أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عايدة الجوهري - توقفوا عن تشويه مفهوم الدولة المدنية















المزيد.....

توقفوا عن تشويه مفهوم الدولة المدنية


عايدة الجوهري

الحوار المتمدن-العدد: 6631 - 2020 / 7 / 30 - 18:29
المحور: المجتمع المدني
    


إنّ مطلب "الدولة المدنية" هو المطلب الملك في خطاب النخب اللبنانية المتنورة والمتحفّزة ‏للتغيير، مثلها مثل سائر النخب العربية، بيد أنّ هذا المصطلح المغري والبراق، ما انفكّ يتعرّض ‏لانتهاكات استعمالية، جعلت بعض الزعامات الطائفية، التي تتغذى وتزدهر بفضل الاستعار الطائفي، ‏والتحاصصي، والزبائني، ترفع شعار "الدولة المدنية"، لتلميع صورتها، وتحميل النظام الطائفي ‏وزر ما ترتكب من موبقات وفظائع. ‏
وتحذو حذوَ هذه الزعامات بعض الرموز الدينية، التي لا تتلكأ عن إبداء عدم معارضتها ‏للسير نحو دولة مدنية، بينما هي تتدخل في كل شاردة وواردة سياسية واجتماعية، وتتربّع على ‏عرش مؤسسات اجتماعية وتعليمية، تُؤطّر عبرها عقولَ الناس، وإراداتهم ومعها حيواتهم الخاصة، ‏واهمة أنّ مترتبات الدولة المدنية لن تنال من امتيازاتها ونفوذها وهيمنتها، وهذه الرموز تحاكي ‏باعتقادها، التيارات الإسلامية العربية التي ترى من جهتها أنّ مفهوم الدولة المدنية، لا يتعارض مع ‏مفهوم الدين الإسلامي لهذه الدولة، غافلين أنّ شرط قيام هذه الدولة هو اعتماد القوانين المدنية لا ‏غيرها، إمعاناً في الفصل بين المجالين العام والخاص.‏
وفي الضفة المقابلة، يأنف بعض العلمانيين استعمال مصطلح "الدولة المدنية"، لظنّهم أنّها لا ‏تفصل الدين عن الدولة والمجال العام، وأنّها تتّسع لتدخلات رجال الدين، وما يقوّي ظنونهم، هو تبنّي ‏بعض القوى الطائفية والدينية العشوائي لهذا المصطلح، كما أسلفنا، علماً أنّ الدولة العلمانية ليست ‏بالضرورة دولة ديمقراطية أو عادلة، وتتوفّر في هذا المجال الأمثلة التاريخية الكافية، لإثبات ذلك، ‏وإنّ المغزى من أية قيمة سياسية هو مفاعيلها والنتائج الاجتماعية التي تفضي إليها.‏
وثمة سوء فهم، أو سوء نية، لا يُغتفر، وهو اعتقاد البعض، أنّ الدولة اللبنانية دولة مدنية ‏لمجرّد أنّ قوانينها، ما خلا قوانين الأحوال الشخصية، مدنية متحوّلة!‏
لقد أدّت هذه الاستعمالات الغوغائية، المترجرجة، إلى إسقاط دلالات إضافية دخيلة على ‏معاني المصطلح، جاعلةً من مفهوم الدولة المدنية مفهوماً مطاطاً، زلقاً، ضبابياً، تختلف دلالاته ‏باختلاف الناطق به، ومقاصده.‏
إنّ هذه الاستعمالات التعسفية، تجري على خلفية عدم تعريف المصطلح، وتعيين مترتباته ‏ومقتضياته البديهية، والتوافق عليها من قبل النخب العربية الطامحة إلى دولة حديثة إنسانوية، ولمرّة ‏واحدة وأخيرة، وإذا ألقينا نظرة على التعريفات النادرة، المتداولة بهذا الخصوص، لألفيناها غير ‏متجانسة، ولا متكاملة، وغير نهائية، وتفتح باب الشك على مصراعيه. ‏
يجري كل هذا اللغط في الوقت الذي تشهد فيه مرجعيات ‏Référents‏ المصطلح، التاريخية ‏الأصلية، والمعاصرة، سواء بسواء، على وضوح معانيه ودلالاته، والتي لا تحتاج إلى تأويل ثم إلى ‏تأويل مضاد.‏
لاستكناه دلالات مصطلح "دولة مدنية" ومعانيه التاريخية الأصلية، التي جعلته إحدى ركائز ‏الفلسفة السياسية التنويرية، والدولة الحديثة سواء بسواء، نحن سنعود إلى أصول المصطلح ‏الأيثمولوجية اللغوية، كما إلى الوقائع التاريخية التي أنبتته، وواكبته، وكرّسته، لنعرّج لاحقًا على ‏المتغيرات التي لحقت به.‏
في أصل المفهوم وفصله:‏
إنّ جوهر مصطلح "الدولة المدنية" يكمن في الصفة "مدني" لا في الموصوف "الدولة"، ‏المقوّم، الذي تشترك به كل الأنظمة والكيانات السياسية في العالم، وإنّنا مكرهون، لتأصيل المفهوم، ‏على الرجوع إلى المعاجم الأجنبية، لانعدام وجود أصول تاريخية، أو نظرية، لمفهوم "مدني"، أو ‏‏"دولة مدنية"، في التاريخ والثقافة العربيّين، ولأفتقار هذه اللفظة إلى سلسلة من الأشتقاقات تساهم في ‏إعادة تركيب المعنى وإستقراء الدلالة.‏
تعني لفظة "مدني"، في الفرنسية، ‏Civil، وتُشتق منها الألفاظ التالية: ‏Citoyen‏ مواطن، ‏Citoyenneté‏ مواطنية، ‏Civique‏ متعلق بالمواطن، وانطلاقاً من هذا المعنى، يقال ‏Vertus ‎civiques‏ فضائل مدنية، ‏Devoirs et droits uniques‏ واجبات وحقوق مدنية، ‏Mariage ‎Civil‏ زواج مدني، ‏Education Civique‏ تربية مدنية.‏
وتحيلنا لفظة مدني إلى "مدنية" أو ‏Civisme، و "المدنية" هي الحال التي يصل إليها الناس ‏عندما يتركون البداوة وقبائلها وعشائرها، وطوائفها المتعددة، التي تمنعهم من تأليف مجتمع موحد، ‏يرتفع فوق مصلحة القبائل والعشائر والطوائف، وينشئ علاقات بين الأفراد كأفراد، بينهم المساواة ‏في الحقوق والواجبات، وتكافؤ الفرص والعدالة والسلام، والعمل المشترك من أجل نمو الوطن ‏وازدهاره.‏
بيد أنّ كلّ هذه الاشتقاقات تعود في خاتمة المطاف إلى أصلٍ واحد أحد، هو "المدينة"، ‏La ‎Cite، أو ‏City، ولكن ما هو قوام هذه "المدينة" التي أرست قواعد سرمدية للديمقراطية المبنية على ‏مفهوم المواطنة؟ إنّها ‏Polis‏ اليونانية التي ترتبط في عمقها السياسي والفلسفي بكلمة "مواطن" ‏ولدور هذا الأخير ببناء المدنية، والتي تجسدت في أبهى صورها في مدينة "أثينا" بين القرنين الثامن ‏والخامس قبل الميلاد.‏
بدايةً "‏Polis‏" لا تعني مجرّد مكان أو مساحة من الأرض، تسكنها مجموعات من السكان، ‏تتجاور مع بعضها البعض، لكنّها لا تتكافل أو تتكامل فيما بينها، بل إنّها تترادف وتتساوق مع النظام ‏السياسي والأخلاقي الذي يُنظّم حياة سكان المدينة المشتركة، ويُحدّد حقوقهم وواجباتهم، والروابط ‏التي تربط بينهم في المجالات كافة. باختصار، لا تشير لفظة مدنية ‏Polis، إلى المفهوم العمراني ‏الطوبوغرافي للمدن بل السياسي والاجتماعي.‏
إذا استلهمنا التجربة الأثينية الرائدة وراجعنا صور الحكم التي مثلتها، بين القرنين الثامن ‏والخامس قبل الميلاد، يتضح لنا، من خلال أنماط الحكم التي مرّت بها هذه المدينة بدءاً من الحكم ‏الملكي مروراً بالحكم الأرستقراطي ثم الأوليجارشي وصولاً إلى الحكم الديمقراطي الشعبي الذي ‏عرف في بداياته حكم "الطغاة"، كما من خلال المؤسسلت والتشريعات وآليات الحكم التي عرفتها، ‏أنّ الدولة المدنية هي التي تقوم على صَهر التجمّعات القبلية في نظام واحد، وبوتقة سياسية واحدة، ‏وعلى احترام القانون والدستور، وعلى المساواة في الحقوق السياسية والمدنية بين سائر أفراد ‏الشعب، بقطع النظر عن منابتهم الطبقية أو القبلية، وعلى جعل الشعب مصدراً لكل السلطات.‏
إنّ النموذج الأثيني للديمقراطية هو رؤية سياسية سامية لا يستطيع أي ديمقراطي مقاومتها، ‏ففي إطار الرؤية اليونانية للديمقراطية، يكون المواطن إنساناً كاملاً يرى في السياسة نشاطاً اجتماعياً ‏طبيعياً، غير مفصول عن بقية شؤون الحياة، كما أنّه لا يرى في الدولة كياناً غربياً، بل على العكس ‏من ذلك، فإنّه لا يرى في الحياة السياسية إلا امتداداً منسجماً مع ذاته، وفي الفضاء العام فضاء للجدل ‏السياسي والفكري.‏
الدولة المدنية هي إذن الدولة المبنيّة على مفهوم المواطن الفرد، والمرتبطة ارتباطاً عضوياً ‏بمفهومَي الديمقراطية والحرية، هي نزول السلطة من عليائها وتحوّلها إلى إرادة عامة، هي دولة ‏المواطنة.‏
المواطنة في الفكر الغربي: ‏
لم يتكوّن مفهوم المواطنة دفعةً واحدة، بل تدرّج نسبياً بمفهوم متحرك عبر سيرورة تاريخية ‏تطوُّرية مستمرة، وتطور هذا المفهوم تطوّراً نوعياً مع دخول أوروبا عصر التنوير ورموزه أمثال ‏‏"جون لوك" و"هوبز" و"جان جاك روسو" و"ديدروا" و"مونتسكيو"، ودورهم الرئيس في تأصيله ‏وتعميقه، فطرحوا لأول مرة مفهوم العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم والآلية التي تحكم هذه ‏العلاقة، وبمقتضى ذلك تحوّل المواطن إلى ذات حقوقية مستقلة، بعد أن كان عنصراً مدموجاً، غير ‏متمايز، في الوحدة العضوية للعشيرة أو القبيلة، أو الطائفة الدينية.‏
ففي القرن السابع عشر، أسّس "جون لوك" أطروحتَه السياسية على الحق الطبيعي بعدما ‏كانت تؤسّس على الحق الإلهي، ورسّخ الاتجاه العام بضرورة تأسيس الحكومة والنظرية السياسية ‏على الحجّة المنطقية، وشكّل هذا النمط من التفكير، بدايات التحدّي المباشر لفكرة الحق الإلهي في ‏الحكم، حيث استمر التصعيد بوتيرة أشد وأعلى في عصر الأنوار، ليُفجّر نزعة ضاربة من العداء ‏ضد الإكليركية على الصعيدين النظري والعلمي، وليتابع التأسيس النظري للسلطة السياسية، على ‏أفكار الحق الطبيعي والعقد الاجتماعي والتمثيل والإرادة العامة وغيرها.‏
ومع تشكُّل الدول الأوروبية وترسيمها لحدودها، نشأت فكرة المواطن الذي يملك الحقوق ‏غير القابلة للتنازل أو الإلغاء أو الاعتداء عليها من قبل الدولة، هذه الحقوق هي نفسها التي وردت في ‏لائحة الحقوق التي أعلنتها الثورة الفرنسية، وما حملته من مبادئ الحق والعدل والمساواة، والتي ‏تُوّجت بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عام 1948، وكان لهذا الإعلان أثر كبير في تطوُّر ‏وتجذُّر مفهوم المواطنة، وإعطائه بُعداً وعمقاً عالميّين وإنسانيّين، كمقدمة لبناء مشروع إنساني ‏مستقبلي للبشرية جمعاء في مواجهة كل أشكال القهر والاستبداد والطغيان التي انتهكت إنسانية ‏الإنسان.‏
جسّدت المواطنة الهُوية الجامعة لأفراد المجتمع الذين يعيشون أعضاءً في الكيان السيادي ‏للدولة، تتجاوز الاعتقاد الديني، بعد أن تمّ تقويض سلطة الكنيسة وصولاً إلى مبدأ المواطنة ‏المتساوية، والتسليم بأنّ اختلاف العقيدة الدينية لا يحول دون الانتساب إلى مواطنة مشتركة، يتمتّع ‏بها جميع المواطنين بغض النظر عن الديانة أو المذهب أو الأصل القومي، أو الجنس، فالجميع هم ‏على قدم المساواة في وطن يتكوّن من مواطنين أحرار ويتمتعون بالضمانات القانونية والدستورية ‏التي تمنع التعدي على حقوقهم.‏
على العموم، واكب مفهوم المواطنة نظرة جديدة إلى كينونة الإنسان، وعلاقته بالكون ‏والموجودات والكائنات، فهو لم يعد ممثلّاً لعصبية دينية أو قومية، أو إثنية، أو قبلية، بل كائناً حراً، ‏قائماً بحد ذاته، يأنف استعماله كوسيلة لغاية تتخطاه، والمعتقدات والطقوس والعادات لم تعد المحدِّد ‏الأول للشخصية البشرية المركّبة، لتطرح الذات الحرة مركزاً للحياة العامة.‏
المواطن كائن حقوقي:‏
إجرائياً، يُترجَم مفهوم المواطنة بجملة حقوق قابلة للتقعيد والتحوّل إلى مبادئ ذات قيمة ‏عالمية، وإلى قوانين ومؤسسات، فهو ينطلق أولاً من حقوق الفرد السياسية والمدنية، فإذا تمركزت ‏الحقوق السياسية، حول حق الأفراد، في المشاركة في صناعة القرارات السياسية، وإدارة الحياة ‏العامة، وضمان حريتهم في التعبير عن آرائهم السياسية، كما حقّهم في الاجتماع والتجمّع والاحتجاج ‏والاعتراض، فإنّ "الحقوق المدنية"، وهو مصطلح قليل التداول للأسف، يشتمل على كوكبة من ‏الحقوق الأساسية تتمركز حول الحق في الحياة وضمان سلامة الجسد وفي حرية الضمير والوجدان ‏والمعتقد، وفي اللجوء إلى القضاء، وفي محاكمة قضائية عادلة، وفي عدم التعرّض للتعذيب، ولا ‏للمعاملة السيئة الحاطة بالكرامة الإنسانية، وفي عدم التوقيف أو الاعتقال تعسّفاً، وفي عدم التدخّل في ‏شؤون الفرد الخاصة، أو شؤون أسرته أو مراسلاته، وعدم التعرّض للاعتداء المادي والأدبي ‏والأخلاقي، وفي التملّك والتنقّل والسكن، كما الحق في الجنسية وفي الزواج وتأسيس أسرة دون إلزام ‏أو إكراه.‏
وتسري هذه الحقوق مثلها مثل الحقوق السياسية على المواطنين كافة، وعلى الدولة ضمانها ‏ورعايتها دون تمييز على أساس الدين، أو الطائفة، أو الإثنية، أو العرق، أو اللون، أو الأصل ‏القومي، أو الطبقي.‏
تُعدّ الحقوق السياسية والمدنية القواعد الأساسية لبناء الدولة المدنية المتمركزة أصلاً حول ‏‏"المواطن" بصفته عمادَ الدولة، وهدف وجودها، ولكنّ هذه الحقوق تظلّ قاصرةً عن إحقاق العدالة ‏والمساواة، ما لم تتزامن مع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتربوية، والبيئية والثقافية والمعرفية، ‏التي عبّرت عن تطور الفكر السياسي والأخلاقي الكوني، والتي تكرّست في العهود والمواثيق الدولية ‏لحقوق الإنسان مثلها مثل سائر الحقوق، وهنا نؤيّد الاتجاه القائم إلى تصنيف كل هذه الحقوق في ‏خانة الحقوق المدنية لالتصاقها بفلسفة المواطنة.‏
إنّ الدولة المدنية هي بتركيز شديد "دولة المواطنة" بكل دلالاتها وأبعادها، والتي يقوم بناؤها ‏أولاً وأخيراً على إدراك الأفراد أنفسهم حقّهم في المواطنة، ويسبق هذا الإدراك شرطياً الشعور ‏العميق بالانتماء إلى الدولة التي يعيشون في ظلها، لأنّ المواطن الفاعل والإيجابي المدرك لحقوقه ‏ولمسؤولياته وواجباته السياسية العامة، هو القاعدة الأساسية لبناء دولة المواطنة.‏
إن إلحاح شريحة واسعة من اللبنانيين التغييريين على ضرورة شق الطرقات المؤدية إلى ‏تأسيس دولة مدنية، مدده إلى أننا نحيا في دولة نقيضه، كوننا لا نعثر في النظام اللبناني لا على فرد ‏ولا على مجتمع، لأن الجماعات وحدها أي الطوائف هي التي تتحرك وتغطي الساحة، ولهذا يبقى ‏الفرد أو المواطن خارج المسرح السياسي والإجتماعي، ويغيب المجتمع الوطني المتلاحم، لأن كل ‏طائفة تعتبر نفسها مجتمعاً قائماً بذاته لا تربطه بالمجتمعات الطائفية الأخرى إلا روابط واهية ‏تفرضها فكرة الأستمرار في التعايش وصون المصالح الخاصة، والمتقلبة.‏
وبذلك يُمكن اعتبار المواطنين اللبنانيين الذين يملؤون الشوارع منذ 17 تشرين مطالبين ‏بإسقاط النظام الطائفي التحاصصي الأوليغارشي، في سبيل دولة مدنية، هم أنفسهم مواطنين ‏افتراضيين أدركوا حقوقهم السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية، وهم أنفسهم الذين يشعرون ‏بالانتماء العميق إلى هذه الدولة.‏
أمّا الردّ على من يريد الاستيلاء على المصطلح من رجال الدين، فهو أن لا بد أن تكون ‏قوانين "الدولة المدنية" مدنية، وأنّ مرجعية المواطن، الزمنية الدنيوية الوحيدة في هذه الدولة، هي ‏الدولة ذاتها، لا المؤسسات الدينية على أنواعها، أمّا الرفاق العلمانيون فنردّ عليهم بأنّ الهدف ‏السياسي من رفع شعار "الدولة العلمانية" هو برأينا بناء دولة المواطنة، أي الدولة المدنية، وإنّ ‏استعمال مصطلح الدولة المدنية لا يتعارض مع أهداف العلمنة السياسية والاجتماعية، سيما وأن ‏الغلبة المطلقة في هذه الدولة المدنية هي لحقوق الفرد ومصالحه لا لحقوق الطوائف ومصالحها، ‏والغلبة فيها أيضاً لأدوار الدولة الرعائية لا لأدوار الطوائف، أمّا علمنة الفكر فهو بمثابة مهمّة كبرى ‏تشترط انبلاج عصر تنوير عربي.‏
أما عن السبل الآيلة للوصول إلى إحقاق الدولة المدنية، فهي السير على درب الجلجلة ‏النضالية، ووضع استراتيجية مُحكمة متعدّدة الأبعاد، وطويلة الأمد، وهنا تبرز إشكالية أخرى، ‏وجدل أخر، يستحقّان نقاشاً آخر.‏



#عايدة_الجوهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا عزاء للسيدات إلا بقانون مدني للأحوال الشخصية
- غرام الثوار اللبنانيين بالعفوية
- الشعب اللبناني يريد إسقاط النظام
- برنامج الأنوثة
- عن الذي جمعني ونوال السعداوي في كتاب
- الجسد هو الذي يكتب
- النبوءة والفحولة
- عصاب الفحولة (1)
- رمزيّة الحجاب
- أرجل الرّجال
- المرأة التي تعشق جلادها
- أنا أغنّي، أنا أسمع الموسيقى، أنا أرقص، أنا حرّ، أنا حرّة
- هل أنتمي إلى أقليّة؟
- -يسار- عايدة الجوهري: مفهوم متحرّك للعدالة الإجتماعية
- كلُّنا مقتولات محتَمَلات
- العرب يكرهون العمل
- التمرُّد على الله
- لماذا تكتبين؟
- أسياد وعبيد
- لعنةُ الأنوثة؟ أم لعنةُ الرّجولة؟


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عايدة الجوهري - توقفوا عن تشويه مفهوم الدولة المدنية