أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سامي الاخرس - من قتل النسر الأحمر؟!















المزيد.....

من قتل النسر الأحمر؟!


سامي الاخرس

الحوار المتمدن-العدد: 6622 - 2020 / 7 / 18 - 14:03
المحور: المجتمع المدني
    


منذ عدة أيام وهناك حالة صراع على اشدها بين مفهوم القبيلة ومفهوم الوطنية، هذا الصراع الذي اتضحت معالمة وملامحه مع انتشار السوشيال ميديا أو مواقع التواصل الاجتماعي التي منحت فرصة لسماع أصوات لم تكن مسموعة أو مقروءة قبل ذلك، بل كانت في دوائر مغلقة وضيقة، كذلك ابرزت حجم التغيير في ملامح وأدوات الصراع، وأدوات الأمن المجتمعي، والأمن الشخصي، مع وضوح غياب الهوية الوطنية والمؤسساتية الناظمة للمجتمع سواء مؤسسة القانون أو مؤسسة الحزب أو مؤسسة المجتمع الأهلي التي فقدت ركائزها ودعائمها، وتحولت لمؤسسات شكلية غير فاعلة في قوانين المجتمع المدني ونظمه البنائية التي بدأت تتحول لمجتمع قبلي عشائري يستند على مفاهيم الولاء والطاعة العصبوية العمياء التي لا ترى إلا من ثقب المصالح فقط، وعليه علا صوت القبيلة وتحولت هي للأداة التي يلجأ إليها الفرد بحثًا عن أمانه وأمنه الشخصي وكذلك بحثًا عن السلطة والجاه، بما أن الأعتبارات للنفوذ تتم للاعتبارات القبلية.
متى بدأت؟!
منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام 1994 بدأت أركان السلطة الفلسطينية في تدعيم مفهوم القبيلة والعشيرة حيث تراجع نفوذ الأحزاب والقوى الثورية التي كانت تسيطر على الفعل الميداني والمجتمعي، وتوفر القاعدة الصلبة لعمليات الاستقطاب والحماية معًا للمجتمع، لإدراك السلطة أن هذه الأحزاب خارج دائرة التطويع والطاعة العمياء فكان لابد من خلق البديل الأنجع لذلك كان اللجوء للقبيلة والعشيرة وتعميق مفهوم الولاء والطاعة اللذان يمكن تطويعهما وفق مصلحة الحكم خاصة وأن هذا المفهوم (القبيلة) يعتمد على العصبوية والتعصب، والعاطفة، دون أي حسابات وطنية أو عقلانية أو سياسية لأنه يأخذ قرارته بناء على مفاهيم الطاعة والولاء فقط، ولا يضع أمامه إلا مصلحة القبيلة والعشيرة، ولذلك ذابت معالم الوعي في معالم العصبية فتحول المثقف والمتنفذ لرجل قبيلة يتحدث بمفاهيمها وبلسانها، وينحاز لها لأنها هي مدخله للنفوذ ومصدر سيطرته وهيمنته وقوته فأصبح مثقف ومتعلم عصبوي أعمى لا يرى إلا نفوذه على حساب مفاهيم الوطن والمواطنة. كما أن مفهوم القبيلة يتم من خلاله عملية ترويض لشرائح وفئات الأكبر في المجتمع، وسارت على نفس النهج بعض القوى التي وجدت بالقبائل والعشائر مصدرًا لتنفيذ سياساتها وسيطرتها على مقاليد الحكم فبدأت تتغلل في القبيلة والعشيرة كونها تدرك أن رجل وإبن القبيلة لا يفكر خارج دائرة الجهل التي تطبق سنديانها على عقله وقلبه ورؤيته لكل الأمور، وأنه مجرد اداة تنفذ ولا تناقش، تؤتمر ولا تأمر، أعمى لا يملك أي بصيرة، جاهل لا يملك أي فكرة تنويرية يمكن أن تساهم في رقي وبناء مجتمع سليم، وإنما عصبوي جاهل لا يمتلك أكثر من العمل تحت برنامج الطاعة والاستسلام، وهذا ما ابتدعته بريطانيا العظمى التي تعتبر من أكثر قوى الاستعمار العالمي ذكاء، عندما ابتدعت العمل القبلي والمخترة من واقع العقلية العربية والجهوية للمجتمعات العربية وفق التاريخ الطويل الممتد لجاهلية ما قبل الإسلام، هذه الجاهلية التي لا زالت ملامحها في الفعل والقول فلا غريب أن ترى شعارات حروب الجاهلية الثارية في فهم ووعي أبناء القبيلة والعشيرة، ولا غريب أن تقرأ وتستمع لمقولات (يا ثارات كليب، وغيرها من شعارات الجاهلية).
من هنا استعانت القوى الحاكمة أو القوى التي تحاول تسييس المجتمعات لمنظومة القبيلة التي يقف على رأسها جاهل عصبوي لا يحتكم لأي قوانين منظمة أو قوانين مجتمعية، وإنما يرتبط بمصالح فئوية قبلية مرتبطة بقبيلته وعشيرته، فيمارس دوره كأداة طيعة لا تمتلك التمرد أو العصيان أو مفاهيم بناء مجتمع أوسع وأكبر، إنما يعمل وفق شعار(ناصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا)، فيتم تعميم نظرية الخضوع والطاعة العمياء سواء كان العضو القبلي متعلم أو مثقف أو جاهل أو أمي لا تمييز بينهما في الفهم والبناء المفاهيمي إلا الإنطلاق من قاعدة النفوذ التي يريده.
من هنا فإن المجتمعات العربية عامة مجتمعات متخلفة تفتك ببعضها البعض، وتنهار مكوناتها تحت مداميك الجهل والعصبوية الأثنية، وتعود للخلف مسافات كبيرة، وتعتبر بيئة سانحة للاستعمار لتمرير كل ما يريد ثقافيًا، سياسيًا، اقتصاديًا.
إذن فمن قتل النسر الأحمر؟!
قبل ايام صدمت مدينة رفح بل قطاع غزة بفاجعة كبيرة هي مقتل أحد المناضلين على خلفية وطنية تحت عنوان الثأر، وهذه الحادثة ليست مستجدة أو حالة فريدة ونوعية بل هي حادثة تكررت، وسابقة تكررت في مشهد مأساوي، وجريمة كاملة الأركان بحق مجتمع كامل وليس بحق فرد، حيث أن عملية القتل اتخذت منحنيات باطلة لا أساس لها أو قاعدة سليمة لأنها اتخذت من الحلقة الأضعف والأضيق ثأرًا لها، وشخصنت الأمر من واقع ونظرة جاهلة ضيقة، ولم تتعامل مع الحالة بمقتضياتها القانونية والوطنية، فالجندي الذي يشارك في معركة هو أداة تنفيذية لقرارات سيادية، وكذلك هم جنود ثورتنا الفلسطينية، جنود وأدوات ثورية تنفيذية انطلقت من قاعدة القرار السيادي الصادر من مؤسسات الثورة الفلسطينية وقيادتها وأجهزتها، فكيف يتم اختزال قضية وطنية بشخص جندي؟ هي عملية عجز تبريرية، وضعف تبريري لشخصية من يريد تنفيذ الجريمة.
فعملية القتل هي استمراء للقانون، واستقواء ذاتي مدعم بنظرة ضيقة تبريرية تعبر عن عدم القدرة على المواجهة الحقيقية مع صاحب القرار السيادي، فيتم اللجوء للحلقة الأضعف للجندي الذي نفذ، وكذلك لعدم معالجة الحالات السابقة بحزم وحسم. وعليه يتم تعريض المجتمع بعمومة للإنهيار والإنزلاق في تراكمات معقدة ممتدة لعقود طويلة.
ملف العملاء أو عملاء الاحتلال هو ملف لا زال مفتوحًا، وسيزال مفتوحًا ما دام الإحتلال جاثم فوق صدر شعبنا وأرضنا، لأنه ملف متجدد ومستمر، وهو أحد أهم وأخطر الأدوات والأسلحة للصراع المستمر بين قوات الإحتلال والمقاومة الفلسطينية، فالأولى تعتبر العملاء قوتها الإستراتيجية للدعم اللوجستي وإنها لا يمكن لها النجاح بدون هؤلاء العملاء لذلك تبدع في طرق تجنيدهم وتنظيمهم، أما الثانية فتعتبرهم أداة خطرة على أمنها وأمن المجتمع لما لهم من دور في الصراع ودور خطير جدًا، لذلك فالتعامل مع هذا الملف يتسم بالحزم والحسم، ولا تعاطف معه وشعبنا يدرك أن هؤلاء هم جزء من الصراع مع العدو الصهيوني، وجزء خطير جدًا.
انطلقت انتفاضة عام 1987 في واقع فلسطيني مجتمعي خطير جدًا، حيث كان مجتمعنا الفلسطيني يتعرض لأخطر ما يمكن لأي مجتمع أن يتعرض له ألا وهي محاولات العدو الصهيوني ترويض المجتمع الفلسطيني، ومحاربته بجوهر مفاهيمة واستلابه روح النضال، لذلك شكل جيش كبير من العملاء (الضحايا) مدعمين بتجارة المخدرات التي كانت تعتبر جزء من العمل لهدم الشباب الفلسطيني، وتفتيت أركان الأسرة الفلسطينية من خلال اسقاط شبابها وفتياتها ونسائها في وحل الخيانة، بل واصبح العشرات من هؤلاء العملاء يحملون اسلحتهم بشكل علني ويتباهوا بعمالتهم، وأصبح منهم جيش أمام بوابات الإدارة المدنية، ومع اندلاع أحداث الإنتفاضة 1987 شكلت منهم قوى مسلحة ومدربة تلاحق المناضلين وتعتقلهم وتقتلهم، وتساند ليلًا قوات الإحتلال في المداهمات والإعتقالات، لذلك تحركت قوى الثورة الفلسطينية سريعًا لمواجهة هؤلاء العملاء من خلال تشكيل قوى ضاربة تلاحق هؤلاء العملاء، مع منحهم كل الفرص للعودة لصفوف شعبهم بوسائل واساليب متعددة وفتحت لهم ابواب التوبة. وكانت المعركة قاسية ومعقدة مع أجهزة الإستخبارات الصهيونية وأذرع الفصائل التي كانت تتلقى ضربات قاسية وموجعة من هؤلاء العملاء حتى امتلأت السجون من المناضلين.
إذن ما يمكن البناء عليه أن الثورة الفلسطينية وفصائلها كانت تخوض معركة قاسية ومعقدة مع قوات الإحتلال الصهيوني وأجهزته الإستخباراتية بآن واحد، هذه المعركة التي كان أهم أدواتها وأخطرها العملاء والتي دفع شعبنا ثمن غال للحد منها حيث استشهد المئات من المقاتلين بفعل هؤلاء العملاء، واعتقل الآلاف من المناضلين أيضًا، وضرب النسيج المجتمعي من خلال عملية الإسقاط للشباب والفتيات وتحويلهم لعملاء وتجار مخدرات.
لذلك فإن هذا الملف أكثر تعقيدًا وأكثر خطورة على مجتمعنا الفلسطيني وعملية فتحه تعني فتح فوهة بركان متفجرة بوجه المجتمع الفلسطيني عامة، وعلاج هذا الملف رغم قسوتها إلا إنها كانت هي الأنجع لدمج اسرهم بالمجتمع من خلال منحهم شهادات تبرئة واعتبارهم ضحايا وشهداء براتب معيشي، إلا أن البعض حاول استغلال ذلك في ملاحقة مناضلين شعبنا واعتبار أن له ثأر.
ما يمكن الخلوص له أن ما حدث جريمة كاملة الأركان، جريمة مبرراتها واهية لا يمكن الإيمان بها او تبريرها، فمن لديه حق أو يشعر لديه حق فهناك جهات سيادية هي من اصدرت القرارات يمكن اللجوء لها والعودة لها، أما الهروب للحلقة الأضعف وهي الأداة المنفذة فهذه جريمة خلفها ما خلفها، ولا يمكن لها أن تمر كما يريد البعض تمريرها بشكل عائلي وثأر، فجندي الميدان لا يبني قتاله ونضاله على اعتبارات عائلية شخصية بل على اعتبارات وطنية سيادية، ينفذ من خلالها قرارات سيادية حزبية ثورية.
إذن فمن قتل النسر الأحمر هم حملة لواء القانون وسيادته، ومن بنوا سيادة القبيلة وحكم القبيلة، وهم من لم يدافعوا عن سيادتهم الحزبية والثورية، والقبيلة التي تعمق روح الثار في نفوس عناصرها تحت شعار (شرف العشيرة) والمجتمع الذي يتخلى عن دوره، وعليه فما حدث ويحدث هو جريمة متكاملة الركان يتحمل مسؤولياتها كل مؤسسات الدولة والقانون والنظام السياسي.
د. سامي محمد الأخرس
18 يوليو 2020



#سامي_الاخرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيناريوهات سياسة الضم
- كورونا والسلطة الفلسطينية الاختبار والأداء
- تركيا والعرب
- صفقة القرن ... الجديد القديم
- اغتيال قاسم سليماني عُرف عصابات
- الجهاد الإسلامي اشتبك وانتصر
- الانتخابات الصهيونية والرومانسية الفلسطينية
- قراءة وليس نقد
- السودان والمستقبل المدني
- معركة الأيديولوجيا
- متطلبات وقف الإتفاقيات مع دولة الكيان الصهيوني
- المقاومة بين الإستراتيجي والتكتيك
- مصر ورسائل الأمن
- مؤتمر البحرين عوار فلسطيني
- ثلاث حكومات في الربيع
- اليسار السوداني يقود ثورة فعلية
- المقاومة مشروع متكامل
- حصاد اليسار... التجمع الديمقراطي الفلسطيني
- حكومة فصائلية متطلب حالة أم هروب
- حرب نفسية في المواجهة مع دولة الكيان


المزيد.....




- هيومن رايتس ووتش تتهم تركيا بالترحيل غير القانوني إلى شمال س ...
- بسبب المجاعة.. وفاة طفل بمستشفى كمال عدوان يرفع حصيلة ضحايا ...
- الأمم المتحدة تحذر: الوقت ينفد ولا بديل عن إغاثة غزة برا
- ارتفاع الحصيلة إلى 30.. وفاة طفل بمستشفى كمال عدوان بسبب الم ...
- الخارجية الأمريكية تتهم مقرّرة الأمم المتحدة المعنية بفلسطين ...
- تقرير أممي: نحو 60% من وفيات المهاجرين كانت غرقا
- قبيل لقائهم نتنياهو.. أهالي الجنود الأسرى: تعرضنا للتخويف من ...
- واشنطن ناشدت كندا خلف الكواليس لمواصلة دعم الأونروا
- الهلال الأحمر: إسرائيل تفرج عن 7 معتقلين من طواقمنا
- حركة فتح: قضية الإفراج عن جميع الأسرى الفلسطينيين تحتل أولوي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سامي الاخرس - من قتل النسر الأحمر؟!