أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد أبوزيد محمد - أولادكم ليسوا لكم














المزيد.....

أولادكم ليسوا لكم


محمد أبوزيد محمد

الحوار المتمدن-العدد: 6623 - 2020 / 7 / 19 - 23:56
المحور: حقوق الانسان
    


" أولادكم ليسوا لكم". (٣) ..
كتبه : محمد أبوزيد
دُعيت مُصادفة منذ فترة لحضور مناقشة رسالة الماجستير لصديق لي وبالفعل ذهبت وكان لها من الأثر العظيم في نفسي، لم يكن نجاح أكثر من لحظة حصاد أعوام كفاح وتعب لأم بسيطة كانت تعمل حارسة العقار المقابل منذ أكثر من عشر سنوات، أب متوفى، واين وحيد وهي وحدها تحملت الكثير من أجله سخافات وتعالي، جهد ومشقة لتلبية اثنى عشر اسرة لأولادهم وضيوفهم، هذا غير متطلبات نظافة العقار، كل هذا لم يمنعها ابدا من التركيز مع الأبن الذي مات أباه وهو بمرحلة الاعداديه، وقد اصرت وهيات له كل السبل لكي يكمل المسيرة، ولم تسمع لأصوات من حولها .

" ما تقعديه منها خليه يساعدك " وآخر " يعني هيطلع دكتور ياخي" وآخر هددها بالرحيل بعدما قطعت مايزيد عن عقد من الزمن قال " بقولك ايه لو مش هتقدري امشي منها، كل شوية مع الواد في المدرسة" إلخ من هذه الأقاويل.

وفي المقابل من يراها مكافحة، يساعدها بكتب الدراسة للعام الذي قضاه أبنه أو إبنته، أو تتحايل على أحد السكان بتلبية الكثير من الطلبات المنزلية مقابل احتياج ابنها توضيح لبعض المسائل الصعبة، هذا لم يمنع حنيتها ودعمها له بكلمات، شطور يا دكتور، وذلك كان في مرحلة الاعداديه، ولم تقف عندها وكلمات أخرى كان لها قطعا اثر، لم تملك علمًا، ولا ثقافة، بل جهد ومشقة، وكلمات تشجيع وثقة، ومحبه.

حينها كنت اتفكر لما تفعل هذا؟ ولا تبكي وفاة زوجها، أو تسمع صوت الجماهير المطالبة لها بأن يترك الدراسة ويعمل معهم مما يرون منه من ذكاء وتحمل الشقاء مثل أبيه؟ لكنها أبَت، وأدخلته الجامعة، وبالطبع كان يعمل مع الدراسة ويساعدها بحب حتى آن الآوان، وفي ذات صباح انتقالا بعد تخرجه بسنوات، اليوم هي تشهد حصاد كل هذا.

في المقابل الآخر هناك جار آخر كان مما يشاركنا اللعب، كنا نلقبه يا " فنان " لكنه كان فنان يرسم بشكل دقيق ومقلد فنانين بإحترافية، كان ساخراً لابعد الحدود كان يكتب قصص طفولية بارعة، وبالتدريج، بدأ يفقد كل هذا رغم أنهم ميسورون الحال ماديًا، لكن للاخ والأم رأي آخر، كل من لهم عداء معه ولعب مع أبناءه، اقصد الفنان سابقا، يُلطم على وجه ويقال له" ملكش دعوة بيهم دول مش بيحبونا، أو دول بيحقدوا علينا"هذا غير عقاب أخطأ كانت بديهة بالنسبة لسِنه، مع العلم كان أخاه على دراية ليست بدرجة الجاهل، ذات يوم ضربه "بترابيزة " المكواه امامي، وأخرى:- رَشق " سَبت العيش" في رأسه ولكن إذا سب أو شتم من يخالفه كان يداعبه، فهو بالطبع يُخلص ما في نفسه تجاه أعداءه.

كبرنا أصبح الأول كما اخبرتكم طبيبا، والأم جلست لتأخذ راحتها من شقاء الأيام، اما هذا الفنان سابقا، فقد قُتلت مواهبه وإنطفأ نور وجهِ البرئ، وتَحّول لحاقد ليس على الآخرين فحسب، بل إنقلب السحر على الساحر، ومَقت أخاه وأمه، فلم يوفرا له ما وفره الاخرون لأقرانه، وهذا غير ثأر ما مات بداخله، وعمل اخيرًا بعد مرحلة " الصنايع" كهربائي، كل همه جمع المال، وعلى الجانب الآخر السخرية من ذاك الطبيب ومُعايرته في غيابه، لأن امه كانت حارسة عقار بكلمات، كـ
" يدي الحلق..." أو " تربية مَرة" .

هذا ما جرى في آن واحد لنفس الشخصين، ومع مرور نفس الوقت، هذا دعم بكلمات وحب وعدم استسلام، وهذا زرع حقد وبغض وتهاون بموهبته، لم تكن حارسة العقار على علم ولا تملك المادة لكنها تعلم فقط أن العلم وحده يكفي أن ينتشل ابنها مما فرض عليها هي وابيه، أما هؤلاء أخ وام متعلمان ويعلما ما معنى الموهبة ولكن الحقد الذي بداخلهم قتل ما بداخله ، فربما كان يصبح فنان كاتب او ممثل أو رسام كاريكاتير ذات شأن وبذلك يرد لهم أيضا اعتبار يرونه إهانة والحق لم تكن إهانة بل كانت تحقير للحقد لما في نفوسهم ليس إلا فاعتبروا أنفسهم مجني عليهم واصروا ان يكون الفنان سابقا، حاقد اخر.

لا تُدخلوا أولادكم في صراعات وتراكمات نفسية ليس لهم فيها ذنب ولم يقترفوها أو هم سبب فيها، اعلم أن الكثير من آباءنا وأمهاتنا الأفاضل يبذلون جهودا كبيرة، لكن رفقًا بهم وقت النصح فما اثقل النصيحة على النفس وهم في النهاية لهم تجربتهم الخاصة فلن يكرروا تجربتكم ولا تنتظروا ابدا ذلك، واتركوهم للحياة تعطيهم وتأخذ منهم، وكما يقول جبران خليل جبران:- أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة.
١٩/٧/٢٠٢٠



#محمد_أبوزيد_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حررتني
- التراث المُقدس
- يوسف زيدان الذي كُنت أمقتهُ
- هل قتيلا ًً ام شهيد
- مقتل الحلاج محنة كل عصر
- وجه آخر للصلصال للكاتبة-عبير الحلوجي-
- نيتشه على -عربية الكبدة-
- ثائرة من اليمن


المزيد.....




- كيف تستعد إسرائيل لاحتمال إصدار مذكرة اعتقال دولية لنتنياهو؟ ...
- منظمة التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بش ...
- الأمم المتحدة: الطريق البري لإيصال المساعدات لغزة ضرورة
- الداخلية التركية تعلن اعتقال 23 مشتبها بانتمائهم لـ-داعش- بع ...
- تقرير كولونا... هل تستعيد الأونروا ثقة الجهات المانحة؟
- قطر تؤكد اهتمامها بمبادرة استخدام حق الفيتو لأهميتها في تجسي ...
- الكويت ترحب بنتائج تقرير أداء الأونروا في دعم جهود الإغاثة ل ...
- كيان الاحتلال يستعد لسيناريو صدور مذكرات اعتقال بحق قادته
- سويسرا تؤجّل اتّخاذ قرار حول تمويل الأونروا
- السودان: خلاف ضريبي يُبقي مواد إغاثة أممية ضرورية عالقة في م ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - محمد أبوزيد محمد - أولادكم ليسوا لكم