأنا أظن أن السياسة هي أفيون من نفس النوع وأن من يمتهن السياسة يُصبح من بائعي الأفيون، ومع ذلك فلا بأس بالقليل من الأفيون السياسي بين حين وآخر.
خرجت لأشم الهواء فوجدت بعض الأصدقاء. ساعتها استعدت كامل قوتي وأحسست بأنه رغم تأثير أفيون السياسة على المخّ، فإن هنالك بعض الأمل.




#فؤاد_سليمان (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملح هذا البحر ورمزيّة ثريّا


المزيد.....




- تحول إلى كرة لهب في ثوان.. منزل يتعرض لصاعقة برق عنيفة تسببت ...
- قادما من الهند.. الجبير يصل باكستان مع تصاعد التوترات بشأن ك ...
- -في تنازل كبير-.. ترامب: الرسوم الجمركية على الصين يجب أن تك ...
- سايغون... سقوط مدينة وصعود ذاكرة: خمسون عاما على نهاية حرب ف ...
- الجزائر تصدر مذكرتي توقيف دوليتين بحق الكاتب كمال داود الحائ ...
- بعد 44 عاما صحفية ليبية تعثر مصادفة على أهلها مصادفة عبر بث ...
- وزير الدفاع الأمريكي يلغي زيارة لإسرائيل كانت مقررة الأسبوع ...
- بوتين في عيد النصر: ستبقى روسيا سدّا منيعا بوجه النازية والع ...
- براغ تحيي ذكرى يوم النصر بإعادة تمثيل انتفاضة عام 1945 ضد ال ...
- بوتين يغضب أوروبا بمقارنة هزيمة النازيين بالحرب في أوكرانيا ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فؤاد سليمان - أفيون السياسة