أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عايدة الجوهري - عن الذي جمعني ونوال السعداوي في كتاب















المزيد.....

عن الذي جمعني ونوال السعداوي في كتاب


عايدة الجوهري

الحوار المتمدن-العدد: 6282 - 2019 / 7 / 6 - 17:29
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


إنّ كتابي «نوال السعداوي وعايدة الجوهري في حوار حول الأنوثة والذكورة والدين والإبداع»، كان محطةً مثيرة في حياتي ككاتبة، إذ جاء مشروع الكتاب المشترك تلبيةً لرغبتي الجامحة في محاورة نوال السعداوي ومجادلتها ومعرفتها عن كثب.
بدايةً، أنا من اللواتي لا يتنكّرون للأثر العميق، الذي تركته نوال السعدواي في عقولهنّ ووجدانهنّ، للصدمة الإيجابية التي أحدثتها، خلافًا للواتي يخفنَ لسعَ جرأتها، وجسارتها على التوغّل في المناطق الممنوعة من التفكير والعلانية، فما بالك، بالمناقشة والتحليل والنقض، وخلافًا كذلك للواتي يحرصنَ على صورتهنّ التسووية، المهادنة.
قرأتُها في عمر مبكر، اختلستُ كتبَها من مكتبة العائلة، عزّزَتْ فيَّ، بالإضافة إلى مرجعيات ثقافية أخرى، جذورَ التمرُّد، بلورتْها وسوّغتْها.
فثمة حبلٌ سري، غير مرئي، يشدّك إلى الذي يُدرّبك على بناء تمرُّدك ووجدانك وربما خيالك على أسس معرفية، فمن حرية العقل والوجدان تتناسل سائرُ الحريات. علّ هذا الحبل السري هو فرحُ التمرُّد الذي يزرعه فينا المتمرّدون في التاريخ البشري.
فالتمرُّد كأسلوب للتفكير والحُكم والشعور والتخييل، ينطلق من فكرة أنّ الطاعة المطلقة للسائد، هو إنكارٌ للعقل، كأداة للتمييز والتحليل والاستنباط، وإغفالٌ للإرادة البشرية الحرة، وللأنا الفريدة المستقلة، فالإنسان يجد نفسَه أمام خيارين لا ثالثَ لهما: إمّا العبودية وإمّا الحرية.
في ستينات القرن الماضي جاءت نوال السعداوي بلُغة جديدة، وكلام جديد، وموضوعات جديدة شائكة، تُدمي أصابعَ من يكتب فيها، خاضت في دلالات عادة الختان وفظائعها، في أصل البغاء وفصله، في مفهوم العذرية وإشكالياته، في مظلومية الأطفال اللقطاء، في تداعيات مؤسسة الحجاب، في مسألة تنظيم النسل، في مفهوم الزواج التقليدي، في قضية تعدُّد الزوجات، في قوانين الأحوال الشخصية عمومًا، في حيثيات خط النسب الأبوي، وإنكار خط النسب الأمومي، في مفاهيم الأنوثة والذكورة، وتعقيداتها، في مقولات الرجولة الحقّة وعلاقتها بمفهوم الشرف كما هو متعارف عليه، في صحة المرأة العربية البدنية والعقلية والنفسية، وغيرها من الموضوعات الجوهرية التي عالجتها في نصوصها البحثية والأدبية.
هذا التنوّع في الوحدة، وهذه الغزارة الفكرية والإنتاجية، حوّلا نوال السعداوي إلى مرجعية متعدّدة الأبعاد، إلى مؤسسة ثقافية، وفي حفريّاتها المعرفية اعتمدت مصادر ومناهج متنوعة. استمرتْ في علوم الطب وفي علم النفس والاجتماع والأنتربولوجية وعرّجت في مسارها على الفلسفة، ولتجسيد مشروعها الفكري الإبداعي، زاوجت بين الدراسات العلمية والأنواع الأدبية المختلفة، كتبت القصة القصيرة، والرواية، والمسرحية، والمذكرات، وأدب الرحلات، والمقالة، حتى ناهزت كتبها الخمسين.
بهذه الخيارات خرجت نوال السعداوي عن منهج التوفيق بين الأفكار الموروثة والأفكار المعاصرة، أي أنّها لم تسعَ إلى إعطاء مشروعية معاصرة لأفكار قديمة، كما فعل معظم من سبقها من المفكرات والمفكرين النسويّين، اضطلعت بما تجوز تسميته بالقطيعة المعرفية مع الموروث، وانحازت بكتاباتها لمبادئ الملاحظة والمشاهدة والتجريب والسببية، أي للواقع، وقاربت هذا الواقع على ضوء القيم التنويرية والإنسانوية، التي تقول بأنّ الإنسان، ذكرًا أم أنثى، هو غايةٌ بحد ذاتها، وبأنّه ذاتٌ مستقلة، وحرة، وقيمته مطلقة، وكرامته كذلك، وبما أنّه كذلك، يُفترض أن تتساوى حقوقه وفرصه، بحقوق أي إنسان آخر وفرصه، ولكنّها توجّست من النهج الذي يبالغ في التأكيد على مركزية الإنسان الفرد، فاختارت النهج السياسي الذي يُخفّف من غطرسة الفرد وغيّه لصالح الجماعة.
لذا، ناصرت الفقراء والمهمشين والمضطهدين، فتحوّلت إلى «ثورة دائمة» سبقت «ثورة 25 يناير» بعقود بل بنصف قرن.
وفي جميع الأحوال، لم تعالج نوال السعداوي قضايا المرأة العربية كقضايا منفصلة عن قضايا الرجل، أو المجتمع بأكمله، فقضاياها تقع في صميم سؤال الديمقراطية، وسؤال التنمية، وسؤال العدالة الاجتماعية، وسؤال التناقضات، فانتفضت ضد كل العهود السياسية المصرية، بدءًا من حكم الملك فاروق حتى حكم الإخوان المسلمين الخاطف، ولا أستبعد أن تكون متحفّظةً على حكم العسكر وحكم السيسي، وعلى الدستور الجديد، الذي لا يشبه في مطارح عديدة، الروح التجديدية للثورات ولروح «ثورة 25 يناير» العميقة.
... نعم، انتفضت نوال السعداوي ضد الاستبداد السياسي، واعتقال الأفكار والطموحات والمشاعر، وضد الفساد على أنواعه، وضد قهر الفقراء، والكادحين، والضعفاء، وقليلي الحيلة، وكلّفها تمرُّدها أثمانًا باهظة، سُجنت وهُدِّدت بالقتل، وضعها الإخوان المسلمون على لوائحهم السوداء، وقوطعت وحوصرت ثقافيًّا، وتواطأت على عقابها الأجهزة السياسية والدينية والثقافية، على حدٍّ سواء.
في المحصّلة، توغّلت نوال السعداوي في أدغال اللامباح والمحظور، المسكوت عنهما، وفكّرت في ما لا يُفكَّر فيه، واضعةً نصوصها الجريئة، ومواقفها على تماس مع ثالوث المحرمات العربية الشهير: الدين والسياسة والجنسانية – أفضّل استعمال مصطلح «جنسانية» لأنّ دلالته أشدّ تركيبًا وشموليةً من الأول المعهود – توغّلت في هذه المناطق المحرّمة دون تردُّد أو وجل، لأنّها تفترض ضمنًا، كما نفترض نحن أيضًا، أنّ من يملك أفكارًا تغييرية، لا يجرؤ على الإفصاح عنها، خوفًا من ردود الفعل السلبية، يُسهم في ديمومة الأمر الواقع، ولا يتميّز بشيء عن أولئك الممتثلين له، أو المتواطئين معه. فالكتابات التي من طينة كتابات نوال السعداوي تحرّض على الاستنتاج أنّ كلّ كتابة لا تتسلّل إلى المسكوت عنه واللامُفكَّر فيه، هي بمنزلة تمارين على التقليد والامتثال والطاعة.
ومن جهة أخرى، غاصت نوال السعداوي في مواجع المرأة المصرية خصوصًا، سردت وقائع عذاباتها وأشكال انتهاك جسدها وعقلها وروحها. غير أنّ وراء هذا السرد المشبع بالتحليل، تراءت وقائع عيش معظم النساء العربيات لأنّ البنى المؤسّسة للتمييز، هي عينها وإن اختلفت الاستراتيجيات والآليات، لذا تماهت معها ملايين النساء العربيات، وأضحت رمزهنّ.
بعد هذا العرض البانورامي، حان الوقت، كي أنتقل إلى كتابنا المشترك، «نوال السعداوي وعايدة الجوهري في حوار حول الذكورة والأنوثة والدين والإبداع».
سواء أكانت فكرة هذا الكتاب مختلفةً أم لا، جديدةً أم لا، هي وُلدت ذات ليلة صيف لبنانية، من رحم أحاديث ثنائية، وجدناها جديرةً بالتوثيق، فاتخذنا قرارَ استئنافها وتحويلها إلى كتاب حواري. ولأنّ نوال السعداوي كانت في زيارة قصيرة للبنان، قصدنا في اليوم التالي شركة المطبوعات والتوزيع للنشر، ناشرة هذا الكتاب، التي تبنّت المشروع وواكبته حتى النهاية.
كانت الغاية الأولى من حواراتنا هي التفكير معًا والتساؤل معًا، في قضايا ما تزال قيد النقاش والأخذ والرد، والحيرة، فوظائف الحوار لا تنحصر في «حل النزاعات»، كما عهدناها في لبنان، غير أنّنا وإن اتفقنا على توصيف المشاكل والإشكاليات، معظم الوقت، اختلفنا على نوعية المقاربات والافتراضات بعض الوقت. ففيما بدت لي مثلاً بعض هذه الافتراضات غير محسومة، لم تبدُ كذلك لنوال السعداوي، أو العكس.
وشئنا أن تكون حواراتنا منظّمةً، غير مشتّتة ومبعثرة، ولكن طليقة، صريحة، تلقائية، فأدرجناها تحت عناوين شكّلت مفاصل أساسية في مشروع نوال السعداوي، وهي عناوين تنهض عليها عادةً معظم المشاريع النسوية، وأعني مفاهيم الذكورة والأنوثة وما تُمليه من أدوار جنسانية مخصوصة، وعلاقة هذه المفاهيم والأدوار بالدين والإبداع.
هكذا بدأ كتابنا المشترك، الذي أُنجز بشغف كبير، هو شغف الأسئلة التي يُفترض ألاّ تستكين.



#عايدة_الجوهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجسد هو الذي يكتب
- النبوءة والفحولة
- عصاب الفحولة (1)
- رمزيّة الحجاب
- أرجل الرّجال
- المرأة التي تعشق جلادها
- أنا أغنّي، أنا أسمع الموسيقى، أنا أرقص، أنا حرّ، أنا حرّة
- هل أنتمي إلى أقليّة؟
- -يسار- عايدة الجوهري: مفهوم متحرّك للعدالة الإجتماعية
- كلُّنا مقتولات محتَمَلات
- العرب يكرهون العمل
- التمرُّد على الله
- لماذا تكتبين؟
- أسياد وعبيد
- لعنةُ الأنوثة؟ أم لعنةُ الرّجولة؟


المزيد.....




- بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر ...
- هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي ...
- “لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع ...
- شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
- “800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم ...
- البرلمان الأوروبي يتبنى أول قانون لمكافحة العنف ضد المرأة
- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عايدة الجوهري - عن الذي جمعني ونوال السعداوي في كتاب